فى الوقت الذى يستعد فيه الإخوان المسلمون لانتخابات الدورة المقبلة من مجلس الشعب، يعرض التليفزيون المصرى مسلسل «الجماعة»، الذى يتناول تاريخ الجماعة ومؤسسها حسن البنا، وذلك فى رمضان المقبل، وهو المسلسل الذى كتبه وحيد حامد، ويخرجه محمد ياسين، وقد اعتبر الإخوان توقيت إنتاج وعرض المسلسل قبل الانتخابات مباشرة وعلى التليفزيون الرسمى للدولة، فيه تعمد تشويش على برامجهم الانتخابية، ويتوقعون أن يسىء المسلسل لهم ولتاريخ حسن البنا، ولذا يعتزم نجله سيف الإسلام رفع دعوى قضائية ضد الشركة المنتجة، لرفضها اطلاعه على السيناريو قبل التصوير.
كان سيف الإسلام حسن البنا قد طلب من الشركة المنتجة لمسلسل «الجماعة» الاطلاع على السيناريو بعدما وجد بعض المغالطات والتجاوزات فى أحداث المسلسل من خلال الأخبار التى تنشر عنه، لكن طلبه قوبل بالرفض، وقال: سأرفع دعوى أمام المحكمة بوقف تصوير المسلسل لحين الاطلاع على السيناريو ومعرفة المصادر، التى استند إليها المؤلف وحيد حامد فى كتابته للعمل، وأنا أعرف أن حسن البنا شخصية عامة، ومن حق أى شخص تناولها، ولكن فى حدود الحقيقة دون تزييف أو قلب للحقائق حتى لا يتم تشويه تاريخ الجماعة.
وأكد سيف الإسلام أن لديه مستندات كاملة عن تاريخ الجماعة، وكان من المفترض أن يطلبها المؤلف منه ويستند إليها فى مسلسله، وقال: لا أعرف هل وحيد عنده مستندات أم لا وما المصادر التى استند إليها، كما أننى لا أعرف تحديدا الممول الحقيقى للمسلسل، ولا أعرف ما الهدف من إنتاجه فى نفس توقيت استعداد الإخوان لخوض انتخابات مجلس الشعب، وتساءل: لماذا الحرص على تقديم مسلسل عن الإخوان بعد 59 عاماً من وفاة حسن البنا مؤسس الجماعة، وبعد وفاة الشهود الذين عاصروا إنجازاته، ولماذا لم يجرؤ أحد على تقديم أى مسلسل يتناول سيرته فى وجودهم؟
وقال سيف الإسلام: «إن كانت أحداث المسلسل ترصد تاريخ الإخوان بصدق سيكون ذلك دعاية لنا فى الانتخابات المقبلة، وإذا كانت أحداثه مزيفة فلن يؤثر على برنامجنا الانتخابى، لأن الناس تعرف جيداً تاريخ حسن البنا، ولن تهتز الجماعة حتى لو قدم ضدها مئات الأعمال الفنية، فلن يستطيع أحد أن يشوه صورة البنا ونضاله ضد الإنجليز وتصديه للفساد بكل أشكاله، فهو لم يبحث طوال حياته عن مجد شخصى أو مال، بل ضحى بكل ذلك فى سبيل رفع راية الإسلام».
وصف النائب الإخوانى محسن راضى مسلسل «الجماعة» بأنه سلاح جديد تستخدمه الدولة بالاتفاق مع وحيد حامد، للتشويش على الإخوان المسلمين والتأثير على برامجهم الانتخابية فى الدورة المقبلة من مجلس الشعب، وقال: الأموال الضخمة التى دفعها أسامة الشيخ رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون لشراء المسلسل تكشف أن الدولة وراء هذا المسلسل وتدعمه من الباطن،
ورغم أن الفن له تأثير قوى فى تغيير فكر الجمهور، إلا أن هذا المسلسل سيأتى بنتيجة عكسية، لأن المصريين ضد سياسة النظام الحاكم، وأتوقع أن ينفر منه الناس من الحلقات الأولى مثلما حدث من قبل فى الأعمال الفنية التى حاولت تشويه صورة الإخوان المسلمين. وأكد راضى أن وحيد حامد سيفقد تاريخه الطويل بعد أن أصبح يعمل تحت عباءة النظام وينفذ سياسته، وقال: الغريب أن وحيد دائما يصرح بأنه يكتب للشعب المصرى، وأنه مهموم دائماً بقضاياه، وأحب أن أسأله: لماذا تراجعت عن تقديم فيلم «العبارة»، وما سر توقفك عن الحديث عنه فجأة واتجاهك إلى تقديم مسلسل «الجماعة» فى هذا التوقيت؟
وحيد حامد مؤلف المسلسل قال لـ«المصرى اليوم»: «على أى أساس يتهمنى البعض بأننى عبرت عن وجهة نظر الحكومة تجاه الإخوان إن بعض الظن إثم»، كما قال رسول الله، وما يردده الإخوان لا يمت للإسلام بأى صلة، فهم خائفون لأنهم يظنون بى سوء رغم أننى رجل ملتزم بالحقيقة، فأنا لا أتبع الإخوان المسلمين ولا أى تيار سياسى وانتمائى الوحيد لبلدى، وأكتب حسب ضميرى، وبالتالى فإن شهادتى هى شهادة حق أمام الناس وتاريخى الماضى خير دليل على ذلك، ولا أجد أى مبرر لاتهامات الإخوان»،
وتساءل: «على أى أساس يرفعون دعوى ضد المسلسل، فليس من حقهم الاطلاع على السيناريو، لأن حسن البنا شخصية عامة، ومن حق أى شخص تناولها طالما أنه يقدمها بصدق دون تزييف أو مجاملة، وما سبب خوف الإخوان من المسلسل، وهل وصلت بهم الدرجة إلى الخوف من مجهول، المنطقى أنه بعد عرض المسلسل لهم الحق أن يفعلوا ما يشاءون ويعترضون عما ورد فى الأحداث».
ونفى حامد أنه كتب المسلسل تنفيذاً لطلبات النظام الحاكم، وقال: لست موظفاً فى الحكومة لكى توجهنى فى طريقة كتابة مسلسلى، فقد قدمته حسب رؤيتى وقناعتى الشخصية و«اللى يصدق يصدق واللى مايصدقش يضرب راسه فى الحيط»، فلست متهماً لأرد وليس من حق أحد محاسبتى.
وقال حامد إن تعاقد التليفزيون المصرى مع الشركة المنتجة على عرض المسلسل فى رمضان، لا يعنى أنه شريكاً فى الإنتاج، فالتليفزيون اعتاد شراء الأعمال المتميزة. واستنكر حامد ما ردده البعض بأنه تعرض لضغوط جعلته يتراجع عن فيلم «العبارة» والاتجاه إلى مسلسل «الجماعة» بدلا منه، وقال: انتهيت من كتابة فيلم «العبارة» وحصلت على ترخيص بإنتاجه من رقابة المصنفات الفنية، ولكن الشركة المنتجة تعرضت لعدة أزمات مالية فأجلت إنتاجه.
الكاتب الصحفى صلاح عيسى أكد أنه لا يستطيع أن يحكم إذا كان عرض مسلسل «الجماعة» فى رمضان سيؤثر على برنامج الإخوان الانتخابى من عدمه، وقال: رؤية وحيد حامد فى العمل هى التى ستحسم الأمر لأن هناك أكثر من تفسير لتاريخ الإخوان المسلمين، ولكن هناك حقائق مؤكدة وموثقة تاريخيا، وهى أن تلك الجماعة كانت تمتلك جهازا سريا تمارس من خلاله العنف والقتل واغتيال الشخصيات السياسية التى كانت تقف عائقا أمام فكرهم، وهناك وثائق تاريخية تؤكد تحالفهم مع القوى السياسية الأخرى
ورغم أن هذا معلن ومؤكد للجميع فإن الإخوان المسلمين غير مقتنعين بهذا، وأتمنى بعد عرض المسلسل أن يراجعوا أنفسهم مرة أخرى، ويصححوا أخطاءهم ويعترفوا بها، ولا ينكر أحد أن أحداث المسلسل ستكون مؤثرة فى الشباب، وتجعله يتردد كثيرا قبل الانضمام إلى تلك الجماعة، خاصة أن وحيد حامد لديه رؤية عصرية وطنية فى الكتابة، كما حدث فى مسلسل «العائلة»، الذى صحح الكثير من المفاهيم الخاطئة لدى الشباب، ومنع الانضمام إلى تلك الجماعة.
المهندس أسامة الشيخ، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، أكد أنه ليست له علاقة بمسلسل «الجماعة»، وكل ما تردد عن أن التليفزيون يدعمه مادياً ليس له أساس من الصحة، وقال: كل ما حدث أننا تعاقدنا مع منتجه على عرضه فى رمضان المقبل، وهو عرض متزامن مع باقى القنوات الفضائية، ولا أرى عيبا فى ذلك لأنه مسلسل كتبه مؤلف كبير مثل وحيد حامد، ولو أن التليفزيون يدعم المسلسل كما يردد البعض لاشتراه حصريا كما حدث فى 15 مسلسلاً تم التعاقد عليها لعرضها على شاشات التليفزيون فى رمضان.