«ما جرى فى الحرم الإبراهيمى مجرد بروفة إسرائيلية لما يمكن أن يجرى فى المسجد الأقصى، وعلى المسلمين أن يحذروا من هذا».. أطلق الشيخ كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية فى أراضى الـ48 هذا التحذير أمس، مشيراً إلى أن سيناريو ضم الأقصى سيتم على الأرجح الشهر المقبل، بعد أن رأت إسرئيل ردود الأفعال الضعيفة على ضم الحرم الإبراهيمى.
ويدعم تصريحات الخطيب دعوة مجموعة من جماعات المستوطنين المتشددة إلى اقتحام المسجد الأقصى اليوم وغداً، وذلك للاحتفال بذكرى «عيد البوريم» الذى يحتفل به اليهود المتشددون، وقررت تلك الجماعات، ومن بينها جماعة جبل الهيكل الشهيرة، اقتحام الحرم فى محاولة لحث الحكومة الإسرائيلية على الإسراع بخطوات تهويد المدينة.
وتستغل الحكومات الإسرائيلية، المتعاقبة المستوطنين المتطرفين من أجل انتهاك حرمة المسجد الأقصى، إذ تقوم هذه المجموعات بتدنيس المسجد الأقصى باستمرار، لتحقق هدفين أولهما زيادة التواجد اليهودى فى القدس وربط المتدينين اليهود بفكر الهيكل واعطائها شرعية إسرائيلية، والثانى جعل ضم المسجد إلى إسرائيل مقبولاً من جانب غالبية المسلمين والفلسطينيين بعد أن يصبح الاعتداء على المسجد معتاداً لديهم.
ورداً على التحركات الإسرائيلية، طالبت مؤسسة «الحفاظ» الفلسطينيين وعرب 48 بالتواجد الدائم فى حرم المسجد الأقصى للتصدى لأى محاولات يقوم بها الإسرائيليون للسيطرة عليه أو لضمه إلى هيئة التراث الإسرائيلية، بينما حذرت الصحف الإسرائيلية من خطورة استمرار رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو فى محاصرة المقدسات الإسلامية.
يذكر أن حكومة نتنياهو الحالية من أكثر الحكومات الإسرائيلية دعما لنشاط المستوطنين، فعلى الرغم من صدور العديد من قرارات المحاكم بإزالة بؤر استيطانية فى الضفة الغربية والقدس فإن حكومة نتنياهو غالبا ما تمتنع عن تنفيذها، كما وفرت الميزانية الإسرائيلية فى عهد نتنياهو ميزانيات قياسية للعديد من المستوطنات الإسرائيلية.
وتواصلت ردود الفعل المحذرة من خطورة القرارات التصعيدية الأخيرة من جانب إسرائيل سواء بالتوسع فى بناء المستوطنات فى القدس المحتلة، أو بضم الحرم الإبراهيمى ومسجد بلال للتراث اليهودى، وهددت حركة الجهاد الإسلامى الفلسطينية برد على تلك التحركات، بينما أعربت مؤسسة اليونيسكو والاتحاد الأوروبى عن «قلقهما» مشيرين إلى أن الخطوات الإسرائيلية تضر بعملية السلام، كما أدان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الخطوات الإسرائيلية نفسها.
وتعد تلك الخطوات، وآخرها التمهيد لاقتحام القدس تسريعا واضحاً من جانب إسرائيل لوتيرة تهويد المدينة المقدسة، خاصة أن الدولة العبرية استخدمت جميع أدواتها المعروفة فى تغيير ملامح الأرض هناك، بدءاً من توسيع بناء المستوطنات والإسراع فى وتيرة بنائها، واستغلال المستوطنين المتطرفين فى خلق صدامات هناك، فضلا عن وقف العمل ببطاقات بعض المقدسيين، ومد العمل فى الجدار الفاصل فى المنطقة المحيطة بالقدس.
واتهمت مجلة «تايم» الأمريكية إلى أن نتنياهو يهدف إلى التخلص من عملية السلام من خلال افتعال صدام مع الفلسطينيين، خاصة أنه يعلم أن الانتفاضة الثانية اندلعت بسبب اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلى السابق للمسجد الأقصى.
ولاشك أن العديد من القيادات الإسرائيلة، وعلى رأسها نتنياهو، يهدفون إلى استغلال حالة الانقسام الإسرائيلى السائدة حاليا بين حركتى فتح وحماس من أجل الإسراع بتنفيذ المخططات الإسرائيلية بتهويد المدينة المقدسة، معتمدين على أنهم سيواجهون الحد الأدنى من المقاومة فى ظل الاستقطاب الفلسطينى الداخلى.