x

السفير اليوناني بالقاهرة: موافقتنا على شروط «النقد الدولي» كانت «خطأ» (حوار)

الجمعة 18-10-2013 20:03 | كتب: مصباح قطب, لبنى صلاح الدين |

قال كريس لازاريس، السفير اليوناني بالقاهرة، إن الأزمة الاقتصادية التي عاشتها بلاده انتهت، وبدأ التحسن النسبي في مؤشرات الاقتصاد، مؤكدا أن ظروف الاقتصاد المصري مختلفة، حيث سار الأخير في خطوات مكنته من البقاء متماسكا.

وأشار «لازاريس» في حوار لـ«المصري اليوم» إلى أن حزمة الإنقاذ الأولى التي قدمها برنامج صندوق النقد الدولي لبلاده كانت فاشلة، وباعتراف الصندوق نفسه، وذلك لأن تشخيص الأزمة من البداية كان خاطئاً، مضيفا أن الموافقة على تلك الشروط هي أحد الأخطاء التي وقعت في إدارة أزمة اليونان.. وإلى نص الحوار:

بداية: أين تقف اليونان الآن في أزمتها الاقتصادية؟

- الأزمة الاقتصادية نفسها تعتبر انتهت، واليونان الآن في مرحلة تحسن نسبى لمؤشرات الاقتصاد إلا أن هناك نسبة كساد تقدر بنحو 3% نتيجة الإجراءات التقشفية، ويتوقع أن يكون هناك تحول نحو النمو الإيجابى مع 2014.

و الفترة الحالية تشهد ما يسمى في الاقتصاد فائض ما قبل خصم خدمة الديون، إلا أنه مع نهاية العام الجديد سيكون النمو إيجابياً.

ما أبرز الأخطاء في إدارة الأزمة التي أوصلتكم إلى حافة إعلان إفلاس الدولة؟

- الأزمة الاقتصادية لم تكن أزمة يونانية، وإنما هى أزمة أوروبية بالأساس، وسببها السياسات النقدية المتبعة داخل الاتحاد الأوروبي والتي شكلت ضغطا على موازنات العديد من دول الاتحاد، وبدأت بوادرها تظهر في ألمانيا 2007 قبل الأزمة العالمية نفسها، ولكن نظراً لأن زيادة الدين الألمانى كانت محصورة في الدين الداخلى فتم التحكم فيها، بعكس ما حدث مع اليونان.

هناك ظلم كبير وقع على اليونان، لأن المخاوف التي أدت إلى الأزمة لم تكن حقيقية، فبالفعل كان الدين الخارجى كبيراً، ولكنه لم يكن محل خطر، وإنما حالة الذعر التي أصابت السوق الدولية، بعد انهيار «ليمان برازر» أدت إلى وجود تشدد في مواقف مؤسسات التمويل الدولية، وبدأ الاتحاد الأوروبي يسعى إلى عمل، وربما فرض توازنا في موازنات الدول أعضاء الاتحاد.

إذن، هل الاتحاد الأوروبي يتحمل جزءا من أسباب الأزمة في اليونان؟

- التعامل مع ديون اليونان الخارجية على اعتبار أن الدولة غير قادرة على سدادها جعل مؤسسات التمويل الدولية تعكس صورة سلبية على الاقتصاد، وبالتالى بدأت في تخفيض درجات الائتمان، ما حمل اليونان تكلفة مرتفعة جداً للديون كان يمكن تلافيها من البداية، لأنها لم تكن مبنية على مخاوف حقيقية.

وذلك بالإضافة إلى أن الاقتصاد الأوروبي أصلاً يعتمد على سياسات متشددة من البداية، تؤمن بها دول الشمال الأوروبي بالذات أدت إلى التقشف والتضييق على الاستثمارات بشكل عام، وهو ما أدى إلى زيادة حدة الأزمة العالمية عليها وانتشارها، ليس فقط في اليونان، وإنما أيضا في ليتوانيا وإسبانيا وغيرها من الدول الأوروبية، لأنه لم يكن هناك دعائم للنمو، في ظل غياب الاستثمارات والتضييق عليها.

هل تعيدون النظر إذن في مسألة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي؟

- دخول الاتحاد كان يهدف للانخراط في التقدم الأوروبي، ونحن كنا ندرك وجود اتفاقيات لم تكن في مصلحة الدول الأقل اقتصاداً، ومنها اليونان وأيضا اتفاقية الشينجن التي أثرت سلباً على السياحة اليونانية، بسبب تصعيبها لخطوات استخراج التأشيرت.

لماذا وافقتم على الشروط القاسية لحزمة الإنقاذ، وما أبرز نتائجها؟

- الموافقة على تلك الشروط هى أحد الأخطاء التي وقعت في إدارة أزمة اليونان، لأن نتيجة حزمة الإنقاذ الأولى التي قدمها برنامج الصندوق كانت فاشلة، وباعتراف الصندوق نفسه، وذلك لأن تشخيص الأزمة من البداية كان خاطئًا.

فالصندوق يتعامل دائما مع هذا النوع من الأزمات بتفكير نقدى بحت، من خلال إصلاح عجز الموازنة عن طريق خفض بنود الإنفاق في الموازنة للوفاء بسداد الديون في مواعيدها، في حين أن خفض بنود الإنفاق من رواتب وأى حوافز، فضلاً على أن فرض ضرائب مرتفعة يؤدى إلى حالة ركود شديدة وتوقف للاستثمارت، وبالتالى فإن الدولة لا تستطيع في النهاية سداد القروض، وهى النتيجة التي وصلت إليها اليونان نتيجة فشل حزمة المساعدات الأولى.

ما العيب الأساسى في برنامج صندوق النقد معكم؟

- البرنامج الذي قدمه الصندوق أدى إلى خلق مشاكل في سداد الدين، لأنه زاد فترة الكساد الاقتصادى وبالتالى قلل من موارد الدولة، فخلق أزمة في سداد فوائد الدين مستقبلاً.

لو افترضنا أن اليونان أخد من الصندوق مثلاً 100 يورو لكان مطالباً بسداد 60 يورو منها في أول سنة لدائنين سابقين، بالتالى كان سيتبقى له 40 يورو، إذن في العام المقبل وبافتراض أنه استطاع أن يزيدها إلى 60 يورو سيكون مطالبا أيضا بأن يدفعها بالكامل في العام الثانى للصندوق.

هل تتصور أن هذه الأخطاء مقصودة؟

- صندوق النقد الدولى يتعامل مع رؤوس أموال تساهم بها دول وإقراضها يكون بفوائد عالية والجزء الذي يشغلهم هو سداد الدين، وبالتالى فإن شروطهم تكون لخدمة هذه الفكرة، وهى تأتى دائما في صورة خفض النفقات للوفاء بسداد الدين، وهم يعلمون أنهم في جميع الأحوال سيستردون قيمة هذا الدين، سواء نجح البرنامج الذي اقترحه أو لم ينجح.

وأيضاً الصندوق كجهة بها بيروقراطية عالية تستريح أكثر لما تعكسه الأرقام، ويعتمدون عليها دون تعمق في الواقع.

ما العبء الذي وقع على المواطن اليونانى جراء ذلك؟

- حتى يناير 2013 بلغت الفوائد للبنوك الألمانية 63 مليار يورو، و32 مليار يورو للبنك المركزى الأوروبي عن القروض، لم يتحمل أى مواطن غير يونانى شيئا عنا كما قيل، لكن المواطن الوحيد الذي تحمل عبء ديون اليونان هو المواطن اليونانى، والذي دفع 60% من دخله، في صورة زيادة في الضرائب وتخفيضات في الأجور لسداد هذا الدين، والكلام عن أن المواطن الألمانى دفع من ضرائبه لسداد الدين غير صحيح.

كل ذلك بالإضافة إلى الشروط شديدة القسوة التي فرضها برنامج صندوق النقد الدولى، فقد كان مطلوباً خفض معاشات التقاعد وأجور القطاع العام وفرض ضرائب باهظة وتسريح عمالة، رغم أن هذه الإجراءات تخفض السيولة، ولا تزودها، لأنه نتج عنها كساد وركود في الأسواق.

وبالتالى لاحظت الدولة أن الحل الذي قدمه صندوق النقد كان خاطئا حتى الصندوق نفسه في تقريره العام الماضى عن ثلاث سنوات إنقاذ- كشف عن أخطاء كبيرة في تعامله وفي البرنامج الذي قترحه لحل مشكلة اليونان.

كيف استطعتم الخروج من هذه الدوامة والانتقال إلى مرحلة انتعاش؟

- قبل ظهور الأزمة المفتعلة كان اقتصاد اليونان ينمو، ويحقق 4.5% معدل نمو، والبنية التحتية للشركات اليونانية سليمة، ومازالت سليمة والتصدير من 2009 حتى الآن زاد 120%.

والتصدير لمصر ارتفع 300%، وعدد كبير من الشركات اليونانية يستثمر في مصر، لأن مصر إحدى أهم الدول بالنسة للشركات اليونانية، حيث إنها تتمتع بـ5% من إجمالى الاستثمارات الخارجية اليونانية، ويوجد بمصر 156 شركة يونانية برأس مال مستثمر يقدر بـ3 مليارات دولار.

ولقد ساعدنا ذلك، وخرجنا من الأزمة أيضا عندما اعتمدنا على أسسنا الاقتصادية السليمة بالفعل، وتم ترشيد الإنفاق تماما، وليس فقط الإنفاق الزائد عن الحاجة، فقد شمل الأمر حتى بعض البنود الأساسية.

وتمت زيادة التصدير، وانعكس ذلك بالإيجاب على الموازنة وبشكل سريع، وتم تخفيض الأجور، والمواطن اليونانى ظل يدفع نحو 60% من راتبه للخروج من الأزمة، وطبق الأمر على جميع العاملين بالجهاز الإدارى للدولة حتى أنا تم خصم جانب من راتبى.

هل هناك تشابه مع أوضاع اليونان وقت الأزمة وأوضاع الاقتصاد المصرى الآن؟

- أتصور أن ظروف الاقتصاد المصرى مختلفة، لأنه حتى الآن سار في خطوات مكنته من البقاء متماسكاً، وأتوقع أن يتعافي في وقت أقل مما احتاجت له اليونان، وذلك لأن مصر متحكمة في عملتها المحلية، وبالتالى لديها سياسة مالية مستقلة بعكس اليونان، فإن العملة الأوروبية الموحدة فرضت عليها ضغوطاً عديدة.

وفي التسعينيات كان هناك تضخم ومؤشرات اقتصادية مشابهة لظروف 2009 إلا أن اليونان وقتها كانت لاتزال لديها عملتها الوطنية، ما مكنها من التحكم في سياستها النقدية للخروج من مشكلتها خلال 3 أشهر فقط تقريباً.

ولكن ما أدى إلى تفاقم الأوضاع في 2009 هو وجود اليورو وهو كعملة وكفكرة عليه مآخذ أو تحفظات عديدة، وقبولنا له كان الهدف منه سياسياً بشكل أساسى، ولكنه أضر بنواح اقتصادية عديدة بعدد من دول الاتحاد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية