أكد «ليونيد إيسايف»، رئيس الوفد الشعبى الروسى، أن مصر عادت بعد ثورة 30 يونيو إلى الاستقلال مجدداً، برفض الخضوع للولايات المتحدة الأمريكية، وأضاف أن العلاقات العسكرية بين مصر وروسيا تعود بقوة، خاصة فى مجال التقنية العسكرية، فيما أشار إلى أن إسرائيل تبدى قلقاً من تطور هذه العلاقة، وأضاف «إيسايف» أن الفريق أول عبدالفتاح السيسى أنقذ مصر من حرب أهلية، واتخذ مواقف تاريخية استجابة لثورة الشعب المصرى.
وإلى نص الحوار:
■ ما الهدف من زيارة مصر فى هذا التوقيت؟
- تأتى هذه الزيارة للاحتفال بمرور 70 عاماً على العلاقات المصرية الروسية، حيث بدأنا فى فعاليات هذه المناسبة، منذ 3 أسابيع بصحبة الوفد المصرى، كما تهدف الزيارة لمواصلة تعميق التعاون المشترك، كما حضرنا لنشاهد التغيرات التى لحقت بمصر بعد ثورة 30 يونيو، ونسعى لإحياء العلاقات الدبلوماسبة بين البلدين بعدما انخفضت بشكل ملحوظ فى عصر الرئيسين السابقين حسنى مبارك وأنور السادات، إلى جانب ترسيخ التواصل الثقافى والحضارى بين الشعبين، لذلك نحرص على زيارة المسؤولين المصريين وكذلك شيخ الأزهر والبابا تواضروس لتعميق الحوار.
■ تتزامن زيارتكم مع زيارة وزيرى الخارجية والدفاع الروسيين «سيرجى لافروف» و«سيرجى شويجو»، فى رأيك ما الهدف الأساسى من زيارتهما؟
- لكل منا هدف، حيث يريد الوزيران رفع المستوى التعاون التقنى العسكرى بين البلدين، وهى مسألة مهمة جداً، لأن روسيا بدأت تتجه للوطن العربى وتصدر له السلاح، حيث تعتبر الجزائر المستورد الأول للسلاح الروسى، وأيضاً فى نهاية العام الماضى وقع «نور المالكى»، رئيس وزراء العراق، عقداً للتعاون العسكرى، كما يتم التواصل مع اليمن لدعمها عسكرياً، وبعد سقوط نظام الرئيس السابق، محمد مرسى، أصبح من الطبيعى أن تلجأ مصر لروسيا كحليف لها، ولذلك تأتى أهمية الزيارة لتعميق التعاون العسكرى معها، خاصة بعد توتر العلاقات المصرية الأمريكية وتهديد واشنطن لمصر بعد ثورة 30 يونيو بتعليق المعونات العسكرية.
وزيارة وزير الدفاع الروسى «سيرجى شويجو»، إلى مصر ستركز على مناقشة قضايا التعاون فى المجالات الحربية والتقنية العسكرية، وروسيا ستساعد مصر على معرفة التطورات التكنولوجية الحديثة فى مجال التسليح والمعدات الحربية، حيث كانت مصر تعتمد بشكل أساسى على موسكو فى مجال التسليح، فى عهد الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر وبداية عصر السادات، ولكن الأخير تخلى عن الدعم الروسى ولجأ للولايات المتحدة شريكا أساسيا، واتبع الرئيس الأسبق «حسنى مبارك» الأسلوب نفسه، ولكن الأمر الآن أصبح مشكلة لمصر، خاصة بعد عدم وضوح موقف الولايات المتحدة التى ابتزت مصر بتهديدها بوقف المعونة، لكن مصر لم تستجب لهذا الأسلوب لأنها دولة ذات سيادة وترفض أن تؤثر أى دولة على استقلالية قرارها.
■ ما أهم النتائج التى تحققت على أرض الواقع بعد زيارة الوفدين الشعبيين المصريين روسيا على مدار الأسابيع الماضية؟
- تحقق بالطبع العديد من النتائج المهمة، خاصة على المستوى الدبلوماسى والاقتصادى، وسنلتقى بالوفود المصرية التى سافرت، وسنعلن بدقة نتائج زياراتنا خلال مؤتمر صحفى كبير للتأكيد على أهمية العلاقات المصرية الروسية.
ومصر أصبحت تعلم أن العالم الآن متعدد الأقطاب، ومن حقها السعى لتقوية العلاقات مع شركائها، خاصة الصين وروسيا، لأنها ترفض أن تكون على علاقة «السيد والعبد»؛ فهى دولة مستقلة وذات سيادة، وتريد التعامل بعلاقة «الند بالند»، وترفض أن تكون خادماً للولايات المتحدة الأمريكية، كما أن الأحوال تغيرت فى مصر بشكل جوهرى بعد ثورة 30 يونيو؛ لذلك من الطبيعى أن تبدأ مصر فى البحث عن علاقات قوية مع أكبر دول العالم، وواشنطن أصبحت لا تعى حقيقة ما يحدث فى مصر، ولم تتوافر لديها القدرة على التكهن والنظر للمستقبل، لذلك أمام مصر فرصة تاريخية لإعلان سيادتها واختيار علاقتها الخارجية بحرية.
ومستقبل العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وموسكو سيسير نحو الأفضل، فحجم الاستثمار بين البلدين وصل العام الماضى لـ3 مليارات دولار، وهذا رقم قليل بالنسبة للرقم المنشود، خاصة أن العلاقة بين البلدين أكبر من ذلك، وبالطبع توتر الأحداث السياسية فى مصر أدى لانخفاض التعاون الاقتصادى، لكن بمجرد العودة للاستقرار ستعود الأمور إلى طبيعتها وسيقبل المستثمرون الروس بقوة على الاستثمار فى مصر، وتعامل روسيا الاقتصادى مع مصر يتركز أكثر فى مشروعات الطاقة الكبرى.
■ ما الهدف الذى سعت روسيا لتحقيقه من دعمها ثورة 30 يونيو؟
- بعد انهيار الاتحاد السوفيتى تم إخراجنا من الشرق الأوسط والعالم العربى وتفككت العلاقات مع حلفائنا فى مصر والجزائر واليمن وليبيا والعراق، ولكن مع كل هذه الظروف الصعبة استطعنا الحفاظ على مكانتنا إلى حد كبير خاصة بعد أزمة سوريا، حيث ساهم موقف موسكو فى إنقاذ سوريا من خطر الإرهاب، ومن هذا المنطلق استطعنا توثيق العلاقات مع الدول المجاورة كلبنان والعراق، ولجأت هذه الدول لروسيا كدرع حماية لها، بفضل نجاح الدبلوماسية الروسية.
وبطبيعة الحال أيضاً شاهدنا أن مصر تنظر لروسيا كمساعد لها وللدفاع عنها وحمايتها من أخطار فى نزاعات قد لا تحمد عقباها، لذلك دعمت روسيا مصر لتحقيق التحول الديمقراطى.
ولكن البعض يفسر العلاقات العسكرية بين مصر وروسيا على أنها رغبة من الأخيرة فى إنشاء قاعدة عسكرية فى مصر مشابهة لقاعدة طرطوس فى سوريا، وهذا كلام غير صحيح، وقاعدة البحيرة فى طرطوس لا تستخدمها روسيا بشكل عملى، وهى فارغة ونادراً ما تدخلها البواخر، ونحن بصراحة نضحك من الكلام الذى تتناقله وسائل الإعلام عن رغبة روسيا فى عمل قاعدة عسكرية لها فى مصر، لأنه عار تماماً عن الصحة.
■ نشرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أن هناك قلقاً إسرائيلياً بسبب تطور العلاقات المصرية الروسية، كيف ترى ذلك؟
- هذا ليس أمراً جديداً على إسرائيل، وبالطبع لا يصب فى صالحها، فهى تشعر بالتوتر بعد تغير الأوضاع فى مصر، لأنها خلال الـ3 سنوات الماضية وبعد ثورات الربيع العربى بدأت تخشى من شن هجوم عليها، بعد أن كانت مطمئنة فى عهد مبارك، بسبب معاهدة السلام، وكان تشعر بأن أحداً لن يتعرض لها فى المنطقة، لكن هذا الوضع تغير وقوانين اللعبة تغيرت؛
لذلك تمارس إسرائيل ضغوطاً لعدم إلغاء معاهدة السلام، وإذا تخيلنا قيام الفريق السيسى بإلغاء المعاهدة ستزداد شعبيته فى مصر بشدة وسيكتسح الانتخابات الرئاسية إذا ترشح.
■ كيف كنت ترى مصر فى عهد «مرسى»، وماذا عن محاكمته؟
- «مرسى» جاء بعد أول انتخابات رئاسية لثورة 25 يناير، لكن مصر فقدت استقلاليتها فى عصره، كما أنه كان من الواضح اعتماد مصر على الدعم الخارجى، خاصة من قطر؛ وهو بطبيعة الحال أمر سلبى وانعكس بنتائج سلبية على الاقتصاد المصرى، كما أن حكومة الدكتور «هشام قنديل» فشلت فى ملاحقة التحديات التى تواجه مصر؛ لذلك جاءت ثورة 30 يونيو إنقاذا لمصر، وبالنسبة للمحاكمات أرى أن الأهم فى طريق الديمقراطية هو نبذ العنف بكل أشكاله، وإذا أدت المحاكمات لمزيد من العنف والصراع فلا فائدة منها، وأتذكر تجربة «نيلسون مانديلا»، أول رئيس لجنوب أفريقيا، بعد نهاية نظام الفصل العنصرى عندما خرج من السجن بعد قضائه 28 عاماً، حيث عفا عن جميع من ظلموه.
وأما فكرة المصالحة السياسية مع النظام البائد فهى أمر جيد، لكنها لا تتم مع أطراف غير ملتزمين بالقانون أو يمارسون العنف، لكن من ثبت أنه لم يتورط فى عمليات عنف فلا مشكلة من عودته للسياسة مرة أخرى.
■ ما رأيك فى الفريق أول «عبدالفتاح السيسى» وزير الدفاع، وهل ترى فيه صورة الرئيس القادم لمصر؟
- «السيسى» منقذ مصر، لأنه لبى نداء الشعب فى أكبر ثورة شعبية، وأنقذ البلاد بالطبع من حرب أهلية، واتخذ خطوة جريئة لا يقدم عليها إلا الشخص القوى، فهو يظهر دائماً بروح معنوية عالية، وأمر ترشحه يعود لرغبته فى الدرجة الأولى، خاصة أن عمره ليس كبيراً ويحظى بشعبية كبيرة فى مصر، وأهم ما يميز السيسى هو الثبات فى كلمته ومواقفه.
■ بعض دول العالم، وعلى رأسها تركيا، لا تزال تروج أن ما حدث فى 30 يونيو انقلاب عسكرى، كيف ترى ذلك؟
- أولاً ما تحقق فى 30 يونيو لا ينطبق عليه مفهوم الانقلاب، لأن الشعب نزل فى جميع الميادين للمطالبة بحريته، كما أن الفريق السيسى أعطى لمرسى فرصة للإصلاح، لكن الأخير لم يستجب، لذلك من يصف الأمر بأنه انقلاب لا يعرف المعنى الحقيقى للثورة.
■ ما المخرج الحقيقى لأزمة مصر؟
- تنفيذ خارطة الطريق فى أسرع وقت، والاستفتاء على الدستور، وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، والعمل على نبذ العنف فى الشارع.
■ ماذا عن القضية السورية؟
- روسيا لا تزال متمسكة بأهمية الحل السياسى فى سوريا، وهو ما يلقى نجاحاً، وستكلل الجهود الروسية بالنجاح وتتجه الأوضاع نحو الاستقرار النسبى فى سوريا، لكن أرى أن موقف جامعة الدول العربية والدول المجاورة ضعيف، وليس بالشكل المتوقع بالنسبة للأزمة السورية.