ربما كان حسم نادي «مانشتسر يونايتد» لبطولة الدوري الإنجليزي للمرة العشرين في مسيرته، الإثنين، يحمل الوقع الأسوأ على جماهير نادي «أرسنال»، أكثر من كل الجماهير الإنجليزية الأخرى.
«روبين فان بيرسي»، بيع الدوري لمدينة مانشستر، الاصطفاف لتحية «يونايتد»، زيادة الهوّة مع المنافس، وانعكاس كل مشاكل «أرسنال» منذ سنوات في هذا اللقب، خمسة أسباب تُشعر مشجعي الفريق اللندني بالحزن الشديد.
1- «بعت لهم الدوري»
أرسين فينجر، مدرب «أرسنال» ذو التاريخ الكبير، صرح في بداية الموسم وبعد انتقال روبين فان بيرسي إلى منافسه مانشستر يونايتد في صفقة بلغت 25 مليون جنية إسترليني: «حين تبيع أفضل لاعب في الدوري لفريق مثل يونايتد فأنتَ تعلم أنك تمنحهم الدوري».
هذا التصريح اسْتُقبل بعاصفة من الهجوم من جماهير «أرسنال»، فإذا كنت تعلم أن الدوري سيكون لمنافسك لو بعت لهم لاعبك الأبرز، وهداف فريقك خلال السنوات الماضية، فلماذا تَبيعه؟.
الهواجس كادت تتحول إلى حقيقة مع التألق الفوري الذي حققه «فان بيرسي» مع فريقه الجديد، تأقلمه السريع، واحتلاله لصدارة الهدافين، حسمه للعديد من المباريات، أكثرها مرارة مباراة «أرسنال» نفسه في «أولدترافورد» -معقل يونايتد- محرزاً 3 أهداف ومتسبباً في هزيمة فريقه القديم، وعلى الناحية الأخرى فإن الرحيل كان له أثر على ترنُّح مستوى «أرسنال» نفسه الذي دَعَّم صفوفه جيداً بصفقاتِ مَعقولة.. ولكنه خسر اللاعب الأهم.
مباراة، الإثنين، التي خاضها «مانشستر يونايتد» وحسم بها اللقب أمام أستون فيلا عَكَست قيمة «فان بيرسي» الاستثنائية في فوز فريقه بالدوري، فقد سجَّل «هاتريك» يفوز به الفريق 3-0، وتوّج موسمه الأول الرائع في مدينة «مانشستر»، وأعاد للأذهانِ تصريح المدرب في بداية الموسم، «لقد بعت لهم الدوري فعلاً يا فينجر» كما جاء العنوان الرئيسي في المنتدى الرسمي لجماهير الأرسنال.
2- الهدَّاف
«فان بيرسي» لم يحقق فقط لقب الدوري، لكنه حَسم –نظرياً- لقب هدَّاف الدوري الإنجليزي للموسم الثاني على التوالي.
ثلاثية «روبين» جعلته في صدارة الهدافين بـ24 هدفاً، وبفارق هدف واحد عن «لويس سواريز» مهاجم فريق «ليفربول»، ولكن «عضّة» سواريز لـ«إيفانوفيتش» مدافع فريق تشيلسي في مباراة الفريقين الأخيرة.. اعتبرها الاتحاد الإنجليزي سلوكاً مُشيناً وأصدر قراره بوقف اللاعب الأورجواني لثلاث مباريات من أصل أربع متبقية، وهي المباريات التي سيلعبها «فان بيرسي» بالتأكيد، وعلى الأغلب سيُسَجّل وينتهي الأمر بلقب «الهداف».
تلك المقارنة تزداد سوءًا عند وضع «فان بيرسي» في المقارنة أمام الخط الهجومي لـ«أرسنال»، «أرسين فينجر» اشترى في بداية الموسم المهاجم الفرنسي «أوليفيه جيرو» بهدف تعويض «بيرسي»، ومعه الألماني «لوكاس بودولسكي»، ليتكون الخط الأمامي من اللاعبين إلى جانب الجناح الأيمن «ثيو والكوت».
«والكوت» سجل 11 هدفاً، «جيرو» سجل 10 أهداف، و«بودولسكي» سجَّل 9 أهداف فقط في دوري هذا الموسم، وبالمقارنة فإن 24 هدفاً لـ«فان بيرسي» وحده.. في مقابل 30 هدفاً فقط لثلاثة لاعبين، مشكلة هجومية حقيقية لدرجة أن هدَّاف «أرسنال» لم يكن مهاجماً من الأساس.. بل لاعب خط الوسط الأسباني «كازورلا» بـ12 هدفاً.
«فينجر» ليس فقط لم يعوض «فان بيرسي»، بل دفع فريقه للمزيد من الترنُّح في كل المسابقات، يخرج كالعادة خالي الوفاض، ويتعرض لخطر عدم التأهل لدوري الأبطال، حيث تفصله نقطتان فقط عن المركز الخامس غير المؤهل.
3- الجميع يفوز حين يرحل عن «أرسنال»
حين رحل «فان بيرسي» في بداية الموسم اعتذر لجماهير فريق «أرسنال»، قال إنه أصبح في عامه التاسع والعشرين، ودون أي لقب في مسيرته، ولذلك فهو بحاجة لأن يفوز بالألقاب، ومع الفوز والتتويج الذي تحقق.. فإنه بالتأكيد يفكر في كم كان محقاً.
ليس «فان بيرسي» فقط هو من رَحل من الفريق لأجل البطولات، سبقه في الموسم الماضي «سمير نصري» و«جايل كليشي» وحققوا الدوري مع «مانشستر سيتي»، خرج «فابريجاس» إلى برشلونة الإسباني، وتبعه «سونج»، وفي ماضٍ أبعد خرج «أديبايور» و«كولو توريه» و«فلاميني» و«هليب»، وقبلهم جميعاً الأسطورة «تيري هنري»، الجَميع خَرج من «أرسنال» وفاز بالبطولات، والفريق نَفسه ثَبت في مكانه، دون بطولة لثماني سنوات عجاف، ولا يبدو أن أحدًا يندم عند مُغادرة لندن أو يفكّر في صواب خياراته من جديد.
4- حرس شرف ليونايتد
لَيس فقط سيتوجب على جماهير «أرسنال» رؤية «فان بيرسي» و«مانشستر» يفوزون بالدوري، ولكن أيضًا سيكون عليهم الوقوف كـ«حرس شرف» وتحيتهم عند دخولهم إلى ملعب الإمارات عند لقاء الفريقين في الدوري يوم الأحد المُقبل.
وجرت العادة في الدوري الإنجليزي عن أن الفريق عندما يحقق الدوري.. يصبح على كل الفرق ستستقبله على ملعبها أن تقف «حرس شرف» لتحيته عند دخوله إلى الملعب، «أرسنال» سيكون أول الفرق التي يتوجب عليها أن تقف للتحيَّة.
«إريك ماكفوي»، مشجع أرسنال منذ عام 1997، يَصِف «ستكون واحدة من أسوأ اللحظات التي مرت عليه في الملعب، كل الكوابيس قبل بداية الموسم تحققت تماماً».
5- الدوري الثالث عَشر
«أرسين فينجر قال لي إنه أفضل كثيراً مما أظن، لقد كان مُحقاً».. هكذا صرَّح السير «أليكس فيرجسون» عن ثلاثية «فان بيرسي» التتويجية، في المُقابل فإن «روبرتو مانشيني»، مدرب «مانشستر سيتي»، قال في تصريحٍ سابق «تريدون معرفة الفارق بيننا وبين يونايتد؟ إنه في صفقة «روبن فان بيرسي».
والنتيجة؟ اللقب الثالث عشر لمانشستر يونياتد خلال السنوات العشرين الأخيرة التي أصبح بها الدوري الإنجليزي بشكله الحالي، في مُقابل ثلاثة ألقاب فقط لأرسنال خلال نفس الفترة، وثلاثة لتشيلسي، ولقب واحد لمانشستر سيتي وبلاكبيرن.
مشجعو «أرسنال» يعرفون أن الهوة صارت تتسع بينهم وبين المنافسين موسمًا بعد الآخر، وكل المجد الذي بناه «فينجر» خلال الفترة الأولى من مسيرته في طريقه للضياع بعد ثماني سنوات من التخبُّط والرهانات الفاشلة، واللقب الثالث عشر في مسيرة «مانشستر» خلال عقدين كان الأقسى في كل هذا.
السيد «فينجر» سيبقى بالتأكيد للموسم المقبل أيضاً، كان يقول دائماً «المستقبل لنا» والجماهير ترد «نحن نَثِق في أرسين»، ويَنتظرون. لعل هذا المُستقبل يأتي ويُحقق كل الأحلام العالِقَة.