كلما هممت بالكتابة فى هذا الموضوع، تنتابنى الهواجس وأخشى أن أشارك فى لعبة أو تمثيلية أو مخطط، دون إرادة أو رغبة أو إيمان، فأدعم ما أرفضه وأدعو إلى ما أنادى بعكسه طوال الوقت.
لم يعد هناك من يشك فى أن تياراً ما داخل الحزب الوطنى والحكومة والنظام، ككل، يدعو ويخطط لفرض اسم جمال مبارك، أمين السياسات بالحزب الوطنى، مرشحاً لرئاسة الجمهورية فى الانتخابات المقبلة، ولم يعد مجديا أو مقنعا خروج أى مسؤول من الحزب ليؤكد أن الداعين لجمال مبارك لا يعبروا عن الحزب وليست لهم علاقة به. فلن يصدق أحد أن مواطنا «نقح» عليه حب جمال مبارك، فقرر طبع 20 ألف لافتة تدعو له وترى أنه الأصلح لمصر، وغيره من أعضاء الحزب ومرشحيه فى الانتخابات الذين لم يعد يخيفهم أن فيما يفعلون تهجما وتطاولا على الرئيس حسنى مبارك.
أجهزة الأمن فى مصر ترصد دبة النملة، وتطارد الشباب الذين يعلقون لافتات تدعو للبرادعى أو لغيره، فهل لا تعرف من الذى يقود حملات ترشيح جمال مبارك.. وهل حكومة الحزب لا تستطيع أن تمنع مثل هذه الدعاية غير المحترمة؟
الدكتور على الدين هلال، أمين الإعلام بالحزب، غضب عندما سئل عن اسم مرشح الحزب الوطنى، ورأى فى هذا عيبا، لأن الرئيس حسنى مبارك هو المنتخب وهو الحاكم ولا يصح مناقشة مثل هذه الأمور قبل عام من الانتخابات، فكيف يرى الدكتور على الدين وحزبه ما يحدث، أليس هذا عيبا فى حق الرئيس؟
وما هو يا ترى إحساس رئيسنا - متعه الله بالصحة - وهو يرى اللافتات التى تدعو لتولى ابنه رئاسة مصر وهو بخير وعافية؟
أليس فى هذه الرسالة ما يوحى بأن الرئيس لم يعد قادرا، وأن ابنه يرى أنه الأجدر والأحق الآن بحكم مصر.. ليس ابنه فقط ولكن رجال الرئيس فى الحزب والحكومة أيضا يدعمون هذا الاتجاه؟
هل هناك قوى تخطط وتنفذ لتجعل من طرح اسم جمال أمراً واقعاً فى مواجهة البرادعى.. وهل وجود البرادعى نفسه هدف مدروس ومطلوب من هذه القوى؟
الحزب لم يعلن أنه يرشح جمال مبارك، ولكن لا يمر أسبوع دون أن يعلن أحد قياداته أنه مرشح أو الجملة الخالدة الآن: «فى حال عدم ترشح الرئيس مبارك فإن جمال هو المرشح حتما».
لماذا يصمت الرئيس - القوى - ولم يأمر حزبه وحكومته بأن تتوقف عن هذا العبث، لأن مصر ليست كبيرة فقط على البرادعى أو أيمن نور وإنما كبيرة أيضا على جمال مبارك. مصر تنتظر هذا القائد المختبئ فى مكان ما بقلبها، ليس عليه ما يدينه، وليس له إلا حب الوطن ودعم المؤسسات الراسخة القوية.. قائد ليس له شلة، ولم تصبه الاتهامات ولم يُختبر وعرف الشعب النتيجة.
ما يحدث فى مصر الآن لا يليق بتاريخها ولا يستحقه رئيسها محمد حسنى مبارك القائد العسكرى العظيم.