«قبل أن ينكمش الأقباط ويصبح كل ما لهم فى هذا الوطن.. حارة» بهذه العبارة بدأ الكاتب شمعى أسعد كتابه «حارة النصارى»، الذى يعد أول كتاب يناقش العلاقة بين المسلمين والمسيحيين فى مصر برؤية مسيحية يتعرض فيها الكاتب لحقيقة المشكلة الطائفية من خلال عرض للمواقف والأفكار التى تزعج المواطنين المسيحيين فى علاقتهم مع المسلمين ضمن تفاصيل الحياة اليومية.
ويعد «حارة النصارى» هو الكتاب الأول لـ«شمعى أسعد»، بعد سلسلة من المقالات التى نشرت فى عدد من الصحف والمواقع الإلكترونية، ويعمل شمعى مهندساً فى وزارة الاتصالات بالإسكندرية، بالإضافة لكونه محرراً لصفحة عن المدونات بإحدى الجرائد المصرية.. التقته «إسكندرية اليوم» وكان معه هذا الحوار..
■ ما سبب اختيارك للكتابة حول العلاقة بين المسلمين والأقباط رغم أنها من الموضوعات الحساسة والشائكة فى مصر؟
- اختيار الموضوع نابع من قناعتى بأن أفضل طريقة لحل المشاكل هو كشفها وعرض جميع جوانبها بشكل صريح، لذلك قدمت هذا الكتاب كمحاولة منى لتقريب المسلمين من عالم الأقباط، الذى يعتبره أغلب المسلمين، عالماً غامضاً بالنسبة إليهم، مما أدى إلى تفاقم حالة العزلة الاجتماعية التى يعيشها الأقباط فى مصر، وذلك الانفصال بين الجانبين بطبيعته يؤدى إلى سوء الفهم والتعصب، كذلك حاولت جعله رسالة عتاب منى كمسيحى أقدمها لإخوانى المسلمين، وأكشف فيها عن بعض ما يزعجنى من أفكارهم وطريقة تعاملهم.
■ كيف كانت مرحلة الإعداد لكتابك؟
- مرحلة الإعداد جاءت من خلال عدة جلسات مع أصدقاء مسلمين متحمسين للفكرة، حاولنا معاً أن نكشف جذور المشكلة، بعرض ما قد يقال من أقوال غريبة فى أوساط المواطنين المسلمين العاديين، عن الأقباط مثل القول بأن سبب ارتداء السيدات الأقباط اللون الأسود هو الحداد المسيحى بسبب الوجود الإسلامى أو أن الكنائس لم تعد مجرد دور عبادة بل أصبحت مخازن أسلحة وذخيرة وما شابه ذلك من الأفكار، التى قد تكون محرضة ضد الجانب المسيحى وغيرها من التفاصيل التى حاولت بعد ذلك شرحها وتفنيدها فى الكتاب بموضوعية.
■ هل كانت هناك محاذير معينة واجهتك أثناء تأليف الكتاب؟
- تعرضى لموضوع حساس جعلنى أسعى لأن أكون حذراً فى انتقاء الألفاظ، حرصاً على أن تصل رسالتى إلى الجمهور المستهدف وهو المتعصب المسلم المحمل بالأفكار السلبية تجاه الأقباط ولذلك سعيت أن يكون خطابى هادئاً وحريصاً قدر الإمكان، أما بالنسبة للمحاذير السياسية فمن المعروف أن العلاقة بين المسلمين والأقباط فى مصر هى ملف أمنى والتعرض للقضية من البداية يحمل الكثير من الخطورة، إلا أن كتابى جاء مختلفاً كونه لا يتناول الموضوع من الجانب السياسى، بل يتناول الجانب الاجتماعى، وهو أخطر من الجانب الأمنى، فالعنف الطائفى من وجهة نظرى هو تعبير فى الأساس عن مشكلة اجتماعية خطيرة فى العلاقة بين الطرفين ومفاهيمهما حول بعضهم البعض وليس مشكلة سياسية أو أمنية فى الأساس، كما نتعامل معها فى مصر ولا تعنى السيطرة عليه حلاً للمشكلة، فالخطر الأكبر ليس فى الحوادث المتفرقة، لكن فى كارثة تفكك المجتمع وانهياره إذا تحولنا إلى جانبين معزولين.
■ هل تتفق - كمواطن مسيحى - مع مطالب النشطاء الأقباط فى مصر وخارجها؟
- بالتأكيد أتفق مع بعض المطالب الحقوقية المسيحية، مثل دور العبادة والمساواة فى الوظائف، التى أجدها تعبر عن احتياجات حقيقية للمواطن المسيحى، إلا أننى بالطبع أجد بعض هذه المطالب، مفتعلة فعندما تعلو مطالب مثل ضرورة ترشيح رئيس جمهورية مسيحى، وكأننا فى مصر بإمكاننا كشعب اختيار مرشح رئاسى جديد، كل يوم مثلاً، هذه مطالب منفصلة عن الواقع. وما بين المسلمين والمسيحيين، مشاكل قد تشكل صداعاً للجانب المسيحى، لكنها لا تصل لحالة الاضطهاد التى قد يحاول بعض الحقوقيين المسيحيين إظهارها.
■ هل فكرت فى طرح الجانب الآخر من المشكلة من خلال طرح ما قد يحدث فى بعض الكنائس المصرية من شحن دينى ضد الجانب المسلم مثلاً؟
- فى كتاب «حارة النصارى» كان اهتمامى هو مخاطبة الجانب المسلم، ولذلك جاء جهدى مركزاً على طرح ما يقال بين المسلمين ومناقشته، إلا أن فكرة الحديث عما يدور بين المسيحيين وبعضهم البعض هى فكرة واردة بالنسبة لى ربما أتعرض لها فى كتبى المقبلة.