أكد الدكتور «يوسف بطرس غالي» وزير المالية، أهمية طرح السندات المصرية في جذب المستثمرين الأجانب إلى السوق المصرية، في الوقت الذي استبعد فيه خبراء تأثير الطرح سلباً علي حجم الديون الخارجية لمصر.
وقال غالي في بيان له اليوم، إن انخفاض أسعار الفائدة المقررة على السندات، مقارنة بدول أخرى مثل باكستان والهند واليونان على أجل عشر سنوات يعني ثقة المستثمرين في السوق المصرية وتخوفهم في المقابل من قدرة هذه البلاد على الوفاء بالتزاماتها المالية، وبالتالي عزوفها عن الاكتتاب في سنداتها وتفضيل الاستثمار في السندات ذات المخاطرة الأقل.
وأشار إلى أنه وفقاً لأسعار الفائدة فإن مخاطرة الاستثمار في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية تتساوى مع مخاطرة الاستثمار في مصر.
وتوقع وزير المالية أن تصبح أسعار الفائدة على السندات متوسطة وقصيرة الأجل معياراً لاقتراض القطاع الخاص المصري من الأسواق العالمية، بما يخفض تكلفة الاقتراض ويساعد على توسيع نطاق استثماراتهم.
وأضاف أن هذه الأسعار يمكن أن تعد معياراً تستند إليه الشركات العالمية في تقييم مخاطر الاستثمار في مصر، واتخاذ قرار بشأن زيادة استثماراتهم، بما يفتح المجال أمام إيجاد عدد كبير من فرص العمل.
من جهته، استبعد مصدر مسئول في وزارة المالية أن تتسبب السندات الجديدة في زيادة الدين العام، مشيراً إلى أن طرح الدفعة الجديدة من السندات، يعد بمثابة إحلال ديون بديون سابقة.
وأوضح المصدر أنه تم طرح سندات مصرية بالأسواق العالمية في السابق بنحو مليار دولار ونصف المليار انتهت الآجال الزمنية لنحو 500 مليون دولار منها كانت مدتها 5 سنوات، أما المليار دولار كانت مدتها 10 سنوات تنتهي في يوليو 2011.
ولفت إلى أهمية السندات في تغطية عجز الموازنة العامة للدولة المتوقع بلوغه نحو 106 مليار جنيه في العام الجديد، فضلاً عن أهمية طرحها بالدولار، وطول أجلها الزمني الذي يسهم في استدامة تمويل الاستثمارات طويلة الأجل للمشروعات، بخلاف السندات قصيرة الأجل التي تخلق ارتباكاً في أسواق النقد.
وفي هذا السياق، قال الدكتور «أحمد جلال» رئيس المنتدى الاقتصادي الدولي، إن نسبة الدين الخارجي المصري مازال في الحدود الآمنة، لافتاً إلى أنه يقترب من 30% مقارنة بالدخل القومي، بعكس دول أخرى في أمريكا اللاتينية التي يتجاوز الدين الخارجي فيها نحو 60% مثل المكسيك.
واستبعد جلال تكرار سيناريو دول أمريكا اللاتينية التي شهدت أضراراً باقتصادياتها جراء تفاقم الدين الخارجي لثلاثة أسباب وهى ارتفاع الدين، مقارنة بالدخل القومي، ووجود ديون قصيرة الأجل، وعدم الاتساق بين الإيرادات والديون، من ناحية العملة سواء محلية أو أجنبية، مشيراً إلى أن الاقتصاد المحلى لا يعاني من هذه السلبيات.
ووصف توجه الحكومة للاقتراض الخارجي بالخطوة المقبولة، لعدة أسباب، منها كسر حالة التخوف المصري من الاقتراض من الخارج منذ إسقاط نصف الديون الخارجية في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، بالإضافة إلى تخفيف الضغط على الاقتراض الحكومي من البنوك المحلية.
وقال ، " الحكومة عندما تقترض محلياً فهي تقترض من ودائع القطاع العائلي، مما يعني أن المواطنين يمولون مشروعات الحكومة وعجز الموازنة"، لافتاً إلى أن الاقتراض من البنوك يتسبب في رفع أسعار الفائدة لرجال الأعمال الراغبين في الاقتراض، بسبب تناقص السيولة المتاحة.
ومن جهته، أشار «شريف سامي» رئيس القطاع المالي ببنك مصر، ومستشار سابق لوزير المالية، إلى قدرة الحكومة على سداد أقساط الدين، رغم اعترافه بارتفاع عجز الموازنة والدين العام.
وقال سامي إن ارتفاع نسب التغطية في الاكتتاب بالسندات الجديدة من المؤسسات المالية العالمية يعكس ثقة أسواق المال الدولية ونجاح الطرح في نفس الوقت، مؤكداً أن الاتجاه للاقتراض من الخارج لا يعكس تغييراً في السياسة المالية للحكومة، خاصة الدين القائم يتم تجديده.
لكنه شدد على ضرورة أن يكون الرصيد التراكمي للدين في حدود جيدة وتحت السيطرة، وأن تعتمد الحكومة بالأساس على الاقتراض المحلي.
وفي السياق ذاته، دعا «إسماعيل حسن» محافظ البنك المركزي الأسبق، رئيس بنك مصر إيران للتنمية الحكومة، إلى توظيف جيد لعوائد الطرح في استثمارات محلية تحتاج إلى عملة دولارية .