كان الروائي العالمي نجيب محفوظ أول عربي يحصل على نوبل في الآداب، وذلك في مثل هذا اليوم، 13 أكتوبر 1988، فكان حصوله عليها تتويجا، واعترافا بالأدب العربي، وخصوصيته، ورغم أن مسيرة عطاء «محفوظ» تبدو مرتبة، وكأنها تعبرعن مسار تطورعطائه الروائي، ورغم أنه كتب الرواية التاريخية، والواقعية، والذهنية، والسياسية، والاجتماعية، إلا أنه لم يكتب عملا واحدا عن القرية المصرية، وإنما اقتصر استلهامه الروائي على الحي الشعبي في مصر بروحه وأجوائه، ولا غرابة في ذلك، فإنه ولد ونشأ وتربى في حي الجمالية أقدم أحياء القاهرة في مصر القديمة.
ورغم أن «محفوظ» كتب قصص وسيناريوهات الكثير من الأفلام إلا أنه لم يكتب سيناريو واحدا مأخوذا عن أي من أعماله في حين تحول كثير من أعماله إلى سينما، ودراما، ومسرح، ومن أشهر أعماله: «أولاد حارتنا»، و«الثلاثية»، و«الحرافيش»، و«اللص والكلاب»، و«الشحاذ»، و«ميرامار»، و«زقاق المدق»، و«خان الخليلي»، و«القاهرة الجديدة»، (القاهرة 30) علاوة على مجموعاته القصصية.
وتعرضت روايته «أولاد حارتنا» للمصادرة بتوصيات دينية، لحظر النشر، لكنها نشرت على حلقات في جريدتي الأهرام، والأهالي ومن قبلهما نشرت كاملة في بيروت وسربت إلى مصر.
وتقول سيرة «محفوظ» إنه ولد في 11 ديسمبر 1911 في حي الجمالية، وسمي باسمٍ مركب تقديراً من والده عبد العزيز إبراهيم للطبيب، الذي أشرف على ولادته، التي كانت متعسرة «الدكتور نجيب محفوظ»، وعاصر «محفوظ» ثورة 1919 طفلا في السابعة من عمره، والتحق بجامعة القاهرة في 1930، وحصل على ليسانس الفلسفة.
وشرع «محفوظ» بعدها في إعداد رسالة الماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية، ثم غير رأيه، وقرر التفرغ للأدب، وعمل سكرتيرًا برلمانيًا في وزارة الأوقاف من 1938 إلى 1945 ثم مديرا لمؤسسة «القرض الحسن» في الوزارة حتى 1954، وعمل بعدها مديرا لمكتب وزير الإرشاد، ثم انتقل إلى وزارة الثقافة مديرا للرقابة على المصنفات الفنية، وفي 1960 عمل مديرا عاما لمؤسسة دعم السينما، ثم مستشارا للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتليفزيون، وكان آخر منصبٍ حكومي شغله هو رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما من 1966 إلى 1971 ثم تقاعد ليصبح أحد كتاب مؤسسة الأهرام، وتزوج نجيب محفوظ في فترة توقفه عن الكتابة بعد ثورة 1952 من السيدة عطية الله إبراهيم، وأخفى خبر زواجه عمن حوله لعشر سنوات حتى تشاجرت إحدى ابنتيه «أم كلثوم، وفاطمة» مع زميلة لها في المدرسة، فعرف الشاعر صلاح جاهين بالأمر، وانتشر الخبر بين المعارف.
أما عن مسيرته الإبداعية فقد بدأ الكتابة في منتصف الثلاثينيات، وكان ينشر قصصه القصيرة في مجلة «الرسالة»، ثم نشر روايته الأولى «عبث الأقدار»، ثم نشر «كفاح طيبة»، و«رادوبيس»، وبدءًا من 1945 بدأ خطه الروائي الواقعي، الذي حافظ عليه في معظم مسيرته الأدبية برواية «القاهرة الجديدة»، ثم «خان الخليلي»، و«زقاق المدق»، وكان قد توقف عن الكتابة بعد الثلاثية، ثم بدأ نشر روايته الجديدة «أولاد حارتنا» في جريدة «الأهرام» في 1959 ثم «ملحمة الحرافيش».
وظل «محفوظ» مُتجاهلاً من قبل النُقاد لما يُقارب خمسة عشر عاما قبل أن يبدأ الاهتمام النقدي بأعماله في الظهور والتزايد، وكتب عنه سيد قطب في مجلة «الرسالة» في 1944، وفي أكتوبر 1995 تعرض لمحاولة اغتيال علي خلفية تحريم رواية «أولاد حارتنا»، واتهامه بالكفر والخروج عن الملة، وخلال خضوع «محفوظ» للعلاج زاره في المستشفى الشيخ محمد الغزالي، الذي كان ممن طالبوا بمنع روايته «أولاد حارتنا»، وتوفي في 30 أغسطس 2006.
وحصل «محفوظ» على عدد من الجوائز منها «قوت القلوب الدمرداشية» عن «رادوبيس» في 1943، وجائزة وزارة المعارف عن «كفاح طيبة» في 1944، وجائزة مجمع اللغة العربية عن «خان الخليلي» في 1946، وجائزة الدولة في الأدب عن «بين القصرين» في 1957، ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى في 1962، وجائزة الدولة التقديرية في الآداب في 1968، ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى في 1972، وقلادة النيل العظمى.