أجمع خبراء دستوريون على أن الحكومة لا تستطيع تقليل سلطات قانون «الطوارئ» المطلقة، معتبرين أن الإعلان عن قصر تطبيقه على المخدرات والإرهاب بمثابة "الضحك على الذقون".
وانتقد الفقيه الدستورى الدكتور «إبراهيم درويش» طلب الحكومة المصرية مد العمل بقانون الطوارئ حتى 2012، وقال: إن الحكومة لا تستطيع أن تحد من سلطات القانون المطلقة، وحين تعلن أن القانون لن يطبق سوى على الإرهابيين ومروجي المخدرات فهذا «ضحك على الذقون» لأن الطوارئ تتيح للحاكم العسكرى، وهو رئيس الجمهورية، أن يفعل ما يشاء بمن يشاء وقتما يشاء بقرار شفوى وإرادة شفوية، ومن ثم فهو سُبة في جبين النظام السياسي وسُبة في جبين التشريع المصري.
وأضاف «درويش» أن القانون يعد صورة طبق الأصل من قانون الأحكام العرفية الذى استعمله الإنجليز فى عام 1914 بهدف تأمين قوات الاحتلال و"الآن نحن نستعمل نفس القانون لتأمين بقاء النظام السياسي"، مشيراً إلى أن النظام الحقيقي لا يحتاج للطوارئ وإنما يحتاج لتحقيق العدالة الاجتماعية.
وتابع: "أقول للحكومة ارحمونا من الطوارئ لأننا نعيش في حقيقة الأمر في حالة طوارئ منذ الاحتلال الإنجليزي، وهو ما يؤكد ضعف الأنظمة الحاكمة بدليل احتياجها لسلطات استثنائية".
وأشار إلى أن الإرهاب له مواد في قانون العقوبات تصل إلى حد الإعدام، كما أن المخدرات لها قانون يصل إلى الإعدام، متسائلاً: "طيب عاوزين تعملوا بالطوارئ إيه"؟.
وأكد الدكتور «يحيى الجمل» أستاذ القانون الدستورى، وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء الأسبق، أن الحكومة اعتادت الكذب على المواطنين، منوها بأن كلمة "الإرهاب" فضفاضة وتشمل كل من يروع الناس "حتى لو ألقى أحد بطوبة أو حجر على أحد يمكن وصفه بأنه إرهابي، وبالتالي فالعبرة ليست بقانون الطوارئ ولكن العبرة بالتنفيذ وطريقة التفسير".
من جانبه قال المستشار «طارق البشرى»:" مشكلة قانون الطوارئ ليست فى الاتهامات التى توجه للناس، ولكن المشكلة الحقيقية أن هذا القانون يحرر الحكومة من كل الإجراءات والضوابط التى تقيد سلطتها الطليقة فى التعامل مع المواطنين من حيث القبض عليهم والتحقيق معهم واعتقالهم، ولذا فالحكومة حريصة على الاستبقاء على«الطوارئ» رغم أنه عدوان حقيقي على الحريات، كما أنه يتسبب فى حرمان المواطن من الأمان الكافى، لأن المواطن عندما يستشعر أنه عرضة للاعتقال فى أى وقت وبغير ضوابط يفقد أمانه.
ولفت «البشرى» إلى أن الاستبقاء على الطوارئ يهدف إلى تصفية وإرهاب الخصوم السياسيين والمعارضين للنظام الحاكم، بدليل أن أحداً لم يقر أن قانون الطوارئ وسيلة فعالة للقضاء على المخدرات أو وسيلة مناسبة للقضاء على الإرهاب.
كان مجلس الشعب قد وافق بأصوات نواب الأغلبية (308 صوت)، على قرار رئيس الجمهورية بمد حالة الطوارئ لمدة سنتين اعتباراً من أول يونيو المقبل، مع إضافة مادة جديدة تقصر تطبيق أحكام الطوارئ على جرائم الإرهاب والمخدرات، بعد جلسة عاصفة شهدت اعتراضات حادة من جانب نواب الإخوان والمستقلين.
وأصدرت اللجنة العامة بالمجلس تقريراً يفسر القرار الجمهوري، ويوضح أن التطبيق سيقتصر على التدابير المناسبة للحفاظ على الأمن العام، ومنها وضع قيود على حرية الأشخاص فى الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور فى أماكن وأوقات معينة، والقبض على المشتبه فيهم أو الخطرين على الأمن العام، وتفتيش الأشخاص والأماكن دون التقيد بأحكام قانون الإجراءات الجنائية.
ووفقاً لقرار رئيس الجمهورية لم يعد مسموحاً فى ظل الطوارئ مراقبة الرسائل والصحف والمطبوعات والمحررات وجميع وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها، وإغلاق أماكن طبعها، كما لم يعد مسموحاً تحديد مواعيد فتح المحال الخاصة وغلقها.