x

متطوعات يابانيات يندمجن فى المجتمع المصرى بارتداء الحجاب.. ويستخدمن خامات البيئة لصناعة ألعاب أطفال

السبت 21-08-2010 00:12 | كتب: داليا عثمان |

كنوع من أنواع التقارب والاندماج الذى أرادته «كازوكو ناكاى» اليابانية التى تبلغ من العمر «30 عاماً» منذ بداية عملها كمتطوعة فى مركز رحمة للأطفال المعاقين فى دمياط، قررت أن ترتدى الحجاب مما يزيد من قربها لهم، حيث درست «الخدمة الاجتماعية» باليابان وعملت لمدة 4 سنوات فى مجال الإعاقة، مما جعلها تفكر فى التقدم لـ«برنامج التطوع اليابانى» لنقل خبرتها إلى بلد آخر.

وأرادت «ناكاى» أن تنقل خبرتها فى التعامل مع المعاقين إلى المشرفات العاملات بالمركز، لأنها ترى أنه لا يوجد اختلاف بالنسبة للإعاقة سواء كباراً أو أطفالاً ـ على حد قولها.

وتقول: «التعامل مع المعاقين كبار السن فى اليابان أعطانى خبرة كبيرة، وهذه أول مرة أتعامل فيها مع صغار ولأننى أعلم مصيرهم فى الكبر جيداً نتيجة تعاملى مع كبار فأحاول عن طريق اللعب والأنشطة الذهنية والرياضية والحركية أن أجعلهم يستغلون حركات أياديهم ومن خلال هذه الطريقة أدرك الكثير من المشرفات أنه ليس المهم التعليم من خلال الحروف والأرقام ولكن الأهم هو كيفية استعمال الأنشطة الحركية والفنية لأنها تساهم فى التغلب على الإعاقة».

و«ناكاى» واحدة من بين 166 متطوعاً يابانياً عملوا فى محافظات مصر فى مجالات مختلفة، وعلى الرغم من أنها أجنبية لا تعرف عن مصر كثيراً إلا ما درسته خلال فترة تدريبها بأحد المراكز الثقافية باليابان، إلا أنها اندمجت مع المجتمع المصرى وثقافاته واحترمت عادات المحافظة التى تعيش فيها، وفكرت أن ترتدى الحجاب على أساس أنه نوع من أنواع الاحترام للعقيدة الإسلامية، ورأت أنه بذلك تقبلها الجميع.

وتضيف: «لقد تعلمت من المجتمع المصرى التواصل والرحمة، وهو ما أفكر أن أنقله لليابان لأن هناك كل شخص يهتم بالعمل فقط ولا وجود للعلاقات الإنسانية، ومن خلال رؤيتى لمجال العمل الذى أنا فيه، وأننى الأجنبية الوحيدة وبحديثى مع المشرفات وجدت أنه يجب مراعاة ثقافة المجتمع الذى أعمل وأعيش فيه وفكرت فى ارتداء الحجاب، وفى بداية عملى كنت لا أعرف شيئاً عن المناسبات الدينية التى تمر ويريد الأطفال الاحتفال بها، ولكن فى العام التالى بدأت التفاعل معهم حيث قبل كل مناسبة كنت أتساءل عنها وما يرتبط بها، ثم بعد ذلك أحتفل مع الأطفال من خلال رسم «الخروف» وعمل «فانوس رمضان» من خامات البيئة لأن الأطفال كانوا يفرحون بذلك.

أدت «ناكاى» دوراً كبيراً فى المركز من خلال تدريب الأطفال على عمل بعض المشغولات البسيطة وممارسة الأنشطة الحركية للأطفال المعاقين، كما استفادت منها المشرفات وبدأن ينفذن أفكارها، هذا ما أكده الحاج عمر عبدالسلام، رئيس مركز رحمة بدمياط: «على الرغم من تخوفنا من وجود أجنبية بيننا، حيث تلقى مضايقات، فإنها بسرعة كبيرة جداً اندمجت مع المجتمع وكان كل ما يهمها هو إفادة المكان بخبرتها وحرصت على أن تكون واحدة منا فارتدت الحجاب».

ولا تختلف رؤية «ناكاى» حول ارتدائها الحجاب عن رؤية «نوريكو ناجاتا» والتى يناديها أصدقاؤها داخل الوحدة الصحية بقرية «طامية» بالفيوم باسم «بسمة» إذ تقول وهى تبتسم خجلاً «لأننى فى قرية وبها مستوى معين والناس هنا لها طبيعة خاصة فرأيت أنه لابد أن أفعل ذلك احتراماً لعادات وتقاليد القرية، ووجدت أن ذلك لم يضايق أحداً والجميع تقبله بشكل طبيعى».

«نوريكو» التى اختارت مصر لنقل خبرتها فى مجال التمريض والولادة ترى أن هناك اختلافاً لطبيعة التمريض فى مصر عن اليابان حيث إنه يفترض أن تكون الممرضة مصاحبة للأم قبل وبعد الولادة لرعايتها وهو الشىء الذى تحاول نقله للممرضات فى الوحدة الصحية التى تعمل بها ووجد ترحيباً من قبل الأمهات.

وعلى الرغم من اختلاف بيئة عمل المتطوعة اليابانية «ايواساكى توشيمى» والتى تعمل فى إحدى المدارس الصديقة للأطفال بالفيوم، وتتعامل مع أطفال الشوارع إلا أنها نجحت فى الاندماج فى المجتمع دون أن ترتدى الحجاب وترى «ايواساكى» أن طفل الشارع مختلف عن أى طفل آخر لأن له ثقافة مختلفة، لذلك هى تحاول من خلال صنع ألعاب صديقة للبيئة أن تجذبه إلى المجىء إلى المدرسة وهذا ما نجحت فيه.

وتتفق المتطوعة اليابانية «ايواساكى مارى» (25 عاماً) والتى تعمل فى حضانة بجمعية شبان المسلمين بالقليوبية منذ خمسة أشهر على ضرورة تعليم الطفل من خلال الألعاب وهذا ما تجده وجه الاختلاف بين مصر واليابان فى طريقة التعليم فتقول «ايواساكى»: «هناك اختلاف واضح بين المشرفات فى مصر واليابان، إذ فى اليابان تعمل المشرفة على تنمية مهارات الأطفال من خلال الألعاب ولكن فى مصر لا يوجد ألعاب، فالطفل هو الطفل فى أى مكان ففى اليابان الطفل عندما يبلغ 3 سنوات يستطيع أن يفعل كل شىء وهذا ما أدهشنى هنا أن الطفل يصل إلى تلك المرحلة العمرية ولا يفعل ذلك».

وتضيف «ايواساكى» وهى تخرجت فى كلية رياض الأطفال، وتشعر بحديثك معها أنها طفلة: «أحاول من خلال لغتى العربية البسيطة أن أعلم المشرفات أنه لابد من صنع ألعاب من خامات البيئة، لأهمية ذلك فى التفاعل مع الأطفال وتعليمهم الأرقام والحروف».

وعلى الرغم من وجود بعض المتطوعات فى محافظات بعيدة عن القاهرة فإن ذلك لا يمثل مشكلة لديهن، ويساهم فى اندماجهن فى المجتمع أكثر وكان هذا هو هدف برنامج المتطوعين عبر البحار الذى يساعد فى تدعيم الأنشطة ويحث الشعب اليابانى للمساهمة فى التنمية الاقتصادية والمحلية للدول النامية وهو ما شرحه «كازوهيكو ايشجيما» منسق متطوعات بهيئة التعاون الدولى اليابانى بمصر قائلاً: «بدأ برنامج المتطوعين اليابانيين فى مصر منذ عام 1995، وفى عام 1996 تم إرسال أول بعثة من 3 متطوعين وبلغ إجمالى عدد المتطوعين حتى الآن 166 متطوعاً، ويلقى المتطوع فترة تدريب ثلاثة شهور قبل مجيئه حيث يتعلم اللغة العربية ويتعرف على ثقافة البلد وعاداته، والهيئة توفر له المسكن ومصروفاً شهرياً رمزياً».

ويشير إلى أن ميزانية هذا البرنامج تبلغ 1786407.2 جنيه مصرى، وأن الهدف ليس نقل الخبرة الفنية فقط بل عن طريق التخاطب من القلب للقلب، وأن برنامج المتطوعين اليابانيين فى مصر يتركز على مجالات أساسية، منها رياض الأطفال، وأطفال الشوارع وذوو الاحتياجات الخاصة والتنمية الريفية لأنها ذات علاقة بأمن الإنسان والأهداف الإنمائية للألفية.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية