سنوياً يحيى الجزائريون ذكرى 8 مايو 1945، الذى سقط فيه أكثر من 45 ألف جزائرى، يستدعون صور المجازر الجماعية والإبادة المنظمة التى استهدفت الإنسان والهوية، وسعت إلى طمس التاريخ ومحو الجزائر من خارطة العالم.
يهدف إحياء الذكرى السنوية واسترجاع الصورة المؤلمة إلى تذكير ورثة الاستعمار الفرنسى بالصورة المغالطة التى يحاولون إقصاءها وسط الأجيال الجديدة والتخلص من عقدة الضمير على حساب الحقيقة والتاريخ.
ولأن هذه الذكرى تسكن عقل وقلب كل جزائرى، فالجزائريون يكررون على مدار السنة مطالبتهم السلطات الفرنسية بالاعتراف وبالاعتذار الرسمى والتعويض. وعشية إحياء الذكرى الـ65 لمجازر 8 مايو، جدد حزب جبهة التحرير الوطنى موقفه بأنه «لن يكل ولن يمل» من المطالبة بالاعتراف بحقيقة الجريمة الاستعمارية فى الجزائر، وبالاعتذار الرسمى عنها، لأن التعويض هو السبيل الأمثل والأقصر.
وفى يناير 2010 طالب نواب فى المجلس الشعبى الوطنى (البرلمان) بمشروع قانون يجرم الاستعمار الفرنسى فى الجزائر، ونص المشروع على إنشاء محاكم لمحاكمة المجرمين، وطالب بالتعويضات.
وصادقت الجمعية الوطنية الفرنسية يوم 9 فبراير 2010 على اتفاقية الشراكة والتعاون بين الجزائر وباريس الموقعة فى 7 ديسمبر 2007.
لكن الجدل اشتعل فى الجمعية الفرنسية، حول مبادرة البرلمان الجزائرى لتجريم الاستعمار الفرنسى، وشكك وزير الخارجية الفرنسى برنار كوشنير فى قدرة البرلمان الجزائرى على إصدار قانون يجرم الاستعمار، وقال فى تصريح صحفى 9 فبراير 2010 إن الحكومة هى التى تفصل وليس البرلمان.
كما صرح بأن العلاقات الجزائرية الفرنسية قد تتحسن بعد رحيل «جيل الثورة» الذى يحكم حالياً.
لكن جيل الثورة يعمل اليوم، كما عمل فى الأمس، على التواصل والاستمرارية بين الأجيال، وتوعيتها وتنمية الروح الوطنية والتحريض على تجريم الظاهرة الاستعمارية، خاصة بين الشباب والناشئة، وتأكد هذا مجدداً فى بيان حزب جبهة التحرير الذى شدد على أن «الذكرى» هى الباب الواسع الذى دخل منه الشعب الجزائرى إلى الحرية والاستقلال، وذهب حزب جبهة التحرير إلى وصف المواقف الفرنسية بأنها بقايا فكر استعمارى مريض، لتستمر حلقات السجال الجزائرى - الفرنسى لحصول الأولى على حقوقها التى انتهكتها الثانية خلال عقود الحقبة الاستعمارية.