قال الكاتب محمد حسنين هيكل إن الإخوان أشبه بـ«أهل الكهف»، الذين مكثوا في كهفهم سنوات وعقودًا ثم خرجوا فجأة وهم لا يعرفون لغة العصر أو آلياته، ويصرون على فرض ما يريدونه بالقوة، لشعورهم الدائم بأن الشعب يتربص بهم.
وأضاف «هيكل» في حواره مع الإعلامية لميس الحديدي، الخميس، على قناة «سي.بي.سي» أن «الإخوان يحاولون دائمًا الالتفاف على القانون»، مؤكدًا أن ثمة فارقًا كبيرًا بين تفسير القانون وتأويله والبحث عن الفخاخ فيه، وتابع: «هناك شبهة بأن جميع قرارات مرسي باطلة لعدم وجود توقيع من رئيس الوزراء في النظام الذي اختاره لدستوره».
وأوضح «هيكل» أن أصحاب الكهف فشلوا في توصيف الأزمة الاقتصادية ووضعوا بجوارها حلولًا عاجزة، ولا يمكن مقارنة ما يسمى «مذبحة القضاء» في عهد عبد الناصر بمذبحة شرسة في حال الإقدام على استبعاد 3500 قاض، بحسب تصريحات مهدي عاكف، المرشد السابق للجماعة.
وإلى نص الحوار:
■ دعنا نبدأ بفكرة الأزمات.. كيف أحكمت الحلقات وضاقت بنا ووصلنا إلى ما نحن عليه الآن؟
- دعينى أتناول الأمور بنظرة أدبية، بعيداً عن الجغرافيا والتاريخ، إذ يبدو أن الأزمات تعلم الشعب المصرى نوعاً من الأدب على طريقة فيلم «ساعى البريد» عن رواية بعنوان «الصبر المحترق» للمؤلف أنطونيو سكارميتا، تدور أحداث القصة سنة 1952 فى قرية تقع فى جزيرة إيطالية صغيرة، وتتحدث عن ساعى بريد بسيط وخجول، يفتقر إلى الخبرة فى مهنته، وعلاقته بالشاعر التشيلى بابلو نيرودا، الحائز على جائزة نوبل فى الأدب، بعد أن ترك بلاده الأصلية تشيلى إثر حظر الحزب الشيوعى فيها عام 1948، وتجول فى أوروبا قبل أن ينتهى به المطاف للعيش فى المنفى فى الجزيرة الإيطالية الصغيرة للتمتع بقسط من الهدوء والراحة بعيداً عن المشاكل السياسية فى بلاده.
فالرواية كما نرى تجمع بين شخصية تاريخية حقيقية هو نيرودا، وشخصية فنية هى ساعى البريد الذى يبذل كل محاولة ممكنة لمصادقة الشاعر المرموق، وكسب ودّه، فيما ينقل إليه كميات هائلة من الرسائل التى يأتى معظمها من نساء معجبات بالشاعر رغم تقدمه فى السن، ما يزيد إعجاب ساعى البريد البسيط بمثله الأعلى الشاعر الشهير، وعندما سأله عن سر نجاحه وشهرته، وقال إنه يرغب فى أن يكون مثله، قال له «نيرودا»: «عليك أن تخرج من الأسلوب السردى وتأخذ الأسلوب التصويرى»، وأنا الآن أجد فى ظل المآسى التى نعيشها أمثلة تصويرية لتحليل الموقف، فقد قال واحد من أجل القضاة وخيرتهم: «لا تتعب نفسك، نحن الآن فى قطار سريع، لدينا من الحرية التنقل بين غرف الطعام وكبائن النوم والصالون، لكن القطار يأخذنا جميعاً إلى الطريق الذى لا نعرف وجهته، والمشكلة أننا لم ندرك أن غرفة القيادة داخل القطار والقائمين عليها لايعرفون إلى أين نحن ذاهبون، فهو يتحرك بسرعة على القضبان طالما وجدها فى طريقه، لكن المشكلة الأكبر تتمثل فى ثلاثة أمور: إما أن ينفد الوقود فى أى وقت، أو يخرج القطار إلى العراء»، أنا أعتقد أن هذا المشهد قريب جداً مما نحن عليه الآن.
وأعود إلى نفس القاضى الذى قال أيضاً: «إذا كان هذا حال الشعب، فإن حال السلطة أشبه بمن وضع يده فى جار الحلوى، وأخذ يحاول بقبضته أن يأخذ الحلوى ويكبش أكبر قدر منها وعندما رفع يده إليهم بإخراجها من الجار لم يستطع»، وأنا بدورى الآن مستعد لأن أقوم بما قام به البوسطجى بالضبط، وأقول إننا أهل الكهف، أقصد من يحكمنا، فهم ناس خرجوا ولم يتعلموا شيئاً، ولم يعلموا أن الزمن اختلف، ولغة الخطاب نفسه تغيرت، والقرآن يخبرنا بأن أهل الكهف مكثوا فى كهفهم 309 سنين، ومن معنا اليوم مكثوا فى كهفهم بين السبعين والثمانين عاماً، وخرجوا للعالم وأخذوا السلطة فى ظروف معينة، وقد اختلفت العملة واللغات واختلفت أيضاً المقاييس ولم يعرفوا أن العالم تغير وهم بعيدون عنه، ويصرون على أن يتعاملوا بنفس المنطق والطريقة، ولا يستطيعون تصور هذه التغيرات، والمسألة أن هناك ثقافة معادية لهم لأن الشعب المصرى لن يتخلى عن تاريخه وثقافته.
■ هذا يقودنا للكلام حول من قام بالثورة لم يصل إلى الحكم.
- المعتاد أن من قام بالثورة يصل إلى الحكم لكى ينفذ البرنامج الذى دعا إليه وعارض من خلاله الحكام، ولو افترضنا أن نسبة مشاركتهم فى الثورة 10 أو20%، لكنهم فى حقيقة الأمر قلة فى فلك القوة التى ساهمت فى تغيير الأوضاع، ثم جاءوا واستولوا على السلطة كاملة دون مراعاة للآخرين، والمشكلة الأكبر التى تجعلنا نشعر بالأسى أن من أتوا إلى مصر فى هذا العصر يشعرون دوماً أن الجميع فى حالة تربص بهم، وهذا الإحساس يدفعهم إلى مزيد من العناد والمكابرة، فالحاكم يعتقد أنه مظلوم رغم أن المظلومية انتهت، وهم الآن فى الحكم، والناس كانت على استعداد لأن تمنحهم الفرصة أو ميزة التجربة، لكنهم مع الأسف الشديد لا يستفيدون من التجربة بسبب الثقافة السائدة أو العناد والإصرار، أو لأنهم لا يفهمون أننا وصلنا إلى درجة تشبه المواجهة بين تيارين، وهذا شىء مخيف.
■ بعد تسعة أشهر من حكم الدكتور مرسي.. كيف تقيِّم أخطاء هذا النظام؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟
- أى طرف من الأطراف يواجه موقفاً لا يفهمه ويظن أنه على حق، يأخذ الأشياء غصباً، فهم لايزالون حتى الآن يستعملون المقدس وهذا ليس فى السياسة، فالإسلام كدين ودولة غير ممكن، لسبب بسيط، السياسة قد تتغير كبنيان ومؤسسات فى الدولة، لكن الإسلام لا يتغير، ولا تقرن المصحف الشريف بالسيف، فالمصحف دعوة، والسيف قمع، وليست بينهما علاقة.
■ إذا انتقلنا إلى أشياء أكثر تفصيلاً.. القضاء.. أين الحل مثلاً فى قضية النائب العام؟
- الغريب جداً فى هذه اللحظة أن النظام القائم يرى فى القضاء خصماً، ويرى فى الجيش تهديداً، والبوليس أداة العاجز، ويرى فى الإعلام العدو، وسأعود إلى تصريح السيد مهدى عاكف عندما تحدث عن أنه من الممكن أن يخرج 3500 قاض من الخدمة، وقد اكتشفت أن ما قيل لم يكن على سبيل الخطأ بل مقصود لأنهم وجدوا أن تقليل سن المعاش إلى 65 سنة سينجم عنه خروج 2400 قاض، ثم إلى 3004 إذا قل سن المعاش إلى الستين، ولن يبقى فى الدستورية وقتها سوى خمسة قضاة إذا تم تقليص السن إلى 65 ثم إلى 60 وسيبقى قاضيان فقط، وهنا لايزال منطق التحايل على الفتاوى قائماً حتى لو خالفت روح القانون وروح العرف.
■ تقصد استخدام القانون لإيجاد مخارج لأزماتهم؟
- أريد أن أقول إن كل السلطات استعملت القانون بشكل معين، لكنى لم أعلم كم هذه المخالفات القانونية حتى فى ضوء الدستور الذى وضعوه، وقد فوجئت بمن يقول لى إن كل قرارات مرسى باطلة، لأنه لابد وفقاً للدستور الجديد أن يكون هناك ما يسمى التوقيع المجاور لرئيس الوزراء، وأحياناً للوزير المختص، وهناك باستمرار شيئان: تطبيق القانون وتأويل القانون أو ما يسمى محاولة التفسير، لكن لم يحدث أن بحث أحد عن فخاخ.
■ نعود إلى أزمة النائب العام، أنت تعلم أن مجلس القضاء الأعلى أصدر بياناً هادئاً، دعا فيه «طلعت» إلى العودة لمنصة القضاء، والرئاسة قالت إنه باق؟
- ببساطة، النائب العام لابد أن يكون موضع إجماع من الجميع أو على أقل تقدير ليس موضع خلاف من الجميع، أنا أمامى أدبياً ومعنوياً وسياسياً نائب عام لا يستطيع أن يدافع عن الحق العام، إذا كنا أمام مأزق فمرجعه الرئيس، وأعتقد أن الناس رغم رواسب الماضى منحتهم الفرصة رغم شكهم فيهم، وكل ما يجرى لا يدل فى أبسط الأحوال على معرفة، والظرف لا يحتمل.. لا البلد ولا الإقليم، والبلاد مرهقة جداً ولا تستطيع أن تتحمل كل هذه الأخطاء.
■ إذا عدنا إلى العلاقة بين السلطة التنفيذية والقضاء وعبد الناصر والقضاء كانت له تصادمات هو أيضاً مع القضاء؟
- ما يسمى إعلامياً «مذبحة القضاء» كانت مسألة تمس ما لا يتجاوز 43 قاضياً، لكن كانت لعبدالناصر أسبابه الاجتماعية من وجهة نظره، وقد تكون خاطئة أو صائبة، لقد سمينا خروج 30 أو40 قاضياً مذبحة للقضاة، لكن بماذا سنصف ما سيحدث الآن عندما يخرج 3500 قاض؟!
■ هل سيستمر عناد النظام فى أزمة النائب العام أم ستحدث انفراجة قريبة؟
- أعتقد أن هناك محاولات من بعض العقلاء لإيجاد مخرج من المأزق، وهناك أناس من مجلس القضاء الأعلى يحاولون أن يعيدوا النائب العام السابق ولو ليوم واحد فقط ثم يتقدم باستقالته، والمستشار طلعت إبراهيم يتقدم هو الآخر بالاستقالة، وهو أمر يتعلق بمراعاة منصب النائب العام، لكن المنطق الغالب فى النهاية أن أهل الكهف مستمرون، ونحاول أن نخبرهم بأن الدنيا تغيرت، وحتى لغة الزمان تغيرت لكن لا فائدة.
■ كلام الرئيس مع نائب رئيس السودان حول حلايب وشلاتين مقلق بالنسبة للمواطن المصرى؟
- أنا لا أعلم لماذا زار الرئيس الخرطوم، خصوصاً أن البلد فى أزمة إلا أن يكون لزيارة مرسى هدف واضح غير الهدف الدعائى والإعلانى، فلابد على الرئيس عندما يقوم برحلته إلى هناك أن يكون على دراية تامة بحلايب وشلاتين، أعتقد أنه لا يجب أن تقوم مشكلة بين السودان ومصر بسبب أرض مهما كانت هذه الأرض، والخطأ هنا ليس فقط فى دراسة القضية، لكن ضرورة ألا تنطق إلا بما تعرف لأنه لم يعد هناك أسرار، وإذا كان الإخوان يريدون استمرار عهد الوشوشة فقد اختلف الزمن، وعلى أهل الكهف أن يدركوا أنه لم يعد هناك كهوف.
■ دعنى أقل إن الجيش سيظل الحامى للأمن القومى للحدود حتى لو لم يطلب منه الدخول فى السياسة؟
- واجب الجيش أن يدافع عن الحدود، لكن لا أزمة بيننا وبين السودان تستدعى استعمال السلاح، وأتمنى أن يترك الناس الجيش مصوناً فى مكانه، ولا أستعبد أن يتصور الإخوان أنه فى مقدورهم الإعلان عن أحكام عرفية لأنهم فى حالة قلق دائم من الإعلام ومن الناس ومن الوضع كله، وقد تساورهم أوهام إعلان الطوارئ، وقد يستدعى الجيش، وهم بذلك يضعون البلاد فى أزمة لا لزوم لها، هناك تخبط كبير ومطلوب وقفة مع النفس، وإذا استمررنا فى هذا الطريق أعتقد أنه فى غضون شهرين أو ثلاثة قد يضطر الرئيس اضطراراً إلى اتخاذ إجراءات استثنائية.
■ أنت وصفت الاقتصاد بأنه أزمة المستقبل، والآن وقد خرج أهل الكهف من كهوفهم فإذا بالاقتصاد له آليات مختلفة ليس بيعاً وشراء واستيراداً وتصديراً.. لكن الآليات لا يعرفون عنها شيئاً ما هو تقييمك للأداء الاقتصادى؟
- أما وقد استخدمت تعبيرى الوصفى بأهل الكهف، فدعينى أكمل وصف المشهد الاقتصادى بأنها فى غياهب الجب. وحتى أكون منصفاً فهى أزمة تراكمت عبر سنوات طويلة، وهم ورثوها بالطبع لكن مثلهم كمثل صاحب الإرث لا يدرك قيمة ما ورثه أو لا يعرف قدر ما هو مسؤول عنه، وفى موضوع الاقتصاد الأوضاع تزداد سوءاً، لكن الموقف السيئ ترك دون علاج، وكان لى شرف افتتاح مؤتمر للتيار الشعبى للرؤى المستقبلية دعانى إليه حمدين صباحى، وأذهلتنى الصورة التى كانت أمامى وما تحدثت عنه التقارير وسمعت أناساً يتحدثون ويقدمون الحلول.
■ هل لدى المعارضة من الحلول ما تقدمه؟
- بإمكان أى فرد أن ييأس وينتحر لكن الأمم لا تيأس ولا تنتحر، المسألة هنا ببساطة أنه عندما نضع أمامنا حقائق الأزمة بالأرقام، سأقول لك شيئاً حتى لو كان خارج الموضوع، فى الشهر الماضى التقى شيمون بيريز بزائر أجنبى، وقال له أنتم قلقون جداً على مصر فلا تضيعوا وقتكم، مصر أمامها ثلاث حروب نائمة قد يتم إيقاظها فى أى وقت، الأولى دينية بين فئة وفئة أخرى، والثانية لها علاقة مباشرة بالأزمة الاقتصادية الطاحنة وهى تنذر بحرب أهلية، والثالثة أزمة المسلمين والأقباط.
مصر أمام ثلاث حروب أهلية، ولا أستطيع أن أتحدث كثيراً عن الأرقام، فهى واضحة سواء أرقام العجز أو البطالة أو الإمكانيات المتاحة، حتى المساعدات المالية نفسها من المفارقات أن ما كان يأتى قبل الثورة أكثر بكثير مما يأتى بعدها، المشكلة أنهم لم يستطيعوا أن يقرأوا الأزمة، ويصفوها بالتوصيف الصحيح ثم يجدوا الحلول الممكنة لها، لكن الخطاب الموجه للشعب ملىء بالتفاؤل، وعندما نشاهد الصحف سنعرف أنها مشروعات مازالت فى الخيال وخطط مازالت على الورق ولم تناقش.
■ ما تفسيرك لعجزهم فى إيجاد الحلول؟
- أحد السفراء أخبرنى بأن كاثرين أشتون المفوضية الأوروبية لدى زياراتها فى القاهرة قابلت الرئيس مرسى، وقالت له إن الوضع الاقتصادى فى مصر يجب أن يستقر، ولن يحدث هذا إلا بأن يكون هناك حكم قوى وأن يشارك فيه الجميع، وعندما سألها السفير عن رأى الرئيس، قالت: لم يجب بل صمت.
■ الفكر الاقتصادى السائد الآن هو صندوق النقد الدولى من ناحية،والمعونات من ناحية أخرى وفى مقدمتها المعونات القطرية؟
- هناك مشكلتان فى الاقتصاد باستمرار: كيفية اجتياز عنق الزجاجة فى هذه اللحظة، ثم التصور للمدى البعيد، والمعونات المساعدات قد تساعد فى حل أزمات اللحظة أو الآنية، لكن المشكلة أن الأزمة أكبر من ذلك، أنتم تدخلون «خناقات» لا مبرر لها فى هذه اللحظة، والشىء الغريب أن هناك بلد يعاند فى المجتمع الدولى بلا قضية، ومن ضمن الأوهام المسيطرة على الإخوان أن المجتمع الدولى لن يسمح بأن تسقط مصر وتناسوا أن مشاكل مصر كبيرة جداً بشكل لا يستطيع أن يضمنه أحد.
■ لكن الولايات المتحدة تضمن هذه المشكلات وتدفع صندوق النقد الدولى للموافقة على القرض؟
- أريد أن أقول إنه ضمن تصور الإخوان أن مصر أكبر من أن تترك للسقوط، وهو تصور قائم على المكانة الإقليمية، لكن ما نتصوره عن هذه المكانة لم يعد موجوداً.
■ لكن النظام يعتقد أن السبب الرئيسى وراء الأزمة الاقتصادية المظاهرات والمعارضة والإعلام فهم يعتبرون ذلك من الثورة المضادة، وأنها هى التى تعرقل الاقتصاد؟
- ننسى دائماً أن أى أحد يواجه مشكلة لا طاقة له بها لايستطيع أن يعترف بأنه فشل، بل لابد أن يجد أشياء يلقى عليها المسؤولية، لا أحد يستطيع دوماً أن يفتح فمه أمام الحقيقة، ولا يستطيع أحد أن يشوه إنجازاً حقيقياً مهما فعل، وعندما كانوا موجودين فى زمن ما به إنجاز معين انكمشوا ولم يكونوا موجودين. إذا كان أحد لديه إنجاز وقادر على شرحه للناس أو أن يقودهم لتحقيقه أو أن يريهم أنه جاد - لا يهمه أى تشويش.
■ إلى أى مدى سيظل اللجوء إلى قطر مورداً رئيسياً للغاز والمعونات؟
- هذه كارثة كبرى لأنى أظن هنا أن النظام لم يضر نفسه فقط بعدم فهمه، لكنى أظن أساء أيضاً إلى أصدقائه، لم يحدث أن كانت قطر متعرضة لهجوم فى مصر مثل الذى تتعرض له الآن وللاسف الشديد أن ثمة معركة قبلية تدار على أرض مصر بين قطر والسعودية، ويكفى أن يقرأ أى شخص الصحف ليجد أن هناك إشارات طائرة فى الهواء وهى معركة تدور على أرض مصرية، وفى أحسن الأحوال هى معركة قبلية، والغريب جداً أن القطريين قد يكونوا أخطأوا فى بعض الأشياء أولها الجزيرة مباشر مصر، وثانى الأشياء أنهم دعموا الإخوان على الأقل بهذا الشكل الظاهر، لكنهم سيظلون البلد الوحيد الذى قدم مساعدات حقيقية لمصر. النظام أضر نفسه بأخطائه ثم أضر أصدقاءه ووصل بهم الحال إلى الامتناع أو العجز عن التعرف، أريد أن أقول إن هناك مشكلة فى الإدارة وفى الأولويات، إن هناك أزمة فهم بلا حدود.
■ نأتى إلى أزمة الكاتدرائية؟
- ثمة أزمات أخرى مهدت لها حيث كانت الدعوة الدينية تشتد فى الريف، وكان الأقباط فى ذات الوقت نظراً لعدم وجود ما يكفى من الكنائس يقيمون صلواتهم فى غرف، لأن بناء الكنائس وقتها كان يخضع لما يسمى الخط الهاميلونى، وعندما تزايد نشاط الإخوان المسلمين فى الريف بدأ الحديث عن غرف الأقباط.. ماذا يفعلون؟ وما هذا؟ وبالتأكيد أحس الأقباط بالوحشة، فوقت أن تقولى إن الدين الإسلامى دين ودولة هنا مشكلة كبيرة، جماعة الإخوان المسلمين نفسها تضع شعار السيف، وإذا لم أشعر بالقلق فأنا رجل بليد الفهم.
■ لكن الخطاب العلنى يتحدث عن المواطنة؟
- لا يوجد أحد يتحدث عن المواطنة. كلمة المواطنة باستمرار ترد بالذكر لكن ليس بالمعنى، وهناك ألفاظ كثيراً جداً تشيع للخطاب العام، لكن مجمل الخطاب لا يؤدى إليها، وهنا لابد أن أتصور أن الإخوان المسلمين كان يجب أن تكون المواطنة أولى خطواتهم تجاه الطرف الآخر.
■ كيف وجدت رد فعل الدولة بعد الاعتداء الواقع؟
- أنا أعتقد أن رد فعل الدولة كان سيئ الحظ جداً.
■ كيف قرأت الغضب فى بيان المجلس الملى الذى قد يكون الأكثر غضباً؟
- لا أستطيع أن ألوم أحداً، هناك تأخير شديد وكنت أتصور وقد جاء أول رئيس إسلامى لمصر إلى الحكم أن يكون أكثر ممن سبقوه فى الحكم من المدنيين فى طمأنة الآخر.