على غرار طه حسين عميد الأدب العربي، الذ ترك رائعته المثيرة للجدل "ما وراء النهر"، مخطوطة لم تكتمل، وغيره من الأدباء الكبار، يبدو أن القدر لم يمهل أديب الأرجنتين الكبير «خورخي لويس بورخيس» ليكمل روايته التاريخية "آل ريبيرو".
عثر على مخطوطة الرواية مركز "هاري رانصوم" للدراسات الإنسانية بجامعة أوستن، تكساس الولايات المتحدة. وهي مخطوطة من أربع صفحات مكتوبة بخط الأديب الكبير، بحروف دقيقة للغاية، لا تكاد ترى بالعين المجردة، وتحتاج عدسة مكبرة لفك طلاسمها.
تتناول المخطوطة التي يرجح أن يكون «بورخيس» (بوينوس ايرس1899- جنيف 1986)، قد كتبها عام 1950 في بداية إصابته بتراجع حاسة الإبصار، قصة «آل ريبيرو» أحفاد أحد ضباط حرب الاستقلال الأمريكية الذين يعيشون في فقر وبؤس وضنك، بعد رحيل جدهم البطل وإعلان الجمهورية.
وقد اكتشف هذه المخطوطة الناقد الأكاديمي المتخصص في أعمال «بورخيس»، «براون خوليو أورتيجا»، أثناء إبحاره في عالم الأديب الأرجنتيني، حيث يقول "كل قارئ شغفه أدب «بورخيس»، يحلم بالعثور على المصادر، النسخ الأولى، والمخطوطات الأولى التي خرجت من قلم المبدع الكبير، مثل مخطوط أقصوصته المبهرة "الألف" المحفوظة حاليا في المكتبة الوطنية في مدريد.
ويبدأ نص رواية «آل ريبرو» التي لم تكتمل على النحو التالي "في 1905 تم استبدال البوابة ذات الحديد المشغول بباب خشب به نوافذ زجاجية، ووضع أسفل مقبض الباب البروزنزي جرس كهربائي، ولكن بصفة عامة فإن منزل «ريبيرو» بممراته المظلمة وفنائه ذو الأرضية الحجرية الملونة، وقبو غير مستخدم ، وشجرة تين في نهايته، لم يكن أكثر من مجرد منزل قديم بأحد أحياء الجنوب، تخيم عليه صورة الكولونيل «كلمنتي ريبيرو» (الذي توفى فى منفاه في مونتيفيدو، قبل شهرين من إعلان أوركيزا) ويمكن التعرف عليه بدون أدنى صعوبة".
ومن المقرر أن يتم طبع المخطوطة النادرة في مجلد فاخر سوف يطرح في الأسواق في 25 من الشهر الجاري، وتضم بالإضافة إلى المخطوطة نسخة تم إرسالها بالفاكس، ومجموعة رسومات للفنان الأرجنتيني «كارلوس ألونسو» مستوحاة من روح القصة، ومجموعة صور فوتوغرافية. ويشرف على طباعة المجلد مركز النشر الأرجنتيني بالتعاون مع مؤسسة «خورخي لويس بورخيس» العالمية.
من جانبها تحاول «ماريا كوداما» أرملة بورخيس منذ سنوات تجميع مخطوطاته، لضمها في عمل واحد. و لايعرف حتى الآن كيف انتهى المخطوط إلى مركز رانصوم الأمريكي.
يشير «بورخيس» في قصته التي لم تكتمل "آل ريبيرو" إلى "أولئك الأيتام الذين ينحدرون بشكل مباشر من أحد الأبطال أو المحاربين القدماء الذين دافعوا عن أوطان أو ساهموا في تأسيسها ولكنهم اليوم لا يكترث لهم أحدا".
ويعد «بورخيس» أحد أهم الكتاب في أمريكا اللاتينية، وتنوع انتاجه ما بين الشعر والقصة القصيرة والترجمة، وكان مولعا بالقراءة والسفر، واشتملت كتاباته على عوالم سحرية مثل الصحراء العربية والأندلس وغيرها، ومن أشهر كتاباته مجموعة "الألف" التي تضم من قصص قصيرة تدور أحداثها في إطار عربي وإسلامي لتأثره بألف ليلة ولية والقرآن، كما أنه كتب الشعر وقام بالعديد من الترجمات من الانجليزية والفرنسية والألمانية.