جدل وارتباك يسبقان حلول الذكرى الثانية لأحداث «محمد محمود»، في 19 نوفمبر الجاري، مصحوبة باختلاف في الآراء بين الحركات السياسية حول إحيائها من عدمه.
والسبب في ذلك أخبار تطل برأسها حول اعتزام جماعة الإخوان المسلمين المشاركة في إحياء ذكرى الأحداث، التي أحجمت عن المشاركة في معاركها 2011، ووقفت كذلك ضد إحياء ذكراها الأولى في 2012، بعد أن خلفت المجلس العسكري على رأس السلطة.
المشاركة المحتملة لـ«الإخوان» أحدثت انقسامًا بين الحركات السياسية، فالأول مُقاطع للفعاليات، والثاني مُصر على المشاركة، وثالث لم يحسم أمره، ورابع اكتفى بـ«حل وسط».
«إخوان 2013: (محمد محمود.. عرين الثوار)»:
مشاركة «الإخوان» في الفعاليات، والتي لم يؤكدها أو ينفها مصدر بالجماعة لـ«المصري اليوم»، مكتفيًا بقوله: «فعالياتنا ومظاهراتنا مستمرة بشكل يومي»، وأكدها بيان لحركة «شباب ضد الانقلاب»، داعية جماهير الشعب لـ«المشاركة في فعالية (محمد محمود) 19 نوفمبر 2013»، واصفة الأحداث بـ«عرين الثوار».
كما دعت «الجبهة السلفية»، أحد حلفاء «الإخوان»، للمشاركة في إحياء ذكرى الأحداث، التي تقول إنها شاركت فيها بجانب أبناء مصر من الإسلاميين الأحرار «على رأس الثوار».
الاحتفاء «الإخواني» الحالي بالذكرى لم يكن نفس موقف الجماعة خلال وقوع أحداث «محمد محمود» من 19 إلى 26 نوفمبر 2011، احتجاجًا على فض الشرطة بالقوة اعتصام النشطاء وأسر الشهداء بميدان التحرير، فبينما استنكرت القوى المدنية فعل الشرطة، خرجت «الإخوان» رافضة ممارسات المتظاهرين «البلطجية».
وانتهت الأحداث بسقوط ما يزيد على 40 شهيدًا وقنص عيون وإصابة مئات آخرين، وإعلان المجلس العسكري مواعيد محددة لتسليم السلطة.
2012.. إعلان دستوري يحيي المعركة:
«الداعون لإحياء ذكرى (محمد محمود) قليلو الوعي وحمقى أو مخادعون لا يستشعرون آلام الوطن».. هكذا رأى المستشار أحمد مكي، وزير العدل في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، المشاركين في إحياء الذكرى الأولى، والذين كانوا يطالبون بمحاكمة المسؤولين عن أحداث «محمد محمود» بعدما خلف مرسي «العسكري» على رأس السلطة.
أصر وزير العدل «مكي» على أن ما يحدث بـ«محمد محمود» من اشتباكات «لا يثير تعاطفه» وأن «النظام غير مسؤول عن الضحايا داخل الشارع»، ولم يقف وحده رافضًا فقد اصطف معه «الإخوان» وحلفاؤها ومنهم «الجماعة الإسلامية» قائلة إن الأحداث «ضمن مخطط واسع لإثارة الفوضى وإجهاض الثورة»، لتعلن وزارة الداخلية بدورها إلقاء القبض على 567 من «مثيري الشغب».
تزامن مع إحياء الذكرى أيضًا، خروج مرسي، بإعلان دستوري مكمل، في 22 نوفمبر من العام الماضي، مانحًا صلاحيات لنفسه أشعلت غضب المعارضة، التي قررت مواجهته بمليونية «الإنذار والغضب» ثم «حلم الشهيد»، التي قابلتها مليونية «الشرعية والشريعة» بتنظيم «الإخوان» وحزب النور.
توالى سقوط الشهداء والمصابين بتوالي الفعاليات الرافضة والمؤيدة، ليتراجع مرسي في النهاية عن الإعلان الدستوري، لكن بعد استشهاد جابر صلاح «جيكا» وأحمد نجيب، وكذلك إسلام مسعود أثناء تأمينه أحد مقار «الإخوان».
«محمد محمود 2013».. الجدل يسود:
الذكرى الثانية لـ«محمد محمود» والتي تحل وقد أضحى «الإخوان» خارج السلطة وبعضهم يدعو للمشاركة في فعالياتها، دفعت قوى سياسية لرفض المشاركة بشكل قاطع، ومن هؤلاء اتحاد الشباب الاشتراكي، الذي أكد أمين تنظيمه أحمد أبوالعز، مقاطعة الفعاليات و«لو شاركت تنسيقية 30 يونيو»، التي تضمه وكيانات أخرى.
ويقول «أبوالعز»: «نرفض إحياء الذكرى بالنزول للشوارع منعًا للاشتباك مع (الداخلية)، وكذلك لرفضنا الاصطفاف مع (الإخوان) وأشباههم من الحركات المدنية التي تستخدمها الجماعة لضرب الثورة».
وأشار إلى أن الاتحاد سيسجل موقفه في ذلك اليوم بنعي الشهداء وتأكيد استمراره في المطالبة بتحقيق أهداف الثورة، قائلاً «نحن مستمرون في فعالياتنا لكن بعيدًا عن مكان وتوقيت إحياء ذكرى (محمد محمود)».
على النقيض، تصر قوى سياسية على إقامة الفعاليات في نفس المكان والموعد، وعلى رأس هؤلاء «جبهة طريق الثورة»، التي تضم عدة حركات ثورية منها «الاشتراكيين الثوريين»، والتي دعت للفعاليات بقولها: «19 نوفمبر.. موعدنا في شارع محمد محمود.. يسقط حكم العسكر.. لا لعودة الفلول.. لا لعودة الإخوان».
ويرى هشام فؤاد، القيادي بـ«الاشتراكيين الثوريين»، أن «احتجاجات (الإخوان) لا يجب أن تؤدي لشلل القوى السياسية لحين حسم الصراع بين (الإخوان) و(العسكر)، بل يجب أن تتواجد تلك القوى في الشارع ليشعر الناس بها كبديل للطرفين».
وشدد «فؤاد» على أهمية إحياء الذكرى «لأن النظام الحالي يحاول إعادة الدولة البوليسية بخطوات سريعة، مما يستوجب المواجهة من القوى الثورية»، مشيرًا إلى أن «(محمد محمود) إحدى العلامات الأساسية لمواجهة القمع، ومن يرد مواجهة الاستبداد فعليه تأكيد مطالبه بإحياء الذكرى والمطالبة بالقصاص لشهدائها».
واختتم باستبعاد مشاركة «الإخوان» في إحياء الذكرى، نافيًا دعوتهم أو التنسيق معهم، ومؤكدًا تأمين الفعاليات ضد أي اختراقات.
من جانبها، اقترحت قوى سياسية إحياء الذكرى دون تمسك بالمكان «تجنبا لاندساس (الإخوان) والاشتباك مع الأمن»، ومن بين تلك القوى «شباب جبهة الإنقاذ» الذين اقترحوا إحياءها أمام منزل الشهيد «جيكا» بمنطقة عابدين.
كما أن هناك حركات سياسية لم تقرر المشاركة أو المقاطعة منها المنضمة لـ«تكتل القوى الثورية»، ويقول طارق الخولي، عضو المكتب السياسي للتكتل: «لم نحسم أمرنا لأننا نخشى نجاح مؤامرات (الإخوان) في تحويل الأمر من إحياء ذكرى إلى اشتباك مع وزارة الداخلية لم يحدث منذ (30 يونيو)».
ويضيف: «أؤيد إحياء الذكرى بعيدًا عن شارع محمد محمود، وليكن في ميدان التحرير فقط مع تأمين الفعاليات ومنع تواجد (الإخوان) كما فعلنا في ذكرى نصر أكتوبر»، مختتمًا بتأكيد أن «رمزية الحدث لن تضيع في كل الأحوال، حتى لو نجح (الإخوان) في المشاركة، لأن الشارع أصبح يفرّق جيدًا ويعلم أنهم ليس لهم علاقة بـ(محمد محمود) من الأساس».