قال الدكتور عبدالخالق فاروق، الخبير الاقتصادي، مدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إنه لا يوجد طوق نجاة للاقتصاد المصري، تحت إدارة الرئيس محمد مرسي، وجماعة الإخوان المسلمين، مؤكداً أن «مصر معرضة لخطر أبشع من الإفلاس، وهو ألا يجد المواطن المصري الخبز»، وشدد على خطورة الوضع الاقتصادي، كما حذر من كوننا على مشارف ثورة الفقراء التي ستطيح بـ«الإخوان» إلى الأبد، وستطوى صفحتهم من تاريخ مصر.. وإلى نص الحوار:
■ما أسباب انهيار الاقتصاد المصري؟
- أولاً ارتفاع وانخفاض الجنيه المصري، دائما يعود إلى مرض اقتصادي أكثر وأخطر عمقاً مما هو واضح أمام المواطنين، وسأشرح لك بداية المرض الذي يعانى منه الاقتصاد: فقد بدأ قبل عهد «مبارك»، فورث الاقتصاد منذ 30 عاماً، وعليه مديونية داخلية 15 مليار جنيه، وتركها 888 مليار جنيه، ونعترف أنها لغم ضخم، لأنه يلتهم في كل سنة ثلث الموازنة العامة، بالإضافة إلى 34 مليار دولار وانهيار قطاع الإنتاج المصري، الذي يمثل العمود الفقرى لأى دولة، وكان رجال الأعمال المقربون من النظام يدعمون هذا الانهيار، لأن تجارتهم وأربحاهم ومكاسبهم كانت من خلال الاستيراد.
وعجز الموازنة العامه تركه «مبارك» أيضا، وهو يقارب 130 مليار جنيه تقريباً، أي ما يعادل من 10 إلى 11 % من الناتج المحلي، والفجوة بين الصادرات والواردات تعادل 25 ملياراً، ومن بعد الثورة في المرحلة الانتقالية بقيادة المجلس العسكري، وبعده الرئيس محمد مرسي ازداد الوضع سوءاً وتدهوراً، وأصبحت المديونية 1400 مليار جنيه.
■ما سبب انخفاض الاحتياطي النقدي وارتفاع سعر الدولار؟
- سبب انخفاض الاحتياط النقدي هو اللجوء لسحب 2 مليار منه لـ«سد العجز، وشراء السلع الغذائية، والمستلزمات، الطبية والبترولية، ودفع الرواتب، بالإضافة إلى عمليات التهريب الواسعه للأموال التي قدرت بحوالي 10 مليارات، وكل ذلك أدى إلى انخفاضه من 33 ملياراً إلى أقل من 13 ملياراً».
■لماذا لم يتم ضم أموال تلك الصناديق الخاصة للخزانة العامة؟
- سلطة إلغاء هذه الصناديق في يد وزير المالية، ورئيس الجمهورية فقط، وهما أضعف من أن يلغياها، لأنها « لذوى مصالح» موجودين في جميع وزارات ومؤسسات الدولة، وهم جزء منها، ولأننا نفتقد وجود رجل دولة حقيقى منذ قيام الثورة يستطيع أن يأخذ هذا القرار، ولأنه سيمس كل الوزارات وقياداتها، وسيفتح النار على نفسه، فالإخوان لديهم تخوفات تمنعهم من المساس بالمتربحين من تلك الصناديق.
ومن المفترض أن تصرف الدولة تلك الأموال على تطوير مرافق الدولة، ولكن، وللأسف، تصرف على المكافآت ورفاهية المسؤولين في الدولة، وأريد أن أوضح أمراً مهماً، وهو أن إلغاء تلك الصناديق وضم أموالها للموازنة العامة سيكون له عدة فوائد، أولها أنه سيسد جزءاً كبيراً من عجزها الذي نعانى منه.
■كيف ترى إدارة الحكومة لملف الاقتصاد وحل الأزمات؟
- «الإخوان» يديرون الدولة اقتصادياً كأنهم يديرون محل كشري، أو محل بقالة أو معرض سيارات، كالذي يمتلكه خيرت الشاطر، وليست الحكومة، وهذا ما قلته لـ «مرسي» في قصر الرئاسة، وحذرت من رجال أعمال جماعته، ولكنه أنكر ذلك، فأكدت له ذلك قائلاً:« هناك 17 من رجال أعمال الإخوان يسيطرون على ملف الاقتصاد» منهم حسين القزاز، وعصام الحداد، وأيمن علي، وياسر علي في الرئاسة، وخارجها خيرت الشاطر، وحسن مالك.
أما عبدالله شحاتة وأحمد النجار ومحمد جودة، فهم يعملون لديهم، ولا يستطيعون اقتراح أي تغيير في سياسة الإخوان لإدارة الملف، لأنهم يخافون من أن يرفع الشاطر حاجبه، وهذه المجموعة من التجار مثل تجار اليهود، وليست لديهم القدرة على التأسيس، وهم أصحاب تلك السياسات الفاشلة، فهم يرابون، ولا يؤسسون في الاقتصاد، ولا ينشئون منشآت صناعية ولا زراعية لخدمة الدولة على المدى الطويل والبناء.
■هل ستنجح الحكومة في الحصول على قرض صندوق النقد الدولي؟
- أشك في أن تنجح الحكومة في الاتفاق مع صندوق النقد الدولى والحصول على القرض، لأن الولايات المتحدة الأمريكية «بين نارين»: الأولى أنها توظف سلطة الإخوان، المتمثلة في مرسي في ملفاتها الإقليمية، لأنهم الأفضل لإدارتها، مثل ما يجري في سوريا وفي ليبيا وتونس ومصر أيضاً، وهناك أيضاً تخوفات لدى الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الإخوان، لأنها فوجئت بالأداء السيئ والمفجع لـ«الجماعة» في إدارة الدولة، فقد شعر الأمريكان بأن الإخوان سيصلون بمصر إلى حرب أهلية، وأنهم سيجعلون مصر مثل الصومال أو الجزائر، لذلك علقت القرض لحين تقديم مرسي تنازلات للمعارضة حتى تخرج مصر من الأزمة الراهنة والاستقرار السياسي، عن طريق تغير الحكومة والنائب العام، وإدخال المعارضة في الحكم، بالإضافة لقرار الاتحاد الأوروبي الذي أوقف المساعدات لمصر، لأن لديه قلقاً حقيقياً من الإدارة المصرية، التي وصفها بأنها ذات طابع استبدادي.
■هل ستكون هناك مخاطر على الاقتصاد المصري حال قبول صندوق النقد الدولى على تقديم القرض للحكومة المصرية؟
- في حال نجاح الحكومة في الحصول على القرض سيكون هناك مخاطر، لأنه ليس جمعية خيرية، فصندوق النقد الدولى لديه أجندة تتكون من رفع الدعم عن المشتقات البترولية والكهرباء، وتخفيض معاشات الضمان الاجتماعى وكل ما يتعلق بالإنفاق الاجتماعى، والخدمات الصحية، وبذلك نحن سنكون بصدد وضع اقتصادى معيشى سيئ جداً، والخطر الأكبر أنه سيحمل الأجيال القادمة عبء دين خارجى يصل إلى 50 مليار دولار، وإصرار «الإخوان المسلمين» على الحصول على القرض، رغم أنه لن يحل الأزمة الاقتصادية- يكمن في أن لديهم وعوداً وعهوداً من العديد من الدول بالاستثمار في مصر، بعد حصولهم على ما يقرب من 8 إلى 14 مليار دولار، يظنون أنها ستنقذ الوضع الاقتصادى لعدة شهور.
■ما رأيك في السياسة الضريبية في عهد مرسي؟ وما تأثيرها على الاقتصاد؟
- يجب إعادة النظر في السياسة الضريبية، لأنها توثر بشكل مباشر على الفقراء ومحدودي الدخل، بالتزامن مع تقديم تنازلات لرجال الأعمال، التي تتم بشكل عشوائي، كفرض الضرائب على السلع والخدمات التي تمس الفقراء، مثلاً كالضرائب التي فرضت على شركات الإسمنت، والتي أدت إلى ارتفاع أسعاره، لأن أصحاب تلك الشركات قاموا بنقلها عن طريق رفع سعر منتجاتهم.
■ما أسباب سعي جماعة الإخوان المسلمين للمصالحة مع رجال أعمال النظام السابق؟
- فكرة المصالحة مع رجال أعمال النظام السابق فكرة خرقاء وغير أخلاقية وغير وطنية، وكل ما يجري عليه التصالح لا يتجاوز الـ15% من إجمالي الأموال المنهوبة، وهناك عدة عوامل تؤثر على عمليات المصالحة، وأولها أن هناك رغبة من «الإخوان» في مشاركتهم أو الاستيلاء على استثماراتهم وأصولهم وممتلكاتهم، لذلك يمارسون ضغوط عإلىة وطرق لابتزازهم للاستحواذ لتحقيق ذلك، وليحلوا محلهم، وبالمناسبة: «الإخوان الآن دخلوا على شركة الدخيلة، وقاموا بشراء الكثير من أسهمها»، وثانياً: «تصورهم بأن إجراء تلك المصالحات ربما يعطى إشارات لبعض الدول، خاصة قطر والإمارات، وبذلك تبنى جسوراً من الثقة والتفاهم بينهما.
■هل طرحت الحكومة مشاركة اليسار في إدارة الملف الاقتصادي؟
- إطلاقاً، لم نتلق أي عروض للمشاركة في الملف الاقتصادي، لأنهم يعتقدون أننا اشتراكيون، وسنؤمم جميع الثروات، وهذا ينم عن جهلهم، ومن ناحية أخرى، لأنهم لا يقبلون مشاركة أحد معهم، لا في اقتصاد ولا سياسة، وهذا ما أكده لي أحدهم.
■ما الحلول الممكنة للخروج من الأزمات الاقتصادية التى تعيشها مصر الآن؟
- لا يوجد طوق نجاة للاقتصاد المصري، تحت إدارة مرسي و«الإخوان»، لأن مصر معرضة لخطر أبشع من الإفلاس، وهو ألا يجد المواطن المصري رغيف الخبز الذي يأكله، ونحن على مشارف ثورة الفقراء التي ستطيح بـ«الإخوان» إلى الأبد، وستطوى صفحتهم من تاريخ مصر، لأن إدارة مرسي ستصل بنا عاجلاً إلى «يوم الخبز» الذي وصلت إليه فرنسا، فيجب أن يتم التخلص من حكم «الإخوان» وتغيير النظام، وأن يأتي نظام جديد ديمقراطي من القوى السياسية ليعين مجموعة اقتصادية متجانسة فكرياً، حتى لا نعيد تجربة جودة عبد الخالق، وسمير راضوان، في حكومة الدكتور كمال الجنزوري، وخلافهم الفكري، وإقامة بنيان وزاري جديد، لأن البنيان الموجود الآن هو نفس بنيان أحمد نظيف غير التنموي، الذي يعمل على البيع والخصخصة.