قال المستشار فكرى خروب، الرئيس الأسبق لنادى قضاة الإسكندرية، رئيس محكمة الجنايات بالمحافظة: «إن القضاة لا يضمنون نزاهة وشفافية أى انتخابات مقبلة، سواء كانت رئاسية أو برلمانية أو مجالس محلية دون أن يشرفوا عليها من البداية للنهاية، وتكون مسؤوليتهم كاملة بدءاً من صناديق الاقتراع وحتى فرز الأصوات وإعلان النتائج»، واعتبر خروب خلال حواره لـ«إسكندرية اليوم» أن استقلال القضاء فى مصر مازال «منقوصاً» وأن بقاء جهاز التفتيش القضائى فى وزارة العدل وتبعيته لإشراف المستشار ممدوح مرعى، وزير العدل، يعد «مساساً» بالسلطة القضائية، لافتاً إلى أن مد قانون الطوارئ «سبُة فى جبين النظام»، وإلى نص الحوار ..
■ فى البداية ما رأيك فى استقلال القضاء فى مصر، خاصة مع تباين آراء شيوخ القضاة حول هذة القضية بين من يرى وجود استقلال تام ومنقوص؟
- فى تقديرى أن استقلال القضاء فى مصر مازال «منقوصاً» وأن القاضى يعيش الاستقلال التام بين جنبات نفسه، وأنه طالما أنه يتميز بصفة الاستغناء عن الغير فإن هذا ما يجعله مستقلا تماماً، لكن هذا لا يكفى لأن القضاة بشر، وكان من الضرورى أن تكون هناك قواعد ومبادئ وأحكام تجعل القاضى مستقلاً، خاصة أن الدستور ينص على هذا.
■ وما موقفك تجاه قانون السلطة القضائية الحالى؟
- هذا القانون يحتاج إلى العديد من الضمانات لكى يكون هناك استقلال تام وكامل للقضاء فى مصر من بينها نقل تبعية جهاز التفتيش القضائى من وزارة العدل إلى مجلس القضاء الأعلى، واستقلال ميزانيته ومواردها، ولتكن من رسوم الدعاوى، خاصة أن الميزانية بوضعها الحالى يتحكم فيها الدكتور يوسف بطرس غالى، وزير المالية.
■ هل يمكنا القول إن استقلال القضاء أقوال وليس أفعالاً؟
- كما قلت لك إن استقلال القضاء موجود بين جنبات كل قاض، لكن قانون السلطة القضائية الحالى فى حاجة ماسة إلى تعديل بعض مواده، بما يكفل ضمان استقلالية وحيدة القضاء فى مصر.
■ هناك أمور أخرى ترى أنها تجعل القضاء مستقلا من وجهة نظرك؟
- ما نطلبه نحن جموع القضاة لكى يكون القضاء مستقلا أن تكون ميزانية القضاة تابعة للمجلس الأعلى للقضاء وليس وزارة العدل، وأنا لا أقصد الميزانية كرقم، وإنما تتبع الميزانية بجميع مواردها مجلس القضاء وليس وزارتى العدل أو المالية، وتضم الغرامات والمصاريف القضائية والرسوم حتى لا يضطر القضاة إلى استجداء الميزانية من وزير المالية، فضلا عن نقل تبعية صندوق الرعاية الصحية والاجتماعية لمجلس القضاء الأعلى بدلا من وزارة العدل.
■ هل ترى أن رواتب القضاة تفى بمتطلبات الحياة المعيشية؟
- للأسف الرواتب مازالت لا تتناسب تماماً مع جهود وهموم القضاة ومازالت لا تلبى متطلباتهم واحتياجاتهم المعيشية.
■ البعض يقول إن المستشار ممدوح مرعى، وزير العدل، يتدخل فى عمل السلطة القضائية.. هل هناك بالفعل تدخل فى عملكم؟
- أولا دعنى أؤكد أنه نظرياً لم يحدث أن تدخل الوزير فى عمل القضاة على الإطلاق، ولم ألمس هذا كقاض، لكنه يتدخل من ناحية أخرى، وذلك عندما يرشح قضاة بعينهم من «المرضى عنهم» لرئاسة المحاكم الابتدائية، فهو الذى يملك قرار الندب ابتداء، كما يملك قرار إنهاء الندب، وبالتالى إذا لم يكن القاضى الذى تم ندبة لرئاسة محكمة ابتدائية مثلا محل رضا وثقة الوزير يتم إنهاء ندبه فوراً، وهو ما يؤثر بالسلب فى استقلال القضاء.
■ هذا يعنى وجود تدخل للوزير فى عمل السلطة القضائية؟
- بالطبع، فالوزير لا يندب غير المرضى عنهم لشغل هذا المنصب، وأنه لا يسعى لتعيين قاض لرئاسة محكمة إلا إذا كان مرضياً عنه، لأن القاض المنتدب من الوزير كثيراً ما يمنح مكافآت وامتيازات كثيرة بسبب هذا الندب إلى جانب راتبه الشهرى.
■ هل بقاء جهاز التفتيش القضائى تحت إشراف وزير العدل يعد مساساً بالسلطة القضائية أم لا؟
- نعم، بقاء تبعية الجهاز للوزارة وليس مجلس القضاء الأعلى يعد مساساً بعمل السلطة القضائية، لأنه يتبع مباشرة لإشراف الوزير ذاته.
■ هل الوزير يتدخل فى عملكم فى صورة طلب إصدار حكم معين أو التنحى عن نظر قضايا معينة لصالح السلطة التنفيذية، كما يردد البعض؟
- لا يستطيع وزير العدل أن يتدخل ويطلب من قاض أن يصدر حكماً معيناً لصالح السلطة التنفيذية، أو أن يتنحى القاضى عن نظر قضية معينة على الإطلاق، لأن القاضى يملك رفض أى تدخل من أى جهة.
■ هل يمكن أن نقول إن السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التنفيذية؟
- لا طبعا، السلطة القضائية مستقلة شكلا فقط والقانون يحتاج إلى العديد من التعديلات على مواده تخدم هذا التوجه، خاصة ما يتعلق بجهاز التفتيش القضائى والميزانية وصندوق الرعاية الصحية والاجتماعية للقضاة.
■ متى نقول إن القضاة يعيشون أزهى عصورهم؟
- «ضاحكاً»: القضاة لم يعيشوا على الإطلاق أزهى عصورهم، وقد يتحقق ذلك إذا ما تم تعديل قانون السلطة القضائية بوضع ضمانات استقلالهم السالف ذكرها، فضلاً عن النص على عدم جواز ندبهم للعمل بأى من الوزارات والمحافظات، فلا يقبل القضاة أن يكون أحدهم تابعا بصورة أو بأخرى لأحد أعضاء السلطة التنفيذية.
■ نريد أن نتحدث بتوسع عن إقصاء الإشراف القضائى على الانتخابات المقبلة سواء كانت رئاسية أو برلمانية.. وما خطورة هذا الإقصاء، خاصة أنه يفتح الباب للتشكيك فى نزاهة الانتخابات؟
- الشعب المصرى منذ القدم ينظر بألم وحزن إلى جميع الانتخابات الماضية، وذلك لما شابها من تزوير، وعندما طلب منا الشعب أن نشرف على الانتخابات لم نتأخر لحظة، على الرغم من أن الإشراف القضائى على الانتخابات ليست ميزة للقضاة وإنما زيادة فى المسؤولية والجهد، لكن هى رغبة وإرادة الشعب، وما كان لنا أن نرفض على الإطلاق، لكن شريطة أن نكون نحن القضاة المشرفين الحقيقيين على أى انتخابات لضمان النزاهة والشفافية.
■ هذا يعنى أنه إذا لم يكن إشرافاً قضائياً كاملاً على الانتخابات لن تتحق النزاهة والشفافية؟
- أنا أقولها لك لا ضمان لنزاهة الانتخابات المقبلة سواء الرئاسية أو البرلمانية أو المجالس المحلية دون إشراف قضائى كامل وتام عليها من بدايتها إلى نهايتها، بجعل قاض لكل صندوق والاقتراع السرى المباشر وتوزيع وإعداد اللجان والدوائر وتنقية الجداول الانتخابية للناخبين، وتعيين قاض لكل صندوق، وحتى نقل الصناديق من اللجان الفرعية إلى اللجان العامة انتهاء بفرز الأصوات وإعلان النتائج، وأن يكون القضاة ممن يتبعون القضاء الجالس مثل مجلس الدولة والمحكمة الدستورية ومن يجلسون على منصة العدالة.
■ إذن ما رأيك فى الإشراف القضائى الموجود حالياً وهل القضاة شركاء فى هذا أم لا؟
- أولا نحن بريئون من هذا الإشراف الذى تدعى الحكومة أنه إشرافاً قضائياً، وبالتالى فإننا غير مسؤولين عن وزر ما سينتج عن العملية الانتخابية، ولن نضمن نزاهة أى انتخابات مقبلة فى ظل هذا الإشراف، لأنه إشراف قضائى صورى وشكلى وليس حقيقى ولم يعبر عن إرادة ورغبة الناخبين والشعب وكلنا بريئون من نتائجه.
■ وبدون الإشرف القضائى التام والكامل ماذا يحدث؟
- لا الشعب ولا القضاة يملكون ضمان نزاهة الانتخابات دون الإشراف الحقيقى والكامل والفعال للقضاة، لأن العملية الانتخابية لا تتم فى نزاهة ولا تجرد تام دون هذه الضمانات ولن تكون معبرة عن رغبة وإرادة الناخبين والشعب.
■ هل ترى أن الإشراف الحالى «خدعة» من الحكومة؟
- هو خدعة قطعاً.
■ إذن لماذا تقبل الحكومة على هذا النوع من الإشراف طالما أنه لا يعبر عن إرادة الشعب ورغبة الناخبين؟
- لكى تتباهى أمام الدول الخارجية أن فى مصر ديمقراطية وإشرافاً حقيقياً على الانتخابات بالمخالفة للواقع.
■ هل ترى أن هناك ضغوطاً خارجية تحديداً من أمريكا لإقصاء الإشراف القضائى على الانتخابات؟
- لا أعلم إذا كانت هناك ضغوط بالفعل من جانب أطراف أو جهات خارجية لإقصاء الإشراف القضائى على الانتخابات من عدمه، لأننى لست وزيراً للخارجية، لكن ما يثير ألمى وحزنى مثل سائر أفراد الشعب السلبية الموجود لدى الناخبين فى العزوف عن الإدلاء بأصواتهم فى الانتخابات.
■ نريد أن نعرف رأيك فى براجرافات صغيرة عن علاقة القضاة بوزراء العدل الثلاثة، فاروق سيف النصر ومحمود أبوالليل وممدوح مرعى؟
- أولا المستشار فاروق سيف النصر، وزير العدل الأسبق هو فى ذمة الله، وعلى الرغم من أنه كان دمث الخلق إلا أنه لم يلب متطلبات القضاة فيما يتعلق باستقلال القضاء على الرغم من مكوثة أكثر من 15 عاما على كرسى وزارة العدل، أما المستشار محمود أبوالليل، وزير العدل السابق، فله الفضل فى كونه أول من رحب باستقلال ميزانية القضاة عن وزارة العدل وضمها إلى مجلس القضاء الأعلى، وهذا يحسب له بلا شك، بينما «مرعى» فغفر الله لنا وله، لأننى لم أر فى حياتى وزيراً للعدل يرفض لقاء القضاة والتعامل مع نواديهم على الإطلاق، فهو للأسف الشديد قطع «شعرة معاوية» المتبقية بينه وبين جموع القضاة، ولم يبذل جهداً فى تحقيق ضمانات استقلال القضاء المشار إليها، بل إنه سعى إلى توسيع مجلس القضاء الأعلى بضم رئيسى محكمتى شمال وجنوب القاهرة الابتدائيتين إلى المجلس، وهو أمر يصعب قبوله.
■ وهل هذا فى صالحكم أم لا؟
- هذا خير لأننا لا نريد علاقة كاملة بيننا وبين وزارة العدل.
■ تسبب قرار مد العمل بقانون الطوارئ فى إثارة حفيظة العديد من الشعب والمثقفين والقضاة، ما رأيك؟
- قانون الطوارئ يعد سبُة فى جبين النظام والشعب لم يعد يصدق أى قرار يصدر عن الحكومة، لأنه فقد الثقة فيها، والقانون تم إقراره إثر حادث معين وهو اغتيال الرئيس أنور السادات، الذى عرف إعلاميا بـ«حادث المنصة» فقط لمعرفة أسباب وتداعيات الاغتيال، وتمت معرفة ذلك فى غضون أشهر بعد الحادث، وكان من المفروض أن يتم إلغاء العمل به إلا أن هذا لم يحدث حيث تم مده عاماً بعد آخر، حتى وصل إلى أكثر من 30 عاماً ولا أتخيل دولة فى العالم كله تعيش تحت قانون الطوارئ طوال هذة المدة إلا مصر فقط، لأنه يعنى أن الحاكم ونائبه يمتلك فى يده سلطات تنفيذية وقضائية وتشريعية عديدة بموجب أحكام هذا القانون.
■ ما تقييمك لأداء مجلس المستشار محمد عزت عجوة، رئيس نادى قضاة الإسكندرية؟
- المجلس لم يعد لديه دور على الإطلاق فيما يتعلق بشؤون القضاة ومشكلاتهم، وأصبح مقصوراً على الأعمال الإدارية وتقديم خدمات الرحلات للأعضاء فقط، فهموم القضاة أكبر بكثير من الأعمال الإدارية التى يقوم بها النادى حاليا ومن الممكن أن أقول إنه أصبح نادياً خدمياً بسيطاً.
■ البعض يقول إن النادى يعيش مرحلة ما تسمى «البيات الشتوى» هل هذا صحيح؟
- لا هو يعيش فى «بيات دائم» صيفى وشتوى.