x

الحياة بعيدا عن أضواء الدين .. رمضان فى البارات

الجمعة 27-08-2010 22:45 | كتب: سارة نور الدين |
تصوير : تحسين بكر

فى رمضان وضعهم يختلف، إذ يشعر أغلبهم بحرج بالغ من مهنته، ليس من منطق أنها حلال أم حرام، لكن بمنطق هل تصح مع الصيام أم لا؟.. السؤال الذى عجز أغلب المسلمين العاملين فى البارات عن الإجابة عنه ما زال يتكرر كل عام بحلول شهر رمضان، بعضهم يتحايل على الوضع بالحصول على إجازات فى شهر الصيام، والآخر يواصل ممارسة مهنته، من منطلق أن أكل العيش صعب ولو لقينا غيرها كنا سيبناها على طول.

«عبدالحميد» الذى يعمل جرسوناً فى أحد أكبر المنتجعات السياحية فى الغردقة أجبرته ظروف مؤهله المتوسط وضيق ذات اليد وهروبه من محافظته قنا للبحث عن عمل على قبول أى وظيفة يجدها أمامه، وقد كان، ويروى: جيت للغردقة بعد ما خدت الدبلوم على طول عشان اشتغل فى بازار صغير بتاع واحد قريبى وهناك اتعلمت شوية روسى وابتديت اتعامل مع السياح من روسيا وأوكرانيا بس الشغلانة دى مكنتش بتجيبلى دخل ثابت.

وبسبب عدم استقرار حالة البازارات السياحية وتأثير العوامل الرسمية والضرائب وارتفاع أسعار تأجير المحال التجارية فى المناطق السياحية بشكل عام، يعتبرها الشباب الذين يعملون فيها مرحلة تؤدى بهم إلى مرحلة أخرى أكثر استقرارا، ويضيف «عبدالحميد»: «البازار اللى كنت شغال فيه ارتفع إيجاره ومبقاش جايب همه ومكنش قدامى ساعتها غير انى أرجع البلد إيد ورا وإيد قدام، وأول ما لقيت شغلانة السرفيس دى اشتغلت فيها، انا عارف انها حرام عشان الخمور بس ما باليد حيلة هى دى اللى قدامى وعلى قد إمكانياتى وهى اللى ممكن توفر لى مستقبل مضمون بعد سنين من الشغل».

يحكى «عبدالحميد» قصة أحد أصدقائه الذين يعملون معه، قائلا: كان بيشتغل معانا واحد زميلنا خريج كلية أصول الدين جامعة الأزهر وواحد تانى خريج شريعة وقانون وبيشتغلوا زيهم زينا بيصبوا الخمر ويخدموا الزباين الأجانب والمصريين اللى بيشربوا سواء فى المطعم أو البار، هما أكيد عارفين وأنا عارف إن فيها حرمانية بس هى دى اللى قدامنا وإلا هنروح بلدنا نقعد جنب اخواتنا البنات فى البيت وكل واحد فينا وراه مسؤوليات وبيحلم يستقر ويتجوز ويكون أسرة والبلد غرقانة فى البطالة ومفيهاش شغل وفيه ملايين من الشباب مش لاقيين شغل واحنا مش عايزين نبقى زيهم.

فى رمضان شهر القرآن، لا يستطيع هؤلاء الشباب قضاء ساعات للعبادة أو على الأقل الراحة من طول ساعات الصيام فى حر الصيف، فالعمل يبدأ من السادسة صباحا حتى منتصف الليل كأى يوم عادى ولا يحصلون على إجازة سوى أسبوع واحد بحسب قانون العمل وغالبا لا يستطيعون الحصول عليه كاملا ويكتفون بثلاثة أيام للعيد.

بعضهم قرر التحايل على وضعه، «وحوّش» إجازات العام كله لشهر رمضان بحيث يحصل على إجازة طوال شهر رمضان، وكما يقول «هيثم»: «أنا لما اشتغلت سرفيس فى الفنادق دى كنت عارف أنها شغلانة حرام عشان الخمور بس ساعتها مكنش قدامى غيرها فضلت 3 سنين اشتغل فى فندق كبير فى الغردقة، وكنت كل سنة أجمع أيام الأجازة كلها وآخد شهر رمضان كله أجازة فى بلدنا بين أهلى وناسى عشان كنت خايف على صيام الشهر الكريم وكنت حاسس ان ربنا مش هيقبل صيامى والحمد لله كانت المؤسسة اللى بشتغل فيها بتسمح بكده لكن فيه كتير من الفنادق والبارات لا تضع شهر رمضان فى اعتبارها والشغل فيها بيكون عادى زى أى شهر تانى».

«هيثم» أكد أنه تردد كثيرا فى قبول الوظيفة كسرفيس، وبعد كل رمضان يمر عليه كان يقرر تركها، لكنه لم يحالفه الحظ فى الحصول على وظيفة أخرى، لذا اضطر إلى الاستمرار فيها، لكنه وبعد 3 سنوات من العمل، استطاع أن يجمع مبلغا من المال وقرر أن يترك عمله فى البارات ويبدأ حياة جديدة، يقول عنها: اشتريت ميكروباص واشتغلت عليه بدل الشغل فى الحرام، لأنى من الأول قررت ان شغلانة «السرفيس» تكون مجرد مرحلة فى حياتى أقدر بعدها أبدأ فى شغلانة جديدة حلال بس معظم الناس اللى بيشتغلوا فيها بتاخدهم الأيام وينسوا نفسهم وكله عشان البقشيش اللى بيدفعه الأجانب بالدولار، أصل الفندق بيدى أعلى مرتب 1200 جنيه شهريا للمصرى واللى بيكمل فى المهنة دى مستمر عشان دولارات الأجانب..الحمد لله أنا دلوقتى مكفى نفسى، وبقى عندى عربيتى شغال عليها واللى بتجيبه فاتح بيتى ومش مهم يكفى ولا لأ المهم انه حلال.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية