فى تقليد كان متبعاً، خصصت مجلة الاثنين والدنيا زاوية لمقالات يكتبها فنانون، منهم من كتب عن شخصيات يعرفها أو عن تجربته الشخصية أو كتب نقدا فنيا، وفى العدد الصادر من المجلة فى 17 يناير 1954 كتبت الفنانة مريم فخر الدين مقالا عن تجربة شخصية ومواقف مرت بها أثناء الدراسة تعلمت منها الأمانة فى أى عمل تؤديه.
كتبت مريم تقول: «كان بينى وبين الدراسة خصومة كبيرة، خاصة التاريخ، كان بيننا عداء مستحكم الحلقات، فأنا لا أطيق أن أسمع عشرات الأسماء ثم يطلب منى بعد ذلك أن أذكرها مقترنة بالأحداث التاريخية المتصلة بها، فأنا كنت أسمع عن التاريخ أنه كتاب حواديت ومن هنا بدأ العداء بينى وبينه».
وأضافت: «مع قرب وقت الامتحان كنت أرتعد خوفا، وكان فى أعماقى عقدة من التاريخ، فكنت أنجح فى جميع المواد إلا التاريخ، وكانت تلك العقدة تنشط وتوحى لى بأننى سأفشل، وذات عام دراسى حفظت التاريخ عن ظهر قلب، كما أشارت على إحدى زميلاتى وكان مليئا بأسماء أجدادنا الفراعنة، آمون ورمسيس وأخناتون، وتفصيل للأسرات القديمة وملوكها وأعمالهم، وكنت رغم الحفظ أخلط بين الأسرات وأنسب أعمال فرعون لفرعون آخر، وعرفت قصتى إحدى زميلاتى فقالت إنها تعانى من نفس المشكلة، ولذلك تصنع البرشام، والبرشام فى لغة الطلاب ورقة رفيعة تكتب عليها صفحات من بعض المواد وتطوى طيا محكما ثم توضع فى موضع خفى من الثياب».
وتابعت:«زينت لى تلك الفتاة أن أصنع البرشام حتى لا يضيع مجهود العام وحتى لا أحرم من متعة الذهاب للإسكندرية فى الصيف إذا رسبت، وجاءتنى تلك الزميلة وقضينا ليلتنا فى صناعة البرشام، وأرتنى كيف أثبت البرشامة تحت كمى، وكيف أشدها لأسفل عن طريق أستك من المطاط، وأجرينا عدة تجارب نجحت كلها، واطمأننت أن كل شىء يسير على ما يرام، وفى الصباح ذهبت إلى الامتحان فى نشاط وسعادة، وبدأ الامتحان، وبدأت أنقل من البرشام وكلما اقترب المراقب، تركت الأستك، فتعود البرشامة تحت الكم، ثم جلس المراقب على كرسيه وذهب فى النوم، ورحت أكتب فى هدوء لذيذ، لولا قطعه المراقب فجأة، وهو يقبض على البرشام فى يدى، وبالفعل رسبت فى التاريخ وحرمت من الذهاب إلى الإسكندرية، وتعلمت من هذا درسا بليغا فى الأمانة، كانت فيه قسوة ومرارة».