فى قلب ميدان «الخازندار» بحى الموسكى، شيد الأخوان السوريان سليم وسمعان صيدناوى، المبنى الذى يحمل اسمهما على مساحة تبلغ 8530 متراً ليكون صرحا تجاريا ضخما بارتفاع 4 طوابق، وكان متخصصا فى بيع الأقمشة، والمنسوجات المصرية الصنع، والتى كانت تصنع فى الورش المملوكة لهما، وكانت المساحة المسطحة للطابق الواحد تبلغ حوالى 1700 متر.
كانت بداية سمعان محل صغير للخردوات فى منطقة الحمزاى بالأزهر، وبعد فترة حضر إلى مصر شقيقه الكبير سليم وشاركه فى المحل، ثم اتسعت تجارتهما وضاق بهما الدكان الصغير، فانتقلا إلى حى الموسكى واشتريا منزلاً قديما فى ميدان الخازندار وهدماه ليشيدا مكانه دكانا كبيرا، وبعد شهرة الشابين وحسن سمعتهما توسعا فى التجارة وقاما بتحويل المحل إلى صرح كبير هو تحفة معمارية فى البناء والتصميم والديكورات، وتم افتتاح محال سليم وسمعان صيدناوى رسميا عام 1913، ثم توالت الفروع فى الإسكندرية، والمنصورة، وطنطا وجميع محافظات مصر.
وروى الكاتب الكبير أحمد رجب قصة حدثت فى صيدناوى الخازندار تدل على حب سمعان لعمله وإتقانه وخلقه الرفيع، فقد كان يجلس أمام المحل ووجد إمرأة تخرج من المبنى غاضبة، وعندما سألها عن سبب غضبها أجابته بأن البائع رفض أن يبيع لها نصف متر من قماش «رمش العين» ثمنه 3 تعريفة، بسبب انشغاله، فما كان من سمعان إلا أن أحضر لها عاملا آخر ليبيع لها ما تريد، وبعد فترة وجد العاملون يحملون العديد من الحقائب لنفس المرأة التى خرجت مبتسمة، وعندما سأل سمعان عن السر أخبره العامل بأنها اشترت أقمشة بـ 9 جنيهات بسبب حسن معاملته.
وبعد قيام ثورة يوليو تم تأميم محال صيدناوى والتى يبلغ عددها 72 فرعاً، وأكثر من 65 مخزناً، ونظرا لقلة خبرة القائمين على الفروع، وعدم تحديث المحال والمنتجات، تدهورت الشركة، ولم يتم تجديد فرع الخازندار وهو الفرع الرئيسى إلا عام 1989.
من جانبه أعلن سمير غريب، رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، أن مبنى صيدناوى الخازندار مسجل برقم 03220000021 طبقاً للقانون رقم 144 لسنة 2006 بشأن المبانى ذات القيمة المتميزة، موضحاً أن إعادة ترميم المبنى تعتبر أول تعاون بين وزارتى الثقافة والاستثمار،
مشيراً إلى أنه تم الاتفاق بين الجهاز، والشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما، التى يتبعها صيدناوى، على تحويل فرع الخازندار إلى أول مجمع تجارى لعرض وبيع المنتجات الفنية والثقافية فى مصر، وتغيير استخدامه الحالى من محل كبير لبيع الملابس والأدوات المنزلية، إلى مركز تجارى متخصص فى تسويق المنتجات والعروض الثقافية والفنية، مثل الكتب، والفنون التشكيلية، والموسيقى، والسينما، والمسرح، والحرف اليدوية، والفنية، والاسطوانات، لافتاً إلى ضرورة إعادة تصميم المبنى من الداخل بشكل فنى جذاب لينسجم مع وظيفته الجديدة، مع الحفاظ على قيمته التراثية بكل مفرداتها.
وأضاف غريب أن الدكتور محمود محيى الدين، وزير الاستثمار، وافق على قيام الجهاز بتنظيم مسابقة عالمية لترميم وإعادة تأهيل المبنى، وإعادة التصميم المعمارى والتنسيق الحضارى للمنطقة المحيطة به، موضحاً أن الفائز فى المسابقة سيقدم حلاً لمشكلتين أساسيتين، الأولى داخل المبنى لإعادة تنظيم الفراغات والأماكن للترويج للمنتجات الثقافية، والثانية خارج المبنى، وتتعلق بالميدان، وواجهات البيوت المطلة عليه، وإيجاد حلول مناسبة لمشاكل المرور، والباعة الجائلين، وأماكن انتظار السيارات.