x

هنا «أبوسمبل 2».. هواء بـ«الكلور».. والأهالى: الأمراض تحاصرنا والموت ينتظرنا

الخميس 12-08-2010 17:36 | كتب: محمد عبد العال, رضوي عادل, عمرو التلاوي |
تصوير : اخبار

على أطراف حى العامرية فى المحافظة، وبالقرب من منطقة النهضة، التى صدر قرار من رئاسة مجلس الوزراء، يقضى بتحويلها من منطقة زراعية إلى صناعية قبل 10 سنوات، تقع قرية «أبوسمبل 2».. حيث يعيش الآلاف من سكانها حالة رعب دائم، حسب وصفهم أرجعوها لخوفهم من انفجار «تنكات» غاز الكلور «السام» الموجودة داخل شركة الإسكندرية لصناعة الألياف الصناعية، المعروفة بـ (إسكندرية فيبر) التى لا تفصلها سوى أمتار قليلة عن القرية، بالإضافة إلى معاناتهم اليومية- بحسب تأكيدات الكثير منهم- مما وصفوه بـ«استمرار تسرب الغاز» منذ فترة، فى الوقت الذى يؤكد فيه مسؤولو الشركة عدم صحة ما يرادده الأهالى حول تسبب المصنع فى تدمير الحياة النباتية والحيوانية داخل القرية، إلى جانب خطورته على صحة السكان. شركة «إسكندرية فيبر» أصبحت حديث الساعة، بين أهالى منطقة العامرية، خاصة بعد الأحداث الأخيرة التى شهدتها نتيجة إصابة نحو 18 مواطنا من سكان المنطقة المحيطة بها بحالات اختناق وإغماءات «جماعية»، بالإضافة إلى توارد أنباء عن تعرض أحد العاملين بها لإصابة شديدة بسبب كسر إحدى أسطوانات غاز الكلور وتسربه منها.

أمام هذه الظاهرة التى تحمل بين طياتها نُذر الموت خنقاً للعشرات، بل المئات، حسب مخاوف الأهالى سعت «إسكندرية اليوم» لرصدها عن كثب، حيث ذهبت إلى موقع المصنع والمناطق المحيطة، والتقت عشرات الأهالى للاستماع إلى شكاواهم، فلا تبعد قرية «أبوسمبل 2» عن مركز العامرية، التابعة له، سوى بضعة كيلو مترات، تقطعها سيارة «المشروع»، كما يسميها الأهالى فى أقل من نصف ساعة مستخدمة الطريق الرئيسى الذى يشرف على مجموعة من الشركات الخاصة بالمنتجات البترولية ومشتقاتها، وفى بداية طريق ترابى «ضيق» ملاصق لمصنع «الفيبر» تتوقف السيارة ليعلن سائقها عن الوصول إلى مدخل القرية الصغيرة، ليستكمل الراكب بعدها رحلته إلى القرية سيرا على الأقدام لمسافة تتجاوز الـ500 متر، نظرا لأن الطريق غير ممهد وملىء بالعديد من الحفر والمطبات.

وبعد 10 دقائق من السير المتواصل، وسط كميات كثيفة من الغبار الناتج عن الأتربة الموجودة على الطريق، بدأت تلوح فى الأفق مجموعة من المنازل المتناثرة فى المكان بشكل غلب عليه الطابع العشوائى، وتنتشر بها الممرات الضيقة والأزقة القصيرة التى تطل على الأراضى الزراعية، وأمام أحد هذه المنازل وقفت سيدة عجوز، تدعى نجيبة السيد، مستندة إلى باب خشبى وهى تمسك بطرف «طرحتها» السوداء فى محاولة منها لتغطية النصف الأسفل من وجهها وسط نظراتها المتفحصة لنا لحظة وصولنا إلى مدخل القرية، وبمجرد تعرفها على هويتنا قالت بنبرة حزينة اعتصرها إحساس شديد باليأس: «كويس والله إن لسه فيه حد فاكرنا وبيسأل علينا لغاية دلوقتى».

سألناها عن سبب ترديدها هذه الكلمات، فأجابت بعفوية واضحة وهى تشير إلى سور مصنع الفيبر المواجه لمنزلها: «مش أنا بس اللى بقول الكلام ده لوحدى، لكن الناس هنا كلها بتقول كده ولو سألت هتعرف أن الحالة اللى عايشين فيها كلنا بسبب المصنع ورائحة الكلور اللى بنشمها طول اليوم، تخليك تقول أكتر من كده».

ومن منزل «نجيبة» إلى منزل منصور أحمد، 56 عاما، الذى «تقطع قلبه» حسب قوله، بعد إصابة أبنائه الثلاثة بحالات اختناق وإغماءات مفاجئة، وجدنا ابنه الأكبر «وائل» يفترش قطعة بالية من «الحصير» البلاستيك ملتحفاً بـ«ملاية» صغيرة، وعلى مقربة منه جلست والدته وهى تحتضن نجله، وتحاول أن تمسح بطرف عباءتها سيل دموعها المنهمرة على وجنتيها، طوال الوقت، وقالت: «منهم لله بتوع الشركة لا عندهم ذمة ولا ضمير ولا بيراعوا ربنا فينا، ده مش مكفيهم إنهم خلونا زباين دايمين للمستشفيات، لأ ده كمان عاوزين يموتونا بالبطىء».

ويحكى «وائل»، الابن صاحب 15 سنة، بصوت متقطع وأنفاس لاهثة، ماتعرض له منذ أيام، أثناء تواجده فى الحقل لرى الأرض نتيجة استنشاقه لغاز الكلور المتسرب- حسب زعمه- من إحدى الأسطوانات التابعة لمصنع الفيبر: «فى حوالى الساعة الثانية من منتصف الليل بينما كنت أروى الأرض القريبة من المصنع مع إخوتى، فوجئت بإغمائهم وشممت رائحة الكلور، ووجدت جميع الأهالى يهربون إلى الحقول بعيدا عن اتجاه الرائحة، وبعدها لم أدر بنفسى إلا وأنا فى مستشفى العامرية العام، وأنا على جهاز التنفس الصناعى».

ويضيف عقب صمت لحظات: «حاولنا الحصول على تقرير طبى من المستشفى بحالتنا لتحرير محضر بالواقعة، إلا أن مسؤوليها رفضوا دون إبداء السبب، ولا نعلم السبب حتى الآن، لدرجة أن البعض منا يزعم أن هناك تواطؤاً من إدارة المستشفى الحكومى مع أحد المسؤولين بالمصنع على حساب حياتنا».

ويتابع: «بعد خروجى من المستشفى وأثناء تواجدى فى العمل تعرضت لإغماءة أخرى وسقطت على الأرض، ما دفع زملائى لنقلى إلى أحد المستشفيات الخاصة، وهناك أخبرنى الأطباء بأن تأثير غاز الكلور الذى تم استنشاقه تسبب فى زيادة سرعة ضربات القلب لدىَّ وحذرونى من إمكانية التعرض للوفاة فى حالة تكرار الموقف».

لم يمض على تواجدنا داخل القرية سوى فترة قصيرة لم تتجاوز مدتها نصف الساعة، بعدها فوجئنا بتجمع العشرات من الأهالى نساء وأطفال وشباب ورجال فى مدخل القرية على مقربة من مسجد التقوى، الذى تفصله عدة أمتار عن سور الشركة، وهم يحملون مئات التقارير الطبية ونتائج التحاليل والأشعة و«روشتات» العلاج التى تم صرفها، وما إن اقتربنا منهم إلا وارتفعت الأصوات الغاضبة، لاستمرار ما وصفوه بـ«تواطؤ» بعض الأجهزة الرقابية والتنفيذية مع الشركة المملوكة لمجموعة من المستثمرين الهنود- حسب تأكيدهم.

أكد أهالى القرية أن جميع الأطفال الموجودين بها يعانون من الأمراض الصدرية والجلدية.

وإلى جوار حائط مبنى من الطوب الأبيض وقفت سناء عبد الموجود، «ربة منزل»، وهى تشير إلى وجه وجسد طفلها الملىء بالتقرحات الجلدية، وقالت: «مفيش حد فينا سليم لا كبير ولا صغير بسبب ريحة الكلور والخنقة اللى بتحصل لنا، لما الريح بتيجى علينا، وكل يوم بيعدى علينا هنا بيتكتب لنا عمر جديد، لدرجة أننا خايفين ننام منصحاش تانى يوم».

رائحة نفاذة للغاية هى رائحة غاز الكلور «السام» التى تنبعث طوال اليوم من مصنع «الفيبر»، والتى أكدت جولة «إسكندرية اليوم» داخل القرية أنه لا يمكن لأى شخص حتى إذا كان يتمتع بلياقة بدنية عالية أن يقضى دقائق قليلة دون أن يصاب بحالة من الاختناق والسعال المستمر، ما يعد تفسيراً واضحاً لظاهرة انتشار «البخاخات» الطبية فى أيدى الأهالى بصفة دائمة منذ إنشاء الشركة، ويقول عنها الحاج رجب الجمال «55 سنة»: «كل يومين بشترى بخاخة بمبلغ 10 جنيهات علشان الواحد يعرف يتنفس وده مش حالى لوحدى، لكن كل الناس هنا ماشية بالبخاخة».

يشير «الجمال» إلى وجود مخطط من قبل أصحاب الشركة لتطفيش أهالى القرية وشراء أراضيهم بأبخس الأثمان، خاصة أن هناك بعض العاملين بها أكدوا لهم رغبة المستثمرين الهنود فى إجراء توسعات فى محيط المصنع خلال الفترة المقبلة، فضلا عن تعرضهم لمساومات «غير مباشرة» من قبل مسؤولى الشركة من خلال بعض السماسرة، «لكن ده مش هيحصل إلا على جثثنا لأننا أسسنا المكان هنا قبلهم ومالناش غيره».

وكشفت الجولة عن قيام مصنع «الفيبر» بصرف مخلفاته الصناعية على أحد المصارف التى تبعد عنه بنحو كيلو متر، التى أكد لنا الأهالى أن هذا المصرف يلقى بمياهه فى بحيرة مريوط مباشرة، ما يجعله أحد المصادر التى تتسبب فى تلوث البحيرة ونفوق الأسماك بها، وفق قولهم.

والمثير أن انبعاثات وروائح غاز الكلور المستمرة لم تؤثر فقط على صحة الأهالى، وامتدت لتؤثر، بحسب تأكيدهم، على الحيوانات والماشية فى القرية، بالإضافة إلى مزاعمهم بشأن تأثيرها الضار على الزراعات.

ويقول عبد المنجى سعيد، 60 سنة، إن كميات الغاز التى تتسرب من المصنع كل فترة تؤدى إلى إصابة الحيوانات والماشية بحالات اختناق شديدة تسببت فى وفاة العديد منها خلال الفترة الماضية، فضلا عن إتلافها للمحاصيل الزراعية «وكل ده سبب خسائر كبيرة للناس وخرب بيوتهم طبعا».

ونفى جابر عبد المولى، رئيس المجلس المحلى لحى العامرية، علمه بوقوع حوادث تسرب لغاز الكلور داخل المصنع خلال الفترة الماضية، وأكد أن واقعة التسرب التى حدثت منذ عدة أيام داخله تعد الأولى به منذ إنشائه.

من جانبها، قالت نادية قويدر، رئيس لجنة البيئة بالمجلس المحلى لمحافظة الإسكندرية: إنه قرر عقب مناقشة مشكلة واقعة تسرب الغاز إحالة الموضوع إلى لجنة البيئة، وقالت: الأيام المقبلة ستشهد عقد اجتماع موسع لتقصى الواقعة، وتحديد الإجراءات والخطوات التى سيتم اتخاذها فى هذا الشأن.

وأوضحت أن المجلس انتهى من إخطار فرع جهاز شؤون البيئة فى المحافظة بالموضوع، وأرسله بدوره إلى لجنة للمعاينة وإعداد تقرير حول الواقعة، ستستند إليه لجنة البيئة، عند إصدار توصياتها، فضلاً عن اعتمادها على التقارير الطبية الخاصة بالمصابين.

وأضافت: «لا يجوز بأى حال من الأحوال أن يصاب أى مواطن بالضرر، وبالتالى فإن القضية ليست إغلاق المصنع حال ثبوت مخالفته للاشتراطات البيئية، وإنما هى قضية توفيق أوضاع، خاصة أنه يعد مثل غيره من المصانع، مصدراً للدخل القومى، ولكن ذلك لا يعنى عدم توقيع عقوبات مادية ومعنوية ضد المخالفين. وقالت الدكتورة منى جمال الدين، رئيس جهاز شؤون البيئة فى المحافظة، إن هناك توجيهات مشددة صدرت من المهندس ماجد جورج، وزير الدولة لشؤون البيئة، بضرورة التحرك الفورى لمواجهة تسرب الكلور من شركة إسكندرية للفيبر، منعا لزيادة الانبعاثات فى المنطقة المحيطة.

وأشارت إلى تشكيل لجنة من الفرع للتفتيش على الشركة، واتخاذ جميع الإجراءات القانونية، فضلا عن إلزامها بتأمين الموقف والسيطرة على التسرب.

فى المقابل نفى أحمد محفوظ، مدير عام إدارة العلاقات العامة بشركة الإسكندرية للألياف الصناعية، صحة الأقاويل وما سماه المزاعم التى تتردد على ألسنة أهالى قرية أبو سمبل 2 حول تسبب الشركة فى إلحاق الضرر بأهالى قرية أبو سمبل 2 الواقعة خلفها.

وقال «محفوظ» لـ«إسكندرية اليوم»: «إن وقوع الأخطاء وارد فى أى مكان وزمان لكن المصنع لم يشهد أى تسرب لغاز الكلور، كما يزعم البعض، خاصة أننا نمتلك معدات وتجهيزات على أعلى مستوى فى مجال الأمن الصناعى قادرة على التصدى لأى مشكلات طارئة».

وأرجع السبب فى استمرار شكاوى الأهالى، إلى صدور القرارين رقم 440 و442 لسنة 2000 من رئيس مجلس الوزراء، الذى قضى بتحويل منطقة النهضة الزراعية إلى منطقة صناعية، مما دفع أصحاب المجموعة المالكة للشركة، إلى إنشاء المصنع فى هذه المنطقة، ومع مرور السنوات ظهرت رغبتهم فى التوسع وقرروا شراء الأراضى المحيطة إلا أن أصحابها طلبوا مبالغ «خيالية»، ما أدى إلى تراجعهم عن هذا الموضوع- حسب تعبيره.

وفيما يتعلق بإلقاء الشركة صرفها الصناعى على أحد المصارف التى تصب فى بحيرة مريوط، أكد «محفوظ» أن الصرف الخاص بالشركة الذى يتم توجيهه إلى هذا المصرف هو صرف معالج بشكل كامل داخل محطة المعالجة الموجودة فى الشركة، وتعمل- بحسب قوله- وفقا لأحدث تقنيات التكنولوجيا اليابانية بنظام المعالجة البيولوجية، الذى يتم من خلاله استخدام البكتيريا النافعة الموجودة فى مخلفات «الروث» فى القضاء على خطورة المواد الكيميائية الموجودة فى الصرف، فضلاً عن امتلاك المصنع معمل تحاليل مجهزاً يتولى القائمون عليه سحب عينات من صرف الشركة بصفة منتظمة للتأكد من عدم خطورتها على البيئة.

العديد من المواقع الإلكترونية العلمية الموجودة على شبكة الإنترنت، قدمت تعريفا لغاز الكلور على أنه غاز «سام» مخضر مائل إلى الاصفرار إذا كان تركيزه عاليا، أما فى حالة التركيز المنخفض ويكون عديم اللون، وهو غير قابل للاشتعال وأثقل من الهواء بمرتين ونصف، ومن أبرز خصائصه تفاعله مع الهيدروجين فإذا تم خلط كميتين متساويتين منهما فى الظلام وتعرض هذا المخلوط لضوء الشمس فسيحدث انفجار كبير.

وذكرت المواقع أن التعرض لتركيزات قليلة من الغاز يتسبب فى إحداث تهيج فى العين والأنف والحلق واحمرار فى الوجه وزيادة عملية السعال، فى حين أن التعرض للتركيزات العالية منه يؤدى للإصابة بالاختناق وضيق التنفس والاستسقاء فى الرئتين، والتى تؤدى بدورها إلى الوفاة الفورية، فى بعض الحالات.

وحول تأثير غاز الكلور على الصحة العامة للإنسان، قال الدكتور عبدالمنعم كامل ربيع، رئيس قسم الأمراض الصدرية بكلية الطب جامعة الإسكندرية، عضو الجمعية الأمريكية لأمراض الصدر والحساسية: إن غاز «الكلور» من الغازات ذات التأثير الضار على الجهاز التنفسى للإنسان، حيث يصل تأثيره للشعب والحويصلات الهوائية والأوعية الدموية الموجودة فى الرئة، ويؤدى استنشاقه بتركيزات عالية، إلى تقلص حاد فى الشعب الهوائية وانسداد فى مجارى التنفس وفشل تنفسى كامل وتسمم، خاصة مع مرضى حساسية الصدر والانسداد الشعبى المزمن الذى يصيب المدخنين، بالإضافة إلى أنه من الممكن أن يؤدى فى حالة استنشاقه بكميات كبيرة، إلى الوفاة إذا لم يتم نقل المصاب على وجه السرعة لوحدة علاج مجهزة تجهيزاً كاملاً.

وأضاف «ربيع»: «التعرض المستمر لغاز الكلور على المدى الطويل يؤدى إلى الإصابة بأمراض حساسية الصدر والانسداد الشعبى المزمن وتليف الرئة وتضخم فى عضلة القلب اليمنى، فضلا عن تأثيره على إنزيمات الكبد ووظائفه، وهو ما يفسر قيام العاملين فى المصانع والشركات التى تستخدم هذه المادة بإجراء اختبارات لوظائف الكبد كل 6 أشهر، ووظائف الرئة كل عام».

وتابع: «من المتعارف عليه علميا أن أى مرض يؤثر على الشعب الهوائية يؤدى فى النهاية إلى الإصابة بمرض السرطان».

وفيما يتعلق بتأثيره على البيئة المحيطة، قال الدكتور كمال حامد نوير، أستاذ الصحة المهنية وتلوث الهواء بالمعهد العالى للصحة العامة: إن غاز الكلور لا يدرج ضمن ملوثات الهواء عالية السمية، مثل أول أكسيد الكربون والأكاسيد الكبريتية والنيتروجينية والجسيمات العالقة، التى تعتبر أبرز الملوثات الأساسية للهواء.

وأضاف: «غاز الكلور مادة نوعية لا توجد فى الهواء إلا فى حالات التسرب نتيجة الحوادث أو وقوع أخطاء أثناء التشغيل، وهو من المواد المُهيّجة التى تؤثر على الأغشية المخاطية فى الجسم، لكونه من المواد سريعة الذوبان فى سوائل هذه الأغشية، ويظهر تأثيره فى شكل سعال حاد وزيادة فى إفراز القنوات الدمعية، وحال عدم الابتعاد الفورى عن مكان التسرب يؤدى إلى الاختناق».

وتابع: «الكلور من الغازات التى يصعب على الإنسان تمييزها بحاسة الشم، وإذا استطاع الأفراد العاديّون تمييزه يحدث ما سبق ذكره من أعراض خاصة لدى الأطفال».

وحول تأثير تسرب الغاز إلى المجارى المائية المحيطة، أوضح «نوير» أن شركات المياه تستخدم الكلور فى عمليات التعقيم والتطهير، بنسبة 5 أجزاء فى المليون متر مكعب، ليصل فى الصنابير إلى نصف جزء فى المليون، خاصة أن الكلور عامل مؤكسد كما يطلق عليه البعض، مما يجعل من عملية وصوله إلى المجارى المائية غير خطيرة، بحسب تأكيده، «لأن البكتيريا والفطريات والطحالب والكائنات الحية الموجودة بها ستقوم باستهلاكه فى وقت قياسى».

وتضاربت الآراء المفسرة حول تأثير غاز الكلور على الحيوانات، وفى الوقت الذى يؤكد فيه الدكتور عبدالعزيز موسى نور، أستاذ الإنتاج الحيوانى بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، أن تأثير تعرض الحيوانات للغاز أخف بكثير من تأثيره على الإنسان، لاحتواء معدة الحيوان على نسبة عالية من البكتيريا والميكروبات التى تعمل، حسب قوله، على كسر حدة السموم وتحويلها إلى مواد نافعة، قال الدكتور محمود علوى، مدير مديرية الطب البيطرى فى الإسكندرية: إن الكلور مادة سامة ذات تأثير واحد على الإنسان والحيوان وتؤدى حال استنشاقها بكميات كبيرة إلى الإصابة بالاختناق.

وحاولت «إسكندرية اليوم» الحصول على تعليق الدكتور سلامة عبدالمنعم، وكيل وزارة الصحة فى المحافظة، ومدى صحة شكاوى أهالى المصابين ورفض مسؤولى مستشفى العامرية العام إمدادهم بتقارير طبية حول حالة أبنائهم، لكنه رفض التعليق متعللاً بانشغاله فى أحد الاجتماعات.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية