قال سعيد الألفى، رئيس جهاز حماية المستهلك، إن 70٪ من الأسواق المصرية تتسم بالعشوائية، مشيراً إلى أن القضاء على تلك العشوائية لن يتحقق إلا بالالتزام بالفاتورة، ووضع ضوابط للإعلانات المضللة، مؤكداً أن الجهاز لا يستطيع فعل شىء أمام ارتفاع الأسعار فى شهر رمضان، وحمَّل المواطنين مسؤولية ارتفاع أسعار السلع الغذائية، بسبب ممارساتهم التسويقية.
وطالب الألفى، خلال حواره مع «المصرى اليوم»، بتنظيم حملة دعائية تشترك فيها وزارة المالية، بهدف تعريف المواطن أهمية الفاتورة.. وإلى نص الحوار:
■ فى البداية.. هل يعلم رجل الشارع البسيط مصطلح حماية المستهلك؟
- «حماية المستهلك» ليست حركة جديدة، وهى حركة أهلية، وليست حكومية، وهى عبارة عن جمعيات تتبنى مصلحة المستهلك، وتصدر نشرات لتوعية المستهلكين وحمايتهم من السلع المغشوشة، أو السلع التى يفوق سعرها قيمتها الفعلية، وجهاز «حماية المستهلك» ضمن منظومة تشمل 3 أشياء لحماية المستهلك فى ظل اقتصاديات السوق الحرة، وهى حرية الممارسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وحماية الملكية الفكرية.
■ بماذا تفسر العشوائية الموجودة فى الأسواق؟
- لدينا 70٪ من الأسواق المصرية تقوم على العشوائية، وأرى أن القضاء على تلك العشوائية لن يتحقق إلا بشيئين، الأول هو الالتزام بالفاتورة، والثانى هو وضع ضوابط للإعلانات المضللة، ومنعها من الظهور على صفحات الجرائد وعلى شاشات الفضائيات، وأنصح المستهلك بألا يشترى أى منتج إلا بفاتورة، وعندما يفشل فى الحصول عليها لابد من الرجوع إلينا فى المقر الرئيسى فى 66 شارع أحمد عرابى بالمهندسين، ولدينا قسم الشكاوى والتحقيقات فى القرية الذكية، وهو قسم منفصل تماما ولا يتدخل أحد فى عمله، وافتتحنا فروعاً له فى الإسكندرية والشرقية وأسوان وسوهاج.
■ من المسؤول عن حالة الغلاء السنوية فى شهر رمضان؟
- أنماط الاستهلاك فى شهر رمضان هى المسؤولة عن ارتفاع الأسعار، فالناس قبل رمضان تذهب لشراء المستلزمات الرمضانية، وكأن هناك مجاعة ستحدث، فيشترون السلع بكميات كبيرة، وذلك يؤدى إلى قلة المعروض وبالتالى زيادة الطلب، ومن ثم زيادة الأسعار.
■ على أى من الأجهزة الرقابية يقع عبء مواجهة ارتفاع الأسعار؟
- المواجهة تحتاج إلى أطراف عديدة، فإذا كان رفع الأسعار نتيجة لممارسات احتكارية، فهناك جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، ودور الدولة يأتى من خلال زيادة منافذ التوزيع، وهو ما يقوم به المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة، بتنشيط التجارة الداخلية من خلال جهاز تنمية التجارة الداخلية، الذى يفتح منافذ كثيرة للبيع فى جميع المحافظات، ولابد من الإشادة بدور الجمعيات الاستهلاكية، لأنها تقوم بدور حيوى للحد من ارتفاع الأسعار، ونحن كجهاز حماية المستهلك لا نتدخل فى تحديد الأسعار، ولا توجد أى جهة منوطة بتحديد سعر أى سلعة.
■ هل جهاز حماية المستهلك قريب من المواطن البسيط؟
- لا أستطيع القول بأن الجهاز قريب أو بعيد، فطبيعة عملنا مثل الطبيب الذى لا يذهب إلى المرضى من تلقاء نفسه، بل ينتظر المرضى حتى يأتون إليه ويشكون له مما يشعرون به من مشاكل صحية، حتى يشخص المرض ويكتب الروشتة المناسبة، وحتى الآن تلقى الجهاز أكثر من 222 ألف مكالمة على الخط الساخن، الشكاوى الحقيقية منها 28 ألف شكوى، تم حل 24 ألفاً منها، والمشكلة الحقيقية تتمثل فى أن المستهلك فى مصر، عادة لا يشترى بفاتورة، ولذلك لا يستطيع أن يقدم شكوى للجهاز، والبائع من جانبه يخشى تقديم الفاتورة، خوفاً من محاسبته وملاحقته ضريبياً، بالإضافة إلى أن المستهلك عندما يطالب البائع بفاتورة، يقول له الأخير: «هضيف عليك 10٪».
■ ومتى تكون لدينا ثقافة الحصول على فاتورة الشراء؟
- نحتاج إلى حملة إعلامية كبيرة، بالإضافة إلى تدريس ثقافة «الفاتورة»، وذلك بالتعاون بين وزارتى المالية والتربية والتعليم، ولابد للمستهلك أن يساعدنى حتى أستطيع أن أساعده، ولابد للحملة الإعلامية أن تركز فى شعارها على حق المستهلك وتشجيعه على عرض مشكلته علينا، وبالتأكيد المسألة ستأخذ وقتاً.
■ عندما يقدم المستهلك شكواه.. كيف يتم التعامل معها؟
- فى البداية نتحقق من الشكوى، ثم نسأل المستهلك هل حاول حل المشكلة بطريقة ودية مع التاجر أم لا؟!، ثم نقوم بالاتصال بالتاجر، فإذا التزم معنا، كان بها، وفى معظم الحالات يلتزم معنا التاجر أو الشركة، وإذا لم يلتزم، يتم عرض المشكلة على مجلس الإدارة الذى يحيلها إلى الشؤون القانونية، لاتخاذ إجراءات إحالتها إلى النيابة العامة التى تحيلها بدورها إلى المحكمة الاقتصادية طبقاً لقانون حماية المستهلك.
■ ما الذى يميز جهاز حماية المستهلك عن الأجهزة الرقابية الأخرى؟
- معظم أعضاء مجلس إدارة الجهاز الـ15 من المجتمع المدنى، وهو أول جهاز حكومى فى مصر تكون مصلحته الأولى والأخيرة حماية المستهلك، و«أنا مش بتاع ضرايب عايز ألم من المواطن فلوس، الجهاز ده الحكومة عاملاه أصلاً لصالح المواطن».
■ لماذا يقال عن الجهاز إنه جاء منزوع الأنياب؟
- هذا ليس حقيقياً بالمرة، فهناك عقوبات مادية يتم فرضها على التجار والشركات، وإن كنت شخصياً أريد أن يتم تشديد العقوبات، ولكننا نستغل خوف التاجر على سمعته، فنعتمد على سياسة «التجريس» لكل من تسول له نفسه التلاعب بسلامة المستهلك، وهى عقوب رادعة جداً، فالجهاز ينشر الحكم ويوزعه على جميع الصحف، والجميع يخشى على سمعته، ولكن ذلك يكون بعد استنفاد جميع الطرق الودية للحل.
■ بوصفك قيادياً بارزاً فى الحزب الوطنى، ما تقييمك لتجربة تعيين رجال الأعمال وزراء؟
- ليس لدىّ شك فى أن رجال الأعمال الوزراء رجال شرفاء، ولكن لابد من وضع ضوابط حتى نقطع الشك باليقين، وعلى العموم نحن لا نستطيع القول بأن الحكومة «حكومة رجال أعمال»، فلا يوجد سوى 3 أو 4 رجال أعمال ضمن 32 وزيراً، وهى نسبة ضئيلة جداً، والحكومة الحالية أنجح من الحكومات السابقة، وأى مسؤول فى مصر يسعى إلى أن يعيش المواطن العادى فى مستوى ممتاز، ولابد من تغيير الفكرة المغلوطة عن رجال الأعمال، وتلك هى مسؤولية رجال الأعمال أنفسهم، ومسؤولية الإعلام، فنحن الآن لدينا رجال أعمال يمتلكون صحفاً وقنوات فضائية، ولكنهم أكثر الناس إساءة إلى رجال الأعمال.
■ هل تتوقع حدوث ثورة جياع مستقبلاً فى مصر كما يتوقع البعض بسبب اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء؟
- الدين والإيمان موجود فى مصر، والتكافل الاجتماعى هو الذى يحمى مصر من هذه الأمور، و«الحمد لله محدش بيبات جعان». ومعظم توجهات وقرارات الحكومة موجهة أساساً لمحدودى الدخل، فمثلاً بطاقات التموين زادت، والحكومة تسعى إلى عمل معاش لكل من يصل إلى سن الـ65 عاماً، وهناك حزمة من الإجراءات موجهة لمحدودى الدخل.
■ ما أهم المشكلات التى تواجه الجهاز؟
- المشكلة الأساسية تتمثل فى ضرورة تعديل المادة الخاصة بالإعلانات، خاصة الإعلانات المضللة، ولابد من تشديد العقوبات فيها، سواء من المعلن أو جهة الإعلان، وهناك موضوع الفاتورة الذى وضعته وزارة المالية ضمن قانون التهرب الضريبى، ولكن يجب على قانون حماية المستهلك أن يجعل الفاتورة إلزامية، وتجريم البيع دونها.