لإدراكنا فى لجنة الـ50 أن التقدم الحقيقى لن يحدث فى مصر ما لم تهتم الدولة بالتعليم وبالصحة، فقد قرر أعضاء اللجنة أن ينص الدستور على التزام الدولة بضرورة تخصيص نسبة لا تقل عن 4٪ من الناتج القومى العام للتعليم و2٪ للتعليم العالى و1٪ للبحث العلمى و3٪ للصحة، وعلى الفور جاءت الانتقادات من كل جانب حيث بدأ بعض المزايدين يقولون «بس؟»، ويسخرون من اعتبار نسبة 1٪ من الناتج القومى للبحث العلمى إنجازاً، متجاهلين تماماً أن تلك النسبة الضئيلة تمثل عشرة أضعاف ما يتم إنفاقه الآن على هذا المجال، وهو ما جعل مصر تأتى فى الترتيب رقم 127 من بين 148 دولة فى التصنيف الدولى لجودة مؤسسات البحث العلمى لعام 2012، بينما جاءت إسرائيل فى المرتبة الأولى.
كما تجاهل المزايدون أيضاً أن الدستور نص على أن النسب المحددة للتعليم والصحة تمثل الحد الأدنى، وأن على الدولة أن ترتفع بها كلما أمكن إلى المعدلات الدولية.
وعلى الجانب الآخر جاءت شكوى الحكومة من تلك المواد واتصل رئيس الوزراء شخصياً برئيس اللجنة ليؤكد له عدم وجود موارد تسمح بهذه النسب، وأن أى حكومة تأتى بعد إقرار الدستور ستعتبر غير دستورية لأنها لن تستطيع توفير هذه المبالغ المنصوص عليها فى الدستور.
وساهم بعض المتفذلكين الدستوريين فى الجدل الدائر موضحين أن الدساتير لا يجب أن تنص على مثل هذه النسب المحددة، وإنما يكفى أن ينص فيها على أن تولى الدولة الاهتمام المطلوب لهذه المجالات ويترك للحكومة أن تحدد حجم الإنفاق حسب مواردها، وقد تناسى هؤلاء أن هذا هو ما عانينا منه طوال السنوات الماضية حيث كان الدستور والقوانين فى جانب والممارسة الحكومية فى جانب آخر.
وقد رفضت اللجنة كل هذه الضغوط من أجل إلزام الحكومة بالاهتمام بالتعليم وبالصحة اللذين تم النص على أن تكون جودة كل منهما متفقة مع المعايير الدولية، لكنها وافقت على أن تدرج مادة فى الأحكام الانتقالية تسمح للحكومة بالتدرج وصولاً إلى هذه النسبة خلال ثلاث سنوات.
ومنذ أيام قرأت تصريحاً لوزير المالية الأسبق الدكتور أحمد جلال بأن الحكومة ستلتزم فى إنفاقها على التعليم والصحة بالنسب المنصوص عليها فى الدستور.