شنَّ المتحدث باسم الجبهة الشعبية بتونس، حمة الهمامي، هجومًا على حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر وتونس، واصفاً إياهم بـ«قوى رجعية محافظة».
وأضاف المعارض القديم لنظام «بن علي» والحالي لتحالف الترويكا الحاكم بقيادة حزب النهضة الإخواني، في حواره مع «المصري اليوم» بمقر الجبهة الكائن بشارع محمد الخامس، أن سبب تعثر حكم «الإخوان» في المرحلة الانتقالية في البلدين يعود إلى عدم مشاركتهم في الثورة، وعدم امتلاكهم برنامجًا ثوريًا لإصلاح الأوضاع الاقتصادية والسياسية، معتبرًا اغتيال «بلعيد» علامة فارقة في تاريخ تونس.. وإلى نص الحوار:
■ كيف أثَّر اغتيال القيادى بالجبهة الشعبية «شكرى بلعيد» على توازنات الساحة السياسية التونسية؟
- اغتيال «بلعيد» هزَّ تونس وشعبها، فالبلاد ليست معتادة على الاغتيالات السياسية، فهذا أول اغتيال سياسى بعد استقلال تونس، وكان آخر اغتيال حدث 1952 فى زمن الاستعمار الفرنسى للقائد النقابى «فرحات حشاد»، واغتيال «بلعيد» يعد علامة فارقة ومنعطفاً خطيراً يهدد الثورة التونسية وطموح الشعب فى الحرية والديمقراطية، لكنه وحد غالبية الشعب تحت عنوان بارز هو «مقاومة العنف»، ما رفع من الوعى السياسى للشعب وإحساسهم بالخطر على ثورتهم.
■ الوحدة التى تحدثت عنها.. هل تشمل تكتل المعارضة فى جانب ضد حزب النهضة، أم تشمل توحد جماعة الإخوان المسلمين معكم؟
- التيار الشعبى الواسع أصبح معارضاً ومنتقداً ومحتجاً على الحكومة، وقوى المعارضة تتجه نحو تشكيل تكتلات ضد الحكومة، لأنها المسؤولة أخلاقياً وسياسياً عن اغتيال «بلعيد»، فقد خلقت مناخاً من العنف السياسى أدى إلى مقتله وشجع عليه، حيث هادنت الجماعات الداعية للعنف- ومنها ميليشيات قريبة من حركة النهضة- ورجال دين وعدداً من الجمعيات الإسلامية إلى حد يلامس التواطؤ، فصدرت أول دعوة لاغتيال «بلعيد» من إمام مسجد فى الجنوب التونسى، وهناك مسؤولون كبار فى النهضة حرضوا ضد شكرى بلعيد.
■ ما التأثير المباشر والفورى للاغتيال على الصراع السياسى فى تونس؟
- اغتيال «بلعيد» أسقط حكومة حماد الجبالى، ولكن الحكومة الجديدة لا تقدم فى برنامجها حلولاً ملموسة لمواجهة العنف السياسى، وبالنسبة للمعارضة فهى تطلب كشف الأطراف التى تقف وراء الاغتيال بمن فيهم المتورطون السياسيون، وحل الميليشيات والأجهزة الموازية التى تحمى وتدافع عن حركة النهضة، وتهاجم معارضيها من القوى الديمقراطية.
■ بعض قوى المعارضة تطالب بإعطاء حكومة «العريض» فرصة باعتبارها نفذت طلباً مهماً فى تولى شخصيات تكنوقراط الوزارات السيادية، بينما تواصل الجبهة الشعبية الهجوم عليها منذ إعلان تشكيلها.. لماذا؟
- الحكومة الجديدة تعد نسخة أسوأ من سابقتها، فقد تشكلت غالبيتها من وزراء فاشلين من الحكومة السابقة، بداية من رئيس الحكومة على العريض الذى شغل منصب وزير الداخلية، ومورس فى عهده القمع بشكل شنيع فى العديد من المناطق، وبالرغم من تشكل لجان تحقيق فى أحداث قمع فى العاصمة والمحافظات لم تصل أى منها إلى أى نتائج، وقد وقع اغتيال بلعيد فى عهده كوزير للداخلية، وقد فشل فى إدارة البلاد أمنياً وسياسياً واقتصادياً، ورئيس الحكومة الجديد لم يقدم أى جديد فى برنامجه الذى ضم 8 نقاط، حيث لا توجد إجراءات ملموسة لمواجهة العنف أو وضع خطة لتحقيق انتخابات حرة.
■ ما القرار الذى ترى أن «العريض» كان يجب أن يُضمِّنه إعلان برنامج حكومته؟
- تونس فى حاجة إلى خطة اقتصادية عاجلة لمدة الـ 6 أو الـ 8 أشهر المتبقية من الفترة الانتقالية، من أجل المحافظة على الحد الأدنى من التوازنات، حتى لا ينهار بلدنا.
■ قد يرى البعض أن هذا حكم مسبق على الحكومة واستعجال فى إعلان فشلها فور إمساكها بالملفات الحيوية فى تونس؟
- تقييم الحكومة لا يجب أن ينتظر ما تسفر عنه سياساتها، لأن السياسى الصحيح يجب أن ينبه الشعب لمخاطر تبنى الحكومة سياسات معينة، وما يدل على عدم جدية الحكومة الحالية أنها لم تقم حتى الآن بتقييم عمل الحكومة السابقة، أو تحديد مكامن فشل سابقتها، بالرغم من أن رئيسها «الجبالى» أعلن فشلهم، وبالنسبة لنا ليس المهم تعيين وزراء جدد يحملون لافتات الاستقلال، لأن ثمة موظفين جدداً تابعين للنهضة تم تعيينهم فى هذه الوزارات، فالوزراء الجدد ليس فى استطاعتهم فعل شىء جديد وهم محاطون بجيش من أنصار ورموز النهضة، وطالبت بمراجعة لهذه التعيينات حتى يستطيع الوزراء القيام بعملهم.
■ هل أخونة الحكومة امتدت إلى وزارة الداخلية؟
- لدىَّ معلومات مؤكدة من مصادر داخل تحالف الترويكا الحاكم بأن مئات التعيينات تمت من حركة النهضة فى عهد حكومة الجبالى لها صلة مباشرة وغير مباشرة بالانتخابات، وخاصة فى وزارة الداخلية، مما يطرح تساؤلاً حول كيفية إتمام عملية الانتخابات المقبلة بشكل جيد فى وجود جيش من المعينين يمكنهم لعب دور سلبى فى العملية الانتخابية.
■ البعض يتهم المعارضة بأنها تحاول توظيف اغتيال «بلعيد» فى إطار الصراع السياسى مع النهضة لإسقاطها... ما ردكم؟
- مثل هذه الاتهامات واهية، فثمة حدث جلل وقع فى تونس باغتيال قيادى سياسى بارز من المعارضة، وهذا الحدث حرَّك الملايين من التونسيين، فأصبح واجباً على القوى السياسية أن تقف فى وجه هذا الاغتيال وتضغط على الحكومة من أجل أن نضع حداً للعنف، وإذا كانت حركة النهضة وحلفاؤها يريدون قطع الطريق على أى تجاذب أو استغلال سياسى، فعليهم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهاء العنف، ولكن اتهاماتهم لنا لن تحرجنا، ولن تجعلنا نتردد لحظة فى مواصلة النضال ضد العنف.
■ ما مدى اتفاقك مع وجهة النظر القائلة بأن أخطاء جماعة الإخوان المسلمين فى مصر وتونس نتيجة أنها جديدة فى الحكم، وأن المعارضة لا تملك هى الأخرى مشروعاً سياسياً واضحاً؟
- الإخوان فى مصر وتونس مشكلتهم لا تكمن فى أنهم جدد فى الحكم، ولكن لأنهم لم يشاركوا فى الثورة إطلاقاً، ففى مصر كانوا قريبين من الحكم ويتفاوضون معه بينما كان الشعب المصرى فى الشارع، وفى تونس أحجموا عن المشاركة فى الثورة خوفاً من أن يتحملوا مسؤوليتها، ومكمن فشلهم يتمثل فى عدم امتلاكهم برنامجاً أو رؤية ثورية لتغيير الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية،
وهم قوى رجعية محافظة لا تختلف عن الأنظمة السابقة فى رغبتها فى السيطرة على الحكم، وواشنطن تتدخل فى القاهرة وتونس عبر الإخوان، وعبر التدخل المباشر فى ليبيا من خلال حلف الناتو، وقطر والسعودية وتركيا هى أدوات أمريكا فى منطقة الشرق الأوسط الجديد لتحقيق مصالحها والحفاظ على الكيان الصهيونى.