صلاة التراويح فى مصلى السيدات لها طقوس خاصة تعرفها كل من تصلى التراويح فى المسجد، فهى ليست طقساً دينياً فقط ولكن جو روحانى تجتمع فيه الفتيات والنساء وأحيانا أطفالهن، ليس للصلاة فقط ولكن لتبادل التهانى بشهر رمضان وتوزيع «بنبونى» كتحية للمسجد، وتبادل الأحاديث حول شهر رمضان وفضل صلاة التراويح فى المسجد وأحيانا تتطرق الحوارات لموضوعات أخرى ليست لها علاقة برمضان، وبالطبع يخلق هذا الجو نوعا من الشجار الذى يندلع بين الرجال والنساء حيث يعترض المصلون على ما يفعله النساء ويعبرون عن ذلك بهذه الكلمات: «روحوا صلوا فى بيوتكم»، «صلاة الستات فى البيت أفضل».
فى رمضان من كل عام خاصة فى مساجد مصر الجديدة تتبارى السيدات فى استعراض أزيائهن من العباءات السوداء باختلاف أشكالها وتطريزها وتدخل كل منهن المسجد وهى تمسك مصحفا فى يدها، لتقرأ منه وراء الإمام وأحيانا سجادة صلاة خاصة بها، وفور دخولها تبحث عن صديقتها التى لا تراها إلا من العام للعام، لأنها صديقة مسجد.. وهنا تبدأ القبلات والأحضان احتفاء بالمناسبة وباللقاء السنوى. لكل مسجد مجموعة من المصليات اعتدن أن يصلين فيه، وقبل إقامة الصلاة تدور بينهن حوارات عديدة عن أحدث الأخبار الاجتماعية لصديقات المسجد سواء كانت متعلقة بمرض أو زواج أو إنجاب، وعندما تطول هذه الحوارات تبدأ مشرفات المسجد فى التصفيق لدعوة النساء للسكوت قبل إقامة الصلاة بدقائق: «هدوء يا جماعة بقى كفاية رغى عاوزين نبدأ الصلاة».
المشكلة الأولى التى تواجه المصلين هى اصطحاب النساء لأطفالهن والذين يثيرون الشغب بأصواتهم العالية التى لا تتناسب مع حرمة المسجد، ففى مسجد المرزوقى فى مصر الجديدة مثلا، اصطحبت إحدى المصليات ابنها الذى جلس إلى جوارها وأخرج من شنطته كراسة تلوين، واستجاب لأمه التى قالت له: أقعد هنا لون وماتعملش شقاوة»، فيما اضطر المشرفون على المسجد إلى نصب خيمة لجمع أطفال المصليات فيها حتى لا يتسببون فى إزعاج المصلين.
تحية السيدات للمسجد ليست مجرد ركعتين، فالتمر والحلوى هما أيضا تحية دائمة من أول يوم لآخر يوم فى رمضان، حيث اعتادت بعض المصليات اصطحاب التمر والحلوى معهن فى المسجد وتوزيعها على صفوف المصليات، للحصول على ثواب وللإعلان عن فرحتهن بالشهر الكريم.
قبل أن ينصح وزير الكهرباء بتقليل استخدام الأنوار فى المساجد، استطاعت المصليات أن تقمن بهذه المبادرة، بهدف زيادة الخشوع، إلا أن المبالغة فى هذه العادة أحيانا ما تخلق المشاكل بين المصليات. ففى أحد المساجد فى مصر الجديدة، تفضل المنتقبات الوقوف فى الصف الأول ولأنهن يخشين رؤية الرجال لهن، يفضلن الصلاة فى الظلام، لأنها أيضا تضفى نوعا من الخشوع على الصلاة، ولكن بمجرد أن تغلق إحداهن النور تفاجأ بأخرى ترفض الظلام لأنها تقرأ أثناء الصلاة من المصحف، ومن هنا يبدأ الشجار بين الاثنتين، ويدور هذا الحوار: «يا جماعة النور بيفسد الخشوع والرجالة هيشوفونا»، «ماحنا برضه عاوزين نشوف ماينفعش كدا دا مش مسجدكم» ، «اللى عاوزة نور ترجع فى آخر المسجد وتفتح اللمبة اللى فوقها بس»، «طب ما تقفوا انتوا ورا احنا ذنبنا ايه». بعد الصلاة وبمجرد أن تخرج وفود السيدات يستقبلهن الرجال وكل منهم يقدم نصيحة للمصليات بعدم الثرثرة مرة أخرى لأنها تفسد الصلاة: «يا جماعة عمالين ترغوا مش عارفين نصلى وعيالكم عملولنا دوشة يا تيجوا من غير عيال وتصلوا فى هدوء يا تقعدوا فى بيوتكم صلاة الست فى بيتها أحسن».