x

منسق «الوطنية للتغيير»: نعيش في انحطاط ونعتمد على فضلات الخليج تحت حكم الإخوان (حوار)

السبت 20-04-2013 22:26 | كتب: أحمد علام |
تصوير : اخبار

قال أحمد بهاء الدين شعبان، المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، إن جبهة الإنقاذ الوطني، تمارس ما سماه «دورا تاريخيا»، ينقصه الإسراع في وتيرة استجابتها، لتواكب حركة الأحداث في الشارع. ووصف «شعبان»، في حواره لـ«المصري اليوم»، المطالب التى انتشرت في الفترة الأخيرة، بعودة الجيش إلى الحكم مرة أخرى، بأنها تعبير عما وصفه بـ«انفضاح وانكشاف ما يسمى المشروع الإسلامي».. وإلى نص الحوار:

في البداية كيف ترى أحداث العنف التي تشهدها البلاد حالياً؟

- الأحداث ليست غريبة عن الواقع المصري، وعلينا أن نعترف إذا كنا نريد بالفعل، وضع حد لهذا العنف المتواتر في المجتمع، بأن قضية الأمن قضية رئيسية غائبة، وأن المجتمع المصرى تعرض في المرحلة الأخيرة لعدة عناصر مؤثرة، حولت العديد من توجهاته، وزرعت بداخله بذرة التطرف والعنف، والعدوانية بصورة غير مسبوقة، ومناقضة لطبيعة المصريين، التى جبلت على التسامح، وبالتحديد منذ عصر الرئيس الأسبق أنور السادات، الذى أطلق العنان للتيارات الدينية.

ما تقييمك لجبهة الإنقاذ الوطنى.. وهل تتماشى مطالبها مع الشارع؟

- جبهة الإنقاذ تمارس دورا تاريخيا ناقصا، فكان بالإمكان أن يكون أداؤها أفضل بكثير، مما هو عليه حاليا، لكن في حدود المتاح لعبت الجبهة دورا كبيرا في إيجاد قطب مواجه للسلطة، وهو عنوان يمكن مخاطبته في مواجهة استبداد النظام.

والجبهة تضم طيفا واسعا من القوى السياسية من أقصى اليمين، إلى أقصى اليسار، وهذا الأمر على درجة عالية من الصعوبة، ومع هذا مجرد بقاء جبهة الإنقاذ، وتماسكها عنصر إيجابي، يمنح الشعب أملاً في اجتماع إرادة كل القوى الوطنية والمدنية، في مواجهة مشروع «أخونة الدولة»، وإسقاط البلد، وتغيير الهوية الوطنية المصرية.

 لكن إيقاع الجبهة بطىء، وعليها أن تسارع وتكثف جهودها، لمواكبة حركة الأحداث في الشارع، التى تطالب بجبهة متماسكة واضحة المواقف، قاطعة السلوك، قادرة على أن تبرز أمام الشعب المصرى كقيادة بديلة حقيقية.

ولا بد أن توثق الجبهة، صلتها بالمجتمع، وتنزل الشارع، وعلى قادتها أن يجوبوا كل أنحاء مصر، وأن يقدموا بدائل حقيقية تقول للناس في الشارع، إنهم قادرون على إدارة الدولة، بشكل أفضل مما تقوم به جماعة الإخوان المسلمين.

ما تقييمك لأداء الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين في الحكم؟

- بدرجة عالية من الموضوعية، أرى أداء الجماعة «كارثي»، بمعنى الكلمة، ولقد نجح نجاحاً باهراً في صناعة الأزمات والمصائب منذ أن ساعدته الوقائع، وتواطؤ المجلس العسكرى، على الوصول للسلطة بعد ثورة لم يصنعها، وإنما شارك فيها متأخرا، حينما تأكد من نجاحها، وتعاون في السلطة مع فئات كانت معادية للثورة، ومؤيدة للنظام السابق.

 وأداء الجماعة على كل المستويات، جاء على عكس توقعات الشعب المصرى، فالشعب مطالبه في الثورة كانت واضحة، وهى نظام عادل جديد مدني الطابع، ديمقراطي التوجه، اجتماعى المضمون، وهذه القضايا كلها تم سحقها، تحت وطأة حذاء تمكين الجماعة، والبحث عن أخونة الدولة، والتهام كعكة الثورة والسلطة والثروة والمستقبل معاً.

 وكل التوقعات التى كانت منتظرة من جماعة الإخوان، والخير المحمول على أيديها، حسب شعار «نحمل الخير لمصر»، أو التطبيق الإيجابى لتعاليم الإسلام، بناء على شعار الإسلام هو الحل، أو مشروع النهضة الوهمى، أو وعود المائة يوم، كانت نتيجتها الحقيقية أن الأوضاع تزداد انهيارا على كل المستويات.

 فها هى دولة مصر الكبرى، تتقزم في ظل حكم الإخوان، حتى تصبح قطر سر بقاء وحياة هذه الدولة، وهذه جريمة في حق الشعب المصري وحضارة مصر، وتحولت مصر في النهاية إلى متسول يعيش على فضلات النفط، أو السيد الأمريكى في صندوق النقد الدولى.

الجمعية الوطنية للتغيير كانت متصدرة المشهد السياسى قبيل الثورة.. أين هي وما دورها خلال الفترة المقبلة؟

- الجمعية بلغت قمة نشاطها في الفترة، التى شهدت توحد المجتمع كله خلف هدف واحد، هو التصدى لاستبداد النظام السابق، والدعوة لتغيير الوطن ديمقراطياً.

 وكان ذروة مشهد هذا التوحد ميدان التحرير في 18 يوما خالدة، حيث اجتمعت الملايين على قلب رجل واحد، وهو النضال من أجل إسقاط النظام، وبناء الدولة الديمقراطية المأمولة، الذى حدث أنه قبل رحيل مبارك انشقت جماعة الإخوان المسلمين والتيارات الدينية كلها باتجاه مساومة تاريخية مع السلطة لاقتسام كعكة النظام، لوأد الثورة، حتى لا تتطور وتتعمق، وتتحول من ثورة سياسية، تطالب بإسقاط النظام إلى ثورة اجتماعية ترفع شعارات العدالة الاجتماعية، وراية العدل في الأرض، وتدافع عن مصالح الملايين الغفيرة، الذين يمثلون أكثر من 75% من أبناء الشعب المصرى من الفقراء والمحرومين والكادحين والعاملين على كل المستويات.

 وكان هناك مطلب ملح جداً، من الولايات المتحدة الأمريكية، و ممالك النفط، التى يقودها عتاة الرجعيين العرب، أشياع الاستعمار والصهوينية، ومن إسرائيل، ومن المجلس العسكرى، والطبقة الرأسمالية الحاكمة، حيث اجتمعوا على وضع حد للثورة في أسرع وقت ممكن.

 وكان الحل متجسداً في جماعة الإخوان المسلمين، والتيارات الإسلامية، التى أوكلت إليها مهمة إجهاض المد الثورى، وامتصاص هذا الزخم، وتمزيق صفوف قوى الثورة، وتصفية الروح الثورية عند المصريين.

 والجماعة أدت دورها المرسوم، على أكمل وجه، فبمجرد اتفاقها مع المجلس العسكري، بدأت مطاردة الثوار وتشويهم، وإعلان نهاية شرعية ميدان التحرير، وأنه لا شرعية إلا للبرلمان، وساهمت مساهمة جلية في قتل الثوار في شارع محمد محمود، وشقت الصف الوطنى، وبالتالى دور الجمعية الوطنية للتغيير تعرض لهزة ضخمة جداً بهذا الانشقاق في الصف الوطني.

 ورغم ذلك، تماسكت الجمعية، وأصرت على أن تظل ضمير الثورة والوطن اليقظ، ولم تترك موقفا دون أن تدلى بدلوها فيه، وحاولت بقدر الإمكان تجديد تنظيم صفوفها، وهيكلت عملها، ووضعت خطة لتجديد دمائها على أساس أن يتولى الشباب قيادتها، وتطوير أدائها الفترة المقبلة.

 وأعتقد أن الجمعية باعتبارها منبرا للوطنية المصرية الخالصة ستلعب دوراً في الفترة القادمة استناداً إلى ما أشرت إليه من أن نظام مبارك لم يسقط، وكل ما حدث أن القشرة الخارجية لهذا النظام أزيحت حتى تتمدد بديلاً لها قشرة جماعة الإخوان والرأسمالية الدينية الملتحية باعتبارها البديل للشريحة الرأسمالية الحاكمة آنذاك، وأبرز دليل على ذلك أنه يتم حاليا تحت مسمى المصالحات، التوافق مع رموز النظام السابق، والإفراج عن عدد كبير منهم، وربما يفرج عن «مبارك» شخصياً، خلال الفترة المقبلة، فقد تم التصالح مع الرموز الاقتصادية، التى نهبت ثروة الشعب، وكانت أحد أسباب الثورة، والأخطر أنه يتم تبنى سياسات النظام السابق الاقتصادية.

كيف ترى عودة الجيش للمشهد السياسي؟

- المطالبات التى انتشرت في الفترة الأخيرة بعودة الجيش إلى الحكم مرة أخرى، تعبير مباشر عن ظاهرتين متلازمتين، الأولى انفضاح وانكشاف ما يسمى المشروع الإسلامى، وبروز فشل جماعة الإخوان في تلبية الحد الأدنى من مطالب الشعب والثورة، والثانية عجز جبهة الإنقاذ الوطني، عن شغل الفراغ، الذى نجم عن تراجع الإخوان، فلو كانت لديها القدرة على أن تقدم نفسها للمجتمع، وتطرح حلولا حقيقية وموضوعية لمشاكل الشعب، وتقنعه بأنها مهيأة لقيادة الدولة، لما كان شعار عودة الجيش قد طرح.

 ودور الجيش هو حماية المصالح الوطنية العليا، والدفاع عن الأمن الوطنى في مواجهة العدوان، خصوصاً الصهيوني في هذه اللحظة، لكن إذا نزل الجيش الشارع لأسباب قد يراها ضرورية، مثل حماية الدولة من الانهيار، فكل ما أتمناه أن تكون لمدة قصيرة لحماية الأمن الوطني، وليس الغوص في مستنقع الحكم، لأن انزلاق الجيش في الصراعات السياسية، ينعكس سلباً على كفاءته وأدائه وقدراته.

ما تقييمك لانتشار العنف في المجتمع حالياً؟

- الشعب المصرى في جوهره مسالم وكاره للعنف، لكن الذى حدث أن الشعب وضع تحت ضغوط هائلة، تمت بشكل منظم وممنهج بإطلاق سراح مئات الآف من المجرمين، والبلطجية من السجون، والتراخى في إعمال القانون.

 ووصلت للمصريين رسالة أن الذى لا يأخذ حقه بيده سيضيع عليه، وذلك ليس في الممارسات السياسية فقط، لكن في الحياة العادية للمواطنين، وفي مثل هذه الظروف لا نستطيع أن نلقى باللوم على المواطن العادى، ولكن جهاز الحكم هو المسؤول.

ما مدى إمكانية التعايش بين تيار الإسلام السياسي وبقية القوى المدنية؟

- لا بد من بناء هذا التعايش، لأن البديل له سيكون الحرب الأهلية، ويجب ألا يتصور تيار الإسلام السياسى، لأنه في السلطة، ومدرب على السلاح، ويمتلك ميليشيات عسكرية، أنه قادر على قمع الشعب المصرى وقهره، وفرض إرادته عليه.

ومن مصلحة قوى الإسلام السياسي، أن تدرك أنها تقود نفسها والإسلام والبلاد إلى مأزق تاريخي غير مسبوق، ونحن كقوى مدنية لم نرفض الوصول إلى توافق، بل بالعكس كنا نرفض السياسات الراهنة، لأنها تقوض الأسس الموضوعية للتوافق المجتمعى كرفضنا الدستور ومجلس الشورى.

الدولة تصالحت مع رموز النظام السابق.. هل من الممكن أن تتصالح معها قوى المعارضة؟

 - لن يحدث، لسبب بسيط هو أن النظام القائم حاليا ينتمى شكلاً وموضوعاً للنظام القديم، فجوهرهم هو حماية المصالح الرأسمالية والتبعية لأمريكا، وحفظ أمن الدولة الصهيونية، والتوافق مع المرجعيات العربية المعادية لشعوبها، وقمع الحريات والديمقراطية، فنظام مرسى امتداد لنظام «مبارك».

  لو استمرت الأوضاع على ما هي عليه هل من الممكن أن تصل مصر لحالة الفوضى؟

- مصر حاليا تعيش حالة الفوضى بغياب القوانين، وفشل أجهزة الدولة في أداء دورها، وعلى رأسها الجهاز الأمني، وهناك انفلات، وفوضى في الشارع، حيث زادت حوادث البلطجة والسرقة والنهب، ومسلسل الخصخصة امتد إلى المصانع والمستشفيات الحكومية، ولأول مرة يدور حديث حتى لو بشكل هزلى عن تأجير قناة السويس والهرم، وكل هذا لم يحدث في تاريخ مصر، ولا حتى في عصور الانحطاط التاريخي، فنحن نعيش حالة أحط من ذلك، في زمن الإخوان.

ما الحل للخروج من الأزمة؟

- الخروج من الأزمة مرهون بالقدرة على إنجاز الثورة وأهدافها، وإسقاط هذا النظام الفاسد الفاشل الفاشي، وبناء نظام ديمقراطى تعددي مدني حقيقي، مؤسس على المواطنة، ويسعى بالفعل إلى بناء دولة مدنية حديثة، وإذا لم يتحقق هذا الأمر سنستمر من فشل إلى فشل، ومآلنا سيكون مثل الصومال المقسمة التى يحكمها أمراء الحرب.

 

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية