x

محمد سلماوي أين الأمن؟! محمد سلماوي الإثنين 07-10-2013 21:02


فى نفس اليوم الذى قرأت فيه عن اختطاف رجل مسيحى مُسن بمنطقة الوراق وابتزاز ابنه رجل الأعمال إليا زكى، عن طريق طلب فدية قدرها 3 ملايين جنيه، وصلتنى على بريدى الإلكترونى رسالة حزينة من أحد الأقباط بأسيوط يقول فيها إن شقيقه وابن عمه قتلا منذ ثلاثة أسابيع لرفضهما دفع إتاوة لمجرمين بقرية الشامية بساحة سليم.

ويقول صاحب الرسالة الذى أرسل لى اسمه، لكن لم أستأذنه فى نشره، إن «والدينا ربيانا على أن نكون أحراراً لا أذلاء، وهو ما دفع ثمنه أخى وابن عمى اللذان رفضا المثول للابتزاز، وهو ما لا أعلم الآن إن كان خطأ أو صواباً، فقد تم قتلهما أمام أطفالهما وزوجتيهما بطريقة وحشية لا يعرفها مجتمعنا».

ويتساءل صاحب الرسالة: «هل الحياة هى حق ليس من حقوقنا؟ هل يجب أن ندفع إتاوة حتى نعيش؟ وما هو الجرم الذى ارتكبناه؟ لقد اخترنا أن نعيش أحراراً شرفاء، لأنه ليس بسلطان لبلطجى على أعمارنا، لقد اخترنا ألا نستسلم لمن يقومون بترويع الأقباط، فهل تكون حياتنا هى الثمن؟».

ثم يقول: «لقد كان شقيقى فى زيارة لى فى القاهرة قبل يومين فقط من الغدر به، وقال لى إنه يتمنى أن ينعم بالحرية قبل أن يفارق الحياة، وكان ردى: حتى وإن لم نر الحرية فى حياتنا فسيراها أولادى وأولادك، وبعد يومين ما رآه أولاده كان والدهم وهو يقتل أمامهم لا لسبب إلا أنه قرر أن يكون حراً شريفاً، أليس من حقنا أن نحيا أحراراً؟ أليس هذا مشروعاً لنا؟ يا سيدى، لا تسعفنى الكلمات كى أعبر عما تجيش به نفسى حزناً على ما يجرى من حولنا لكثيرين غيرنا بصعيد مصر نتيجة لثقافة تكفيرية وإقصائية وليدة سنوات مضت لا يبدو أننا نملك حيالها شيئاً، إن كنت مخطئاً فقل لى بربك، يا سيدى، ماذا نملك من فعل إزاء ما يحدث لنا؟!».

لقد أعدت كتابة الرسالة كما وصلتنى لما فيها من ألم يعتصر قلب كل مصرى حريص على وطنه وعلى قيم هذا الوطن صاحب الحضارة العريقة، الذى أراد البعض أن يحطموه، وأن يهدموا حضارته الإنسانية النبيلة التى لم تعرف قط الفرق بين القبطى والمسلم، وهو ما أقر به كل من عاش على أرضها، لقد كتب المندوب السامى البريطانى اللورد كرومر فى مذكراته أنه وجد أن الفرق الوحيد بين المسلم والمسيحى فى مصر هو أن الأول يصلى فى المسجد، والثانى فى الكنيسة، وقد كان الرجل المُسن الذى اختطف فى الوراق فى طريقه للكنيسة ليحضر قداس الأحد، أما ابنه الذى تم ابتزازه، فهو مصرى وطنى تحمل تكلفة منصة ميدان التحرير يوم 30 يونيو، فهل كان هذا هو ذنبه.

إن قبط مصر الذين أوصى بهم نبى الإسلام - عليه الصلاة والسلام - لم يترددوا فى دفع حياتهم فداء لمصر، وتلك المناسبة المجيدة التى نحتفل بذكراها الـ40 هذه الأيام كانت مثالاً، لكن يبدو أن البعض لم يدرك بعد أن ثورة 30 يونيو أسقطت هذا الفكر التكفيرى المتخلف، وواجبنا اليوم أن نقف له بالمرصاد حتى لا يعود من الباب الخلفى، لكن على أجهزة الأمن قبلنا أن تقوم بواجبها هى الأخرى.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية