x

أحمد مهدي الديواني رؤيــة مــن الـواقــع 2- 2 أحمد مهدي الديواني الإثنين 11-11-2013 21:20


يجـب ألا تشغلنا بعض الأحداث والتجاوزات التى يخشى البعض أن تكون معطلة لمسيرة التغيير الثورى المنشود، عن تقدير الموقف بحكمة وروية حتى يتسنى لنا تفهم عوارضه واستيعاب أبعاده، ولا نحيد من ثم عن استشراف المستقبل الذى يـجب أن نخطط له بكل تـفرغ وعناية.

ذلك أنه من الأهمية بمكان أن يبذل الشعب المصرى وحكومته غاية ما فى وسعهما لتحقيق أقصى استفادة مما انتزعته الثورة للمصريين من حرية وكرامة ومقدرة على تحديد المصير.

لقد أشعل هذه الثورة شباب مصر مصراً على النهضة والتضحية فى سبيلها، وكان أن التفت حوله جموع الشعب، فقويت العزيمة وزاد الإصرار، ثم تطلب الأمر تصحيحاً لما انحرف إليه المسار، وأسقط الشباب للمرة الثانية نظاماً فاشلاً خان الأمانة، وناصرهم جيش مصر بقادته الشرفاء الذين أقسموا لحماية الوطن وليس لنظام حكم. فكان أن اجتذبت ثورة مصر العظيمة، بما تجلت فيها من حضارتها الأصيلة، اهتمام العالم بين منصف برؤية صادقة ومعارض مغرض لغاية غير مشروعة. واستعاد الشعب شرعيته واتجه إلى نظام مؤقت تعلوه أكبر قامة دستورية فى البلاد، وهو رئيس المحكمة الدستورية العليا، بهدف إرساء القواعد الدستورية الأصيلة التى تتحقق بها آمال هذا الشعب فى حكم ديمقراطى سليم. وسعى رئيس الدولة بحكمة واقتدار إلى إقامة البناء الدستورى للبلاد على النحو الذى يحقق أهداف الثورة.

وأيقن الجميع أن بناء مصر الحديثة على الأسس التى نادت بها الثورة «حرية وكرامة وعدالة اجتماعية تحت حكم ديمقراطى سليم» لن يتحقق إلا بالتواصل المثمر بين الحكومة مع الشعب مصدر السلطات. غير أنه من الطبيعى أن هذا التواصل لن يجد أمامه طريق الإنتاج ممهداً من بدايته.

ومن الوارد فى هذه المرحلة الحرجة أن أى مسؤول قد يتردد فى خوض تغيير متكامل فى إدارة شؤون البلاد مهما كانت ضرورته، بحسبان أن الأوضاع لا تتحمل المخاطرة، وبالتالى قد يرى الالتجاء إلى تدابير وقتية طارئة والسير حثيثاً إلى استكمالها على خطوات إلى أن يتم اجتياز الأزمة ويتسع الوقت من بعد لتنفيذ الإصلاح الشامل المطلوب. غير أننى أرى أن الاختيار بين الإقدام على الإصلاح السياسى أو التأنى فيه لصالح الإنقاذ الاقتصادى غير سديد.

غير أنه جدير بالاهتمام فى ظروفنا الحالية أن ثمة مخاطر تفرض نفسها على الدولة ككل، شعباً وحكومة، وهى إصرار بعض العناصر المغرضة على تقويض الأمن وإشـاعة الفوضى وإثارة الفتن وإطلاق الشائعات، والتخريب وقطـع الطـرق، وتمكين الإرهاب بأسلحته والاستعانة ببعض ضعاف النفوس الطائشة، ومحاولة تعطيل الدراسة بالجامعات والتطاول على أئمتها، وتشويه صورة الدولة بصورة عامة لإظهارها بمظهر العاجز عن فرض الأمن والاستقرار، وذلك إلى جانب الاستقواء بالخارج للتدخل بحسبانه الأقدر على وقف هذه الفوضى المصطنعة فى بلد استراتيجى موضع اهتمام العالم بأسره، وتلك ردة وخيانة للوطن تستوجب مواجهة حاسمة تلح بالتصدى لها بحزم وردع، مع سرعة تطبيق القانون على هؤلاء الخوارج. ولولا الجهود التى تبذلها سلطات الأمن بدعم من قواتنا المسلحة الباسلة لوجد هذا المسعى الإجرامى طريقه. ومع أنه لم يتمكن من تحقيق مبتغاه، إلا أنه اتجه إلى الانحراف باهتمامات الشعب والإدارة كليهما إلى مشاغل جانبية تؤدى إلى الانقسام والفرقة، ومن ثم تعطل مسيرة الإصلاح. ولذا أصبح من الأهمية بمكان أن يطرح الشعب هذه المحاولات المغرضة ويتجه بوعى كامل إلى العمل والإنتاج وألا تعطله تلك الأمور الفاشلة عن مقتضيات الصالح العام للبلاد، التى تستوجب معاونة رجال الأمن، حيثما أمكن ذلك، فى القضاء على تلك العناصر الإجرامية بدافع وطنى صادق.

لقد أيقظت الثورة فينا عديداً من معانى الوعى والكرامة الحقة، فلابد أن نعى أن الحرية لا يمكن أن تكون مطلقة عمياء، ولن تكون حقاً مكفولاً ما لم تقترن بما يكبح جماحها عن المساس بحرية الآخرين وإلا انقلبت إلى أنانية الفوضى.

وأن الحق لن يكون مصونا ما لم يقترن باحترام حقوق الآخرين.

وأن الواجب مقدس طالما أنه يلبى احتياجات صاحبه من خلال الاستجابة إلى متطلبات المجتمع الذى يعيش فيه.

عاشت مصر حرة أبية وعاش شعبها بأصله وحضارته، فهى لن تسقط أبداً.

* مستشار بالمعاش

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية