قال المستشار هشام البسطويسى، المرشح الرئاسى السابق، نائب رئيس محكمة النقض السابق، إن قرار مجلس الوزراء باعتبار جماعة الإخوان المسلمين إرهاربية قرار سياسى.
وضرره أكبر من نفعه وسيثير مشكلات عملية كثيرة، مؤكداً أنه إذا ثبت أن جماعة الإخوان إرهابية فلا تصالح أو حوار.
وإلى نص الحوار:
■ ما رأيك فى قرار مجلس الوزراء باعتبار جماعة الإخوان «جماعة إرهابية»؟
- الرأى العام فى مصر معذور فى موقفه ضد جماعة الإخوان المسلمين، ومن الطبيعى أن تكون هناك حالة من الانفعال تجاه الجماعة بسبب التفجيرات الأخيرة، ولكن الحكومة كان يجب عليها ألا تتخذ مثل هذا الموقف أو القرار الانفعالى لتحافظ على مصداقيتها أمام العالم، ولا تتخذ إجراءات انفعالية، فالمطالبة بتصنيف أى جماعة كجماعة إرهابية يجب أن تستند إلى أحكام قضائية تصدر بإدانتها عن الأعمال الإرهابية، أو أن تعترف الجماعة بمسؤوليتها عن الأفعال الإرهابية التى تحدث، وبالتالى فإن جماعة الإخوان لم تصدر ضدها أحكام قضائية بذلك حتى الآن، ولم تصدر عن الجماعة بيانات تؤكد مسؤوليتها عن الأحداث.
■ ما مدى قانونية القرار.. وما آثاره السلبية المتوقعة؟
- هذا القرار سياسى وضرره أكثر من نفعه، وسيثير مشكلات عملية كثيرة، خاصة أن الحكومة لم تتخذ أى إجراءات أو تدابير لمواجهة ما سيترتب على هذا القرار، فقد صدر قرار بتجميد أموال عدد كبير من الجمعيات الأهلية التابعة للإخوان المسلمين، فى حين أن بعض هذه الجمعيات يقدم خدمات طبية واجتماعية وتعليمية للمواطنين، إضافة إلى أن هذا القرار سيترتب عليه إغلاق الباب أمام من يرغب فى الدخول فى حوار سياسى لتوفيق أوضاعه مثل هذه الجمعيات أو حتى جماعة الإخوان نفسها.
■ هل التفجير الذى وقع فى مدينة نصر، أمس، له علاقة بالقرار؟
- فى الغالب له علاقة، والمهم من هو المسؤول عنه وهل الجماعة موافقة عليه، أو شاركت فيه بالتمويل أو التحريض أو المساعدة؟ فكل هذه أمور قانونية يجب صدور أحكام بها أولاً.
■ ألا يمكن اعتبار تصريحات بعض قيادات الجماعة سابقاً سبباً فى إدانتها كجماعة إرهابية؟
- صدور تصريحات من بعض أعضاء الجماعة تحفز على العمليات الإرهابية سواء كان محمد البلتاجى أو عاصم عبدالماجد أو صفوت حجازى وقت اعتصام رابعة، لا يجب أن ينعكس على التعامل مع الجماعة بأكملها، وإنما تتم محاسبة من صدر منه هذا التصريح بشكل شخصى إلى أن يثبت ضلوع الجماعة نفسها فى الأعمال الإرهابية.
■ وهل الولايات المتحدة الأمريكية عندما تعلن عن جماعة معينة أنها جماعة إرهابية تستند إلى ما سبق أن ذكرته؟
- طبعاً.. فأمريكا عندما تعلن عن جماعة أنها «إرهابية» فإن الجماعة إما أن تكون أعلنت مسؤوليتها أو دعمها أو ثبوت تورطها فى أعمال إرهابية، أو صدور حكم قضائى ضدها، وإلا تفقد أمريكا مصداقيتها أمام العالم.
■ وصفكم للجماعة الإرهابية ألا ترى أنه ينطبق على جماعة الإخوان وهو ما يستند إليه قرار مجلس الوزراء؟
- الرأى لا قيمة له طالما أنه لم يصدر حكم من المحكمة يدين ارتكاب جماعة معينة لفعل من هذه الأفعال، فإن إعلان الإخوان كجماعة أرهابية لن يفرق فى شىء، فالداخلية والجيش يقومان بواجبهما، وهذا الإعلان لن يزيد من قوة الشرطة والجيش فى شىء، وإنما تتم زيادة القوة بالتدريب والمعدات، وأرى أن الاتهام لا يكفى ولابد من وجود حكم قضائى، فيجب تحويل كل القضايا إلى المحكمة وإذا ثبت تورطها وقتها يكون هناك سند قانونى، ولا يجوز استباق الأحداث كما حدث وإصدار أحكام لم تصدر من المحكمة.
■ الحكومة كانت تصر على ضرورة صدور حكم قضائى باعتبار الجماعة إرهابية قبل صدور القرار.. ما تعليقكم؟
- هذا الأمر معناه أن الحكومة كانت تدرك مسؤوليتها الدولية وأنها تحافظ على مصداقيتها أمام الشعب والعالم، وهو موقف كان صحيحاً تماماً، ولكن هذا لا يمنع حق منظمات المجتمع المدنى والهيئات الشعبية من التعبير عن رأيها، ولكن لا يتم الضغط على الحكومة لاتخاذ موقف سياسى غير قانونى، فالقانونى تترتب عليه إجراءات كثيرة تخص دول العالم بأكملها وتكون له آثار مختلفة.
■ وما الإجراءات التى تخص دول العالم فى حال صدور قرار بهذا؟
- إن المجتمع الدولى يكون له دور مختلف، ومطالب باتخاذ إجراءات معينة، منها تجميد أموال الجماعة المدانة وحظر وتجفيف منابع التمويل ومنع السفر، وبالتالى لا يمكن أن يكون القرار سياسياً ولا سبيل إلا بالقرار القانونى والأحكام القضائية، وأعتقد أن كل دولة ستقدر موقفها حسب قانونها الداخلى وحسب قناعتها بمدى مصداقية هذا القرار، وفى الفترة الأخيرة أعلنت وزارة الداخلية عن ضبط كميات كبيرة من الأوراق والمستندات ومحاضر اجتماعات خاصة بجماعة الإخوان سواء فى الخارج أو الداخل، وهذه المستندات من الممكن أن تثبت تورط الجماعة فى هذه الأفعال، وعلى وزارة الداخلية تقديم المستندات إلى المحاكم حتى تصدر أحكاماً جنائية تعزز قرار الحكومة المصرية.
■ فى ظل اتخاذ مثل هذا القرار هل تم القضاء على إمكانية التصالح أو الحوار الوطنى وعادت الجماعة إلى العمل السرى؟
- طبعاً.. والقرار أغلق باب الحوار تماماً أو أى طرح للمصالحة السياسية، والمفروض أن يثبت أولاً أنها جماعة إرهابية وبالتالى لا تصالح معها، وإذا أدين بعض الأشخاص بالعنف فهذا ليس معناه أن كل أعضاء الجماعة إرهابيون، فيمكن أن نحاسب المتورط وعلى الباقى الانخراط فى العمل السياسى مرة أخرى، فلا يمكن أن نتحدث عن أمور غير واضحة ومع الوقت سيتم استيعاب الموقف من قبل أعضاء جماعة الإخوان، فكل من تورط فى جريمة أو ثبت ضلوعه بشكل من الأشكال فى عنف تجب محاسبته، ولا يمكن الدخول معه فى حوار، أما من يدين العنف وينبذه ويعلن تبرؤه منه فهؤلاء من يمكن أن يعودوا للعمل السياسى.
■ هل تردد الحكومة فى إصدار القرار يشير إلى أن أياديها مرتعشة؟
- إطلاقاً فالحكومة عندما تأخذ وقتها فى البحث يكون نتيجة تريث وحكمة، وإن كان القرار الصادر مخالفاً لوجهة نظرى، فإننى لا أصادر على رأى الحكومة فربما يكون رأيها هو الأصوب، خاصة أن الموضوع خضع لنقاش مطول داخل الحكومة، وفيما يخص أداء الحكومة أرى أنه جيد وواثق من نفسه، والشعب سيعى ذلك بعد هدوء الأوضاع، وأرى أن المواطن معذور ولكن عليه أن يثق فى أداء حكومته وأنها حريصة على مصداقيتها دون التورط فى أفعال أو تصرفات.