x

أهالي شهداء «محمد محمود»: «الداخلية» قتلت ولادنا.. و«مرسي» باع دمهم

الإثنين 18-11-2013 20:19 | كتب: عمر عبد العزيز |

للمرة الثانية بعد وفاة ابنه، قرر محمود أحمد، والد الشهيد أحمد 23 سنة، أول شهداء شارع محمد محمود، النزول مره أخرى والوقوف أمام مجمع التحرير فى نفس المكان الذى لفظ فيه ابنه أنفاسه الأخيرة، فى محاولة منه لاستعادة آخر المشاهد التى رآها ولده الشهيد. يقول: «الشارع ده دم ابنى فيه وأنا هانزل فيه فى كل سنة تخليدا لذكراه لحد أما يرجع حقه».

«المسؤولون عن الأمن هم السبب فى وفاة ابنى، ومش عارف إزاى هما عاوزين يحتفلوا باللى حصل»، ترتفع حدة الغضب فى صوت والد الشهيد وهو يلقى بعبارته تعليقا على بيان وزارة الداخلية الذى دعا إلى إقامة احتفالية بميدان التحرير فى ذكرى أحداث محمد محمود، مقدما التعازى لكل شهداء الثورة، ومؤكدا أن الداخلية تقوم بدورها فى حماية مقدرات الوطن، مشددا على احترامها لإحياء ذكرى جميع الشهداء، تخليدًا لدورهم فى مسيرة العمل الوطنى، حسب بيان الوزارة.

«أتعهد لأمهات الشهداء بإعادة محاكمة المتهمين بأدلة اتهامات جديدة وقوية، وشهداء الثورة فى رقبتى».. كلمات استخدمها الرئيس المعزول محمد مرسى فى إعلاناته الانتخابية أثناء ترشحه للرئاسة، ولم يقم بتنفيذها إلى أن ذهب هو الآخر إلى السجن، الأمر الذى علق عليه «محمود» قائلا: «مرسى اتكلم كتير عن حقوق الشهداء وقال إنه هيعمل حاجة كويسة للبلد وهيرجع حقوق الشهداء ويقدم القتلة إلى المحاكمة، بس مفيش حاجة حصلت والناس كلها خدت براءة، ومرسى نفسه دخل السجن، ولغاية دلوقتى محصلش قصاص عادل».

عبدالناصر قطب، والد الشهيد إبراهيم، أصغر شهداء شارع محمد محمود، لم يختلف حاله عن حال محمود أحمد، حيث إنه مع اقتراب موعد الذكرى الثالثة أعد عبدالناصر نفسه للنزول مرة أخرى إلى نفس الشارع الذى شهد آخر لحظات حياة ابنه. يقول عبد الناصر: «أنا بستنى اليوم ده كل سنة عشان أنزل فى نفس المكان ونفس الساعة اللى ابنى مات فيها، وأنا حاسس بيه كإنى لسا دافنه امبارح، وكل لما أبص لأخوه التوأم أفتكره وأعيط».

إبراهيم ابن السادسة عشرة كان يذهب إلى التحرير دون علم أبويه، مع أخيه التوأم بعد انتهاء اليوم الدراسى للصف الثانى الثانوى. يقول عبدالناصر عن ابنه: «إبراهيم حضر التيرم الأول بس، وملحقش يكمل السنة، وأنا كنت فاكر إنه بيشاهد المظاهرات فى الأيام الأولى للثورة على اليوتيوب، وفى التليفزيون هو وتوأمه، وكنت أمنعهما أحيانا من النزول إلى الميدان خوفا عليهما، ولكن علمت بعد وفاته أنهما كانا يذهبان إلى ميدان التحرير يوميا فى الـ18 يوماً الأولى للثورة».

ذهب إبراهيم إلى ميدان التحرير يوم 21 نوفمبر وقال لى إنه ذاهب إلى درس خصوصى فى اللغة الإنجليزية بالعباسية ولكن فوجئت باتصال فى نفس اليوم حوالى الساعة السادسة والنصف مساء من زملائه بأن «إبراهيم تعب ونقلناه على القصر العينى وإسماعيل أخوه معاه وقالى ساعتها إبراهيم لسه فيه النفس يا بابا». يكمل الأب: «ذهبت إلى القصر العينى ووجدت ابنى موضوعا على أجهزة تنفس صناعى ومات فى الحال من رصاص خرطوش أصاب رأسه تسبب فى تهتك فى المخ وتم إثبات ذلك فى تقرير المستشفى».

«قتل مرتين» يقول عبدالناصر، واصفا ما حدث لابنه، ثم يضيف بعد أن يصمت لبرهه من الوقت محاولا تمالك نفسه: «ابنى مات لما الداخلية قتلته أول مرة، والمرة الثانية لما محمد مرسى فرط فى حقه». وعن رأيه فى بيان وزارة الداخلية الداعى إلى النزول إلى ميدان التحرير للاحتفال بذكرى الأحداث التى شهدها شارع محمد محمود: «الداخلية بتقتل القتيل وبتمشى فى جنازته.

بصوت خفيض جاء صوتها عبر الهاتف، الحاجة تهانى راشد، والدة الشهيد سيد جابر محمد الذى قتل يوم 19 نوفمبر فى شارع محمد محمود أثناء التظاهر للاعتراض على تأخر المجلس العسكرى حينها فى تسليم السلطة للمدنيين. تقول والدته: «ابنى كان عنده 27 سنة، وكان بيشتغل مندوب مبيعات، ونزل عشان يهتف عيش حرية عدالة اجتماعية، ولحد دلوقتى لا شوفنا حرية ولا عدالة، ومرسى بعد ما كان وعدنا بأنه هيرجع حقوق اللى ماتوا، كان هو السبب فى إن ناس تانية هى اللى تموت».

شارع يحمل اسم ابنها، هذا هو كل ما تطلبه الحاجة تهانى من الدولة التى لم تقدم أى شىء لابنها الشهيد. تقول: «أنا بقالى سنتين دايخة فى حى المرج وحى المعادى عشان أكتب اسم ابنى على شارع فيهم ومش عارفة»، وتضيف بعد أن تستعيد صوتها بعد نوبة من البكاء: «أنا بموت كل يوم ومحدش فى الدولة بيحس بيا، ودلوقتى كل اللى بتمناه من ربنا قبل ما أموت إن الحى بتاع المرج يوافق إنه يغير اسم شارع (الصرف الصحى) باسم ابنى الشهيد زى ما حصل مع الشهيدين جيكا وكريستى، ولا حتى الشهداء هيكون فى بينهم تمييز»، تصمت برهه من الوقت وتضيف مؤكدة كلامها السابق: «أنا مش عايزة تعويض من الدولة، ولا فلوس ولا شقق، كل اللى عايزاه هو تغيير اسم الشارع».

«من ساعة اللى حصل لابنى وأنا مبحبش أنزل شارع محمد محمود، واللى نازلين يحتفلوا دول حسبى الله ونعم الوكيل فيهم»، بهذه الكلمات بدأت دعاء على، والدة الشهيد أحمد محمد عبدالحميد، الذى توفى فى اشتباكات محمد محمود فى نوفمبر 2011، حديثها، وأضافت: «فى ناس بتقولى إن المسؤول عن موت ابنى هما الإخوان، وفى ناس تقول الداخلية، وأنا لحد دلوقتى مش عارفة مين المسؤول عن موت ابنى، ومحدش من الدولة سأل فيا، ولا قبض على المجرمين عشان يتقدموا للمحاكمة».

عن وعود الرئيس المعزول محمد مرسى الخاصة بالعمل على رجوع حقوق الشهداء قالت دعاء: «مرسى كان بيقول كده عشان يوصل للكرسى، وطول السنة اللى قضاها فى الحكم معملش حاجة للشهداء، ولغاية دلوقتى كل اللى قعدوا على الكرسى معملوش حاجة للشهداء، وبدل ما يرجعوا حق اللى ماتوا، بيكونوا السبب فى إن ناس تانية تموت».

«نفسى أعرف الداخلية نازله تحتفل بإيه»، تقول دعاء وهى تبدى دهشتها من البيان الذى أصدرته وزارة الداخلية للدعوة للاحتفال بالذكرى الثالثة لمحمد محمود، وتضيف: «الداخلية هى المسؤول الأول عمن ماتوا فى محمد محمود، فى العام الماضى توجهت للمشاركة فى إحياء ذكرى يوم استشهاد ابنى، بس لما حصل ضرب قدامى، وناس وقعت، افتكرت ابنى لما وقع بعد الرصاصة اللى صابته، وقلت أنا مش نازله المكان ده تانى».

القصاص والمصالحة هما الحلان اللذان تراهما دعاء مخرجا لتهدئة الأوضاع فى الشارع المصرى الآن، إلا أنها تستدرك حديثها عن المصالحة قائله: «طبعا ماينفعش نتصالح مع اللى إيديهم اتلوثت بالدم، وأنا عمرى ما هسامح اللى قتل ابنى، أنا أقصد إننا نتصالح مع الناس العادية اللى معملتش حاجة، ورغم كل شىء أداء الدولة ووزارة الداخلية فى ملف شهداء محمد محمود لا يوصف سوى بكلمة المهزلة، وحسبى الله ونعم الوكيل فى كل من فرط فى حق الشهداء».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية