يروي حسام حشاش، السوري المقيم في أثينا منذ ست سنوات وهو يحبس دموعه، كيف فقد شقيقه مع زوجته وأولادهما الثلاثة الذين غرقوا جميعًا في بحر «إيجيه» بين تركيا وجزيرة «ليسبوس» اليونانية قبل شهر عندما كانوا يحاولون الفرار من أعمال العنف في بلادهم.
ويقول ونظره تائه في صالون منزله العاري في العاصمة اليونانية إن «أحد السياح عثر على جثة شقيقه على الشاطئ بعدما بحثنا عنه بضعة أيام».
ويعمل «حشاش» في مصنع النسيج الذي كان يملكه شقيقه عمر وهو كان مقاولاً في الأربعين من العمر أسس أعماله في اليونان منذ 15 عامًا وكان يحمل إقامة في هذا البلد ويوظف عشرين شخصًا.
وعززت الجمارك اليونانية عمليات المراقبة على طول الحدود البرية بين تركيا واليونان، إحدى بوابات العبور الرئيسية للهجرة غير الشرعية إلى الاتحاد الأوروبي، وذلك بطلب من الشركاء الأوروبيين الذين هم أيضًا أكبر ممولي أثينا الغارقة في أزمة ديون.
ومدت اليونان سياجًا من الأسلاك الشائكة على طول عشرة كيلومترات على الحدود التي كان يتم عبورها في الماضي سيرًا على الأقدام في الحقول.
ولم يبق عندها أمام العائلة سوى أن تحاول العبور بحرًا، وفي إحدى الليالي صعد تسعة أشخاص إلى قارب مطاطي أبحر من تركيا في اتجاه سواحل جزيرة «ليسبوس» القريبة.
وقال «حشاش»: «آخر مرة تكلمنا فيها مع شقيقي كان صباح إبحاره، ودفع مبلغ 1200 يورو لأحد الاشخاص الذي يهربون مهاجرين غير شرعيين لقاء عبوره مع عائلته» و«قرابة منتصف الليل اتصل بأحد معارفه ليقول إنه على وشك الوصول وانقطعت أخباره منذ ذلك الحين»، وقضي ليلتها الأشخاص التسعة الذين كانوا على متن القارب.
يضيف «وبعدها اتصلنا بهاتفه الجوال لكنه لم يكن يرد، لو أوقفته الشرطة لكان وجد وسيلة ليقول أي شيء. كان يجيد اليونانية. أدرك شقيقي الآخر أن شيئًا ما حصل، وتوجه إلى ليسبوس».
عندها بدأت عملية البحث بين الجثث التي لفظها البحر وقال «حسام»: «كان المهربون يكذبون علينا طوال الوقت. قالوا لنا إنهم في جزيرة خيوس القريبة، كما أن السلطات لم تساعد شقيقي الذي قضى يومين يجوب الجزر».
لا يزال «حشاش» منهارًا بعد شهر على اختفاء شقيقه. وبعدما عثر على الجثة بذل كل ما بوسعه حتى يتمكن من دفن شقيقه مع عائلته في إحدى المقابر الإسلامية القليلة في اليونان في كوموتيني (شمال) قرب الحدود التركية، ولم يتم العثور على جثة أحد الأطفال الثلاثة.
وقال جون دالويسن، مدير برنامج منظمة العفو الدولية لأوروبا وآسيا الوسطى، «كانت مسألة وقت فقط حتى تقع مثل هذه المأساة» بعدما تم تشديد المراقبة على الحدود.