x

محافظ القليوبية: المظاهرات أجبرت الحكومة على حل مشكلات الناس (2-2)

الأربعاء 25-08-2010 00:10 | كتب: رانيا بدوي |
تصوير : محمد معروف

حل جميع أزمات مصر يكمن فى تنفيذ عناصر الحكم الرشيد، التى تعتبر الديمقراطية شكلاً أساسياً للحكم، والشفافية واجبة. والرقابة والمساءلة عنصران لا تستقيم دولة إلا بتنفيذهما، ولا أحد ينكر أن مصر تتجه وبشكل معقول فى اتجاه الديمقراطية، لكن لاتزال هناك خطوات أخرى كثيرة يجب أن تتخذ فى هذا الشأن، وإذا اقتنعنا بأن التطور الديمقراطى فى حاجة إلى بعض الوقت لما فيه من عمليات معقدة مثل تغيير الدستور وما شابه، فمن غير المقبول أن يكون هناك تراخ فيما يخص الشفافية والمساءلة، فهما ليستا بحاجة إلى تعديل الدستور، ولا إلى سن قوانين جديدة، فلماذا لا يتم تطبيقهما؟!. سؤال يطرحه المستشار عدلى حسين، محافظ القليوبية، فى الجزء الثانى من حواره لـ«المصرى اليوم»،

التفاصيل فى السطور التالية:

هل المواءمات السياسية تقف حائلا ضد محاسبة الكبار؟

- المواءمات السياسية ليست مقبولة فى شأن الانحراف، وأنا لا أتصور وجود خطأ دون أن توجد مساءلة، كالذين نهبوا الأموال المخصصة للعلاج على نفقة الدولة، وقضية رشوة مرسيدس، وما شابه، فهناك أمور غير مفهومة! وهى فى حاجة إلى مساءلة ومحاسبة وأحكام رادعة.

حتى لو كان المنحرف من داخل السلطة؟

- بالعكس.. المنحرفون من داخل السلطة يجب أن يكون حسابهم وعقابهم أشد وأشق من غيرهم.

إذن أنت مع قانون محاكمة الوزراء؟

- قانون محاكمة الوزراء القديم كان موجوداً وقت الوحدة بيننا وبين سوريا، وعندما انفصلت سوريا تعطل القانون نظرا لأن تشكيل المحكمة كان من قضاة النقض فى مصر وقضاة التمييز أى «النقض» فى سوريا، ونحن فى حاجة فعلية لقانون محاكمة وزراء جديد، وآمل أن يخرج فى الدورة القادمة من مجلس الشعب، لأن الوزير ليس موظفا عاديا بل مسؤول عن سياسة وقرارات كبرى، ويجب أن يحاسب أمام محكمة على مستوى عال جدا تقدر قراراته فى شأن تنفيذ السياسة العليا، والأموال المعهود بها إليه، ولا يجب أن يعامل الوزير كموظف لديه عهدة.

ألهذا أحلت نفسك للرقابة الإدارية عندما تم اتهامك بدعم شقيقك فى جمعية يمتلكها تساعد المكفوفين؟

- اتخاذى هذا الإجراء يكمن فى إيمانى بالشفافية والمحاسبة، ولثقتى فيما أفعل، وما اتخذه من قرارات، ومن المفترض أن الأجهزة الرقابية تجمع معلومات عند إثارة موضوع معين، لكننى أحلت نفسى للمساءلة تحفيزا للجهات الرقابية لتسرع فى جمع المعلومات والتحقيق فى الأمر، وقد جاءت النتيجة بأنه لا يوجد شىء على الإطلاق مما ذكر، بل إن وزارة التضامن أشادت بأداء الجمعية، وأعلنت هذه النتائج، ولو اتهمت بأى اتهام آخر سأحيل نفسى على الفور للمحاسبة.

لماذا لم تحل نفسك للمساءلة فى أزمة قرية البرادعة؟

- لا تنسى أننى من أبلغت عن واقعة البرادعة، وهذا يعنى أننى أحلته للتحقيق وأنا أعلم أن النتائج قد تطال أى مسؤول، بغض النظر عن مكانته ودرجته الوظيفية، بمن فيهم المحافظ والوزير، وليس لأحد منا سلطة على النيابة لو تم توجيه أى اتهام لأى مسؤول، فهذا من حق النيابة، ولكننى أيضا على علم بالقانون، «ومعنديش حاجة تحت الترابيزة»، لذا أبلغت عن الواقعة.

ولم يثبت أن للمحافظ دخلاً فى الموضوع، فهذا المشروع، طرحا وتنفيذا وإشرافا بالكامل قام به الجهاز التنفيذى التابع لوزارة الإسكان، وتمت تبرئة السباكين الأربعة التابعين للمحافظة الذين تم اتهامهم مع الأربعة التابعين لشركة المقاولون العرب، والأفراد الثلاثة التابعين للجهاز التنفيذى لوزارة الاسكان، حيث كان الاتهام الموجه إليهم هو أنهم «فتحوا محبس»، وبرأتهم المحكمة جميعا، ولم تطعن النيابة على البراءة، وانتهى الأمر عند هذا الحد.

أين المشكلة إذن فى قضية البرادعة؟ وما الذى تسبب فى إصابة الناس بالتيفود مادام الجميع تمت تبرئتهم، وهل يعقل أن يصح المجنى عليهم جناة ويتهم الناس بأنهم هم المسؤولون عما حدث؟

- وجهة نظرنا التى نحن مقتنعون بها ولدينا أسبابنا التى تبررها هى أن المقاول المنفذ من الباطن جرب المواسير بمياه الصرف الصحى، حيث دفع مياه الصرف الصحى فى المواسير ليجرب إذا كانت تعمل أم لا، وهل يوجد بها أى عيوب فنية، وترى وجهة النظر الأخرى أن الناس أصيبوا بالتيفود نتيجة استخدامهم الطلمبات الحبشية، لذا المواطنون هم المتسببون فيما حدث وبالتالى حصل الجميع على البراءة.

ما رأيك فيما قيل عن أن شركة المقاولين العرب لن تأخذ أى أعمال مقاولات فى القليوبية بسبب تحويلك للمنفذين للمساءلة؟

- على ما أذكر أن هذا الحديث صدر عن عضو نقابة فى نقابات العمال ولم يصدر عن رئيس الشركة وهو بالمناسبة رجل محترم والدولة تقدره وهو المهندس إبراهيم محلب، ومن جهة ثانية العمل فى المحافظة عمل حكومى وليس شخصياً فالمقاولون العرب لا تعمل لدى عدلى حسين إنما تعمل فى مشروعات البلد، ومثل هذا التصريح دعينا نستبعده لأنه ليس له وزن.

وما أسباب الخلاف فى تسلم الشبكة الجديدة حتى الآن؟

- الجهاز التنفيذى التابع لوزارة الإسكان يريد تسليمنا المشروع عبارة عن مواسير تم تركيبها، ونحن نريد أن نتسلم مياها داخل المواسير، أى بعد الانتهاء من تركيب المواسير يتم فتح المياه لتجرى بها، وأخذ منها عينات ليتم تحليلها، وبناء عليه أتسلم المشروع، لكنهم مصرون على موقفهم ونحن أيضا مصرون على موقفنا، وقد أرسلت خطابين لوزير الإسكان أحمد المغربى بهذا الشأن لأطلعه على الوضع ولكن لم يأتنى الرد حتى الآن.

متى أرسلت أول خطاب ومتى أرسلت الثانى؟

- آخر خطاب كان منذ عدة أيام والأول منذ عدة أشهر.

تعطلون مصالح الناس عدة أشهر دون سبب مقنع؟

- لست أنا.. إنما هو تعسف غير مقبول من الجهاز التنفيذى التابع لوزارة الإسكان.

إذن أنت تنادى باللامركزية فى الحكم؟

- اللامركزية ستحدث فرقاً كبيراً فى إدارة جميع القطاعات لأن المجالس المحلية أدرى بشؤون البلد.

ماذا عما يقال بأن فساد المحليات للركب؟

- هذا تعبير مجازى له سحر إعلامى، ولكن فساد المحليات أقل مما يتصور البعض، بالمقارنة بفساد موجود فى قطاعات أخرى، ففساد قطاع واحد مثل البنوك أو الإسكان يغطى كل فساد المحليات، ومازالت مصر على فكرة اللامركزية فى الحكم وأن المجالس المحلية مع وجود الرقابة قادرة على إدارة المحافظات.

فى رأيك لماذا لم يخرج قانون الإدارة المحلية إلى النور حتى الآن؟

- قانون الإدارة المحلية، طلب لا نكل ولا نمل فى المطالبة بخروجه إلى النور، لدعم الإدارة المحلية فى مصر، وكلما سألنا عن تأخر صدوره، أجابونا بأنه مازال محل دراسة، ولم يعد هناك سوى دورة واحدة بعد انعقاد المجلس القادم وقبل نهاية مدة الرئاسة، لأن هذا القانون من أساسيات البرنامج الانتخابى للرئيس، ولا يجب أن تنتهى المدة الرئاسية قبل أن يصدر قانون الإدارة المحلية وقانون الإرهاب.

ربما تعطيل قانون الإدارة المحلية مقصود لأنه سيقلص صلاحيات الحكومة المركزية؟

- مؤكد أنه سيأخذ من صلاحيات الحكومة المركزية ولابد أن يحدث هذا إذا أردنا الإصلاح والتغيير.

كيف تقرأ الاعتصامات والمظاهرات التى أصبحت مشهدا معتادا فى الآونة الأخيرة؟

- الاعتصامات كمبدأ تعد تطوراً فى صالح المجتمع، لأنها أولا تشى بأن هناك نوعاً من الأمن لدى فئة من المواطنين الذين يشعرون بأن هناك ظلماً ما وقع عليهم، يعبرون عنه بالتظاهر والاعتصام، لإيصال صوتهم دون أن يعترضهم أحد، أى دون خشية العواقب البوليسية، وهذا لا شك تطور محمود، والتطور الثانى هو تعامل البوليس نفسه بشكل راق لم نشهده فى عقود سابقة، ولم نعد نرى تصدياً للاعتصامات بالقسوة أو بالضرب، بل رأينا العكس فالأمن كان يحميهم وهذا تطور كبير أيضا.

فالملاحظ الآن أن المجتمع يحاول أن يجعل صورته جيدة فى الداخل وممتازة فى الخارج، النظام لا يتحمل أن ينفصل عن حركة العالم أو يعاندها، وأن يغفل مراقبة العالم، التطور الثالث فى هذه الظاهرة هو إجبار الإدارة والحكومة على أن تبحث مشاكل هذه الفئات، لأنه كان من الممكن أن تؤجل أو يحدث مماطلة وما إلى ذلك ولكن الآن السلطة تسارع فى حل المشكلات.

هل ترى أن هذه الظواهر جزء من اقتصاد مصرى مهترئ؟

- لم نر أى مجموعة خرجت للشارع فيما عدا المتضررين من الخصخصة، وأعتقد أن الدولة سارعت إلى إيقاف هذه الإجراءات إلى حد كبير وقد صرح وزير الاستثمار بأن هناك عمليات تصويب سريعة، وتم إيقاف مشروع الصكوك كما توقفت عمليات بيع شركات القطاع العام لإعادة التقييم.

وهل تبقى شىء من القطاع العام؟

- هناك شركات كثيرة لم تخضع للبيع بعد.

هل أنت مع اقتصاد السوق؟

- القطاع العام كان عبئاً شديداً على الدولة، ومصر استفادت كثيرا من اقتصاد السوق الحرة، ولكن بلا شك أنا مع الرأى القائل بأنه يجب على الدولة أن تضع تحت سيطرتها ممتلكات بعينها مثل المصانع المنتجة، والصناعات الثقيلة، وأى ممتلكات تعزز مكانة الدولة ولا تجعلها ضعيفة أمام الأزمات، أو ضعيفة فى مقابل الممارسات الاحتكارية للأفراد، بحيث لو حدثت أزمة تستطيع معالجتها، ومثال بسيط على ذلك ما حدث فى أزمة الخبز والتى وصلت إلى حد لا يمكن قبوله، ووقتها كان أول إجراء اتخذه الرئيس مبارك هو أن يتدخل جهازا الجيش والشرطة لإنقاذ الموقف ولو لم يكن تحت يد الدولة مثل هذه المؤسسات الإنتاجية لم يكن ليتصور أحد النتائج، هذا المثال البسيط أريد أن أقيس عليه أموراً أخرى، مثل أن يكون تحت يد الدولة وسيلة نقل مثل المترو والسكك الحديدية، وهنا أود أن أقول لمن ينادون بخصخصة السكك الحديدية إن هذا خطر للغاية، كذلك شركات الكهرباء، شركات المياه، كلها قطاعات يجب أن تكون تحت يد الدولة لأنها لو تخلت عنها، وحدثت أزمة فى لحظة ما، ستشعر الدولة حينذاك بالضعف وتصبح تحت رحمة القطاع الخاص يفعل بها ما يريد.

مصر تعانى من أزمة فى القانون، ما بين قوانين غير مفعلة وأخرى لا تلبى احتياجات الناس وأحكام قضائية لا تنفذ كيف ترى الوضع العام؟

- كل هذا صحيح وموجود بلا شك، وأنا أرى أن القوانين التى لا تلبى احتياجات الناس هى مسؤولية البرلمان، أما القوانين التى لا تفعل فهى خطأ الجهات التى لا تفعل القوانين، وذلك يعد تقصيرا يجب المحاسبة عليه، والأمر نفسه ينطبق على الجهات التى لا تنفذ الأحكام القضائية، فالأحوال فى مصر لن تستقيم إلا بتنفيذ عناصر الحكم الرشيد والمتفق عليه فى جميع أنحاء العالم، وهى الديمقراطية كشكل للحكم، والشفافية لكل قرارات الحكم ومساءلة كل من يخرق كل هذه القواعد، ولو أن هناك مساءلة، لما رأينا كل هذه الظواهر.

■ «مصر دولة بوليسية» إلى أى مدى أنت متفق مع هذا الرأى؟

- البوليس فى مصر يتحمل أكثر مما تستطيع أى وزارة تحمله، فلو حدثت أزمة اقتصادية أو سياسة خاطئة يتدخل الأمن، خلل فى التموين يتدخل بوليس التموين، أزمة فى الجمارك يتدخل بوليس الجمارك، خطأ فى السياسة النقدية يتدخل الأمن وهكذا، فعليهم عبء كبير لا يجب أن ننكره أمام بعض الحوادث الفردية الخاطئة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية