x

«عار» الابن فى مواجهة «عار» الأب: فساد أسرة فى مواجهة فساد مجتمع

الأربعاء 25-08-2010 08:00 | كتب: محمد طه |
تصوير : اخبار

مفارقة غريبة لا تتكرر كثيرا بين جيلين أب وابنه احترفا تقديم الدراما بكل أشكالها، فعندما قرر الابن أحمد محمود أبوزيد كتابة عمل ليعرض فى رمضان، اختار عملا بتوقيع والده، وقرر تحويل رائعة والده محمود أبوزيد «العار» إلى مسلسل يستكمل الرسالة التى بدأها الوالد، لكن من خلال الشخصيات نفسها، ويقدم العار لكن بمفهوم 2010.

لم يقصد أحمد، حسب تأكيده، العار الشخصى الذى ألمح إليه الفيلم، حيث عمد إلى اتساع دائرته ليشمل كل أشكال العار التى يمكن أن تلحق بالمجتمع، وتحوله إلى مجتمع موصوم.

وقال أحمد أبوزيد، مؤلف المسلسل: قصة العار لن تنتهى وما حدث فى الفيلم يتكرر فى المسلسل، مع اختلاف صراع النفس حول جمع المال، والفيلم اختزل الأحداث والموضوع كان سريعا بطبيعته، وهدف ورسالة المسلسل هى رسالة وهدف الفيلم نفسيهما مع تغير أشكال الصراع من أجل الحصول على المال وتحديثه بحيث يلائم 2010، ويلائم الدراما التليفزيونية وكونه سيعرض فى 30 حلقة وليس ساعتين مثل الفيلم، ولن نرى من الفيلم شيئا فى المسلسل سوى فى 10 حلقات فقط، وقد بذلت مجهودا كبيرا فى الحلقات الأولى لأجذب المشاهد إلى العمل، حتى لا يشعر بأنه تكرار لأحداث الفيلم، وباقى الحلقات تختلف فيها الدراما الصراع، وهدفنا فى النهاية إيصال رسالة بأن جمع المال الحرام عواقبه وخيمة.

وأضاف: لم أتعمد زيادة عدد الشخصيات فى المسلسل، لكن طبيعة المسلسل تختلف تماما عن طبيعة فيلم، واستغللت كثرة الشخصيات فى التلاعب بالأحداث ودخلت إلى منازل الأبطال وعرفت الجمهور الصراع الداخلى فى منزل كل منهم، وهذا الجانب أغفله الفيلم.. أحمد أكد أن تيمة المال الحرام لن تتراجع أو تنتهى لأنها متجددة من آن لآخر، لذا كتبنا فى تتر المسلسل أن العار قصة لن تنتهى، سواء كان التهريب أدوية أو مخدرات أو «حشيش»، وقال: لقد تطور الصراع فبدلا من أن نحصره فى المخدرات قررنا استبدالها بالأدوية المهربة، لأنها إحدى أهم الأزمات التى تواجهنا فى السنوات الأخيرة.

وعن اعتماد الفيلم على الجانب الدينى فى مناقشة قصة العار قال أحمد: لم أغفل الجانبين الدينى والاجتماعى فى مناقشة القصة وهى التيمة نفسها التى ناقشها الفيلم، لأن الموضوع فى الأساس له جانب دينى يتحدث عن الإرث الحرام بكل أنواعه وهل توجد بركة فى هذا المال، فقد أصبح العار أهون على الناس من الفقر مثلما شاهدنا فى الفيلم وبعد كثير من الصراعات والمعاناة تتم الصفقة بنجاح وهو الجديد الذى يقدمه المسلسل بعكس الفيلم، فالصفقة فى الفيلم فشلت وحصل كل واحد من الإخوة على حفنة من الملايين كإرث شرعى له عن والدهم المرحوم، لكن هيهات أن يسد المال الحرام جشع نفس لا تشبع أو يرقى نفساً تتدنى وإن تداخلت الخطوط واختلفت النهايات، ففى خضم كل تلك الأحداث المؤسفة من أجل الحصول على المال الحرام تخلى الجميع رويدا رويدا عن كل مبادئهم حتى أصبحوا عرايا يفتقدون الدفء، يرتعشون فى برد حياتهم المترفة رغم كل ملابسهم الفاخرة وقصورهم وسياراتهم وحساباتهم فى البنوك، وظنوا أنهم نجحوا وعبروا من الفقر بلا رجعة وسولت نفس كل منهم لصاحبها أن يحقق كل الأحلام والطموحات المكبوتة بداخله، وبدأت الحياة تبتسم بل وتضحك وتقهقه لهم حتى ظنوا أنهم قادرون عليها ولا شىء من الممكن أن يعوق وصولهم إلى ما يريدون، «فحين يغضب الله على عبد يعطيه من حرام وحين يشتد غضبه عليه يزيد له فى ماله الحرام»، فهو يُملى له ليأخذه أخذ عزيز مقتدر، تلك هى الحقيقة التى يغفلها الجميع.

الرؤية الأم كما قدمها الكاتب الكبير محمود أبوزيد فى فيلم «العار» قال عنها: أى قصة فى الحياة لها بداية ونهاية، وكل نهاية تصلح بداية جديدة وكل بداية تصلح نهاية، وليست لى علاقة بالمسلسل من قريب أو بعيد، وعندما طلبت منى الشركة أن تضع اسمى على تتر المسلسل رفضت، لأننى ليست لى علاقة بالعمل، فالمسلسل مختلف تماما عن فيلمى.

وأضاف: قصة المسلسل بدأت أثناء حديث لى مع أحمد، سألنى فيه ماذا لو الصفقة نجحت فى العار ولم تضيع المخدرات فى الملاحات، وورث الأبناء إرثهم الحرام وماذا سيكون مصير هذا المال الحرام مع الورثة، فقلت له هذه قصة مختلفة تماما عن الفيلم وموضوع مختلف، وبدأ العمل دون أن أضع يدى فى جملة كتابة واحدة، أو حتى أعطى رأيى فى أى شىء وقد استوحى من الفيلم الفكرة فى اللعب على المال الحرام، والمسلسل بعيد تماما عن فيلم العار، وأكرر ما قاله من قبل «العار قصة لن تنتهى».

أبوزيد الأب أكد أن الإرث الحرام من الممكن أن يكتب عنه 100 عمل فنى مختلفة والحرام لا يختلف منذ بداية الخليقة حتى نهايتها، فالحرام معروف وواضح للناس، وقال: أتابع المسلسل وبصراحة الموضوع «شاددنى جدا» والعبرة فى النهاية هل العمل نال إعجاب الناس أم لا وإذا نجح المسلسل نكون اكتسبنا كاتبا جديدا.

وأضاف أبوزيد: المسلسل مختلف فى قصص كثيرة، أهمها قصة البداية من خلال أسرة «الحاج عبدالستار ليل» الرجل الصالح الذى عاش بقيم وتدين وبأخلاق طوال حياته ورسخ هذه القيم فى أبنائه الثلاثة مختار وأشرف وسعد وابنته الوحيدة نورا وذلك بمساعدة زوجته الفاضلة الحاجة كوثر، ورباهم على النجاح وبحكم عمله بالتجارة أصبح المال هو معيار النجاح وكلما زادت الثروة زاد النجاح وبالحلال، إلى أن جاءت للحاج عبدالستار فرصة فى صفقة مشبوهة مكسبها 1000% فضعف وتهاوى أمام المال الحرام مثل كثيرين فى الوقت الحاضر، ووافق على أن يخوض فيها بكل رأس ماله، ولكن القدر لم يمهله وتوفى قبل أن يتمها، ووضع أبنائه على المحك، هل يقبلون أن يكملوا مسيرة الأب فى تلك الصفقة المشبوهة لكى ينقذوا إرثهم، أم يتخلون عنها ويصبحون فريسة للفقر، فحين تضعف الإرادة وتميل المبادئ أمام حفنة قذرة من النقود يظهر العار فى أبشع صورة مثلما يتهافت الكثيرون حول هذه النوعية من المال ويتصارعون عليه وساد هذا المرض مجتمعنا هذه الأيام وقد اتخذ مسمى الفساد حتى غرقت فيه البلد «للركب»، وهذا يعنى خللا فى منظومة التربية ويقود المجتمع إلى أمراض غريبة. فحين تسقط المبادئ يشتد الصراع خوفا من الفقر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية