x

أيمن جاب الله مدير «الجزيرة مباشر»: ننتظر حكم القضاءين المصرى والإنجليزى حول ما نشرته «الأهرام» عن التحرش بالمذيعات

الثلاثاء 27-07-2010 13:55 | كتب: نشوي الحوفي |
تصوير : حسام فضل

من الصعب أن تستفز فى مدير قناة «الجزيرة مباشر»، أيمن جاب الله، مواطن الإدلاء بمعلومات لا يُسمح له بالحديث فيها، من قبل إدارة القناة، أو يتكتمها هو نفسه، هو فقط يمنحك ما يريد، مهما كانت درجة حماسك أو منطقية تساؤلاتك أو رغبتك فى سبر أغوار الحقيقة، فهو وجه حقيقى للقناة التى يمثلها ويُعد أحد أعمدتها.

تسأله عن أزمة مذيعات الجزيرة، سواء ممن تقدمن باستقالتهن، أو من شاركن فى تقديم الشكوى ضده ومعه رئيس التحرير السابق أحمد الشيخ، فيقول لك: «هذا شأن داخلى للجزيرة وللإدارة وحدها حق الرد»، تحاول الحصول منه على رأيه فيما كُتب ونُشر بجريدة «الأهرام» المصرية تحت عنوان «التحرش الجنسى بقناة الجزيرة»، الذى طاله ومدير القناة وضاح خنفر جزء كبير من الإساءة فيها، فيجيب بثبات: «الأمر فى القضاءين المصرى والإنجليزى، ولو لنا حق سنأخذه». تعرض عليه آراء من يتهمون «الجزيرة» بكراهية مصر وشعبها فيقول: «مقولة غير صحيحة تُردد من قبل البعض لتصبح الجزيرة الحائط الذى يعلقون عليه أخطاءهم».

تطرح عليه آراء المسؤولين عن الإعلام المصرى والذين يرون أن سبب تفوق الجزيرة يرجع إلى الإمكانيات، فينفى فى هدوء، مؤكداً أن النجاح تصنعه إدارة وإرادة، ويضيف: «ميزانية الجزيرة لا تزيد على إمكانيات التليفزيون المصرى فى شىء». هكذا دار الحوار مع أيمن جاب الله، نائب رئيس تحرير قناة الجزيرة السابق، الذى صدر قرار بتوليه إدارة «الجزيرة مباشر»، عقب اندلاع أزمة المذيعات الخمس اللاتى قدمن استقالتهن منذ أكثر من شهرين ووجهن له اتهامات تتعلق بأسلوب إدارته وتوجهاته السلفية التى انعكست على رغبته فى التحكم فى طريقة ملبسهن،

وصدر قرار فى أثناء الأزمة بتوليه مسؤولية «الجزيرة مباشر»، وهو القرار الذى فسره البعض برغبة المسؤولين بقناة الجزيرة فى إبعاد «نار إدارة التحرير» عن «فتيل غضب المذيعات»، ولكن أيمن جاب الله يقدم تبريرا آخر مفاده أنه أراد التفرغ لـ«الجزيرة مباشر» لتحقق الهدف منها. انفردت «المصرى اليوم» بحوار معه إليكم نصه..

■ على أى أساس وضعت القواعد التى تنتهجها السياسة التحريرية لقناة «الجزيرة»؟

- السياسة التحريرية فى «الجزيرة» معلنة، شأنها شأن أى محطة عالمية معروفة، وتتمثل فى النزاهة وعرض الرأى والرأى الآخر، وإفساح المجال لكل التوجهات المختلفة. وهى قواعد واسعة ومتفق عليها، وتم وضعها بعد مناقشة الملامح الرئيسية لسياسة التحرير فى البدايات.

■ إذا كانت تلك معايير القناة، فلماذا هى مكروهة على المستوى الرسمى العربى؟

- حسب استطلاعات الرأى الخاصة بنا، لاتزال «الجزيرة» فى الصدارة من حيث درجة المشاهدة فى جميع أرجاء العالم العربى، وفيما يتعلق بالمستوى الرسمى ونظرة التحفظ التى يُنظر بها لنا، فهذا أمر طبيعى فى مجتمعاتنا. وإذا رضيت الحكومات عن وسائل الإعلام فهذا أمر مقلق على مستوى مهنية تلك الوسائل. وعدد كبير من المسؤولين لا يناقش المشكلة محل الحديث لكنهم يحاسبوننا على تسليط الضوء عليها، وبات ينطبق علينا المثل اللبنانى الذى يرددونه حينما يختلف اثنان منهم: «الحق على الطليان» أى الطرف الغائب البعيد غير الموجود. وتلك ليست مشكلة الأنظمة العربية فحسب، فالغرب أيضا تعامل معنا بنفس المنطق.

■ إذا كان هذا منطقكم فى التغطية، فلماذا لا نراه إلا فى الأخبار التى تحدث خارج حدود قطر؟

- نحن نتحرك حسب الأحداث التى تحدث فى العالم.. أمريكا تحتل النصيب الأكبر من صناعة الخبر بحكم حجمها ووجودها، ولا ننقل عن قطر إلا ما يُتاح من أخبار، وقطر بلد هادئ والأخبار فيه ليست بالكثافة التى يتصورها البعض، فنحن نغطى الموضوعات محل النقاش.

■ محل نقاش لا هجوم كما يحدث مع مصر أو بعض البلدان العربية.

- لا يندرج الهجوم على أى بلد ضمن سياستنا التحريرية، نحن لا نهاجم مصر ولا أمريكا ولا إسرائيل، نحن فقط ننقل الأخبار والأحداث ونناقشها.

■ لماذا إذن تسيطر على البعض فى مصر فكرة كراهية «الجزيرة» لمصر كدولة؟

- «الجزيرة» لا تكره مصر على الإطلاق، وهذا اتهام لا أساس له من الصحة وليست له دلائل، ودعينى أقل لكِ واقعة تبرهن على رأيى، ذات مرة كنت أشاهد برنامجاً على إحدى القنوات المصرية وكان هناك ضيف يتحدث عن الوضع العربى بشكل عام، وعندما وجد أن كلامه قد يُفسر على وجود مشكلة بين مصر والعرب، حوّل الحوار فجأة للهجوم على «الجزيرة» وأكد أنها السبب فى إشعال الفتنة بين العرب. ومكتب القاهرة من أهم مكاتب القناة، كما أن أكثر المحللين الذين يظهرون معنا من مصر.

■ هناك من يرى أن معاداة «الجزيرة» لمصر لا تُعبر إلا عن خلاف سياسى بين القاهرة والدوحة. ما تعليقك؟

- العبارة كلها غير سليمة لأن القرينة غير موجودة، «الجزيرة» لا تعادى مصر، ولا المصريين، ودعينا نأخذ مثالا وهو الخلاف الذى وقع بين مصر والجزائر منذ اللحظة الأولى، فما بثته «الجزيرة» من تغطية عن هذا الموضوع لا يتعدى أصابع اليدين من دقائق.

■ هل هناك تيار سياسى أو دينى يسيطر على قناة «الجزيرة» كما اتهمكم بهذا بعض العاملين السابقين فى القناة؟

- هذا أمر مستحيل، لأن «الجزيرة» منوعة تنوعاً شديداً، وهناك معايير موضوعة لتنفيذ العمل اليومى، والذين يمارسون ذلك العمل لديهم حرية فى تنفيذه فى إطار تلك المعايير، ولذا لا نفرض عليهم أى سياسة تحريرية. وقد غلب من اتهم «الجزيرة» بوجود تيارات سياسية تسيطر عليها فى توصيف تلك التيارات، تارة يقولون إنها سلفية وأخرى إنها تابعة لـ«حماس» وثالثة إننا قوميون، للتقليل من مصداقية «الجزيرة».

■ تَقدُّم ١١ مذيعة بشكاوى تتعلق بأسلوب العمل وتقدم خمس باستقالتهن.. ألا يشير هذا إلى خلل ما؟

- لست مخولا للكلام فى هذا الموضوع، وإن أردتم الحديث فيه، فتوجهوا للإدارة فى قطر لتحدثكم عنه.

■ لكنك كنت أحد أسباب شكوى المذيعات كما تردد وقتها.. على الأقل دافع عن نفسك؟

- عندما تعملى فى إدارة حقيقية وتلتزمى بعمل مؤسسى بكل ما تعنيه الكلمة، تكونى جزءاً منه، والإدارة قررت أن يكون الرد على هذا الأمر من خلالها، وأنا ملتزم بذلك. وهذا الأمر لا نتحدث فيه.

■ لماذا التعامل مع الموضوع بكل هذا الغموض وعدم الشفافية.. أتخشون النقد؟

- يا سيدتى هذا شأن إدارى داخلى لا يتعلق بمهنية العمل ولا بمعايير التغطية الخبرية. ما يحدث داخل الجزيرة أمر خاص بها.

■ ألم تحزن عندما وجدت نفسك موضع اتهام؟

- أولا أنا أتحدث كأحد العاملين فى الجزيرة، ولا أتحدث عن شخص أيمن جاب الله المصرى، ومن ارتضى تولى منصب فقد تصدق بعرضه على الناس. ولا يوجد مسؤول فى أى موقع من المواقع فى كل الدنيا يحظى برضا جميع العاملين معه.

■ ماذا عن إسناد منصب مدير «الجزيرة مباشر» لك عقب تلك الأزمة؟

- منذ سنوات اقترحت إنشاء تلك القناة على المسؤولين بها، وأعطونا الضوء الأخضر لتنفيذه، وكنت أتولى الإشراف عليها إلى جانب منصبى كنائب رئيس الأخبار بالقناة ولكن لم تحقق «الجزيرة مباشر» ما كان مرجوا منها، ولذا كان قرار التفرغ لها، لأنه تحد كبير وجديد بالنسبة لى.

■ هل الوضع فى العالم العربى يصلح لوجود قناة تغطى الحدث لحظة وقوعه؟

- وهل كان أحد يتصور خلال ١٩٩٦ أن قناة إخبارية مثل «الجزيرة» يمكن أن تفعل ما فعلته وتخرج إلى الناس بتلك الصورة؟ بالطبع لا. لو فكرنا فى المعوقات وغير الممكن فلن نتقدم خطوة، ومن يرد النجاح عليه التفكير فى غير الممكن. وإن شاء الله فى أول نوفمبر سيرى المشاهد شيئاً مختلفاً على «الجزيرة مباشر».. نتعامل فيه مع مستويات عديدة، مثل: النخبة والعامة والتفاعل الخبرى ومستوى العلاقة مع قنوات الجزيرة الأخرى. فالقناة العامة لا تقدم سوى تغطية الأخبار ولكن التفاصيل الدقيقة للقضايا والمواضيع المختلفة غير موجودة، لسيطرة الخبر على النشرات، كما سنجعل من اهتمامات الناس وقضاياهم الأساس فيما نبثه للتقليل من دور حارس البوابة الإعلامية، فالمواطن فى «الجزيرة مباشر» هو صانع الخبر.

■ كيف ترى ما كُتب ونُشر فى جريدة «الأهرام»، وحمل اتهامات لعدد من العاملين فى قناة «الجزيرة» بممارسة تحرش بالمذيعات؟

- ما نُشر فى الأهرام تمت إحالته إلى القضاءين الرسميين المصرى والإنجليزى، وننتظر الآن حكم القضاء فيه، ولو لنا حق يحكم به القانون ونحن على ثقة من ذلك. ولن أخوض فى تفاصيل غير مُصرح لى بالحديث فيها.

■ بماذا تفسر إصرار «الأهرام» ورئيس تحريره على رفض الاعتذار لـ«الجزيرة»؟

- مرة أخرى هذا أمر يحسمه القضاء ولو لنا حق سنأخذه، والإجراءات القضائية فى مصر وإنجلترا تسير بالتوازى.

■ فى العلاقات بين المؤسسات والدول وفى حالات النزاعات والتقاضى، نسمع عن حدوث التصالح فى مرحلة ما نتيجة لضغوط سياسية أو مصالح عليا بين الأطراف. لو حدث هذا بين «الجزيرة» وجريدة «الأهرام»، هل سترفع دعوى قضائية بصفتك الشخصية ضد الجريدة؟

- اقامت قناة الجزيرة دعواها القضائية كما قلت أمام القضاء الأنجليزى والقضاء المصرى وكل ما استطيع قوله أن هناك حقوق لا يمكن التنازل عنها، و«الجزيرة» أقامت دعواها ضد «الأهرام» بصفتها مؤسسة، وبصفتى أحد العاملين فيها. لأن ما قيل لا يندرج إلا تحت السب والقذف غير المقرون بأدلة، كما يفتقر لكل معايير المهنية التى تتطلب الحصول على وثيقة تؤكد ما ينشر.

■ كيف يُنظر للإعلام المصرى الحكومى فى الخارج؟

- الإعلام الحكومى فى كل الدول العربية وليس فى مصر وحدها يعانى مشكلة المصداقية، لغياب أولوية اهتمامات المشاهد والجمهور عن عقل القائمين عليه. فالإعلام الحكومى فى الدول العربية لا يؤمن إلا بخدمة الأنظمة، بينما فى الخارج لا يُنظر له على أساس أنه إعلام يخدم الدولة التى تديرها الحكومة التى ترعى الإعلام لخدمة المجتمع.

■ وكيف يُنظر لتجربة الإعلام المصرى الخاص؟

- به سلبيات وإيجابيات ولايزال تجربة فى مرحلة التكوين رغم مرور ١٠ سنوات على بدء التجربة. فالمنافسة بين الإعلام الخاص أثرت على معايير المهنية وجعلتها تتراجع، وهو ما رأيناه فى أزمة مصر والجزائر على سبيل المثال. وأعتقد أن هذا أمر كان موجودا فى الإذاعات الخاصة فى مصر فى العشرينيات من القرن الماضى وأخذت وقتاً حتى تبلورت الفكرة.

■ أليس غريباً أن يكون صانعو القنوات التليفزيونية العربية من المصريين، بينما نشكو من تراجع جودة ما يُقدم على شاشة التليفزيون المصرى؟

- يتلخص النجاح فى كلمتين «إدارة لديها إرادة». فالبعض يرى أن التطوير تغيير الألوان والوجوه والأشكال فقط، وتغيير خارجى دون الجوهر، وهذا ليس تطويرا ولكن من آلياته، والتطوير يعنى الإرادة، يعنى اتخاذ قرارات، والقدرة على تحمل نتائجها.

■ يردد المسئولون عن التليفزيون المصرى أن الإمكانيات سبب رئيسى فى مشكلة تقديم خدمة إخبارية تليفزيونية تنافس «الجزيرة».

- هذا ليس صحيحا على الإطلاق ولا علاقة للأمر بالإمكانيات. فـ«الجزيرة» لديها ميزانية أقل بكثير من قنوات إخبارية عالمية، وتشبه ميزانية التليفزيون المصرى، المسألة ليست أموالا تُنفق لكنها قرارات تُتخذ، وأهمها أن تأتى اهتمامات المشاهد فى المقام الأول للوسيلة الإعلامية، وأن أكون قادرا على الدفاع عن قرارى وقادرا على تطبيقه.. وتلك مسؤولية الإدارة.

■ من المذيع الذى تتمنى أن يعمل معك فى «الجزيرة مباشر»؟

- شاب جديد لم يظهر من قبل، مثقف ويفهم ما يحدث فى العالم، ويمتلك القدرة على التواصل مع الناس، والاقتراب منهم ويتكلم لغتهم، لأننا نفهم الثقافة على أن تقول ما لا يفهمه الناس.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية