رأى كمال أبوعيطة، رئيس الاتحاد المصرى للنقابات المستقلة، مؤسس أول نقابة مستقلة قبل الثورة، أن أحوال العمال أصبحت أكثر سوءا مما كانت عليه فى عصر النظام السابق، محذراً من أن وضع العمالة المصرية داخل الوطن ينعكس على وضعها فى الخارج، فى إشارة إلى سوء معاملة المصريين فى دول الخليج وليبيا والأردن.. وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى وضع العمال مع وصول الإخوان للحكم؟
- أحوال العمال قبل الثورة كانت فى تدهور مستمر، والـ3000 إضراب التى شهدتها البلاد، قبل الثورة كانت الوقود الحقيقى لـ25 يناير، فالثورة خرجت بشعارات العمال، وانتظرنا بعد الثورة تحقيق المطالب، ولكن فوجئنا، خاصة مع وصول الإخوان للحكم، بالتجاهل التام للعمال ومشاكلهم، وزيادة ظلمهم والتجنى عليهم، حتى أصبحت أحوال العمال أسوأ مما كانت عليه فى عهد «مبارك».
وحاولت الضغط، أثناء وجودى فى البرلمان لإصدار تشريع يرفع الحد الأدنى للأجور، ولكن أغلبية الإخوان داخل البرلمان أجهضته.
■ وكيف ترى وضع العمال فى الدستور الجديد؟
- الدستور جاء مخيباً للآمال وللمشاركين فى الثورة، ولشعاراتها العظيمة، بداية من أول القضاء على مكسب من مكاسب ثورة 23 يوليو، وهو أن 50٪ من المجالس المنتخبة من العمال والفلاحين حتى رفض وضع حد أدنى وأقصى للأجور، والخلاصة أن نظام «مبارك» كان يضحك على الشعب، ويسرق هذه المقاعد للواءات والإقطاعيين، أما نظام الإخوان، فقد قنن ودستر سرقة مقاعد العمال والفلاحين، لقد حمى السرقة التى كان يرتكبها النظام السابق، بأن أطلق العنان لتعريف العامل والفلاح.
والمصيبة الثانية فى الدستور للعمال هى ربط الأجر بالإنتاج، وكأن العامل هو الطرف الوحيد المسؤول عن زيادة الإنتاج، رغم أن قواعد الاقتصاد تقول إن العامل هو أقل طرف مسؤول عن الزيادة، فصاحب العمل مسؤول عنها بالإحلال والتجديد فى المكن، وجلب تكنولوجيا تنتج كميات كبيرة، كما يحدث فى كل دول العالم، ولكن المشروع الدستورى «الجاهل» حمل مسألة زيادة الإنتاج لطرف واحد.
أيضاً التجاوزات التى كانت تحدث فى عهد النظام السابق، وهى التفاوت الكبير فى الأجور، الدستور أطلقها أيضاً بقوله «حد أقصى للأجور، ويجوز استثناء ذلك بناء على...»، فيجوز هذه فتحت بابا، هو أنه يوجد فى مصر الآن موظف يتقاضى شهرياً مليونى ونصف المليون جنيه، وعامل يتقاضى 38 جنيهاً ونصف الجنيه، ولم يقبض منذ عام، ففتح الدستور بذلك بابا جديداً للفساد وللتفاوت الطبقى.
■ وماذا عن عمالة الأطفال؟
- هذه كارثة أخرى، فالدستور يسمح بعمالتهم، رغم أن مصر موقعة على اتفاقية دولية تفرض الالتزام بعدم عمالتهم، وأنا كنقابى أعتبر أن عمالة الأطفال أحد أسباب ظاهرة البطالة، لأن عمالة الأطفال رخيصة، وتشغيل طفل يعنى أن عاملا مسؤولا عن أسرة يجلس فى بيته، فالطفل يرضى بأى مبلغ يحصل عليه، لأنه ليس لديه التزامات فضلاً عن أن عمالة الأطفال تفتح باب التسرب من التعليم.
■ ألم يحصل العمال على مساحات أوسع للتعبير عن أنفسهم؟
- ليس صحيحاً، كنا قبل الثورة فى أسوأ 5 سنين فى عهد مبارك، تم فصل 56 نقابياً بسبب نشاطهم، وفى سنة واحدة من حكم مرسى تم فصل 650 نقابياً، غير العمال الذين أخذوا أحكاماً بالسجن 3 سنين و10 آلاف جنيه غرامة، وغير الاعتداءات الوحشية عليهم لمطالبتهم بحقوقهم، لقد انتقلنا من نظام فاسد، إلى نظام أكثر فساداً.
■ وماذا عن العمالة المصرية فى الخارج؟
- وضع العمالة المصرية فى الداخل ينعكس على وضعها فى الخارج، الاعتداء على حقوق عمالنا فى الخارج أبرز أسبابه إهانتهم فى الداخل، ففى أعقاب الثورة مباشرة، كان العالم كله ينظر إلى المصرى فى الخارج بشكل محترم جداً، لكن بعد سرقة الثورة، وإبعادها عن أهدافها التى قامت من أجلها، عدنا إلى الإهانة مرة أخرى، والعاملون فى الخارج يدفعون ثمن وجود حكومة «تافهة»، وشلة منحازة اجتماعياً وسياسياً، لفئة مترفة فى المجتمع، وهم بالضرورة أعداء لفئة اجتماعية بعينها هى العمال والفلاحون، والفقراء بشكل عام، نظام الإخوان يريدهم أن يظلوا متسولين، حتى يستمروا فى مد أيديهم لمساعدات الجماعة، من الزيت والسكر.
■ ألم يتحسن تمثيل العمال والفلاحين فى الحياة السياسية؟
- كيف ذلك والذى يحكمنا نظام معادٍ للعمال والفلاحين، أصحاب المصلحة الحقيقية فى الثورة، الذين لم يجنوا منها سوى خسائرها وآثارها السلبية؟! كل القوى السياسية، بما فيها المعارضة، خاصة جبهة الإنقاذ لا تعرف الاهتمام الكافى بقضايا العمال والفلاحين، وقد أوصلت هذه الرسالة إلى الجبهة، ولو حدث اهتمام بمشاكلهم،التى تمثل مشاكل عموم الشعب المصرى، فستقوى هذه الجبهة بملايين المؤيدين.
■ ألم تتوقف عند مصطلح «الاحتجاجات الفئوية»؟
- الذى يقول هذا التعبير فئوى ابن فئوى، لأن المصطلح الحقيقى لهذا التعبير هو الحقوق المشروعة العادلة للشعب العامل فى ثروة بلده، فالشعب أسقط نظاما مستبداً، وخرج يطالب بحقه، الذى كان ضائعاً، ولكن جماعة الإخوان تشعر بأنه طال حرمانها 30 سنة من حقوقها، فخرجت تقتص من الشعب المهدرة حقوقه، هم كانوا محظورين فى ظل الحكومات السابقة، ويريدون حظر الشعب المصرى، وبممارساتهم هذه ستتحول الجماعة قريبا من مرحلة الحظر القانونى إلى مرحلة الحظر الشعبى.
■ وماذا عنكم «النقابات المستقلة»؟
- يتم الاعتداء على النقابات المستقلة بصورة كثيرة، منها التمسك بالقانون رقم 35 وإضافة مواد أسوأ منه، عبر وزير التكفير والهجرة فى زمن الإخوان، لتعطيه الحق فى فرض قيادات على التنظيم النقابى الحكومى، وعندما تتم له السيطرة على قيادة هذا التنظيم وتعيين عناصر إخوانية، بعيدة عن الجمعيات العمومية، ولم ينتخبها، سيستدير لنا كنقابات مستقلة ليقضى علينا.. إن قدر. الوزير الآن يصرح أمام العالم أنه مع الحريات النقابية والديمقراطية، وفى الوقت نفسه يصدر تعليماته بعدم التعامل مع النقابات المستقلة.
وأصبحنا فى زمن الإخوان هدفا للتصويب، أكثر من أيام النظام السابق. وزارة القوى العاملة أنشأها جمال عبدالناصر فى الستينيات، وما أدراك ما الستينيات، لترعى العمل والعمال، وأشهد - وأنا نقابى - أنه فى أثناء تولى عائشة عبدالهادى هذه الوزارة فى عهد مبارك، ورغم خلافنا معها، كنت حينما أدخل لها بطلب كان يتحقق، أما الوزير الحالى، فأحيانا ما يتصل بأصحاب العمل، ويحرضهم على النقابيين والعمال. «وللأسف هى أفضل من وزيرهم».