x

مصر اختارت جمبرى

الإثنين 23-08-2010 08:00 | كتب: اخبار |

30 يوماً فى السجن.. المسلسلاتى والبرامجى وأنا أتقلب بشكل ريموتى غير كنترولى على برش القنوات الأرضية والفضائية فى «عنبر السائرون نياماً وقرع» بغرفة نوم بيتنا على أثر تماطل زوجى العزيز فى دفع كفالة للنفاذ بالجلد هرباً إلى لندن (بلد البلكونات الشاهقة) فى مهمة عمل تخصنا قبل اندلاع البث الدراماتيكى اللانهائى -كانت كافية لتأديبى وتهذيبى وإصلاحى.. فالعرض مستمر وأوقاته متداخلة وأحداثه متصاعدة، ناهيك عن فواصله المتواصلة (دون انقطاع التيار الكهربائى) من حملات لترويج سلع غذائية ودوائية فى تحد متزايد ومتواز مع مظاهرات الغلاء وإعلانات لمدن جديدة بين بايع (مشفر) وشارى (حصرى) إلى نداءات إنسانية لمساندة مدن فقيرة منتظرة (يفتح الله)، هذا عن الحصار الداخلى «المنزلى» أما عن الاحتلال الخارجى «الميدانى» فحدث ولا حرج عن الحرب الدائرة والمربعة بين اللافتات التى تؤيد (يا جماله يا حلاوته) والملصقات التى تعارض (مصر كبيرة عليك)، فى حين «أهل كايرو» أصلاً «بره الدنيا»، فلا هم يتابعون ولا هم يشترون ولا هم ينتخبون، فلمن كل هذا وثلاثة أرباعنا مرضى مزمنون بالعشى الليلى وفقراء مساكين لا وصلة عندهم ولا واسطة وشباب تحت وفوق الأربعين، عاطلون وباطلون وأحياناً متحرشون»

أغلب الظن العارضون والمعلنون بمختلف أجنداتهم السلعية يشتغلون على «ربع مشكل» لا غير، من الذين يقطنون «بيت الباشا» وينامون على «ريش نعام»، لا الجماعة المطحونون راكبو «الشيكروباص» من سكان «الحارة»، عموما مصر رغم كونها «امرأة فى ورطة» مشاهدة وملاحقة ومظاهرة واحتجاج واعتصام وإضراب، و«أزمة سكر» وقمح والباقى أظلم ولديها بكل أسف «موعد مع الوحوش» فى كل زمان ومكان، من الذين يهجرون أبناءهما كمداً أو غرقاً وينهبون خيراتها قروضاً ويسلبون حقوقها بدون رقابة إلا أنها حسمت أمرها فى النهاية.. مصر اختارت جمبرى، الله على طعمك يا مصر، لقد نجحت لأول مرة فى اختيار شىء واحد بإرادة متذوقة وهو موقف مشرف سيسجله التاريخ فى صفحاته بحروف من بهارات، وقد يتصور البعض أن مصر- على اعتبار ما ذكر- «القطة العميا» يكفى أن تقبل باقى المقسوم والمنصوب والمرفوع فى السلطانية بنفس راضية مرضية وهذا اعتقاد حامض يخلو من الحداقة، كل الحكاية إنها «ملكة فى المنفى» تبحث عن شبكة تقربها إلى راجل حتى لو كان بـ«ست ستات» لتتكلم معه طول رمضان ببلاش، فمصر لم تعد ميه ميه.. عسلية بعدما بصت لروحها فجأة لقتها كبرت فجأة فتعبت من المفاجأة، كيف وصلت إلى هذا الحد من التضخم فى البشر والمساحة والترهل فى خطوط الطرق والكبارى إضافة إلى تجاعيد العشوائيات المتناثرة فى ملامحها بكثرة وهى «مازالت آنسة»، بصراحة اختيار مصر للجمبرى فى هذا التوقيت بالذات، إن دل على شىء فهو يعلن أنها «عايزة تتجوز» لكنها لن تفنى زهرة شبابها مع «أزواجها الخمسة» السابقين خصوصاً لو كانوا من عينة «رامز حول العالم» الذى أوهمها بنظرية(yes we can) بينما(we can not) من واقع تأثره بعلاقاته الخارجية فى الوقت الذى كانت هى فيه تحاول إحياء تواصله الداخلى بتنمية مهارات الخطابة والاتصال عنده أو «الفوريجى» الذى أقنعها بأنه لا يسارى ولا علمانى ولا إخوانى ولا موالى ولا معارض إنما 7X 1 (هيد أند شولدرز) يداهن كل الجماهير سعياً نحو شعبية كما يفعل أى برجماتى أو «بابا نور» الذى قيدها بقفطان جده سى السيد وموروثه القديم فى تقبل التعددية تحت مظلة تنظيم أسرى موحد يقوده هو على أساس فرد يحكم والباقى يحكم حتى انقلبت عليه الست أمينة وأخيراً «الكبير أوى» الذى أدخلها طرفا فى صراعه مع شقيقه الكبير أوى (جوني) لينتزع منه لقب العمدية وبالتالى يحصل على صلاحيات تقييم ومنح وحجب وشطب وتزوير صناديق وتراخيص وقرارات بناء وشراء وسفر للعلاج بالدواء على نفقة الأبعدية.

كل هذا يحدث على مرأى ومسمع من «شيخ العرب همام» آخر أزواج الصعيد الجالس على «مملكة الجبل» يقود معركة ضد التقاعد ممسكاً بعصا الأمور فى صمت كما الحكماء القدماء، دعونا ألا نحاسب مصر على إخفاقها السابق أظنها أدركت بحسها الشعبى أن المبالغة فى التوقعات تحت تأثير الاحتياج تدفعنا إلى الارتباط غير الموفق، عموماً هناك سبعة مطالب وأطر دستورية وضعت منذ الأزل لاختيار العريس المناسب تحت إشراف تلقائى لاختبار الحساسية.

1- يشترط على حبيب مصر المقبل ألا يقل عمره وخبرته الزمنية عن سبعة آلاف سنة وعشر سنين تحقيقاً لمبدأ التوافق الحضارى بين الطرفين الذى يكفل الاستقرار ويضمن استمراره.

2- لابد أن يكون «مصراوى» أصلى الجنسية والهوية، متشبعا بعادات وتقاليد وثقافات بلده حتى لا يتردد على لسان معارضيه أن انتماءاته مخلطة أو أنه صناعة مستوردة، يجب أن يكون شرقيا عربيا صميما لا غربيا ولا مغربيا.

3- يفضل أن يكون عضواً بارزاً فى حزب الله ونعم الوكيل لمدة لا تقل عن سنة مع الشغل وفى نفس الوقت مستقلاً مترفعاً عن التعامل مع الكيانات الكرتونية المحيطة وإذا أخطأ يخضع للمساءلة دون الارتكان على حصانة أو حصالة أو بوليصة تأمين.

4- من الضرورى أن يكون: أمين وشريف ونظيف الجيوب، محيى الدين فى مسلكه ومقصده، جبلى فى صحته، خربوش فى تجاربه، غالى الحسب والنسب، من بيت عز وشبعان كريم الضيافة وأبوالغيط كله.

5- كما يجب أن يكون: زكى فى تحصيله، ماجد التفوق وممدوح من كل زملائه على جمال وكمال خلقه، سابق عصره فى مناهج تفكيره وإدارة خططه وفى الغالب هلال توقعاته المستقبلية لا يخيب.

6- ذو رأى رشيد، حاصل على دورات تدريبية فى فنون المفاوضات وتهدئة الأوضاع والموازنات، غير مستقطب من جبهات ولا مستهدف من جماعات، وإذا سامح فى أى تجاوز معه فلن ينسى أبداً أى تطاول عليه، على قد فهمى.

7- وأخيراً بشاشة الطلة والهلة مطلوبة وسرور الوجه والنفسية مستحب وهذا سيجعله ناعما وزقزوق العبارات لا خنيق وزهوق التصرفات، يملك خاصية إيجاد حلول بنائية لمصادر إنتاج التوترات والاشتغالات بعيداً عن خيار نسايبه الأمنى.

وهناك توصيتان أخريان: أن يحصل العريس على 250 تزكية من مجالس شعبه وأهل شوراه ومحليات حبايبه بهذه الطريقة يمكن إعطاؤه ختم الشرعية بشرط ألا يكون لديه بطانة تدعى أنه مؤهل بينما هو يجهل.

كما عليه أن يرسل دعوات حضور الزفاف لجموع الشعب بمختلف طبقاته (دون تنقية جداول) عن طريق قوائم الرقم القومى، فعلى من تتوفر لديه الشروط والتوصيات الواردة أعلاه أن يتقدم بخطوات اعتماده فوراً فالعروسة المحروسة تنتظر أسرع دليفرى فى مصر.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية