في أجواء مليئة بصخب السكاري وضحكاتهم المرتفعة وارتطام كؤوسهم المتتالي، يكتب «أسامة الشاذلي» عن مصر.. مصر ذات المستقبل الغامض الذي ينتهي في روايته «قهوة الحرية» بمقتل الرئيس.
ربطت «قهوة الحرية» بين الكثير من المتناقضات في عالم وسط البلد، المناضلين والخرتية، المثقفين والمدعين، البسطاء والمتأنقين، وزجاجات البيرة الآخدة في الحركة داخل المقهي الفسيح الذي أنشأه «يوسف أفندي» عام 1936 في شارع مظلوم بالفلكي، بباب اللوق في فترة من أزهى فترات النضال الوطني، متحملاً خسارة أن يقع موقع المقهي في مكان بعيد عن العمران".
يجمع «أسامة الشاذلي» في روايته الثانية، مصر كلها داخل المقهى العريق، الذي استضاف لسنوات طويلة رواد وسط البلد من كل الفئات، ويرسم بقلمه لوحة تكاد تكون سوداء، لمجتمع مريض، يمثله شخصيات مثل «رشاد الصعيدي» ماسح الأحذية، الذي غادر أسرته لعدم قدرته علي تلبية احتياجاتهم، و«سعد الحوت» "البار مان" العجوز الذي يرفض أولاده طلب الأموال منه لاقتناعهم بأنه يعمل في مهنة حرام، بالإضافة إلى المناضل «شهدي نظمي»، و«ندي بركات» الصحفية الشابة، والمناضلة الفلسطينية «لينا الخياط»، لتشتبك جميع الشخصيات في علاقات مباشرة وغير مباشرة، مصوراً كيف تجمع بينهم "قهوة الحرية" كل يوم.
يستهل الكاتب روايته بـ"مقدمة لابد منها" يقول فيها، "أي تشابه بين شخصيات وأحداث هذه الرواية والواقع لايمت لهذا الواقع بصلة، وإن تشابه فهذا لأنه الواقع الذي لا مفر منه"، معترفاً بأن الواقع لا مفر منه.
وتنسج رواية «الشاذلي» من خيوط الواقع، ملهاة حقيقية، يتسلي بكتابتها الكاتب، كما يتسلي «سعد الحوت» بقراءة ردود أفعال زبائن المقهى، وتوقع تصرفاتهم التالية.
يصدر الكاتب كل فصل من روايته، بمقطع من أغنية «هنا القاهرة»، للفنان «علي الحجار»، فيبدأ الفصل الذي يتحدث فيه عن ملامح في عدد من الشخصيات ترتبط بالسمسرة والغش، بمقطع " هنا القرش والرش والقش والسمسرة"، بينما يبدأ الفصل الذي يتحدث فيه «شهدي نظمي» عن تاريخه النضالي بـ" نقيم سقالات إنشاءات معجزات وندي الوجود انبيا ورسالات".
"مقهي الحرية" رواية بروح وسط البلد، مرسومة بقلم حساس، ننلاحق أحداثها وتنتهي بموت الرئيس وفرض حظر تجول، يظل بسببه أبطال الرواية- رواد المقهي- محبوسون بداخله.