تحت عنوان «مصر تناضل لتأسيس نظام جديد لعلاقاتها الخارجية» قالت «فاينانشيال تايمز» إنه فى ظل المشاكل السياسية الداخلية التى تعصف بالبلاد، فإن السياسة الخارجية باتت مهمشة من قبل الحكومات المصرية التى تلت سقوط الرئيس الأسبق حسني مبارك، عام 2011.
ورأت الصحيفة أن المجتمع الدولي أصابه الذهول عندما قامت الحكومة المؤقتة، المدعومة من الجيش، ببعض الإيماءات الجريئة التي ربما هددت بإبعاد الولايات المتحدة، راعيتها منذ فترة طويلة، وأوروبا، أهم شريك تجارى لها. وتابعت: «فى غضون أيام من عزل الرئيس السابق، محمد مرسي، رفضت الحكومة انتقادات إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وبعض القادة الأوروبيين لأساليبها القاسية ضد المعارضين والإخوان، وعندما حجبت واشنطن المساعدات العسكرية، ذهبت القاهرة إلى أحضان موسكو».
ومضت تقول: «يبدو أن السلطات المصرية تحاول استدعاء استراتيجية السياسة الخارجية للرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فهي تختبر حدود تحالفاتها الجيوسياسية، دون قطع العلاقات الحيوية». وأشارت الصحيفة إلى أن هناك الكثير من الدبلوماسيين الغربيين يعتبرون أن القاهرة تحاول استغلال أهميتها الإقليمية، في الوقت الذي يتراجع فيه نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة، حيث لا يمكن لأحد أن يتحمل انهيار مصر، التي تمتد بين قارتين، وتسيطر على قناة السويس.
وأوضحت أن الحكومة المصرية الجديدة تتمتع بالدعم المالي، والدبلوماسي من السعودية، والإمارات، مشيرة إلى أن تحالف القاهرة وموسكو، من شأنه أن يغضب الرياض. ووصفت الصحيفة علاقة القاهرة بتركيا وقطر، القوى الإقليمية الصاعدة، وحلفاء الإخوان، بأنها «متوترة للغاية»، مشيرة إلى أن الحكومات الغربية تحاول أن تبقى على مسافة من الحكومة المصرية لحين إجراء الانتخابات، ونقلت عن دبلوماسي غربي قوله «هذه حكومة مؤقتة، لذلك نحن لا نعتمد عليها بشكل كبير».
ورأت الصحيفة أنه على الرغم من أن بعض المسؤولين المصريين يقرون وجود توترات مع الغرب، فإنهم يصرون على أن البلاد تحقق تقدمًا كبيرًا في تحسين العلاقات. ونقلت الصحيفة عن السفير بدر عبدالعاطي، المتحدث باسم وزارة الخارجية، قوله «لسنا سعداء بما حدث مع إدارة أوباما، ولكن تغير موقف الولايات المتحدة سيستغرق وقتًا، فهناك الكثير من أصحاب المصالح يلعبون دورًا مهمًّا في عملية صنع القرار في السياسة الخارجية لواشنطن».
ورأى «عبدالعاطي» أن السياسة الخارجية المصرية شهدت «تحولًا كبيرًا»، و«تصحيحًا للمسار» من الاتجاه الأيديولوجي لحكومة الإخوان، التي كانت متعاطفة بشكل مفرط مع الحركات الإسلامية في المنطقة. وتابع «فعلى سبيل المثال، انتقد نظام مرسي وعارض التدخل الفرنسي في مالي للدفاع عن الحركات الجهادية العنيفة هناك، كما سمح بتهريب الوقود والغاز لحركة حماس، بشكل ممنهج، في الوقت الذي لم يكن فيه المصريون يجدون هذا الوقود، وهذه هى الأيديولوجية الإخوانية، ولكن بعد 30 يونيو لم تعد هناك أي أيديولوجيا، وبات المعيار الوحيد لتوجيه السياسة الخارجية المصرية هو المصلحة الوطنية للبلاد»، مؤكدًا «سياستنا ستكون أقل خضوعًا للقوى العالمية».