x

صنايعية وموظفون وباعة جائلون عرفوا التوفير بالإفطار والسحور فى «موائد الرحمن»

الأحد 22-08-2010 08:05 | كتب: غادة شريف |

لا يحركهم فى حبهم للشهر الكريم وازع دينى، بقدر ما تحركهم تلك الاستفادة، التى تتحقق لهم، حيث يضمن لهم الشهر الكريم حداً من الرفاهية لا تتحقق لهم فى غيره، ويكفى أنهم يضمنون وجبة يومية مكونة من لحوم أو دواجن.

«ياريت كل السنة تبقى رمضان ماكنش حد غلب».. كلمات رددها أغلب مرتادى مائدة رحمن فى وسط البلد، ضمت مواطنين بعائلاتهم من مختلف المحافظات، غلب عليها موظفو حكومة وعمال وباعة جائلون.

فى أحد الشوارع الضيقة المتفرعة من شارع 26 يوليو افترشت المائدة مساحة كبيرة من الرصيف، كان الطبق الرئيسى على مائدتهم صينية البطاطس بالفراخ.. على هذه المائدة التقت «المصرى اليوم» بضيوف عباد الرحمن، لم يتركوا الطعام، لكنهم ما إن فرغوا منه، حتى التفت كل منهم لمشكلته، وأخذ يرويها، على أمل أن يترك موقعه فى المائدة العام المقبل، بعد أن تتحسن أحواله.

يحيى عبدالغنى «44 سنة» اصطحب عائلته إلى المائدة، فهى المفضلة له منذ سنوات، ينتظر رمضان لينعم بخيراته على هذه المائدة.. ورغم ظروفه وضيق ذات يديه، يصطحب يحيى زوجتيه حنان وأم عبدالله وأطفاله الثلاثة من صفط اللبن إلى وسط البلد للإفطار، ومنطقهم فى هذا: تمن المواصلات أقل بكتير من اللى ممكن ندفعه فى الإفطار، ده غير إننا اتعودنا على الإفطار فى المائدة دى.. أنا كنت سمكرى سيارات لكن البلدية عملت محاضر إشغال طريق ودفعت لها كل اللى باكسبه، ودلوقتى أنا بياع سريح، أفطر على مائدة رحمن واتسحر ببواقى الفطار.

عبدالغنى يرى أن المائدة أفادته طوال الشهر، لدرجة أنه تمنى أن السنة كلها تتحول إلى رمضان لأن باله مرتاح: كفاية إنى بلاقى لقمتى، ومش باضطر أدفع فلوس، أصلى لو عندى فلوس كنت فطرت فى بيتى بكرامتى، ومائدة الرحمن دى اتعودت عليها من 3 سنين ووفرت معايا كتير على الأقل فلوس الأكل بتاع كل يوم، ده غير إن كلنا كل يوم بناكل وجبة جديدة، عمرنا ما أكلناها، أصلنا عايشين على الجبنة والعيش والفول طول السنة، واللحمة مش بندوقها إلا فى العيد ورمضان لأن دخلى مش بيزيد على 20 جنيها ما يجبش عيش حاف.

وقال: رمضان مش مخلينا ننعى هم الأكل، خيره كتير وكفاية إننا بناكل فيه وجبتين لكن فى الأيام العادية بناكل وجبة واحدة، وبصراحة قدرت أوفر فى رمضان مش أقل من 10 جنيهات فى اليوم، والباقى بادفعه مواصلات رايح جاى على المائدة.

وتقاطعه زوجته حنان أحمد 35 سنة بائعة لعب أطفال وفوانيس: ياريت كل السنة رمضان عشان بناكل فيه أحسن أكل وكمان وفرنا ده غير إننا بناكل أكل أفضل من اللى كنت ممكن أطبخه، ده غير إن صاحب المائدة بيدينا مبلغ حسنة فى آخر الشهر.

أم حمادة هى الأخرى من رواد المائدة، فمنذ أن توفى زوجها وهى اعتادت على اصطحاب ابنتها للإفطار على مائدة الرحمن، وتقول: أعمل إيه بقالى 4 سنين بافطر فى موائد الرحمن عشان رمضان شهر الخير وكمان أوفر تمن وجبة الفطار كفاية عليا مصاريف العيال وبعدين معاشى 120 جنيه يعملوا إيه فى غلو الأسعار شوف كيلو اللحمة بقى بكام من 40 إلى 45 جنيها وممكن أكتر بقالى زمان ما اشتريتهاش وكيلو الفراخ بـ19 جنيه غير السكر والرز والخضار والمعاش مش بيكفى يا ريت صوتنا يوصل.

بعد الإفطار لملمت أم عبدالله الطعام المتبقى، فضلا عن وجبتها ووضعته فى كيس وغادرت المائدة، أم عبدالله لا تتناول إفطارها على المائدة، وتفضل أن تأخذه معها لتجتمع حوله هى وأطفالها الصغار، ومنطقها: أصل ولادى بيتكسفوا ياكلوا فى الموائد، معنديش مشكلة إن المغرب يعدى، المهم إننا ناكل لحمة، وبصراحة الأكل فى الموائد وفر أكتر من 20 أو 30 جنيه ثمن الوجبة فى رمضان.

من قليوب إلى القاهرة يأتى الحاج محمد محمود 63 سنة ليتناول إفطاره فى مائدة الرحمن، ليشعر بلمة رمضان بعد أن تزوج أبناؤه وماتت زوجته فضلا عن التوفير: أعمل إيه كل كم يوم باجى أفطر فى المائدة عشان ولادى ومفيش حد بيأكلنى وأنا عيان وعايز اللى يخدمنى كنت بشتغل ميكانيكى سينما وخرجت معاش وبعدين اشتغلت نجار مسلح بس بعد إصابتى فى قدمى عملت 3 دعامات فى القلب، وصعب أشتغل وباخذ معاش ضمان 110 جنيهات مابيكفيش تمن وجبتين لأنى بادفع إيجار 100جنيه فى شقتى وباصرف باقى الشهر من المعونة اللى باخدها من صاحب المائدة حوالى 50 جنيه شهريا عشان ظروفى وحشة.

ويقول الحاج محمد: المائدة دى نظيفة وفيها أكل حلو لا يقدر بمال، لكن قليوب مافيش فيها الأكل الحلو ده لحمة أو فراخ وخضار وفاكهة عشان كده كل يوم بافطر فى المائدة وبعدين أنا بركب مواصلات بـ2 جنيه عشان آجى أفطر فى المائدة وإيه يعنى المهم إنى بوفر حوالى من 50 إلى 70 جنيه مصروف الأكل فى الشهر، ده غير إن باصرف المبلغ ده على أكل مافيهوش لحمة، أمال لو باشترى لحمة كنت صرفت كام؟

أما على محمود من حلوان عامل موظف فى إحدى الشركات 60 سنة فقد اضطرته ظروف تأخيره فى العمل لأن يفطر فى رمضان فى مائدة الرحمن «أعمل إيه كنت بشترى قطع غيار جيت أروح المغرب أذن عليا قولت أفطر فى مائدة رحمن كتير بيحصل معايا كده ممكن أفطر فى أى مائدة أحسن ما أروح مطعم يأخذ منى فى الوجبة 40 أو 50 جنيه المائدة بتوفر لى تمن الوجبة وكمان بافطر أكل حلو لحمة وخضار ورز وفاكهة رمضان كله خير».

أما الحاج محمود فهمى 60 سنة موظف فى مصنع بحلوان الذى أتى بأولاده الستة تاركا زوجته تفطر بمفردها لأنه على خلاف معها: «بقالى 25 سنة بفطر فى رمضان فى موائد الرحمن كل يوم باتخانق أنا وزوجتى عشان مصروف البيت وعشان عندى ولدين عندهم تخلف عقلى لأنهم مصابين بضمور بالمخ بسبب جواز الأقارب جيت معاهم نفطر الأكل الحلو فى المائدة كله غذا وفائدة، بدل الفول اللى سيبته لمراتى تاكله لوحدها وبعدين المعاش بتاعى 550 جنيها مش مكفينى أنا ومراتى وولادى الستة وتكاليف الأكل غالية ولادى عايزين ياكلوا لحمة أو فراخ فى رمضان عشان كده بلف بيهم على الموائد، وكمان عشان أوفر 20 جنيها تمن الوجبة لأولادى عشان أشترى حقنتين ليهم علاج».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية