كنوز صلاح عيسى المهملة وأزمة حوض النيل، وكتاب ألف ليلة وليلة كانت محاور اهتمام حلقة هذا الأسبوع من برنامج عصير الكتب الذى يقدمه الكاتب بلال فضل على قناة دريم 2.
قال بلال «مع إن أنا محصليش الشرف وجاتلى فرصة أقابل التاريخ وأعرف وجهة نظره فى مصر، لكن أقدر أقول إن التاريخ مبسوط جدا من مصر، مش بس علشان فيها الحضارة منذ فجر التاريخ، لكن علشان هى مش بلد متعب كل شوية يحصل فيها تغييرات وتطورات التاريخ يقف عندها، ويسجلها، لأن التاريخ واخد على إنه يريح فى كل ما يخص مصر، ويعدى عليها كل فترة يلاقيها اللى بتبات فيه تصحى فيه، فمثلا عام 1985 عدى التاريخ على مصر وجد مطالبات بإلغاء كتاب ألف ليلة وليلة بحجة أنه مثير الغرائز، وحرروا محضراً رقم 1142 ضده لعام 1985، ومن يعلم من كان يقف مع الكتاب فى قفص الامتحانات، وقد أخذ حكم أداب بالمصادرة فى مصر بلد المعرفة والتاريخ والأداب.
لكنه بعد فترة صغيرة وتحديدا فى 30 يناير 1986، حكمت محكمة الشعب شمال القاهرة برئاسة محمود يوسف رئيس المحكمة، وقدمت فى حيثيات الحكم درسا قانونيا رفيعا، نفى عن الكتاب تهمة إثارة الشهوات والغرائز إلا من كان منهم مريضا تافها، وهو ما لا يحسب له قيمة عند طبع هذه الأعمال الأدبية، لم تنته الحكاية حتى ذلك، حيث يعود التاريخ بنا عام 2010، ليجد مطالبين بإعدام ومصادرة نسخ كتاب «ألف ليلة وليلة» ومعاقبة مسؤولين وزارة الثقافة وعلى رأسهم أحمد مجاهد، رئيس هيئة قصور الثقافة، بسبب إعادة طبع الكتاب، والأديب جمال الغيطانى لإعادة طبع الكتاب طبعة مهذبة ضمن سلسلة الذخائر.
وقال بلال: «بالأصالة عن سكان كتاب (ألف ليلة وليلة)، لأنه بلا مؤلف أو ورثة، نتقدم بخالص الشكر إلى المحامين الذين طالبوا بإعدام ومصادرة نسخ الكتاب لأنهم كانوا وش السعد عليه، لكن كنا نتمنى أن يشغلوا أنفسهم بقراءة القضية من بدايتها، فبدلا من أن يرددوا أقاويل حول كونه يزدرى الأديان، أن يقرأوا رسالة الدكتوراه التى أعدتها سهير القلماوى وقدمها طه حسين، وأعادت طبعها الهيئة المصرية العامة للكتاب، ضمن سلسلة أدباء القرن العشرين، وفيها ناقشت الموضوعات الدينية عن الليالى، وتقول إن الليالى حافظت على حرمة الأديان فى كل صفحاتها، وأنها وصفت القرآن والحديث بأنه العرق النابض فى الليالى. وفى فقرة «المختصر المفيد» التى استضافت الكاتب حلمى شعراوى، رئيس مركز البحوث العربية والأفريقية وصاحب عدة كتب عن أفريقيا آخرهما «الفكر السياسى والاجتماعى فى أفريقيا» والصادر عن دار المحروسة، وكتاب «أفريقيا من قرن إلى قرن» عن دار نشر جزيرة الورد.
قال بلال: «متى كانت آخر مرة استمعت فيها إلى سيرة أفريقيا وأهلها وتعاملت فيها دون استخفاف، ولكن يشاء الله الذى يحثنا على عدم التعالى، والتواصل بيننا وبين من حولنا من الشعوب أن يجعل رزقنا معلقا بإخواننا فى أفريقيا ممن لم نهتم بالتعارف عليهم، وأتذكر أنه فى الحلقة الأولى ناقشنا كتاب (نهوض أفريقيا) والذى يبين إلى أى مدى معلوماتنا قليلة عن هذه الدول». وقال شعراوى: «فى العقد الأخير بدأنا نهتم بفكر التثقيف، وأصبحت هناك جهات بحثية تترجم وتنشر عن أفريقيا، الآن الصورة الأكثر انتشاراً عن أفريقيا وهى تتقاتل، وهى صورة غير حقيقية، فعندما نتحدث مثلا عن قضية الديمقراطية نجد أنه فى الوقت الذى لا يوجد فيه رئيس جمهورية مصرى سابق، هناك 7 رؤساء سابقين فى أفريقيا، بمعنى أن الحياة الديمقراطية متحركة، وأن هناك قوى سياسية تستطيع أن تحرك الأجواء السياسية الدولية».
ولفت إلى أن كتابه «التطور المهدر» والذى يضم تفاصيل عن التراث الأفريقى بالخط العربى، هو دليل العلاقة التفاعلية والاندماج بين الثقافات الأفريقية والعرب، منذ بداية الغزو العربى، والذى ظهر واضحا على 20 لغة أفريقية، استخدمت الخط العربى، للتعبير عن ثقافتها، وهو ما يدل على أن الاندماج كان ذاتياً وليس اجبارياً من الجانب العربى. وعن أزمة دول حوض نهر النيل لفت إلى أن هناك حلين لأزمة حوض النيل، الأول كما يقول رشدى سعيد وهو التوجه إلى البنك الدولى، والذى سيعود بنا إلى عام 1956، لأن له أغراض، والثانى التنظيم الإقليمى لدول حوض النيل، وإنشاء مفوضية، وهو أمر أكبر من إنشاء مفوضية فقط، فقد قام غرب أفريقيا بإلغاء جوازات السفر للانتقال بين البلاد وبعضها، فى الوقت الذى لا نستطيع نحن فيه أن نلغى جوازات السفر بين الدول العربية.
وأكد أن الحكومة لم تستفد أدنى استفادة من الدراسات التى يقوم بها المركز، على الرغم من وجود تعاون دولى مع بعض المؤسسات الأفريقية لتمويل الأعمال المترجمة، ولدينا مؤخرا كتابين عن أفريقيا هما كتاب الأنهار الأفريقية والجفاف ومشاكله. وقال بلال: المدخل الحقيقى لحل أزمة دول حوض النيل هو التفاهم وليس الحرب، فأزمة المياه ليست «ماتش كورة»، والمفتاح الأول هو الفهم والتعارف ودراسة أفريقيا جيدا. وفى فقرة «سور الأزبكية» قال بلال: «فى أحيان كثيرة تجد أحد بائعى الكتب فى سور الأزبكية يقول إن لديه كتاباً مهماً يضم كنوزا معرفية وصورا مهمة، كما هو الحال معى عندما وجدت أوراقاً مهمة جدا، وصوراً شخصية للدكتور رفعت المحجوب، رئيس مجلس الشعب السابق».
وكشف الضيف الدائم الناقد شعبان يوسف عن بعض الأوراق للكاتب الكبير صلاح عيسى، وقال: «أنا ذهلت عندما وجدت بعض الخطابات وشهادة تخرجه، وبيان الدرجات الحاصل عليها فى مدرسته، وكانت أعلى درجة حصل عليها 65 درجة، وهناك جواب فصله عن العمل بسبب اعتقاله، حيث كان يعمل موظفا بوزارة الأوقاف، وجواب الرد على شكواه بالعودة مرة أخرى إلى عمله، وجواب أرسله أثناء اعتقاله يطلب فيها طالب 2 بيجاما دمور عادية التفصيل، 4 علب صابون، معجون أسنان، ملعقة، مشط، وهناك وصل استلام راتب صلاح عيسى من الجريدة (الثقافة العراقية) التى كان يعمل مراسلا فيها، بالإضافة إلى مخطوطات قصصية منها قصة دفاع الدكتور مختار سويلم، والتى كتبها أثناء وجوده بالمعتقل، والتى أهداها إلى ابنته، بالإضافة إلى يومياته التى كتبها عام 1957 فى السجن، وخطاب موجه إلى قائد السجن، يقول فيه إنه معتقل على قضية شيوعية، وتم وضعه فى حجرة تضم الإخوان والذين يختلفون معه سياسياً، وكان يطلب فيه نقله إلى أى حجرة أخرى. وطلب بلال من شعبان عمل متحف يضم مخطوطات كبار الكتاب، يبدأه بما لديه من مخطوطات مهمة، بدلا من ترك المقتنيات المهمة ومخطوطات المؤلفين النادرة تضيع.