مقالب الكاتب الساخر أحمد رجب، وأفكار الزعيم مصطفى كامل، و«أزمة الكساد العالمى فى القرن الماضى»، كانت محاور الحديث فى حلقة هذا الأسبوع من برنامج عصير الكتب الذى يذاع على قناة «دريم ٢» ويقدمه الكاتب الصحفى بلال فضل.
بدأ بلال كلامه قائلا: «فى ٣٤ عاما هى طول عمره القصير استطاع الزعيم مصطفى كامل مؤسس الحزب الوطنى أن يقنع المصريين بأنه لا حياة مع اليأس، إلا أنه فى ٣٠ سنة استطاع الحزب الحاكم الآن أن يقنع المصريين بأن هناك حياة مع اليأس، لدرجة أن الكثيرين ممن يعيشون فى زمنى، يقولون إنه لا حياة بدون يأس»، وستصل إلى هذه النتيجة من تلقاء نفسك عندما تقرأ كتاب «الشمس المشرقة» الذى ألفه الزعيم الراحل مصطفى كامل، فى بدايات القرن العشرين، وأعادت طباعته هيئة قصور الثقافة مؤخرا.
وأشار إلى أن هذا العمل الأدبى يعكس عظمة مصطفى كامل، والذى قال فيه «إن الأمم لا تنهض إلا بتوافر صفتين فطريتين فى شعوبها أو مكتسبتين هما الشهامة وحسن الاعتقاد بالنفس، وكان لهاتين الصفتين سبب فى تقدم الشعبين اليابانى والتركى، على الشعب المصرى، رغم الحوادث الكثيرة التى تعرضوا لها.. ، ولو بحثنا فى الأسباب التى قضت علينا لوجدناها فى استعمال الحكام والسلطان، السلطة استعمال جنون واستبداد، واستخدامها لأهوائهم النفسية ومطامعهم الشخصية، وقتلهم لكل إرادة فيها، وإدخالهم فى عقول أبناء وطنهم أنهم لا حول لهم ولا قوة وأنهم متاع للحاكم يلعب بهم متى يشاء،
وهكذا السلطة المطلقة، إذا ما وجهت يوما خطأ فإنها تخرب مئات القرون، وإذا ما وجهت للخير جلبت خيرا كثيرا، وتبنى فى يوم ما لا تبنيه حكومات الدستور فى سنين طوال.. فمصلحة الحكام الظالمين هى قتل عواطف الشهامة والكرامة والهمة والشعور الراقى لدى الشعوب، لأنهم يرغبون فى أن يقودوا قطيعا من الغنم فى صورة إنسان، والمنفعة الكبرى للتاريخ هو إقناع الناس بأنهم لم يكونوا يوما جبناء منذ مولدهم وأن رضوخهم للظلم جاء لأسباب عارضية قهرية وإذا جاء يوم يفتخر المصرى فيه بأنه مصرى، وأنه على استعداد بأن يضحى من أجل كونه مصرياً، فبشر هذه الديار بكل ما يبتغون من سيادة وعظمة واستقلال».
وقال بلال: «ندعو الله أن نرى هذا اليوم الذى لم يره مصطفى كامل نفسه، حيث تعيش مصر حياه حقيقية تستطيع خلالها أن تنافس اليابان وتركيا، لأنك عندما تقرأ هذا الكتاب تشعر بمدى الحسرة التى عاشها مؤلف الكتاب، ونقلها للقارئ، الذى تزامنت همومه وآلامه مع ما طرحه مصطفى كامل منذ القرن العشرين، حتى أن القضايا التى تشغل المؤلف هى نفسها التى تشغل القارئ الآن».
وفى فقرة المختصر المفيد التى استضاف فيها الدكتور على شلبى أستاذ التاريخ، للحديث حول كتابه «أزمة الكساد العالمى الكبير وانعكاسها على الريف المصرى من سنة ١٩٢٧ إلى ١٩٣٤» والصادر عن دار الشروق ضمن سلسلة التاريخ الجانب الآخر.
وأرجع بلال أهمية الكتاب إلى كونه يرصد الحالة الاجتماعية للريف المصرى، لذا فإنه يعد من أهم الكتب الاجتماعية.
قال الدكتور على شلبى: «الأزمة الاقتصادية العالمية فى الثلاثينيات لم تكن بسرعة الأزمة الاقتصادية الحالية التى تتناقل فيها الأخبار كل لحظة، ويعتقد البعض أنها لا تؤثر على مصر، إلا أنها فى واقع الأمر أثرت على مصر كثيرا، فقد كانت مصر تعتمد على نظام الاقتصاد الأحادى، والمرتبط بالزراعة وتحديدا على محصول القطن، وعندما انهار الاقتصاد العالمى انهارت معه صناعة النسيج والتى كانت تعتمد على القطن المصرى فى صناعتها، وقلَّ معها استيراد القطن، فتوقف بيع المحصول وعانى المزارعون من عدم الاقبال على شرائه، مع زيادة الضرائب المستحقة على أراضيهم، فتركوا الأرض والزراعة، ليعانوا بعدها من الفقر المدقع الذى أدى إلى زيادة معدلات الانتحار والجريمة قديما.
وفى فقرة «روشتة» استضاف بلال الكاتب مصطفى نبيل رئيس تحرير مجلة الهلال، وكتاب الهلال، وروايات الهلال، سابقا الذى أكد، وهو يشير إلى أهم الكتب التى ينصح بقراءت على وجود كتب أفضل من غيرها فى مجالات محددة: دارس التاريخ لابد أن يقرأ مجموعة من الكتب منها كتاب «محمد على الكبير» لشفيق غربال، و«مذكرات عرابى» والتى تعد من أكثر الكتب المفيدة فى نقل فترة زمنية تاريخية ماضية، ومنح القارئ فكرة حول طبيعة الصراع المتجدد بين مصر كبلد تسعى للتحرر والتقدم وبين القوى الاستعمارية، وهناك كتاب عن سعد زغلول بقلم عباس محمود العقاد، وكتاب عن جمال عبدالناصر بقلم فتحى رضوان.
وأشار إلى بعض كتب المذكرات مثل «مذكرات عربجى» التى كتبها قديما سائق حنطور، وهناك كتابات سيد الكيلانى، صاحب كتاب «ترام القاهرة:دراسة اجتماعية تاريخية»، وكتاب «ربوع الإسكندرية»، بالإضافة إلى كتاب «مذكرات الأميرة جويدان» زوجة الخديو عباس حلمى.
وفى فقرة سور الأزبكية دار الحوار مع ضيف الفقرة الدائم الناقد شعبان يوسف حول الكاتب الساخر أحمد رجب، وتحديدا أحد مقالبه الصحفية مع ٤ من كبار النقاد قديما.
قال شعبان يوسف: كان للكاتب الصحفى الساخر أحمد رجب واقعة قديمة لايزال يذكرها مجتمع الأدباء والنقاد، عندما قرر أن يواجه مجتمع المثقفين بعقدة الخواجة، وقرر تأليف مسرحية «الهواء الأسود» والتى تدور أحداثها حول ٣ شخصيات بأسماء غريبة مبتكرة، ووضع عليها اسم المؤلف العالمى «داورين ماك» وعرضها على أربعة نقاد كبار هم: عبدالفتاح البارودى، ورجاء النقاش، وسعد أردش، وعبدالقادر القط، فجاءت تعليقاتهم عليها تشيد بها إشادة قوية، حتى أن البعض اعتبرها إضافة إلى التراث المسرحى، فما كان من أحمد رجب إلا أن نشر تحقيقا بعنوان «فضيحة الموسم.. أنا المؤلف الأوحد لمسرحية الهواء الأسود» وكتب عن عقدة الخواجة فى العمل الأدبى ناشرا تعليقات النقاد الأربعة،
وهو ما أثار حفيظتهم فكتب عبدالفتاح البارودى أنها «فضيحة فنية للتافه الأوحد» فى حين أصر سعد أردش على أن المسرحية ليست سيئة وأنها متأثرة بالمسرحيات العالمية وأنها تستحق الإشادة، وقال عبدالقادر القط: أنتم أرسلتم المسرحية لى كناقد يتحدث عن عمل أدبى، وكان من الأولى أن يتم وضعها أمام القراء، وعلَّق رجاء النقاش على التحقيق قائلا: «دى فضيحة لكم وليس لنا».
وأضاف شعبان: ظلت هذه الواقعة محل اهتمام عدد كبير من الأدباء ممن علقوا عليها على صفحات الجرائد مثل توفيق الحكيم الذى اعتبرها مقلباً لطيفاً، فى حين قال إحسان عبدالقدوس «أتمنى أن يصر النقاد على رأيهم ويرفعوا أحمد رجب إلى منزلة الكتاب العالميين»، فى حين قال صلاح عبدالصبور «إن ده أعظم عمل نقدى للنقاد».