x

الإسكندر الأكبر.. قصة مقبرة حائرة بين كوم الدكة والنبى دانيال و«اللاتين»

الأحد 22-08-2010 15:12 | كتب: رجب رمضان |
تصوير : اخبار

أثارت مطالب العديد من الأثريين فى «الثغر»، للمجلس الأعلى للآثار القيام بأعمال تنقيب وحفائر، لتحديد موقع مقبرة الإسكندر الأكبر المقدونى، جدلاً واسعاً بين مسؤولى المجلس، حول تحديد موقعها فى المحافظة، وتباينت الآراء والتوقعات ما بين وجودها فى منطقة كوم الدكة الأثرية، وتحديداً بجوار المسرح الرومانى، وأكدت بعض الآراء وجودها بالقرب من مقابر اللاتين فى منطقة الشاطبى، فيما رفض البعض الآخر «التكهن» بموقع مقبرة الإسكندر الأكبر، واعتبروا الموضوع برمته مجرد «اجتهادات شخصية»، لكن لا توجد حتى الآن أدلة أو نصوص أو شواهد أثرية تؤكد هذه الاجتهادات.

فى البداية، قال الدكتور محمد عبدالمقصود، رئيس الإدارة المركزية لآثار الإسكندرية والوجه البحرى وسيناء، إنه يميل إلى أن مقبرة الإسكندر الأكبر المقدونى تقع فى منطقة كوم الدكة، وتحديداً بجوار المسرح الرومانى المواجه لمحطة مصر، وفق قوله.

وأضاف «عبدالمقصود»، أن هناك من الأدلة والشواهد ما يؤكد هذا الرأى لديه، من بينها أن منطقة كوم الدكة هى أعلى وأقدم منطقة فى الإسكندرية بالكامل، وبالتالى فهى شهدت بداية وجود المدينة، وتعد أحد أهم معالم تأسيسها، ويرجح الوصول إلى مقبرة الإسكندر، فى ذات النطاق بالمنطقة، مشيراً إلى أن كثير من أعمال الحفر والتنقيب التى تمت من خلال البعثات الأثرية العلمية سواء المصرية أو الأجنبية فى منطقة كوم الدكة، توصلت إلى نتائج علمية مهمة جداً فى علم الآثار ما يؤكد وجود المقبرة فى هذه المنطقة.

وأوضح «عبدالمقصود» أن العثور على مقبرة الإسكندر الأكبر سيكون بـ«الصدفة» البحتة، على حد قوله، مشيراً إلى أن الصدفة لن تأتى لأى أثرى وإنما لمن يستحقها، بعد بذل مزيد من الجهد والتعب والعلم فى الحفائر والتنقيب.

وقال الدكتور أشرف فراج، عميد كلية الآداب، جامعة الإسكندرية، عضو المجلس الأعلى للآثار لـ«إسكندرية اليوم»، إنه يميل إلى وجودها فى منطقة الشاطبى، وتحديداً بالقرب من مقابر اللاتين، مطالباً بعمل «مجسات» فى العديد من المناطق المتوقع وجودها فيها لتحديد الموقع بشكل علمى سليم.

وأضاف فراج: «الدكتور فوزى الفخرانى، هو الذى كان مسوؤلاً عن أعمال التنقيب والحفائر فى كلية الآداب، قبل وفاته، وقد حدد فى آخر دراسة كتبها موقع مقبرة الإسكندر الأكبر، فى منطقة الشاطبى، بالقرب من مقابر اللاتين»، مشيراً إلى أن هذا الرأى وحده ليس كافياً، ولابد من آراء علمية ودراسات أثرية تؤكد أو تنفى هذا الرأى، لافتا إلى أن البحث حالياً لا يتوقف عن موقع المقبرة.

وأشار إلى أن ما يدل على أن الأمر مجرد تكهنات، أن أحد أفراد بعض البعثات اليونانية فى وقت من الأوقات، أكد وجود مقبرة الإسكندر الأكبر فى منطقة سيوة، بمحافظة مطروح، لكن تأكد بعد ذلك عدم صحة هذا الكلام، وأنه غير منطقى على الإطلاق، خاصة أن الرأى الجائز نسبياً، هو من يقول إنها تقع فى منطقة الشاطبى، ما بين منطقة السلسلة، وما حولها والتى تعرف تاريخياً وأثرياً بـ«الحى الملكى القديم».

وأكد الدكتور عبدالله كامل، الرئيس السابق لقطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية، فى المجلس الأعلى للآثار، عميد كلية الآثار جامعة جنوب الوادى، لـ«إسكندرية اليوم» أنه لا أحد يعرف مكان مقبرة الإسكندر، وأن الموضوع لا يخلو من كونه اجتهادات شخصية من بعض الأثريين، مشيراً إلى أن العثور على مقبرة الإسكندر، سيحدث ثورة عالمية تفوق ثورة العثور على مقبرة توت عنخ آمون.

وأضاف كامل: «الإسكندر الأكبر المقدونى، كان له دور عظيم فى الإسهامات الحضارية والارتقاء بمصر من الناحيتين المعمارية والهندسية، مشيراً إلى أنه لم يتم حتى الآن العثور على أى نقوش أو شواهد أثرية أو مومياء تدل على وجود مقبرة الإسكندر فى منطقة محددة، وكلها مجرد اجتهادات وتكهنات فقط، وفق قوله».

وتابع: الاجتهادات لابد أن تكون مدعومة بالأدلة العلمية، بمعنى أن يكون هناك مزيد من الدراسات العلمية المستفيضة، والحفائر الأثرية الاستكشافية، ترشد إلى إثبات وتأكيد وجود المقبرة فى منطقة ما، خاصة أن المجلس الأعلى للآثار عثر أثناء أعمال التنقيب والحفائر على العديد من المقابر الملكية التى لا حصر لها، مشيراً إلى أنه إذا تم ذلك، سيعلن أمام العالم كله، لأن الحدث سيكون غير مسبوق.

وتوقع الدكتور عزت قادوس، أستاذ الآثار اليونانية الرومانية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، عضو لجنة الحفاظ على الآثار فى المحافظة، أن تكون مقبرة الإسكندر فى شارع النبى دانيال، وتحديداً عند مثلت تقاطع شارعى النبى دانيال مع الملك فؤاد.

وقال قادوس، لـ«إسكندرية اليوم»: «إن الإسكندر الأكبر المقدونى توفى فى بابل عام 323 قبل الميلاد، وأن أقوال المؤرخين تثبت أن مقبرته موجودة فى مصر، وتم تحنيط جثمانه فور وفاته، وتم وضعه فى تابوت مرصع من الذهب الخالص، كعادة الفراعنة آنذاك، ثم صنعت له عربة خاصة لنقله، واتفق القادة على أن يتم دفنه فى موطنه ببلاد اليونان، وأن العربة كانت تحمل (محفة) محلاة بالذهب والأحجار الكريمة، ويجرها أربعة وستون بغلا، برقبة كل منها طوق تحليه الأحجار الكريمة».

وتابع «قادوس»: «سار موكب الجنازة من بابل حتى وصل بلاد الشام، غير أن بطلميوس الأول كان يحرص على أن يدفن الإسكندر فى مملكته، إذ كانت هناك نبوءة تقول إن المملكة التى تحوى قبر الإسكندر تعيش قوية مزدهرة، وعندما علم بطلميوس باقتراب الموكب من حدود مملكته، سارع على رأس جيشه لاستقبال الجثمان، ونجح فى إحضاره إلى مصر، ولما وصل الموكب إلى منف، قام بطليموس بدفن الجثمان هناك، حسب الطقوس المقدونية، ثم رأى بطلميوس الثانى أن ينقل جثمان الإسكندر إلى المدينة التى أنشأها، وتحمل اسمه، فنقلت رفاته من منف إلى مدينة الإسكندرية القديمة».

وأضاف: «إن ما يؤكد وجود مقبرة الإسكندر الأكبر فى مدينة الإسكندرية القديمة، أن يوليوس قيصر زارها ووقف أمام جثمان الإسكندر متأملا فترة من الزمن، وكذلك فعل أغسطس أول الأباطرة الرومان عام 30 قبل الميلاد، والذى قال عندما زار قبره: (أنا جئت لأرى ملكاً لا لأرى أجساداً)».

وتابع: «ساد الاعتقاد وقتها بأن مقبرة الإسكندر تقع تحت مسجد النبى دانيال، على أساس أن هذا المكان هو نقطة تلاقى الشارعين الرئيسيين بالمدينة»، لافتاً إلى أن أحد اليونانيين من سكان الإسكندرية فى عام 1850، وكان يعمل بالقنصلية الروسية، روى أنه تمكن من النزول إلى سرداب تحت جامع النبى دانيال، وشاهد من خلال ثقب فى باب خشبى، قفصاً من زجاج، فيه جثة آدمى، موضوعة على منصة، وتحيط بها الكتب وملفات البردى.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية