بينما تتواصل عملية فرز الأصوات فى آلاف من مراكز الاقتراع بالعراق بعد إغلاق الصناديق مساء أمس الأول لتبدأ المرحلة الأصعب فى تاريخ البلاد، والتكهنات التى تثار حول طبيعة وتشكيل الائتلاف الحكومى الذى سيقود البلاد خلال السنوات الأربع المقبلة لمواجهة التحديات الكبرى، أعلنت 5قوائم كبرى فوزها الكاسح وخرج أنصارها للاحتفال فى الشوارع استباقا لإعلان المفوضية المستقلة للانتخابات نتائجها، الأمر الذى قد يؤدى إلى توتر الأوضاع السياسية. وطالبت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقيين بتقبل النتائج وعدم استباقها أو التشكيك فى صحتها كونها الجهة الوحيدة التى يحق لها إعلانها، وقالت إن النتائج ستستغرق وقتا طويلا وسط توقعات بأن يتم إعلانها بصفة رسمية فى 18 من الشهر الجارى ونهائيا بنهاية الشهر مؤكدة أن النتائج الحالية المتداولة ليست نهائية.
وتسربت أرقام من مسؤولين محليين أكدت أن ائتلاف دولة القانون الذى يتزعمه رئيس الوزراء نورى المالكى حل أولا فى المحافظات الشيعية التسع التى شهدت نسبة مشاركة تراوحت ما بين 46% إلى 64%، وتمثل بـ119 مقعدا فى البرلمان فى حين حلت قائمة العراقية بزعامة منافسه إياد علاوى فى المحافظات السنية الأربع التى تشغل 70 مقعدا والتى تحدى فيها السنة تهديدات تنظيم القاعدة وشاركوا بكثافة أعلى مما هو متوقع حيث تراوحت نسبة المشاركة فى تلك المحافظات ما بين 62% إلى 64%، بما يؤكد تحديهم لتهديدات القاعدة وأنهم تعلموا الدرس والمساوئ التى حلت عليهم نتيجة مقاطعتهم انتخابات 2005 والتى أبعدتهم فترة كبيرة عن الحياة السياسية، بينما يتوقع أن تحدد نتائج بغداد (68 مقعدا) الفائز فى الانتخابات لكنها لم تظهر بعد.
وحلت قائمة علاوى فى المرتبة الثانية فى 3 محافظات بابل والمثنى والبصرة لكنها جاءت فى المرتبة الثالثة فى 6 محافظات شيعية أخرى وراء الائتلاف الوطنى الذى يضم الاحزاب الشيعية الرئيسية باستثناء حزب الدعوة. وفى محافظة كركوك التى يتنازعها الأكراد والعرب (12 مقعدا)، فقد حل التحالف الكردستانى الذى يضم الحزبين الرئيسيين أولا تليه قائمة العراقية ومن ثم دولة القانون.
وفور صدور تلك النتائج غير الرسمية هنأت القائمة العراقية الشعب بالفوز الكاسح، وحذت حذوها قائمة دولة القانون ثم قائمة عمار الحكيم زعيم المجلس الأعلى الإسلامى العراقى وقائمة التحالف الكردستانى وقائمة التغيير والاتحاد الإسلامى الكردستانى، وخرج آلاف المواطنين من أنصار كل قائمة للشوارع احتفالا بالفوز فى الرمادى والسليمانية والمحافظات الكردية.
ووسط إشادة دولية واسعة بكثافة التصويت وتحدى العراقيين العنف وتهديدات تنظيم القاعدة فى البلاد الأمر الذى يعكس رغبة كبيرة لدى المجتمع الدولى عامة والولايات المتحدة خاصة لتحقيق الاستقرار فى العراق نحو مستقبل أفضل. وقد أصدر الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، بياناً وجّه فيه التهنئة لـ«ملايين العراقيين الذى رفضوا الوقوع فريسة الخوف جراء أعمال العنف، محذرا من أن العراق سيواجه أياما صعبة، ولكن إشادته بأداء قوات الأمن والجيش العراقى لتأمين الانتخابات يعكس رغبته فى المضى قدما فى تنفيذ جدول انسحاب القوات الأمريكية بنهاية العام المقبل، الأمر نفسه أكده وزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس، كما أكد الجنرال ستيفان لانزو، الناطق باسم الجيش الأمريكى فى العراق، أن المسلحين فشلوا فى إيقاع خسائر بشرية كبيرة بالقدر الذى كانوا يخططون له لإخافة العراقيين رغم سقوط نحو 40 قتيلا و110جرحى.
بدورها، ذكرت مجلة «تايم» الأمريكية أن العراقيين تحدوا العنف وذهبوا للانتخابات لتحديد مصير بلدهم، وهو ما أكدته صحيفة «الجارديان» البريطانية، وقالت تايم إن الانتخابات ستكون محورية فى تحديد ما إذا كان العراق يواصل طريقه نحو الاستقرار والاستقلال والديمقراطية أو يعود مجددا للحرب الطائفية وأن الانتخابات الماضية التى جرت تحت وصاية واشنطن وأفرزت قادة ذوى ميول طائفية أثبتوا عدم قدرتهم على حل المشكلات الكبرى التى تواجه البلاد، موضحة أن الانتخابات الأخيرة ستثبت إن كان القادة العراقيون تعلموا من أخطائهم،
وقالت إن التشكيل النهائى للحكومة سيحدد مصير الدولة سواء باتجاه نحو مزيد من المركزية التى يدعو لها المالكى وسلفه العلمانى علاوى، أم باتجاه إلى مزيد من اللامركزية وتفويض السلطات التى تطالب بها الأحزاب الكردية فى الشمال والشيعة المهيمنين فى الجنوب.وأبدت المجلة مخاوفها من مرحلة ما بعد الانتخابات التى ستفرز 5 قوائم رئيسية فى البرلمان مما يعنى الدخول فى مفاوضات طويلة وشاقة لتشكيل الائتلاف الجديد.