هو أحد أهم خبراء الاقتصاد بمصر والعالم العربى، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، وهو واحد من أكبر محللى التضخم فى مصر والحاصل على الدكتوراه من جامعة كامبريدج، والمعروف بآرائه الصريحة وانتقاداته للنظام الاقتصادى المصرى فى أثناء فترة حكم الرئيس السابق مبارك.
وله العديد من المؤلفات، منها كتاب «رأسمالية المحاسيب» الذى كشف فيه عن شبكات الفساد التى انتشرت فى كل القطاعات الاقتصادية المصرية، خلال العقود الثلاثة الماضية، وكتب نواقيس الإنذار المبكر، والنفط والمشكلات العربية المعاصرة، وسيرة جيل وأزمة وطن.
إنه الدكتور محمود عبدالفضيل، عالم الاقتصاد الذى نجرى معه حواراً سياسياً واقتصادياً، لنتعرف على آرائه فيما يحدث على الساحة السياسية والاقتصادية بمصر وكيفية الخروج من المأزق الراهن.
وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى الوضع الاقتصادى المصرى الآن، وهل ما تعانية مصر الآن أزمة اقتصادية، أم إفلاس؟
- بعد أى ثورة فى العالم، يحدث نوع من الاضطراب الاقتصادى، فالنظام يُنقل من نظام لآخر، ولا توجد نقلة مريحة، ومن الطبيعى أن يحدث نوع من المشاكل الاقتصادية، وقد تستغرق عاماً أوعامين، وأحيانا أكثر من ذلك، وهذا شىء طبيعى، أما الحديث عن الإفلاس، فذلك دفع للأمور إلى ما هو أكثر من الحقيقة، فهناك شروط لإفلاس الدول، منها أن تكون غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية والداخلية إزاء المواطنين، ومصر لم تصل لهذ النقطة، حيث يوجد بلاد حالتها أكثر صعوبة منها النموذج اليونانى، فهو بلد على شفا الإفلاس لأن الدين الخارجى كبير، وتجاوز النسب المأمونة، فمن الممكن أن يكون مهدداً بالإفلاس فعلاً، فإذا تجاوز الدين الخارجى 60% من الناتج المحلى الإجمالى يكون البلد على شفا الإفلاس، ومصر لم تصل لهذه النقطة بعكس حالة اليونان.
فلدينا دين داخلى كبير وليس خارجياً، وأزمة الإفلاس تحدث من الدين الخارجى، ورغم ذلك لا أحد يفلس، بل يكون البلد على شفا الإفلاس، والدول الغربية لن تسمح بذلك، لأن انهيار أى دولة يؤدى لانهيار بنوكهم، وهناك أزمة اقتصادية عميقة بالفعل، ولابد أن تحل لأن الوقت يمر، وفى رأيى الأزمة الحقيقية تكمن فى أن لدينا أزمة نقد أجنبى وأزمة ميزان مدفوعات وعجز كبير فى الموازنة العامة للدولة، وجميعها يمثل خطراً على الوضع الاقتصادى العام، وليس خطر إفلاس، ومن الممكن الخروج من ذلك، إذا حصلنا على موارد خارجية من النقد الأجنبى، إذا نشطت الصادرات والسياحة، مما سيؤدى للتخفيف من حدة الأزمة، ويُخرج الاقتصاد من عنق الزجاجة.
■ هل ترى أن الرئيس محمد مرسى وبالتبعية جماعة الإخوان المسلمين قادران على الخروج بمصر من أزمتها الاقتصادية الحالية؟
- الأزمة فى مصر ليست أزمة اقتصادية فى ذاتها، إنما أزمة سياسية ترتب عليها أوضاع اقتصادية سيئة، فانعدام الأمن والتوافق السياسى يؤدى لأزمة اقتصادية، لأن السياحة متوقفة والاستثمارات الاجنبية لن تأتى، وبالتالى لا يوجد فريق وحده قادر على أن ينقذ البلد من الوضع السياسى والاقتصادى السيئ، ولابد من التوافق والتكاتف، لأن مشاكل مصر أكبر بكثير من أن تعالج فى إطار رئيس واحد أو فصيل واحد، مهما بلغت قوته، فبعد مدة قصيرة من الرئاسة حدث تآكل لمصداقية الرئيس، وأدائه، وكذلك أداء جماعة الإخوان المسلمين بشكل عام، لذلك لابد من وجود ائتلاف وطنى يضم كل الفصائل الوطنية التى تريد إخراج البلد من أزمته.
■ هل تؤيد مطلب إجراء انتخابات رئاسية مبكرة؟
-إذا تأزمت الأمور أكثر من ذلك، فمن العقل أن يدعو الرئيس مرسى نفسه لانتخابات رئاسية مبكرة للخروج من الأزمة، إذا وجد نفسه تحت هذا الضغط وعدم القدرة على الحركة ومن حقه الترشح مرة أخرى.
■ عملت مستشاراً لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار. ما تقييمك لقدرة فرق الرئاسة ومجلس الوزراء العاملة بالشأن الاقتصادى الآن، مقارنة بزمن الرؤساء السابقين مبارك والسادات وعبد الناصر؟
- مركز المعلومات حديث النشأة، نشأ أيام عاطف عبيد ليكون له عوناً فى وزارته، وتبع رئاسة الوزارة، بعد أن أصبح رئيسا للوزراء، وكان يخدم رئيس الوزراء ومطالبه فقط، وليس على الدولة ككل، وكان يعانى من الازدواجية بين الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء ومركز المعلومات، وحدث نوع من الاحتكاكات، لأن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء يعتبر نفسه الوحيد المسؤول عن إنتاج المعلومات على مستوى الدولة، ولا يريد جهازاً آخر ينافسه فى ذلك، فكان المطلوب ترشيداً للعلاقة، حتى لايكون هناك تنافس، فالجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء يقوم بتوريد الإحصاءات السليمة، أما مركز المعلومات، فيقوم بترشيد عملية صنع القرار، أى يقدم رأيه فى البدائل التى تصنع القرار، أما تحوله إلى جهاز معلومات فقط، فهذه تجربة فاشلة. وفى أيام عبدالناصر والسادات اعتمدا على جهاز التخطيط، حيث كان فى البداية مجرد لجنة التخطيط القومى فى أواخر الخمسينيات، ثم بعد ذلك أًصبح وزارة.
■ موضوع الصكوك الإسلامية.. كيف تراه، وهل من بديل أفضل؟
- الصكوك نوع من السندات تصدرها الحكومة بضمانات معينة، سواء تمت تسميتها إسلامية أو غير ذلك، المهم ألا يكون لها أى تداعيات على مستوى المرافق العامة للدولة، بحيث لا تكون بضمان هذه المرافق، كما أننى لا أراها سوف تأتى بالنتيجة المرجوة، من حيث كمية الأموال التى ستدخل الدولة، فقبل أى شىء لابد من عودة الثقة للاقتصاد المصرى ومستقبله، وهو ما سيساعد على ترويج الصكوك وغيرها، فكلما اهترأ الوضع الأمنى استمرت التصورات عن مستقبل مصر محدودة، ولن تفلح الصكوك أو غيرها.
■ فى كتابك «نواقيس الإنذار المبكر» أشرت لوجود تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد المصرى. حدثنا عن هذه التحديات.
- هذا الكتاب كتب قبل الثورة، ونواقيس الإنذار واضحة جداً، ومنها البطالة، ولعل هذا يفسر حتى الآن «حالة الهيجان» الموجودة فى الميادين، وهى مشكلة حقيقية تواجة مصر اجتماعياً واقتصادياً، لأن النشاط الاستثمارى الذى حدث فى مصر أيام الرئيس السابق مبارك لم يسعَ لعمل مشروعات كبيرة تستوعب هذه العمالة، وتم التركيز على القطاع العقارى، وقطاع التمويل، وهذا لا يخلق عمالة كبيرة، مثل بلاد آسيا. والمشكلة الثانية هى الفقر، فكان يقال إننا نحقق معدل نمو للناتج المحلى الإجمالى 7% وللأسف لا تصل هذه النسبة إلى الناس، وكانت محصورة فى الجزء العلوى من الاقتصاد لكبار المستثمرين وكبار الأغنياء، فثمار النمو لم توزع توزيعاً عادلاً، ومن هنا كان شعار العدالة الاجتماعية أحد مطالب ثورة 25 يناير، فالناس تريد نموا وعدالة اجتماعية معاً، وهذه التجربة قامت بها البرازيل فى عصر «لولا» فقبله كان هناك نمو عالٍ دون عدالة اجتماعية، ولكن «لولا» راعى البعد الاجتماعى، وساعد على حل معادلة النمو مع العدالة الاجتماعية.
■ وضع الجنيه المصرى كيف تراه، وما أسباب أزمته؟
- الأزمة تعود لوجود شح فى النقد الأجنبى، حيث لاتوجد إيرادات للسياحة أو استثمارات خارجية أو ما يسمى (جفاف الاستثمارات الخارجية) مع ضعف الأداء التصديرى، وقبل الثورة كان النقد الأجنبى محدوداً، ولا يكفى لعمل احتياطى نقدى كبير، فهذا الاحتياطى النقدى كان فى حدود 36 مليارا، ومعظمه من استثمارات الأجانب فى أذون الخرانة وسندات الحكومة فى البورصة، وليس نتيجة الأداء الذاتى للاقتصاد الوطنى، لذلك بعد الثورة أصبح الناس بلا ثقة فى المستقبل الاقتصادى، ولا يوجد ضمانات، فبدأوا بسحب الأموال إلى أن وصل الاحتياطى النقدى 13 مليار جنيه، لذلك فالفجوة بين العرض على النقد الأجنبى والطلب عليه أدت لأزمة، وبعد أن زادت الأزمة حدث ما يسمى اقتصاد الندرة الذى يخلق السوق السوداء والطوابير، واضطر البنك المركزى للتعامل مع الأزمة، وقرر أنه لا يستطيع تلبية كل طلبات النقد الأجنبى، وبدأ يضع معايير لتغطية الضرورات أولا، منها الوقود، السولار، والغاز، السلع الغذائية، قطع الغيار، والمدخلات التى تدخل فى الصناعة، وهذا نوع من الطلب يسمى طلب المعاملات، ويوجد أنواع من الطلب الاخرى يسمى طلب المضاربات وهى أخطر أنواع الطلب، ومن هنا تأتى أزمة الجنيه لوجود سعرين فى السوق الرسمية فى البنوك لتلبية الحاجات الضرورية والحيوية للاقتصاد والسوق السوداء، ولذلك سيستمر الجنيه فى أزمته لمدة معينة حتى يتم ضبط السوق وتعود الثقة للاقتصاد.
■ هل ما يحدث فى البورصة المصرية الآن له تأثير على الوضع الاقتصادى المصرى؟
- البورصة ساحة للمضاربات على الأسهم. صحيح أنها مرآة للاقتصاد، لكن تأثيرها يكون على نوع الاستثمارات القادمة فقط، والمهم هنا هو الاقتصاد الحقيقى ومؤشراته، وهى الناتج المحلى الإجمالى، والاستثمارات الحقيقية، وانخفاض معد ل البطالة، وتوفير الاحتياجات للمواطنين، وضبط الأسعار، والصادرات الجيدة، وذلك هو الأهم، ولايعنينى ما يحدث فى البورصة، لأن صحة الاقتصاد تبدأ من الاقتصاد الحقيقى.
■ هل نحن مقدمون على موجة جديدة من التضخم.. وماذا سيكون تأثيرها على المجتمع والمستهلكين؟
- بالفعل، نحن على أبواب موجة جديدة من التضخم بسبب وجود عجز كبير فى الميزانية، كما ستزيد الضرائب غير المباشرة على بعض السلع، بالإضافة إلى تسعير الوقود، خاصة السولار، مما سينعكس على تكلفة العديد من السلع، وهذه ثنائية تسمى فى الاقتصاد «ثنائية السولار والدولار»، ففى ظل الاقتصاد المصرى الحالى الذى لا ينمو بمعدل عال، سوف يؤدى ذلك إلى موجة تضخم جديدة تسمى «الركود التضخمى»، فالمفروض أن الركود لا يرفع الأسعار، ولكن نتيجة الأوضاع السيئة وعدم ضبط الأسواق ووجود أناس معهم أموال وآخرين لا يوجد لديهم أموال سوف يحدث تضخم لا محاله.
■ قيل إن الدكتور فاروق العقدة، المحافظ السابق للبنك المركزى، أخطأ بعدم رفع سعر فائدة الصرف مع أول فتح للبنوك، بعد الثورة، مما جعل الأجانب يخرجون بتكلفة أقل مما يجب.. مارأيك؟ وهل ترى أن السياسات النقدية للمحافظ الجديد سوف تنعكس بصورة إيجابية على الاقتصاد، وما مدى النجاح الذى تتوقعه لتلك السياسات؟
- السياسة النقدية ليست من اختصاص المحافظ، إنما يقوم بها لجنة تجتمع كل 6 أسابيع، ثم يخرج قرار، كما أن رفع سعر الفائدة سيخلق مشكلة لدى المقترضين فى الداخل، فلم يقترضوا، أما الأجنبى، فمشكلته فى ثقته فى الاقتصاد، وليس سعر الفائدة، كما أن قرار سعر الفائدة سواء زيادة أو نقصان يتطلب الموازنة بين ثلاث عوامل وهى العائد للمدخرين وسعر الاقتراض للمستثمرين والدين الحكومى، لذلك هو قرار صعب وليس سهلاً.
ولكن المحافظ الجديد فى رأيى لديه قدرة أكبر على التعامل مع سعر الصرف، وسوق الصرف والقرارات التى أصدرها كانت تهدف إلى الإقلال من المضاربة على الدولار ومنع انزلاقه ومحاولة تثبيته، لأنه يمتلك خبرة فى ذلك منذ أن كان نائباً للمحافظ.
■ وما رأيك فى عمليات المصالحة التى تجرى حالياً مع رجال أعمال النظام السابق؟
- النظام مضطر لها، لأنهم يشعرون بعدم وجود استثمار كافٍ فى الداخل، لذلك «حسن مالك» يلعب دور الوسيط بينهم وبين الحكومة للعودة، مقابل إسقاط قضايا أو دفع نصف ثرواتهم.
■ ما أسباب توقف قرض صندوق النقد الدولى حتى الآن رغم الدعم الأمريكى للإخوان، وهل تستطيع مصر الخروج من أزمتها الاقتصادية دون الحصول على هذا القرض.. وكيف؟
- هذا القرض لا يحل الأزمة، إنما تكمن أهميته فى أنه يعطى شهادة ضمان وإعادة ثقة للاقتصاد المصرى لجلب أموال من أماكن أخرى. وفى رأيى، المشكلة تكمن فى الاستغلال الأمثل لهذه الأموال فلا بد من توافر شرطين لاستغلال أى مال داخلى أو خارجى، ولا بد من القيادة الرشيدة والوطنية والأمانة، فإذا كان عندنا قيادة رشيدة وفاسدة أصبحت لدينا مشكلة، وإذا كانت قيادة جاهلة أصبحت لدينا مشكلة أيضاً.
■ وأى من القيادتين لدينا الآن؟
- الآن لدينا أزمة كفاءة، حيث يرفعون شعار «الولاء بغض النظر عن الكفاءة» بالإضافة إلى ذلك هناك أزمة أكبر من حكاية حكم الإخوان، بعد نظام مبارك، فقد أصبح لدينا ما يسمى «الأرض المحروقة»، فالكوادر الجيدة إما كبرت أو تقاعدت أو سافرت، فأصبح لدينا أزمة كوادر، وأعتقد أنه منذ 10 إلى 15 سنة كان من السهل أن أقول لدينا 10 أسماء يصلحون لتولى مراكز قيادية، ولكن الآن لم أعد استطيع قول ذلك.
■ ما الحل إذاً؟
- سنمر بفترة صعبة جداً حتى ننشئ كوادر جديدة، والبلد ممكن يمشى فترة بجيل المتقاعدين، وهنا كفى الجيل الجديد أسماء تحتاج لصقل مثل وائل غنيم كشاب تكنيكى جيد، ولكنه يحتاج وقتاً للنضج السياسى، وغيره كثيرون أمثال العليمى وخالد تليمة وحمزاوى، فهؤلاء يشبهون جيل الأربعينيات فى مصر. كان فيه لجنة العمال والطلبة عام 46 وكانت تضم مجموعة من الشباب، أعمارهم لم تتجاوز الـ24 عاماً، هؤلاء أصبحوا وقود الوطن فى الخمسينيات والستينيات، وجزء من السبعينيات، وأتصور أنه إذا سارت الأمور بشكل جيد، فسينضج جزء من هذا الجيل سياسياً وفكرياً، بالإضافة إلى الشباب الذين انشقوا عن الإخوان بعد الثورة، مثل إسلام لطفى ومحمد القصاص، فهم شباب واعد، ويمكن يلعبوا دوراً قيادياً فى البلد، ولكن يحتاجون للوقت والتجربة.
■ هل ستطبق مصر إجراءات تقشفية لتلبية طلب الصندوق؟
- الإجراءات التقشفية، سواء أرادها صندوق النقد، أم لم يردها لابد منها، لأننا فى أزمة، ولدينا عجز كبير فى ميزانية الدولة، فلا بد أن يحدث ضغط للإنفاق لسد عجز الموازنة، وأى إجراءات تقشفية ناجحة لابد أن يتوافر بها شرطان: العدالة الاجتماعية والثقة بالقيادة.
■ فى ظل هذه الظروف، هل ترى أن هذه الثقة متوافرة؟
- لسوء حظ مصر، الثقة مفقودة، وللأسف أعتقد أن الإخوان المسلمين أخطأوا خطأً استراتيجياً بترشحهم لرئاسة الجمهورية، وفى الغالب سيدفعون ثمن ذلك، وكان من المفروض أن يتركوا الرئاسة لآخرين، لأن ذلك أزّم الموقف.
■ كان أحد أهداف ثورة 25 يناير تحقيق العدالة الاجتماعية، فكيف يتم تحقيقها فى ظل نظام رأسمالى متوحش؟
- معادلة صعبة، ولكن يمكن تنفيذها كما حدث فى البرازيل وبعض بلدان أمريكا اللاتينية عن طريق عمل موازنة بين القطاع الخاص والربحية الخاصة والربحية العامة، ويتم عمل نظام رأسمالى مهذب يجمع بين التوجيه الاقتصادى والسوق، وهذه ليست اختراعات، بل أنظمة موجودة فى العالم.
■ البروفيسور الأمريكى «نورييل روبينى» الذى توقع حدوث الأزمة المالية عام 2008 توقع مؤخرا بروز أزمة مالية جديدة عام 2013 ستؤدى إلى موجة إفلاس عالمى، مشيراً إلى حدوث موجة جديدة من الثورات العربية فهل توافقه الرأى؟ وما أثر هذه الأزمة على الاقتصاد المصرى المتأزم حالياً؟
- لم أعد أثق بكلمة الربيع، فهى ثورات قامت لتغيير نظم، وهذا لم يحدث، لذلك فهى ثورات ليست مكتملة، فالثورة لابد أن تحدث تغييراً جذرياً سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، لذلك سوف نحتاج إلى ثورة من نوع آخر، أو دفعة ثانية لتحقيق الأهداف التى لم تتحقق، منها احتكار السلطة والعدالة الاجتماعية، وهناك قول صينى يقول إن قدرة أى نظام على البقاء تكمن فى قدرتة على حل المتناقضات فى صفوف الشعب وإلا تحدث أزمة. أما الحديث عن أزمة عالمية جديدة فآثارها عندنا سوف تعمق الأزمة الاقتصادية لدينا، أى أزمة من الدرجة الثانية، فالقروض ستقل، وكذلك الاستثمارات والسياحة وهكذا، أما الحديث عن إفلاس وثورة جياع، فذلك لن يحدث.
■ بول كروجمان، خبير الاقتصاد الأمريكى بجامعة ساتن هول بولاية نيو جيرسى - أكد أن المقومات الاقتصادية المصرية صنفت بأنها فوق المتوسطة، وتقترب من الجيدة، ويمكن لمصر أن تقترب من تركيا أو البرازيل خلال 4 سنوات. هل تتفق معه فى الرأى، وما دليل ذلك؟
- كروجمان من أحسن الاقتصاديين فى العالم، وحديثه يجب أن يؤخذ على محمل الجد، ولا بد أن ننظر للمستقبل، إذا تحققت الشروط التى أوضحتها سابقاً مثل القيادة الواعية الرشيدة، والرأسمالية الوطنية وتعبئة الموارد البشرية والمادية فيمكن أن نصل خلال 10 سنوات إلى ما وصلت له البلاد الآسيوية، وكان ذلك ممكناً إذا استمرت وتيرة التنمية كما كانت فى الستينيات.
■ من وجهة نظرك ما البرنامج الاقتصادى الذى يعتبر حلا جذريا لمشاكلنا الاقتصادية المتأزمة؟
- لكى يخرج برنامج اقتصادى جيد لا بد من الدعوة أولا لمؤتمر اقتصادى وطنى يضم كل الأطياف والمدارس الاقتصادية، وإذا لم يحدث ذلك، فلن يكون هناك اتفاق على هوية الاقتصاد فى المستقبل.
■ ما الوقت المناسب لعمل هذا المؤتمر؟
- فى أى وقت، ولكنى أعتقد أنه إذا تم عمله حالياً، فلن تؤخذ توصياته بمحمل الجد.
■ من وجهة نظرك، هل نستطيع استرداد الأموال المصرية المهربة؟ وكيف؟
- البلاد الخارجية تحتاج لأحكام قضائية فى ظل نظام قضائى نزية وعادل، على أن يتم إقناعها بذلك، ولا بد أن نقول كلاما معقولا وموثقا عن هذه الأموال، وبأحكام قضائية عادلة وليس كما تم بعد إسقاط نظام مبارك، فهناك من قال للأمريكان مبالغ ضخمة لا تصدق، وهناك قالوا لى إن الخزانة الأمريكية لم تصدق هذا الكلام، والموضوع سوف يأخذ وقتا. ولكن فى النهاية يمكن أن نحصل ولو على جزء من هذه الأموال.
■ يعلم البعض أن هناك نقاطا حرجة أمنياً وسياسياً يبدأ عندها تدخل الجيش فى إدارة الدولة، فهل توجد نقطة حرجة اقتصادياً تستوجب ذلك؟
- من وجهة نظرى لا يوجد لحظة حرجة اقتصادية، وإنما لحظة حرجة أمنيا، مثلاً إذا دخل البلد على حافة حرب أهلية، فهذه هى الحالة الوحيدة التى لن يكون فيها جدال حول مسألة تدخل الجيش.