جدد تفجيرا مدينة الريحانية، بتركيا، المخاوف من امتداد لهيب الحرب الأهلية فى سوريا إلى دول الجوار، ودخول عدة دول مجاورة، ما سماه مراقبون «دائرة الجحيم والدم»، إذ يخشى جيران سوريا، لبنان والأردن والعراق وتركيا، من تبعات النزاع السورى على أراضيهم، سواء من خلال إثارة العنف الطائفى، أو عبر زيادة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية، فى ظل تصاعد معدلات تدفق اللاجئين السوريين، الذين بلغوا 1.4مليون نازح.
وفور وقوع تفجيرى الريحانية الدمويين، أشارت أنقرة بأصابع الاتهام إلى نظام الرئيس بشار الأسد، «لجر تركيا إلى النزاع السورى»، وهى اتهامات رفضتها دمشق. ولكن إن صحّت تنبؤات أنقرة، مما يضع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية، تحت ضغط شديد». ويستضيف الأردن نحو500 ألف لاجئ سورى، بينما يستضيف لبنان 400 ألف. ويحمل تدفق اللاجئين السوريين للجارتين مخاطر كبيرة فى ضوء صغر مساحتهما وعدم كفاية مواردهما، وتصاعد المخاوف من تأثير تزايد معدلات اللاجئين على التركيبة السكانية فيهما.
وأمنياً، يلقى الصراع السورى بظلاله بشكل مباشر على الأوضاع فى لبنان، مع انقسام البلاد لمعسكرين، أحدهما بقيادة «حزب الله» الشيعى الذى يدعم نظام الأسد (العلوى)، والآخر تقوده قوى «14آذار» التى تدعم الثورة السورية.
ويشير «مركز دراسات أخبار الخليج» إلى أن صراع الاستقطاب بين المعسكرين نسف سياسة «النأى بالنفس» التى اتبعتها الحكومة اللبنانية للتعامل مع الأزمة السورية، خاصة مع تصاعد المواجهات بين «الجيش السورى الحر» المعارض، وعناصر «حزب الله» فى المناطق الحدودية، واعتراف الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، بمشاركة قواته فى معارك سوريا. ويرى محللون أن مثلث سوريا- حزب الله- إسرائيل، هو الجبهة الأخطر التى قد تتحول فى نطاقه الأزمة السورية إلى حرب إقليمية.
وبينما يشهد لبنان من حين لآخر اشتباكات عنيفة بين مؤيدين للنظام السورى ومعارضين له، تنامت المخاوف الأمنية فى الداخل بعد تكرار سقوط القذائف والهجمات من سوريا على مناطق لبنانية.
وربما لا يعانى الأردن من انقسامات طائفية تشبه الحالة اللبنانية، لكنه وجد نفسه ينجر أكثر إلى الصراع مع نشر قوات أمريكية على أراضيه. ويرى رئيس مؤسسة «مايبلكروفت» البريطانية لتحليل المخاطر فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أنتونى سكينر، أنه دفع بالأردن فى الصراع، بسبب اشتداد حدة المعارك على حدوده، ومخاوفه من المتطرفين والسلفيين الذين عبروا الحدود باتجاه سوريا للمساهمة فى إسقاط الأسد». وفيما يخص العراق، أكدت الحكومة مراراً موقفها «المحايد» من الأزمة السورية، رغم ما يوجه لها من اتهامات بدعم نظام الأسد، لكن مسؤولين عراقيين أعربوا عن مخاوفهم من سقوط النظام السورى، ووصول المتشددين للحكم، خاصة بعد إعلان اندماج «جبهة النصرة»، المعارضة لـ«الأسد»، مع تنظيم «القاعدة فى العراق».
ويرى محللون أن قيام السلطات العراقية بفض اعتصام السنة بالحويجة، بالقوة، يعكس مخاوف رئيس الوزراء العراقى (الشيعى)، نورى المالكى، من امتداد الصراع السورى الطائفى إلى بلاده، ووصول الأغلبية السنية للحكم فى سوريا حال سقوط «الأسد». ويقول يزيد صايغ «العراق متأثر وهناك احتقان طائفى.. الصدام ممكن فى حال عجز العراقيون عن التوافق». ويرى محلل شؤون الشرق الأوسط بالمعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية، إيميل حكيم، أن «سوريا وظفت الكثير من الضغوط على جيرانها لتذكيرهم بالتكلفة الإقليمية إذا ما دفعوا بالنظام إلى الرحيل»، وأضاف: «حدث امتداد للنزاع بالفعل، فالوضع يتجه للأسوأ، وسنشهد تكثيفاً للقتال عبر الحدود وتدفق المزيد من اللاجئين».