x

أهالى العامرية يهددون باقتحام مصنع «الكوكر» للتخلص من أمراض السرطان والغازات الكريهة

الثلاثاء 15-06-2010 16:04 | كتب: شعبان فتحي |
تصوير : اخبار

سموم متواصلة وروائح كريهة عرض مستمر وأمراض عديدة، أكد سكان منطقة العامرية أنها تحاصرهم ليل نهار بسبب ملوثات المصانع، التى قالوا إنها تسببت فى «خراب بيوتهم» وهجرة بعضهم، بعد فشلهم فى إيجاد حلول لمشكلاتهم، وهدد الأهالى باقتحام مصنع تدوير مخلفات الدواجن لاستخدامها كأعلاف للحيوانات، حال استمرار الوضع على ما هو عليه، وحذروا من تشغيل مصنع كيماويات يعتزم أحد المستثمرين إقامته فى المنطقة.

فى البداية قال حسين مساعد نصيب، من أهالى نجع أبناء نصيب، بالكيلو 59 طريق مصر - إسكندرية، الذى لا يفصله عن حدود محافظة البحيرة سوى بضعة كيلومترات: «إن المنطقة تكتظ بالسكان ويصل عددهم إلى قرابة 3500 شخص، وإنهم رفضوا العيش داخل المدينة للبعد عن التلوث الذى يسبب الأمراض، إلا أنهم فوجئوا بقيام أحد الأشخاص ويدعى (هانى محمد كهيل) بنقل (مصنع الكوكر) من قرية عرابى إلى المنطقة خلف مصانع الطوب غرب الطريق الصحراوى، فاعتقدوا أنه غير ملوث للبيئة، إلا أن المنطقة تحولت إلى بؤرة تلوث مع بداية تشغيل المصنع».

وأضاف شعيب عيسى، من السكان، أنه عند بداية تشغيل المصنع، اكتشفنا أن نشاطه الأساسى هو تحويل مخلفات الدواجن من (ريش وأمعاء وأرجل) إلى مادة غذائية يتم إطعامها للدواجن مرة أخرى، ووضعها على الأعلاف الحيوانية لرفع قيمتها الغذائية من البروتينات، وهو مخالف وضار بالصحة العامة.

وأكد نويجى فرج، أحد الأهالى، أن ما يقوم به المصنع يعتبر مخالفاً لاشتراطات البيئة والصحة وشروط إنشاء المنشآت الصناعية، إذ يقوم المصنع بتجميع مخلفات الدواجن من محال بيع الطيور الحية، عن طريق خط تجميع بجميع محافظات الجمهورية، ليتم بعد ذلك غليها عن طريق «وحدة الغلاية» بالمصنع وخلطها بكميات من الكيماويات ليتم بعد ذلك طحنها، لتخرج منها مادة يطلق عليها «الكوكر» يتم خلطها بالأعلاف لرفع قيمة البروتينات الغذائية بها.

وقال حمدى عطية: «إن مأساة المنطقة تبدأ عند الغروب، وهو التوقيت الذى يبدأ المصنع فى العمل به، حيث يبدأ تشغيل الغلاية لتتصاعد الأدخنة والأبخرة من المياه (العطنة)، والمخلفات (المتعفنة) لتحيل هواء المنطقة إلى غازات ملوثة، لا يطيق المرء أن يعيش فيها، ليهجرها الجميع مساء فارين إلى أقاربهم فى العامرية وبرج العرب، تاركين أطفالهم ونساءهم عرضة للأمراض الخطيرة، وهو ما أدى إلى إصابة جميع الأطفال وبعض السيدات من كبار السن بالأمراض الصدرية والحساسية، وأعرب عن تخوفه من إصابة الأهالى بسرطان الرئة، نتيجة التلوث الحادث من المصنع، بعد وفاة أكثر من شخص متأثراً بالروائح الكريهة المنبعثة من المصنع.

وفجر ناجى فرج مفاجأة، مؤكداً أن المصنع يعمل بترخيص مؤقت، وصدرت قرارات بإغلاقه أكثر من مرة، بناء على شكاوى عديدة واستغاثات قاموا بإرسالها لجميع الجهات (البيئة والصحة والحى والمجلس المحلى) حتى فوجئوا بمفاجأة أخرى كانت صادمة لهم هى أن صاحب المصنع «مسنود» -حسب قوله- مدللاً على ذلك بأنهم عندما توجهوا إليه لمعاتبته بسبب الدخان والأبخرة المتصاعدة من المصنع قال لهم: «بلاش تشتكوا فى الحى، روحوا اشتكونى فى النيابة والمصنع مش هيتقفل».

وهدد الأهالى بمهاجمة المصنع وتخريبه فى حالة عدم الاستجابة لمطالباتهم بإغلاقه، بعد أن تسبب فى خراب بيوتهم -حسب قولهم- ودمار صحتهم بعد أن تركهم المسؤولون عرضة للأدخنة السامة التى دمرت حياتهم.

وانتقد السيد عثمان، من السكان، موقف المسؤولين الذى وصفه بـ«السلبى» مما أدى إلى خراب بيته، بعد هجر الزبائن للمنطقة، مؤكداً أنه يمتلك كافتيريا يقتات منها ويعيش عليها وعائلته، وتسبب المصنع وروائحه الكريهة فى إغلاقها، محملاً المسؤولين عن المصنع مسؤولية إصابة والدته بالحساسية.

وأكد محيى محمد عقل، محام، من أهالى المنطقة، أن «المصنع يمثل خطورة داهمة على أهالى المنطقة، وتعتبر المواد الكيماوية المستخدمة فيه من أهم مسببات أمراض السرطان بجميع أنواعها، مضيفاً أن العديد من التحاليل أثبتت خطورة انبعاثات المصنع حتى على المارة فى الطريق، وهو ما يؤكد صعوبة العيش معه فى المنطقة».

ولفت إلى وجود نزاع على ملكية الأرض التى قام صاحب المصنع بالبناء عليها، مؤكداً إنشاءه دون مستندات معتمدة، مخالفاً بذلك شروط الترخيص سواء من ناحية ملكية الأرض أو من حيث الأمان البيئى بالمنطقة، حيث لا توجد موافقات من الصرف الصحى والأمن الصناعى والبيئة، بالإضافة لمخالفته اشتراطات قانون المجالس المحلية من حيث المسافة والبعد عن الكتلة السكنية.

من جانبه، قال همام عبدالعال، عضو مجلس محلى العامرية: «إن وزارة الصحة تقوم بصرف المليارات لعلاج الأمراض السرطانية والصدرية والأمراض المزمنة على نفقتها، وهو ما يجعلنا فى أشد الحاجة إلى تطبيق سبل الوقاية لمنع الأمراض من الأساس، بدلاً من الإصابة بالأمراض وعلاجها بعد ذلك»، وطالب باتخاذ كل الإجراءات القانونية تجاه المخالفين، بعد أن أصدر المجلس المحلى للحى قراراً بإغلاق المصنع، مؤكداً أن العديد من اللجان زارت المصنع وأكدت عدم حصوله على تراخيص لإنشاء الغلاية وعدم مطابقته اشتراطات المنشآت الصناعية.

وأكد رجب عبدالرؤوف نصيب، عضو مجلس محلى العامرية، أن «المجلس تلقى العديد من الشكاوى من الأهالى بخطورة المصنع على الصحة العامة وتسببه فى العديد من الأمراض الصدرية والتنفسية، مشيراً إلى مخالفته أحكام القانون، طبقاً لعدة تقارير من المنطقة الطبية وإدارة البيئة، وقال إنه يتوجب إغلاقه وإلغاء الترخيص الصادر بشأنه، لمخالفته الاشتراطات الصناعية واعتماده على مخلفات الدواجن فى تصنيع أعلاف ملوثة».

وانتقد الدكتور ياسر زكى، رئيس لجنة الشؤون الصحية بمجلس محلى المحافظة، استخدام مخلفات الدواجن لإنتاج أعلاف حيوانية، يتم إطعامها للدواجن، مؤكداً أن الطبيعة البيولوجية تحتم إطعام الدواجن بالمكونات الطبيعية الزراعية وليس الحيوانية، مشيراً إلى تسبب ذلك فى حدوث مرض جنون البقر، عندما يتم إطعام الحيوانات بأعلاف تم تصنيعها من مخلفات الحيوانات، وهو ما يشير إلى حدوث كارثة فى الإنتاج الحيوانى.

وقال السيد محمد شعبان، مدير عام إدارة الرخص: «إن القسم الوقائى لصحة البيئة بمديرية الصحة أكد أن المصنع يعتمد على تدوير مخلفات مجازر الدواجن (ريش وأمعاء وأرجل) لتصنيع علف دواجن بروتينى، وهو يعتبر من الأنشطة الملوثة، بخلاف تجميع المخلفات من محال ذبح وبيع الطيور الحية، وهو النشاط الذى تم حظره من قبل، منتقداً نقل هذه المخلفات عبر وسائل غير آمنة».

وأكد شعبان أن المنشأة صدر لها ترخيص من حى العامرية رقم 9251 بتاريخ 28 مارس 2007، رغم عدم وجود مستند يدل على قانونية التخلص الآمن من الصرف الصناعى السائل، الذى يحمل كميات من المخلفات العضوية والأزوتية، كما أنه لا يوجد للمصنع تقييم للأثر البيئى معتمد من جهة علمية، ولم يحصل على موافقة جهاز شؤون البيئة أو مديرية الشؤون الصحية على موقعه، إذ إنه من الأنشطة «القذرة» التى يجب إبعادها عن أماكن التجمعات السكانية، وطالب بإيقاف تشغيل وحدة «الكوكر» والغلاية للمصنع، لأنه غير آمن من الناحية الصحية، طبقاً لتقارير مديرية الشؤون الصحية.

وأوصى مجلس محلى العامرية، برئاسة جابر عبدالمولى، بإغلاق المصنع لما يمثله من خطورة على الصحة العامة لأهالى المنطقة، حيث إنه من الأنشطة المحظورة بالمناطق الصناعية والسكنية ومخالف لأحكام القانون، ويتوجب إلغاء ترخيصه المؤقت الصادر بشأنه، لعدم وجود أى مستند يدل على قانونية التخلص الآمن من الصرف الصناعى السائل، الذى يحمل كميات من المخلفات العضوية الأزوتية وخلافه، وعدم وجود موافقات من الصحة والتخطيط العمرانى.

وحول مخاوف الأهالى من إنشاء مصنع لإنتاج الأسمدة والكيماويات بالمنطقة، أكد همام عبدالعال، عضو مجلس محلى العامرية، أن صاحب المصنع عندما بدأ فى إنشائه تقدم عام 2006 بطلب للواء عبدالسلام المحجوب، محافظ الإسكندرية حينها، للموافقة على إنشاء مصنع بالمنطقة لإنتاج سماد البوتاسيوم بطاقة إنتاجية 120 ألف طن سنوياً، وأكد خلال الطلب أن المنطقة خالية من المنشآت السكنية، وهو الطلب الذى صدق عليه اللواء المحجوب وأحاله إلى رئيس الحى لاتخاذ ما يلزم لإنشاء المصنع.

وأضاف: «إن المصنع حصل على موافقة مشروطة من جهاز شؤون البيئة لإنشاء المصنع مع ضرورة الحصول على موافقة الدفاع المدنى والحريق والأمن الصناعى والجهات المعنية الأخرى، ومراعاة شرط المسافة والاشتراطات الأخرى التى نص عليها قانون المحليات، وهى الاشتراطات والموافقات التى لم يتم الحصول عليها حتى الآن، رغم قرب الانتهاء من المصنع ليتم بعدها وضع المنطقة أمام الأمر الواقع ويفاجأ السكان بتشغيل المصنع».

وقال: إن المصنع حصل على موافقة وزارة الزراعة، ولم يحصل على موافقة حى العامرية بالإنشاء، مطالباً بضرورة مراقبة المصانع الخطرة فى المناطق التى توجد بها كتلة سكنية، مع التشديد على إصدار التراخيص اللازمة لارتباطها بصحة المواطنين، ولجوء بعض أصحاب المصانع إلى التضليل واستخدام أساليب ملتوية، للحصول على التراخيص دون مراعاة لصحة السكان فى هذه المناطق.

وأكد عضو المجلس المحلى للعامرية، طلب عدم نشر اسمه: أن المصنع تم إنشاؤه وسط الكتلة السكانية دون اتباع الاشتراطات الصحية والبيئية، مشدداً على أن الترخيص الذى يعمل بمقتضاه المصنع مؤقت لمدة 6 أشهر، وتم تجديده لمدة 6 أشهر أخرى انتهت فى 22 فبراير من العام الحالى، ولم يتم تجديده مرة أخرى لعدم حصوله على الموافقات التى اشترطها جهاز شؤون البيئة.

وقال الدكتور صبحى محمد، مدير صحة البيئة بالعامرية، إن مثل هذه المشكلات لها شقان، حيث يلزم موافقة جهاز شؤون البيئة وبعدها يحصل على موافقة التخطيط العمرانى، ليقوم بعدها الجهاز بالمعاينة وتقييم الأثر البيئى لمصنع مماثل، لضمان عدم وجود انبعاثات خطيرة من المصنع، وشدد على ضرورة عدم تشغيل المصنع فى حالة وجود انبعاثات خارج المسموح به.

وأضاف المهندس أحمد حسن، مسؤول إدارة الرخص بالحى، أن المصنع حاصل على ترخيص مؤقت لمدة 6 أشهر بتاريخ 12 أغسطس 2008، وفقاً لكتاب وزير التنمية المحلية، بشأن المشروعات الاستثمارية وموافقة رئيس الوزراء، على الترخيص للمستثمرين، مؤكداً تصديق المحافظ على إنشاء المصنع الذى لا يزال تحت الإنشاء والتجهيز، حسبما أكدت المعاينة على الطبيعة.

وشدد عضو فى المجلس المحلى على ضرورة أن تكون نظم التصنيع بالمصنع من النظم المغلقة، التى لا تنتج عنها نواتج جانبية ضارة، من الكيماويات المستعملة فى التصنيع، حيث إنه مهما كانت طرق التخلص من الملوثات الكيماوية الناتجة عن مصانع الكيماويات، فإنها تتسبب فى أضرار صحية وبيئية عند الصرف الخارجى. وأكد ضرورة قيام مسؤولى الشركة بطمأنة الأهالى فى المنطقة، عن طريق اتباع إجراءات السلامة المهنية والبيئية بما لا يضر بصحة المواطنين بالمنطقة. من ناحية أخرى حاولت «إسكندرية اليوم» مقابلة إدارة المصنع لمواجهتها بأقوال وشكاوى المواطنين والجهات الرسمية.. ولكن كل المسؤولين فيه رفضوا مجرد الحديث معهم أو حتى السماح للمحرر بدخول المصنع.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية