x

سحر الجعارة قانون «خصخصة الهرم» سحر الجعارة الجمعة 29-01-2010 08:00


لم يعد فى هذا البلد شىء قابل للبيع إلا وطُرح فى المزاد العلنى! حتى ضمائر البشر والأصوات الانتخابية، كل بحسب قيمته فى «سوق الفساد».

وكأن هناك من يغذى «ثقافة التفريط»، حتى فى أعراض البشر، ليقع الوطن فى قبضة «عصابة» تزنى بالسلطة تحت بصر الجميع! النائب الموقر «أحمد عز» لم يكتف بتصدير فيروس الاحتكار إلى بعض الصناعات الحيوية، مثل الأسمنت، بل قرر مؤخرا أن يقنن بيع تاريخ مصر.. بعد طمس معالم مستقبلها(!!).

مشروع قانون حماية الآثار الذى طرحه أمين التنظيم بالحزب الوطنى، يطالب الدولة بالموافقة على السماح بحرية تداول الآثار والتجارة فيها فى الداخل، وهى الدولة نفسها التى لم تحم أثرا من سرقة وتهريب، ولا منعت تورط كبار مسؤوليها فى عمليات سرقة الآثار.

فإن شئت أن تتخيل الصورة حال إقرار القانون، بشكل (فانتازى)، ستجد آلاف المواطنين يتدافعون إلى حرم الأهرامات، للحصول على حقهم: (طوبة من ذقن أبوالهول)..

وفى الخلفية يجلس الدكتور «زاهى حواس»، وهو يغالب الدمع، ويروى فى مؤتمر صحفى جولاته المكوكية لاستعادة آثار مصر المنهوبة، ويتصدر الدكتور «فاروق الباز» شاشة الـCNN ليروى دوره فى تشخيص أمراض أبوالهول.. ستقرأ بيانا ساخرا لمنظمة «اليونيسكو» تتهكم فيه على دولة رشحت وزير الثقافة ليرأس تلك المنظمة، ثم فرطت فى حضارات نادرة، ولأنها «أم العجائب» فقد باعت أهم عجائب الدنيا السبع.. أى عار ينتظرنا؟!

هل ساعتها ستخرج استقالة «فاروق حسنى» من الدرج ليصبح فنانا بحق، ويتزعم وقفة احتجاجية أمام مجلس الشعب لوقف نزيف التاريخ؟!

 واستكمالا لنفس الصورة العبثية، ستخرج علينا برامج (التوك شو) بأهم أنباء عمليات القتل الجماعى فى صعيد مصر، لفتح مقابر الفراعنة، وآخر أخبار الفتنة الطائفية التى اشتعلت نتيجة الخلاف على سعر مسجد أثرى أو كنيسة أثرية.. وقد نسمع من المهندس «عز» تصريحات للحزب حول عدم المساس بـ«المعبد اليهودى»، تقديراً لمشاعر الأصدقاء فى إسرائيل. تريدون كلاماً جاداً حول (قانون عز لبيع الآثار)؟!!

كل الدول الأوروبية تبيع الآثار المسروقة من الحضارات الأخرى ومنها الحضارة المصرية، ولا تبيع آثارها.. وقانون خصخصة الآثار يمثل خرقاً للاتفاقيات والبروتوكولات الدولية التى وقعتها مصر مع منظمة اليونيسكو لحماية التراث والآثار من السرقة والضياع، وينتقص من فرص مصر السياحية، التى تتأرجح السياحة الوافدة إليها مع موجات الإرهاب أو فوبيا الأوبئة العالمية، فلا ينقذها إلا تفردها وتنوعها الحضارى.

القانون لن يقتصر على «صغار المهربين» فأولئك لم يتوقف نشاطهم يوما، لقد صيغ القانون على مقاس أشخاص احترفوا المقامرة باقتصاد البلد، أشخاص لديهم السلطة والحصانة.. ومليارات الجنيهات الحائرة: أين تذهب؟!

قد يكون مصدر تلك المليارات احتكار صناعة استراتيجية، أو شل العمود الفقرى لاقتصاد مصر (البنوك).. كل هذا لا يهم، المهم أن الخروج للاستثمار العالمى لم يعد آمنا بعد أزمة الاقتصاد العالمى، وبالتالى تصبح آثار مصر محفظة آمنة للأموال، قابلة للزيادة.. تفتح سوقاً بكراً لا ترتبط بسلة عملات ولا تنهار مع أسعار النفط أو الذهب. إنها مغامرة اقتصادية جديدة للرأسمالية الوطنية.. رهان آخر على زواج المتعة ـ الباطل ـ بين السلطة والثروة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية