أكد الدكتور «محمد البرادعي» المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن 90% من الشعب المصري يتعاطف مع فكرته في التغيير، وقال: "ذلك ما أشعر به كلما ذهبت إلى أي مكان، فلم أجد أحدًا ضد فكرة التغيير، ولكن ما أتمنى حدوثه أن تتحول هذه النسبة إلى واقع ملموس حتى نستطيع أن نوجه رسالة إلى النظام بأن التغيير حتمي".
ونفى «البرادعي» خلال حديثه مع الإعلامي «حسن معوض» في برنامج "في الصميم"، ما تردد بشأن محاولته التنصل من الجمعية الوطنية للتغيير بسبب إدراكه صعوبة تحقيق أهدافها، وقال إن عدد أعضاءها وصل إلى 70 ألف، وأنه كلما زاد العدد، كان ذلك إشارة واضحة إلى النظام بأن الشعب يريد التغيير، وأضاف: "عندما يصل العدد إلى مليون أو مليونين لا يستطيع النظام الوقوف إمام الإرادة الشعبية"، منوها بأن الشعب المصري راغب في التغيير وقادر عليه، لكنه مطالب بكسر الخوف والخروج من حالة اليأس التي يمر بها منذ عقود.
وقال «البرادعي»، في البرنامج الذي تعده داليا الشيخ، وأذاعته قناة الـ«بي بي سي» مساء اليوم الاثنين، إن الشعب هو من سيقود التغيير، ولكنه أوضح أن ذلك يستغرق وقتا، لا يعلم مداه، للتخلص من ذلك "النظام السلطوي" المستمر منذ 56 عاما، على حد وصفه، ونفى ما قيل على لسانه بأن التغيير سيحدث بعد جيلين، وقال: "الإعلام العربي يشوبه عدم الدقة"، مؤكدا أن ما قاله إن التغيير السياسي من الممكن حدوثه في غضون شهرين على الأكثر، بمجرد تغيير الدستور، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، في حين أن تغيير الخدمات التي يتم تقديمها للمواطن، مثل التعليم والصحة، سيستغرق جيلين.
وعما أثير في الجمعية الوطنية للتغيير عن انتخاب رئيس لها، على أن يكون البرادعي رئيسها "الروحي"، قال الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إنه منذ اليوم الأول لوصوله مصر، أكد عدم نيته رئاسة الجمعية، على اعتبار أنها ليست حزبا، وليس لها إطار مؤسسي، وأنه سيكتفى بدور الراعي فقط، وأضاف: "ما قرأته أخيرا في الصحف على لسان المنسق العام للجمعية أنه ليس في نيتهم انتخاب رئيس جديد".
وفيما يخص مشاركته في المسيرة الاحتجاجية بالإسكندرية تضامنا مع أسرة الشاب «خالد سعيد»، لفت «البراعي» إلى أنه شارك في المسيرة لإدانة التعذيب المنهجي بشكل عام، رافضا التعليق على تقرير اللجنة الثلاثية للطب الشرعي الذي أفاد بأن خالد توفي بسبب اختناقه بعد أن ابتلع لفافة بانجو، وليس بسبب الضرب، وقال إن ذلك الأمر لا يعلم عنه تفاصيل حتى يبت فيه.
وعن اتهامه بعدم إدراجه مسألة تحسين الاقتصاد ورفع الفقر عن كاهل المواطن المصري، في المطالب التي ينادي بها، أشار البرادعي إلى أنه لن يتم إصلاح اقتصادي دون نظام سياسي ديمقراطي يستطيع من خلاله الشعب اختيار ممثليه بحرية.
وعند سؤاله عن وجود برنامج له للنهوض بالمواطن المصري وتحسين أحواله، قال البرادعي إن لديه برنامج، ولكنه لم يفصح عن أية جوانب منه، مكتفيا بالقول: "أود أن أركز في المرحلة الحالية على التغيير إلى الديمقراطية، فالبرنامج سيأتي من ممثلي الشعب، عندما يتحول الحكم في مصر من نظام يقوم على الشخص إلى نظام يقوم على مؤسسات ديمقراطية، والشعب المصري أصبح أكثر وعيا بأن لقمة العيش مرتبطة بالتغيير إلى الديمقراطية".
وأبدى «البرادعي» استياءه مما ذكره الفنان «عادل إمام» في حواره مع «المصري اليوم»، عندما قال إن «البرادعي» شبه نفسه بغاندي ومارتن لوثر كينج، وأكد أنه ذكر ذلك في سياق توضيحه أنه ليس شرطا أن يصبح كل من يدعو إلى الإصلاح قائدًا للبلاد، وأردف: "المشكلة في مصر أن الناس لا تقرأ جيدًا".
في حين لم ينكر «البرادعي» تصريحه بأنه أشهر شخصية مصرية في العالم، ولكنه أوضح أنه قال ذلك في معرض رده على من اتهموه بأنه يدعو إلى الإصلاح في مصر، سعيا وراء الشهرة، لافتًا إلى أن عدد الروابط التي تخصه في الإنترنت تبلغ 6 ملايين رابط، وقال: "أعتقد أنني أكثر مصري تتحدث عنه أخبار في الإنترنت".
وحول الانتقادات الموجهة إليه بكثرة أسفاره إلى الخارج، قال «البرادعي»: "عشت 40 عاما في الخارج ولدي مسؤوليات دولية، وسفري للخارج طبيعي، ويخدم بلدي والقضية العربية.
وعما قاله «فاروق حسني»، وزير الثقافة، بأن «البراعي» لم يأت بجديد، وأن ما يردده سبقه إليه الأحزاب والإعلام، قال المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية: "لم أدع أنني أتيت بجديد، ولكن يجب أن تسأل لماذا يلتف الشعب المصري حولي، فذلك الشعب يرى أن هناك شخصا جاء إلى مصر، له خبرة ومصداقية، فأراد أن يعمل معه في طريق التغيير".
وقال «البرادعي» إنه يود أن يحدث تغيير سلمي نحو نظام ديمقراطي، وأضاف: "إما أن يكون هناك نظام ديمقراطي أو غير ديمقراطي، فلا يجوز أن نقول إن هناك امرأة نصف حامل، ولذلك النظام في مصر غير ديمقراطي"، وعلق على إعلان جماعة الإخوان المسلمين وحزب الوفد خوض انتخابات مجلس الشعب، قائلا إن ذلك بمثابة إعطاء شرعية لنظام غير ديمقراطي، وأبدى دهشته من أن يكون تمثيل حزب الوفد الذي يمثل أكبر معارض للنظام، 1% في مجلس الشعب.
وخفف البرادعي من حدة انتقاداته للأحزاب، مرجعا ما وصفه بـ"ضعفها" إلى النظام، وقال إن الأخير لم يعط الإطار السياسي، لتكون لها فرصة متكافئة للظهور الإعلامي، ولم يمولها أو يوفر لها المقرات.
وطالب «البرادعي» الرئيس مبارك بالاستجابة لمطالبه التي وصفها بـ"البديهيات"، وقال: "النظام جزء من الشعب المصري، وإذا استجاب للتغيير، فمن الممكن أن نعمل معا، فكلنا مصريون، وكلنا نتمنى مستقبلا أفضل لمصر"، وتابع: "أنا على استعداد للتحدث مع الحزب الحاكم، ولكني لم أحاول ذلك، ولا هم حاولوا"، موضحا أنه لا خصومة شخصية بينه وبين أحد من أعضاء الحزب الوطني، وأن الخصومة سياسية فقط.
وردا على إمكانية فوزه أمام الرئيس «مبارك» أو نجله «جمال»، أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني، قال «البرادعي»: "إذا تم السماح لي بتكوين حزب، أدخل به انتخابات حرة، أعتقد أن لدي فرصة جيدة أيًّا كان المرشح"، وبرر «البرادعي» رفضه التقدم بطلب لتأسيس حزب، بقوله: "كيف أتقدم بطلب ينظر فيه الحزب الحاكم، وحتى لو تمت الموافقة عليه، فلن أستطيع أن أتقدم للانتخابات إلا بعد 5 سنوات"، ثم أردف: "هذه العملية كلها مصطنعة".
ورفض «البرادعي» الإجابة عن سؤال بشأن المبادئ التي ستقوم عليها الحزب، في حال إعلانه، مكتفيا بالقول: "اعطني الفرصة أولا لتكوين حزب، ثم ترى بعد ذلك ماذا سأفعل، فالحزب ليس فقط السياسات والبرنامج، وإنما هو أيضا الأشخاص ومصداقيتهم"، مبررا عدم انضمامه لأي حزب حتى الآن، بأنه يرى في ذلك نوع من "النفاق السياسي"، وأبدى اقتناعه بأن الطريق الشرعي لوصول أي شخص للرئاسة يكون عن طريق حزب، ولكنه استشهد بمقولة «عمرو موسى»: "الطريق مسدود".
وفي رده عن سؤال حول إمكانية مطالبته بإلغاء اتفاقية السلام مع إسرائيل، خاصة بعد انتقاداته المتكررة الموجهة لمصر بشأن تعاملها مع إسرائيل والقضية الفلسطينية، رفض البرادعي الإجابة بـ"نعم أو لا"، وقال: "ما أستطيع قوله إننا نشاهد تصفية القضية الفلسطينية منذ 30 عاما، ولا نزال نتحدث عن اتفاقية السلام، وأن ما يحدث في غزة هو نتيجة لما وصل إليه العالم العربي من تدهور، فعندما تكون الدول العربية قوية ستستطيع حل القضية الفلسطينية.
وحول موقفه من بيع الغاز المصري لإسرائيل، قال «البرادعي»: "لا أعلم تفاصيل هذا الموضوع، ولكن إذا كان الغاز يباع بسعر أقل من السوق، فأنا أرفض ذلك"، وفيما إذا كان ذلك يعني موافقته على مبدأ البيع، رفض البرادعي التعليق، مكتفيا بالقول إنه رجل قانون ولا بد من الإلمام بكل جوانب القضية حتى يبدي رأيا فيها.