تصر كوريا الشمالية على الوقوف أمام العواصف فبعد التأهل إلى نهائيات كأس العالم الحالية بعد غياب دام حوالى 44 عاماً قدمت كوريا الشمالية أداء يمكن وصفه بالرائع أمس فى افتتاح مبارياتها فى المجموعة السابعة أمام عملاق العالم الأول وصاحب الرقم القياسى فى مرات الفوز بكأس العالم ( البرازيل ) ، وخسرت كوريا بصعوبة أمام السليساو ( 1/2 ) بعد أن أحرجت كبير العالم طوال الشوط الأول الذى انتهى سلبيا ، ولو تجرأ الفريق الكورى قليلا فى آخر دقائق المباراة أكثر لحقق تعادلا كان من الممكن ان يعتبر إعجازا !.
ولم يقتصر الأمرعند حد لعبة كرة القدم أو خوض المونديال ، بل امتد حتى التغطية التليفزيونية وإذاعة مباريات البطولة ، والتى أصبح الحديث عنها هذه الأيام بمثابة الحديث عن سلاح نووى ، فالكل يخشى إذاعة المباريات إلا عن طريق تعاقد واضح وصريح مع المسئولين عن هذا الأمر ، والكل يشد ويجذب ويبحث عن قنوات خارج بلاده أو فضائيات بعيدة تذيع له المباريات بشكل مجانى لكى لا يحرم من متعة المشاهدة
وكان الجدل قد أثير حول "كوريا الشمالية" تحديدا عقب إذاعتها لمباراة الافتتاح بين "جنوب إفريقيا والمكسيك" بكل ( مسجل ) وليس مباشر ، ثم توالى إذاعة المباريات على القناة الحكومية الكورية بنفس الطبيعة ( التسجيلية ) للمباريات مما دفع الجارة اللدود ( كوريا الجنوبية ) وتحديدا قناة ( SBS ) بتوجيه اتهام صريح للحكومة الكورية الشمالية بانتهاك حقوقها الحصرية لإذاعة المباريات فى شبه الجزيرة الكورية
ظل الصمت يحيك بهذا الأمر ليومين تقريبا ، حتى أعلن المتحدث الرسمي للقناة الحكومية لكوريا الشمالية قانونية بثهم لمباريت كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا بعد أن كشف عن توقيعهم على العقد الرسمي مع اتحاد إذاعات آسيا والمحيط الهادئ والذي يقع مقرها في ماليزيا وجاء الدور أيضا تباعا على هذا الإتحاد ليكشف رسميا عن توقيع حكومة كوريا الشمالية لعقد بث تلك المباريات بشكل قانونى ورسمى سليم يوم 11 يونيو قبيل مباراة الافتتاح
وأضاف متحدث باسم اتحاد إذاعات آسيا والمحيط الهادئ قائلا (لقد تم توقيع العقد بشكل واضح ولهذا من حق القناة الحكومية بكوريا الشمالية بث مباريات كأس العالم مباشرةً إلا أنهم فضلوا بثها بالتسجيل ، الإتهامات تجاه كوريا الشمالية غير صحيحة فهم لم يقوموا بسرقة الحقوق من كوريا الجنوبية بل قاموا بشراء الحقوق من إتحادنا وأمام أنظار الفيفا ) ولم يكشف المتحدث عن طبيعة التعاقد أو تفاصيله
الجدير بالذكر أن اتحاد إذاعات آسيا والمحيط الهادئ والذي يقع مقرها في ماليزيا هو مؤسسة إعلامية غير ربحية بحيث تهتم بتوفير البرامج الترفيهية والرياضية للدول التي تعاني من الفقر في قارة آسيا كدول تيمور الشرقية ولاوس وأوزباكستان والآن أنظمت إليهم كوريا الشمالية ليكون تلفازها الحكومي تحت رعاية الإتحاد الإذاعي ..
الطريف أن في كأس العالم 2002 قامت القناة الحكومية في كوريا الشمالية بخرق القوانين وبث المباريات من دون إذن ولكن في عام 2006 تمكنت من شراء حقوق المباريات من جارتها كوريا الجنوبية إلا أن كأس العالم 2010 شهدت توتر سياسي بين الكوريتين بسبب إتهام حكومة سيؤول لحكومة بيونغ يانغ بإغراق سفينة حربية في أواخر شهر مارس والذي تسبب في مقتل 46 شخصاً لتفشل القناة الحكومية في الحصول على مباريات كأس العالم عن طريق جارتها كوريا الجنوبية .
تعمد قيام القناة الحكومية ببث مباريات كأس العالم 2010 ببث تسجيلي وليس مباشر أثار الشكوك تجاه إتباعها لقوانين البث إلا أن أحد موظفي إتحاد إذاعات آسيا كشف حقيقة الأمر بحيث أكد بأن حكومة بيونغ يانغ أمرت القناة بعدم بث المباريات مباشرةً بحيث تتخوف الحكومة من ظهور أعلام وشعارات من منظمات حقوقية تندد بالحكم الإستبدادي للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ ايل والذي يتهم بإنتهاك حقوق الإنسان وإقامة المجازر الجماعية بحق معارضيه السياسيين وهذا يعنى أن على الجمهور الكورى الشمالى متابعة مباريات فريقه الوطنى مسجلا بعد يوم كامل من إقامة أى مباراة لهم ، وهو ما حدث فى لقاء البرازيل بالأمس .
كانت كوريا الشمالية قد تأهلت للمرة الثانية فى تاريخها إلى نهائيات كأس العالم الحالية ، بعد المرة الأولى فى إنجلترا عام 1966 وحققت وقتها مفاجأة كبرى ، حيث تأهلت إلى دور الثمانية مع أولى مشاركاتها ، حيث وقعت وقتها فى المجموعة الرابعة التى ضمت أيضا ( الاتحاد السوفييتى ، إيطاليا وشيلى ) ، وفجرت قنبلة كروية مدوية بعد أن تأهلت كثان المجموعات بعد "الاتحاد السوفييتى" وقبل "إيطاليا" التى حلت ثالثا ، حيث بدأت "كوريا" مبارياتها بالهزيمة امام السوفييت (0/3) ، قبل أن تتعادل مع شيلى (1/1) ثم تفوز فى كبرى مفاجئات تلك الكأس على إيطاليا (1/0) وتتأهل إلى الدور الثانى ( 8 ) ، وتخسر بصعوبة بالغة أمام "البرتغال" ( 3/5 ) بعد أن كانت قد تقدمت فى بداية المباراة بثلاثية نظيفة ، إلا أن "إيزيبيو" الساحر البرتغالى كان له رأى آخر .