بعد 3 عقود من تطبيق «سياسة الطفل الواحد» فى الصين اضطرت بكين، هذا الشهر، إلى التخلي عن هذه السياسة وتخفيفها بما يسمح للأزواج بأن ينجبوا طفلين إذا كان أحدهما طفلاً واحداً لدى أسرته، بسبب احتياجها للمزيد من الأطفال، في إطار الإصلاحات الأخيرة للحزب الشيوعي الحاكم.
وعند بدء تطبيقها في السبعينيات من القرن الماضي، كان من المفترض أن تكون سياسة الطفل الواحد مجرد إجراء انتقالي يهدف إلى ضبط النمو الهائل لعدد السكان في الصين، وهو الأكبر في العالم، وتم تطبيقها بالقوة في بعض الأحيان، فقد لجأت السلطات إلى فرض دفع غرامات، والتعقيم القسري، وفرضت على نساء الإجهاض في مراحل متقدمة من الحمل.
وبعد أكثر من 3 عقود، بدأت تحصد الصين النتائج السلبية لهذه السياسة المتطرفة في تحديد النسل، حيث تسببت السياسة في خلق العديد من المشاكل الخطيرة، فقد أصبحت البلاد ضحية لنجاحها الكبير في تطبيق سياسات الحد من النمو السكاني، فعلى الرغم من أن سياسة الطفل الواحد ساعدت بكين على تفادي ارتفاع أعداد السكان بما يقدر بنحو400 مليون شخص عن مستواها الحالي، فإن الإجراء الانتقالي تحول إلى واقع دائم فاقت سلبياته الاجتماعية والنفسية والديموجرافية والاقتصادية إيجابياته، ما أدى إلى تجديد الدعوة إلى إجراء تعديلات جذرية في سياسة الطفل الواحد واستبدالها في أقرب وقت ممكن بسياسة «طفلين فقط».
ويرى منتقدو سياسة الطفل الواحد أن المجتمع الصيني بدأ يتحول إلى «مجتمع مسن» نتيجة انخفاض نسبة المواليد وارتفاع معدلات العمر، وهو ما سيفرض ضغوطاً متزايدة على نظام التقاعد والخدمات الاجتماعية، خاصة مع التراجع المتزايد في أعداد القوى العاملة، حيث تشير الإحصاءات إلى انخفاض قوة العمل في الصين في 2012 بأكثر من 3 ملايين عامل، وتحذّر التوقعات من احتمال انخفاضها بصورة أكبر خلال السنوات المقبلة مع إحالة المزيد من العمال إلى التقاعد.
وبجانب جيوش المتقاعدين وانخفاض القوة العاملة هناك خطر آخر يهدد المجتمع، هو الخلل الكبير في التوازن الطبيعي بين أعداد الذكور والإناث والناجم عن ظاهرة «الإجهاض الانتقائي» التي قدرت 330 مليون حالة، وانتشرت كرد فعل لسياسة الطفل الواحد، حيث تلجأ الكثير من الأسر إلى إجهاض الأجنة الإناث مفضلة إنجاب ذكر ليكون الابن الوحيد للأسرة، ووفقًا لآخر الإحصاءات فإن هناك 119 طفلاً ذكراً مقابل كل 100أنثى مما يهدد بتفاقم التمييز بين الجنسين، بل إن المشكلة الأكبر عندما تنجب الأسرة أنثى وتختار عدم تسجيلها سواء أملاً في إنجاب ذكر (إذا كانت المولود الأول) أو خشية الغرامة المالية الكبيرة (إذا كانت المولود الثاني) فتعيش تلك المخلوقة بلا أي حقوق.
ويقول أحد المراقبين إن قاعدة الهرم السكاني في الصين باتت هشة للغاية، فوفقاً للبيانات المنشورة في 2005، كانت نسبة عدد السكان أقل من 30 عاماً لا تتجاوز 29.3%، وهي نسبة منخفضة للغاية بمقاييس الدول النامية، ومع تراجع أعداد قوة العمل وتزايد أعداد الشيوخ، ستصبح الصين في ورطة كبيرة. وتحتاج الصين إلى طفرة في أعداد المواليد لزيادة عدد السكان الذين يمكنهم أن يقوموا بإعالة جيش الشيوخ المتزايد في الصين.